ربيع «التاون هولز» الأميركي والحراك اللبناني!

خليل إسماعيل رمَّال

بدأت في الولايات المتَّحدة ثورة «التاون هولز». والترجمة العربية الركيكة الحرفية لها هي «قاعات المدن»، التي هي كناية عن اجتماعٍ سياسي في قاعة كبيرة قد تكون في مسرح ثانوية عامة أو في مبنى عام يحضره أحد المسؤولين المنتخبين على الصعيد المحلي أو الفيدرالي ويردّ على أسئلة الناخبين وعلى قضاياهم. وقد شهِد هذا الأسبوع عقد اجتماعات «تاون هولز» مع أعضاء في الكونغرس الأميركي تحوَّلتْ إلى تظاهرات محاسبة وانتقادات لاذعة وسخرية وشتائم بحق هولاء المشرِّعين والتهديد بطردهم من مناصبهم، بسبب عدم قيامهم بعملهم على أتمّ وجه. ولعلّ أكثر اجتماعات «تاون هولز» سخونةً كانت تلك التي جرت مع السناتور عن ولاية يوتا جيسون جيفتس وسناتور لويزيانا بيل كاسيدي وسناتور ولاية اركنسا توم كوتون، الذين منعهم الحضور من الكلام وانتقدوهم بسبب دفاعهم عن ترامب الذي يرفض الإفراج عن ضرائبه بعكس سياسيّي لبنان ملوك الشفافية وقانون من أين لك هذا؟ ومحاولتهم إلغاء قانون أوباما للرعاية الصحيَّة من دون بديل.

وتكرّر المشهد الدرامي مع النائب عن نيويورك توم ريد فقاطعه الجمهور الغاضب وأطلق أصوات الاحتجاج ضدَّه، وكذلك مع النائب عن نيوجرسي ليونارد لانس الذي لقي نفس المصير، والنائب عن كاليفورنيا توم ماكلينتوك. حتَّى زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ المخضرم ميتش ماكونال لم ينج من لسعات انتقاد الناخبين الذين لاحقوه إلى مناسبة حفل غذاء رسمي. أحد المحتجين قال للسناتور كاسيدي «في عام 2020 أنت منته» كما أنَّ طفلاً بعمر 7 سنوات سرق بريق الحضور من السناتور كوتون عندما تقدّم بسؤال للسناتور ينتقد ويعترض فيه على بناء الجدار مع المكسيك وسط تصفيق واستحسان الحضور. وقد تضمَّنتْ شعارات المحتجين على أداء المسؤولين بـ»عيب عليكم» مثل طلعت ريحتكم يعني و»قوموا بعملكم» بدنا نحاسب . طبعاً جاء ردّ فعل إدارة رئيس تلفزيون الواقع على لسان المتحدث باسمه شون سبايسر بأنَّ المعارضة محترفة ومفبركة ومدفوعة مادياً من دون أن يعلم أنها تشبه تماماً المعارضة التي واجهت أوباما في مطلع عهده.

ما أجمل هذا الشّعار الموجه للسياسيين والمسؤولين «قوموا بعملكم» وهو ينطبق تماماً على وحوش السياسة عندنا في لبنان الذين لا يؤدّون أيّ عمل ينفع المواطنين والعائلات الفقيرة بشيء، حتَّى سلسلة الرتب والرواتب المستحقة منذ عامين تلاقي آذاناً سنيورية.

هذا ما يجري في أعرق بلد ديمقراطي في العالم حيث المواطن والناخب يحاسب ويصرخ في وجه نائبه، أمَّا في شبه الوطن فلا محاسبة ولا حراك مدنياً ولا نووياً ينفع في زحزحة المسؤولين الذين هم غير قادرين على وضع حتَّى قانون انتخابي عصري نسبي نص عليه اتفاق الطائف، لكنهم يختارون ما يريدون منه ويهملون ما لا يناسبهم. وماذا يمكن أن نتوقع للأسف من بلد تكون مواقف سيدة اليمين العنصري الفرنسي مارين لوبان تجاه سورية أكثر عقلانية وموضوعية من رئيس حكومته؟ وماذا عن مواقف بعض أمراء الحرب المتخاذلة وغير العادلة ضدّ الحكومة السوريَّة من حيث اتهامها بالعمالة؟! أو عندما تقوم صحيفة محتضرة بنسب تصريح لنائب مستقبلي بأنّ خطاب السيد حسن نصرالله الردعي الأخير، الذي زعزع أركان العدو الإسرائيلي، قد خرَّب نتائج زيارة الرئيس عون إلى السعودية؟! وماذا كانت ستعمل السعودية أصلاً للبنان بعد أن تقلع شوكها؟! بلد عكس التيَّار؟!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى