«القومي»: الائتلاف الدولي استعراضيّ طالما بقيت خارجه الدول والقوى التي تحارب الإرهاب فعلاً
أحيا الحزب السوري القومي الاجتماعي الذكرى الثانية والثلاثين لعملية الويمبي النوعية التي نفذها البطل القومي الشهيد خالد علوان ضدّ جيش الاحتلال الصهيوني في بيروت، فأقام احتفالاً خطابياً في مسرح المدينة ـ الحمرا حضره جمع كبير من القوميين والمواطنين، وتقدّم الحضور نائب رئيس الحزب توفيق مهنا وعضو الكتلة القومية النائب د. مروان فارس وعدد من أعضاء قيادة الحزب، وشخصيات وممثلون عن الأحزاب والقوى والهيئات والفصائل الفلسطينية.
وبعد الاحتفال الخطابي توجّه المشاركون في مسيرة إلى ساحة الشهيد خالد علوان في شارع الحمرا مكان العملية ، وتقدّم المسيرة حملة الأعلام الحزبية وأعلام جبهة المقاومة، ثمّ حملة الأكاليل، حيث وضع المشاركون إكليلاً باسم رئيس الحزب النائب أسعد حردان على اللوحة التي تجسّد ذكرى العملية البطولية، وأكاليل أخرى.
وكان الاحتفال في مسرح المدينة استهلّ بالنشيدين اللبناني والسوري القومي الاجتماعي، وقدّمت الخطباء يارا أبو حيدر.
المؤتمر الشعبي اللبناني
وألقى سمير طرابلسي كلمة باسم المؤتمر الشعبي اللبناني قال فيها: نستعيد اليوم ذكرى واحدة من العمليات البطولية التي جسّدت ردّ شعبنا على العدوان الصهيوني عام 1982. نستعيد ذكرى الشهيد خالد علوان وبسالته في تصدّيه لضباط الاحتلال وإنزاله نيابة عن كلّ أبناء بيروت ولبنان عقوبة الإعدام بحق كلّ من يدنّس أرضنا ويحاول اغتصاب حقوقنا.
لقد كانت عملية الويمبي حلقة في سلسلة عمليات بطولية مقاومة سبقتها في المتحف وفي برج أبي حيدر وجسر سليم سلام، ونضالات تلتها أسقطت اتفاق 17 أيار، لتحمل جميعها دلالات عدة أبرزها أنّ الردّ على العدوانية الصهيونية هو في مواجهتها وصولاً إلى كسرها بعيداً من أي أوهام في إمكانية التعايش مع عدو يستهدف أمتنا في وجودها ووحدتها وحاضرها ومستقبلها.
ولقد رأينا جميعاً أنّ هذا المشهد الذي عشناه في لبنان يتكرّر في العراق في مواجهة العدوان الأميركي، ويتكرّر في فلسطين وبخاصة في غزة، لتكون كلها دليلاً على أصالة هذه الأمة بكلّ تكوّناتها وأقطارها.
نستعيد اليوم ذكرى عملية الويمبي البطولية في مرحلة تتصدى فيها أمتنا لعدوان متجدّد يستهدف ضرب الوجود القومي بمخططات التمزيق الطائفي والعرقي والمذهبي تحت عنوان «الشرق الأوسط الجديد».
وإذا كانت العدوانية الصهيونية الأميركية الأطلسية قد اعتمدت في مراحل سابقة على القوة العسكرية الغاشمة، فإنها في مرحلتنا الراهنة تتوسّل إثارة العصبيات، فساهمت في إقامة ودعم تكوينات متطرفة تزعم الانتماء إلى الإسلام، والإسلام منها براء، لتؤدّي الدور المطلوب منها وهو تمزيق النسيج المجتمعي الواحد للأمة واستدعاء كلّ العصبيات، وقبل ذلك كله ومعه تقديم كلّ الذرائع والمبرّرات للعدو الصهيوني لكي يكرّس عنصرية كيانه الغاصب في فلسطين تحت شعار تكريس «يهودية إسرائيل» التي لم تقاتلها أية حركة متطرفة حتى اليوم.
