القصف الأميركي بردٌ وسلام… وبراميل النظام جريمة ضدّ الإنسانية!
جمال العفلق
كم هي غريبة هذه المقارنة وكم هو مؤلم واقع السياسة التي جاء تعريفها على أنها فن الممكن ولم يكن فن الكذب والنفاق إلا عندما امتهنها من هم أصحاب مصالح ضيقة وبائعي المواقف بحسب الطلب.
سعادة لا توصف بالقصف الأميركي عبروا عنها وكأن أبواب الجنة فتحت لهم…
غابت طقوس وبدع الإنسانية كلّها عن خطابهم وتحول القصف الأميركي والصورايخ البالتسية إلى برد وسلام… فهي الآتية من أجل حريتهم على رغم أنها تحرق أرضهم، ولا يعلم إلا الله وصانعها ماذا تحمل تلك الصورايخ؟ وبماذا صنعت؟ وماذا ستترك على الأرض والمياه الجوفية وعلى من يبقى من الأحياء؟
نعم، التنظيم الأميركي ـ الصهيوني ـ السعودي «داعش» عدونا؟ ولكننا لسنا فرحين بقتله على يد صانعه، بقدر ما نشعر بالحزن على شباب عربي ضُحك عليه وغُرر به ودفع إلى الموت المحتوم.
كم هو غريب حديث العالم اليوم عن الغارات التي يقال وصل عددها إلى أكثر من مئة وخمسين حتى اللحظة، فمن السيد نبيل العربي القلق دائماً على الأوضاع الإنسانية في سورية إلى كي مون القلق الآخر على الأوضاع في سورية إلى منظمة حقوق الإنسان التي لم تخبرنا حتى الآن إذا كانت قلقة أم لا، وإن كنا نعلم ،نها سوف تلتزم الصمت حتى تنتهي المجزرة.
ولو جمعنا كل العبارات والكلمات والجمل التي نشرتها صحفهم ووسائل إعلامهم وكم تحدثت عن قلقها الإنساني بسبب ما قالت عنه إن نظام دمشق يقصف الجماعات المسلحة بالبراميل المتفجرة، لصنعنا جبلاً أكبر من الأهرامات. ولكنها اليوم تبثّ بسعادة بالغة العمليات العسكرية، وكأنها أعادت فتح الأندلس من جديد! ويمكن لأي إنسان أن يدخل الشبكة الالكترونية ويبحث عن تلك الأسلحة التي ترمى على الأراضي السورية والعراقية والفلسطينية ليجد أنها أسلحه فتاكة وقاتلة وأشد تأثيراً من تلك التي اعتبروها طوال فترة الحرب السابقة أنها ضد الإنسانية، وأنا هنا لا أدافع عن مبدأ الحرب ولكن أبحث عن توازن واعتدال العقل.
ألا يذكر الناس القنابل الأميركية الذكية التي قتلت أطفال ملجأ العامرية في العراق؟
ألا يذكر الناس قانا واحد وقانا اثنان؟ ألا يذكر الناس فتك قنابل العدوان الصهيوني التي استهدفت السيارات المدنية إبان حرب تموز في لبنان؟ واليوم تخرج علينا ما يسمى معارضة سورية تناشد سيدها في البيت الأبيض أن يقصف الجيش السوري وكأن الإنسانية غابت الآن، ومن سوف يُقتل ليس من البشر ولا من الإنسانية بشيء. فهل صورايخ أميركا عندما تنزل تسأل الضحية عن اسمها ومكان ولادتها وهل هي موالية أم معارضة؟ وهل هي سنية أم شيعية أو درزية؟ وهل تسأل إن كانت تنتمي لمنظمة إرهابية أم للجيش؟ أم أنها عمياء مثل باقي الأسلحة وتقتل لمجرد أنها تقتل وبغض النظر عن بنك الأهداف المكشوف أصلاً من قبل أميركا للمرتزقة ويعلم الجميع أن المرتزقة أعادوا انتشارهم وفق معايير تدل على أنهم على علم بالموعد؟!
أما الجانب الآخر من هذا التحالف «الكذبة» أن دولاً عربية وفق التصنيف المذهبي تقصف أبناء مذهبها أي أن ما وعدت به أميركا بأن إسلاماً جديداً تم تفصيله في دوائر الاستخبارات وألبس للدول التي تدّعي أنها حامية الإسلام ورافعة رايته قد جهز الآن. ولو افترضنا جدلاً أن إيران كانت من ضمن الحلف لقامت الدنيا وما قعدت أن ايران الشيعية تضرب المجاهدين. الآن من حقنا أن نسال الطائفيين ماذا تقولون بمشاركة السعودية والأردن وقطر في قصف المجاهدين الذين أرسلتموهم من بلادكم ودُرّبوا على يد سيدكم الأميركي؟
والشيء الأهم أن تركيا التي تحاول قيادة العالم الإسلامي، لم توقع على المشاركة بهذا التحالف ضد الإرهاب وبقي هذا السؤال يحير كثيرين حتى نشرت تقارير أن جرحى «داعش» يعالجون في الأراضي التركية التي هي بالأساس من نقلتهم إلى سورية، وسلمتهم المال السعودي والقطري كي يقوموا بقتل الشعب السوري.
فهل بعد اليوم هناك من سيتهم دمشق بأعمال غير إنسانية؟
وهل سيتجرأ أحد من جماعة الفنادق والدولارات على الادعاء أن دمشق كانت تمارس جرائم ضد الإنسانية؟ على رغم أن أكثر من ثمانين في المئة من الأشرطة التي صُوّرت بقصد إدانة دمشق كانت تصور من قبل جماعة مسلحة وليس مدنيين كما يدعون.
وأخيراً يكفي أن نقول إن الذين كبروا للقصف هم أنفسهم الذين فرحوا لسقوط طائرة سورية على يد قطعان الصهيونية على رغم أن الطائرة كانت في مهمة الطائرات الأميركية نفسها ملاحقة الجماعات الإرهابية التي تستمد وجودها من الدعم الصهيوني.