واعتبر طرابلسي أنّ التحالفات التي أقامتها أميركا والأطلسيون ضدّ العراق استهدفت احتلاله وتمزيق وحدته بدستور طائفي مذهبي فيديرالي. والتحالفات الأميركية الأطلسية لا تسعى إلى تعزيز الديمقراطية في سورية ولكن إلى تمزيق وحدتها، وما يُحكى عن تحالف أميركي أطلسي ضدّ الإرهاب اليوم إنما يرمي إلى إعطاء قوة دفع لمشروع «الشرق الأوسط الجديد» بعد أن تلقى ضربة كبرى بثورة شعب مصر في 30 حزيران/يونيو وإسقاطه حكماً طائفياً تابعاً، لتبدأ مصر مسيرة التحرّر من أغلال التبعية التي قيّدتها منذ أربعين عاماً.
وفي الشأن اللبناني قال طرابلسي: إنّ الكونفيديرالية الطائفية والمذهبية التي فُرضت عليه منذ أوائل التسعينات أضعفت مناعته الوطنية في مواجهة التحديات التي تعصف بالمنطقة. فالطبقة الحاكمة تجاهلت قضية تعزيز قوة الجيش الوطني الذي كان للرئيس العماد إميل لحود دور كبير في إعادة بناء وحدته في بوتقة وطنية متماسكة.
وفي هذا السياق، ندين بشدة جريمة اختطاف العسكريين اللبنانيين، ونستنكر ما يقوم به بعضهم من تحميل أبناء عرسال تبعات الإرهابيين، فعرسال كما يعرف الجميع أسيرة مسلحين غالبيتهم الساحقة ليست لبنانية، ولقد كانت عرسال دائماً على وفاق وتفاعل إيجابي مع محيطها، والرد على الفعل الإجرامي الطائفي والمذهبي برد مماثل، إنما يخدم ما تخطط له القوى الصهيونية والاستعمارية والمتطرفة من إثارة الفتن، ولا يخدم القضية الوطنية ولا يصب في خانة السلم الأهلي.
حركة أمل
وألقى كلمة حركة أمل عضو مكتبها السياسي محمد الجباوي واستهلها قائلاً: خالد علوان… قوميٌّ مقاوم! ساهم بإيمانه وإرادته وعنفوانه في حفظ ذاكرة الشرف، التي منها قوميتنا التي نؤمن، وعروبتنا التي نؤمن، وفلسطيننا التي نحب.
خالد علوان: ساهم في منع تشويه التاريخ، وفي منع انحرافه عن النضال الأبيّ، فانتصر لحق ولمظلومية أنطون سعاده. وجدّد الوفاء مع عروبة جمال عبد الناصر ومنارة حافظ الأسد.
إذن… هي مقاومة خالد علوان، دماؤه، وذاكرته التي فرضت نفسها ولا تزال بقوة الحق.
إذن… هي أمانته في عهدنا وسلوكنا، حتى صار لزاماً علينا اليوم، وفي ذكراه المجيدة، أن نقدّم له كشف حساب:
فيا أيها الرفيق خالد
بَعْدَك، لم يتوقف تكالبُ أممٍ ودولٍ وحكامٍ، على شعوبنا وعلى حقوقنا.
بعدك، تنامى فجور «إسرائيل»، فزاد معها أصدقاء الباطل.
بعدك، ساح في الصحراء العربية تجار أديان… وراحوا ينحرون رقاب الإنسانية وأهليها على مذبح الصهيونية.
يكفي أن أقول لك أيها الرفيق: نم قرير العين… واطمئن. فرفقائك لا يزالون يهتفون، بأصواتهم وبمقاومتهم، وبدمائهم… «انّ الحياة وقفة عزٍّ فقط».
رفاقك يا خالد، وإخوتك، ما استهانوا يوماً وما استكانوا. ما وهنوا وما ضعُفوا. ما تراجعوا وما تخاذلوا.
يسطِّرون إرادة البقاء، ويعزِّزون سُبُل الاستمرار، من لبنان وجنوبه، إلى سورية والشام، إلى العراق… وحتماً إلى فلسطين.
أيها الشهيد البطل: لقد كان مقياس وجودنا، جميعاً، وعلى الدوام يرتبط بالانتماء والنضال والاستشهاد. فكان المقاومون، على طول المسار، أعزاء منصورين… وكانت معهم تستمرّ ضمانة العروبة والقومية والوطنية… والإسلام والمسيحية على السواء.
أما اليوم، أقول لك، وأنت الشريك في كلّ تلك الإنجازات، وأنت الذي لا يزال حاضراً في مقاومتنا…
نحن وإياك: القوميون الحقيقيون والعروبيون الحقيقيون والوطنيون الحقيقيون والمسلمون والمسيحيون الحقيقيون.
إنّ مؤشر جهادنا اليوم، ونضالنا المشترك، ومقاومتنا… على امتداد جغرافيا المؤامرة الصهيونية، إنما يدلّ إلى أنّ هويتنا التي ذكرتها، وبكل عناصرها وأطيافها ومبادئها وأديانها… هي بخير، وهي منتصرة، وسيكون لها الحياة والمستقبل والحرية والنصر… وفيها كلّ هذا الفخر من إيران إلى سورية ولبنان وفلسطين، إلى مجموعات الفداء القومي، وفيها هذا المدّ من الوعي والإرادة والوفاء والأحرار… ما سيكون كما كان… هم ضمانة الأوطان… وهم ضمانة الأديان… وهم ضمانة الإنسان.
وحيا الجباوي باسم أبناء الإمام موسى الصدر وإخوة الرئيس نبيه بري في حركة أمل… إلى الشهيد البطل خالد علوان وإلى كلّ المقاومين الذين حملوا ولا يزالون… أرواحنا وقلوبنا وعقولنا ورهاننا وآمالنا بين أيديهم… فارتقوا ولا يزالون… إلى حيث المجد والكرامة والعزّة والإباء.
كما حيا شهداء الجيش الوطني اللبناني… وأسراه، وختم قائلاً: إن سورية تتعرض لأخطر مؤامرة كما كل المنطقة، وكم هو معبّر أن يردّد المحور المقاوم مع القوميّين الاجتماعيّين «تحيا سورية».
مرهج
وألقى الوزير ونائب بيروت السابق بشارة مرهج كلمة قال فيها: نلتقي اليوم بدعوة كريمة من الحزب السوري القومي الاجتماعي لنستعيد ذكرى الأيام الخالدة التي عاشتها بيروت صيف عام 1982 دفاعاً عن لبنان وفلسطين والأمة، وكلنا إيمان بالمقاومة طريقاً للصمود والانتصار بوجه الغزوة الصهيونية الاستعمارية التي تتمدّد وتتجدّد تارة مرتدية ثوب الوحش الكاسر وطوراً ثياب الجدار الطيب.
نلتقي وعيوننا شاخصة إلى الميادين التي خاض فيها أبطال الأحزاب والقوى الوطنية والمقاومة الفلسطينية والجيش العربي السوري معارك البطولة على مدى أشهر ثلاث بوجه الحصار الضاري والمحاولات العنيدة للدبابات «الإسرائيلية» معززة بالطائرات والزوارق الحربية لاختراق بيروت وإخضاع مناضليها.
نلتقي على بعد أمتار من الموقع الذي خاض فيه المناضل خالد علوان مستلهماً روح الشهيد القائد أنطون سعاده وباسم الحزب السوري القومي الاجتماعي وكلّ القوى الوطنية والقومية معركته الحاسمة ضدّ الاحتلال الصهيوني وضباطه متكاملاً مع معركة المدينة الرياضية التي سقط فيها شهيدا الرابطة الأهلية في الطريق الجديدة وتجمع اللجان محمد الصيداني وعصام اليسير بعد أن دمرا طليعة الدبابات «الإسرائيلية» الزاحفة، مترابطاً مع أبطال المتحف وجسر سلام، والرملة البيضاء وعين المريسة حيث سقط صالح سعّود وجورج قساطلي ورفاق لهم من مختلف التيارات.
إن هذا الإرث النضالي المجيد الذي نعتز به ونفخر هو الذي يوجه خطواتنا في الأيام العصيبة لا وفاء للشهداء الأبرار فحسب وإنما تلمّساً للطريق الصحيح الذي أزهر بدمائهم وأثمر مقاومة وطنية طاردت قوات العدو من موقع إلى آخر وصولاً إلى معارك التحرير الحاسمة في الجنوب والبقاع الغربي على يد المقاومة الإسلامية التي حققت الهدف الكبير مع الجيش والشعب المقاوم وأدّت الرسالة وما زالت في الخندق عينها ساهرة على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ساهرة على استقرار البلاد وأمنها وسيادتها مع الجيش وكلّ المخلصين الرافضين العودة إلى الوراء أو الخضوع للهيمنة الأجنبية وأدواتها المكتنزة بالمال والتسلّط المدجّجة بأسلحة الفتنة والدمار الشامل.
لقد حارب أبطالنا واستشهدوا من أجل تحرير بلدهم من الاحتلال الصهيوني والنفوذ الأميركي الذي احتلّ العراق وأطلق من جعبته جرائم المذهبية وغرائز الإقصاء تماماً كما فعل الاستعمار الإنكليزي عندما عمّم تجارة الأفيون في المستعمرات.
واليوم إذ تعلو أصوات تناشد الأميركيين المساعدة في محاربة كيان الغلوّ والتطرف والعنف من المشرق العربي فلا بدّ من التأكيد والتوضيح أنّ الإرهاب لم يولد أصلاً إلا بمساعدة مختبرات واشنطن ومراكزها البحثية التي استفادت من فائض المال العربي وثغرات التاريخ وصراعاته لاستيلاد ذلك الكائن الهجين الذي فقد البصيرة وأصبح أسير الهواجس المريضة والأفكار المتطرفة يستبيح دماء الأبرياء ويمنح نفسه حقوقاً لم تنص عليها شريعة.
ولقد فات المناشدون أن واشنطن وإنْ كانت تستفيد من تحجيم ظاهرة الإرهاب إلا أنها راغبة في احتوائها ورسم حدودها، بعيداً من النفط وتل أبيب، حريصة على استخدامها صفيحاً ساخناً لابتزاز كلّ الأطراف بما فيهم الحلفاء.
ثم إنّ استدعاء الأميركيين من شأنه أن يزيد المشكلة القائمة تعقيداً لا سيما وأنه سيعطي جماعة الغلوّ والتطرف في المنطقة رصيداً بأنهم يحاربون الجهة التي تذلّ العرب وتنصر عدوهم وتنهب ثرواتهم.
ثم أنّ الحركة الأميركية التي تملأ الأجواء إنما تجري من خارج قرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية مما يشجع على الفوضى الدولية وانفراد القوى الكبرى والاستهانة بمصالح الشعوب وانتهاك السيادات الوطنية.
ثم من يضمن عدم تكرار هذا السيناريو مستقبلاً ضدّ بلدان أخرى وضدّ بلدنا بالذات لا سيما أنّ الطرف الأميركي مستعدّ لاختراع الأسباب للتدخل كما حصل في الحرب الظالمة على العراق.
إننا إذ ندعو لوحدة كلّ القوى الوطنية والقومية والإيمانية والديمقراطية إلى وقفة جريئة في وجه الاحتلال الصهيوني وكل القوى التي تتهدّد وحدتنا وحريتنا وحقنا في المعتقد والوجود والنهضة، نحذر مرة أخرى من التعامل أو الخضوع لإرادة القوى الاستعمارية التي لم تحفل مرة واحدة بما يجري على أرضنا العربية من مآسٍ ومحن تنال من جميع المكونات والفئات من مجتمعاتنا من فلسطين إلى العراق مروراً بسورية ولبنان.
فلتكن هذه المناسبة المجيدة مناسبة لتوحيد البلاد على طريق المقاومة ودعم الجيش بالقرار السياسي الوطني والإمكانات المادية الحقيقية كي يتمكن مع المؤسسات الأمنية والأنصار الحقيقيين من التصدي للعدوان الصهيوني وقوى التدمير والتكفير والحفاظ على لبنان دولة ديمقراطية مستقلة ومنارة للفكر والثقافة والتنوير.
وختاماً، قدرنا كلبنانيين اختبرنا أهمية الوحدة بيننا وإخوتنا السوريين والفلسطينيين في حرب 1982 الخالدة وفي حرب تموز المجيدة أن نتصدى لكلّ ظواهر الانحراف والفتنة التي تعصف إبان الأزمات، فليس منا من أثار الغرائز الطائفية والمذهبية، وليس منا من أشعل النعرات الإثنية والكيانية، فنحن رفاق وأخوة الشهداء الذين استبسلوا في سبيل القدس وبيروت ودمشق وبغداد واستماتوا كي ترتفع راية الوحدة أساس الصمود والتصدي والانتصار.
حزب الله
وألقى عضو قيادة حزب الله د. ابراهيم الموسوي كلمة قال فيها: «في هذا الزمن تحوق بنا أخطار جسام وتحوق بنا استحقاقات عظام، لكننا نقابلها بكثير من السلام الداخلي لأننا نعيش في وطن عاش فيه رجال كخالد علوان أورثونا كلّ هذه العزة والكرامة والطهارة والثبات والمقاومة على هذا الخط العظيم والنهج القويم». أضاف: «اليوم من باب الأخطار من الداخل والخارج نتوحّد كأمة سورية قومية اجتماعية إسلامية وطنية فلسطينية سورية عربية، ونقول بفم وقلب ملؤه العزم واليقين في زمن تهاوت فيه القلاع والمواقف وندر فيه الرجال نقول: تحيا سورية». وتابع: «لماذا نقول تحيا سورية؟ لأنها تجسّد اليوم كلّ تلك المعاني السامية، والهوية هوية دماء الشهداء لتحفظ الأمة ودماء الشهداء والخط الذي سوف يبقى مضيئاً ووضّاءً حتى تتحقق كلّ الأمنيات بالنصر العزيز بتحرير فلسطين وسورية، وهو الطريق لتحرير فلسطين، وسورية اليوم تجسّد كلّ المعاني لكلّ المقاومين، لذلك ترون دماء شهداء الحزب القومي وحزب الله وغيرهم يعلمهم الله يقدّمونها على أرض سورية من أجلنا جميعاً».
وقال الموسوي: «في الزمن الذي كان ينادي فيه سعاده، هذا القائد الاستثنائي العظيم الذي قال إنّ الحياة وقفة عز، وقال أيضاً إنّ فينا قوة لو فعلت لغيّرت وجه التاريخ، كان يعتبر أنّ نظرية قوة لبنان في ضعفه هي المسؤولة عن كلّ الكارثة وعن الدمار الذي يحصل اليوم، وهي المسؤولة عما يحصل لجنودنا العسكريين في عرسال، لأنّ جيشنا اللبناني ليس ضعيفاً وليس قاصراً، ففيه من الرجال البواسل الكثير، ولكن عندما تتواطأ الدولة على نفسها، وعندما تقول إنها تؤمن بأنّ قوتها في ضعفها وتذهب لتتوسل هنا وهناك وتترك أبناءها تعصف بهم رياح الأرض، لن تكون لها قيامة ولن تكون لها عزة ولا وقفة عز أبداً، أما عندما تؤمن بأنّ قدرها هو أن تقاوم وتنتصر وتواجه كجبال الريح حينها سيكون النصر هو الحليف».
ورأى أنّ «ما يجري اليوم في عرسال هو أمر كارثي بحجم كارثة الوطن، وأبناؤنا وإخواننا من الجيش اللبناني أقوياء والذين يشهدون بطولاتهم يعرفون ذلك، ولكن على السلطة السياسية أن تمنحهم كلّ القدرة والقوة والعدة والعدد والأهمّ القرار الصريح الواضحـ وسنرى النتائج التي تجلب للأمة كلّ الفخر والعز والانتصار».
وأشار الموسوي إلى «أننا نشهد هجمة دولية تحت عنوان التحالف الدولي لقتال التكفيريين، فيما منذ أسابيع لم نكن نسمع بشيء من هذا». وسأل: «من الذي حرك هذه الأساطيل والجحافل بين ليلة وضحاها؟ هل تحرك الضمير العالمي؟ لا… استفاقوا عندما وصلت داعش التي أطلقوها وربّوها ولا يزالون يسمحون لها ببيع النفط بمليارات الدولارات ولا يجرؤون على اتخاذ قرار واحد بتجفيف منابع تمويل إرهابها، عندما وصلت إلى حدود أربيل فإنها تخطت الخطوط الحمر».
وقال: « لن نقبل بأن يحاول أحد أن يجيّر محاولات احتواء داعش لتوظيفها تحت عناوين ومسمّيات أخرى في زمن يطول أو يقصر، نحن نرفض هذه المؤامرة التي تجري بقوة وسنقاتل التكفيريين وكنا وكنتم السبّاقين، أما هم يلتحقون دائماً ليوجهوا المسار الذي يخدم مصالحهم وليس مصالحنا».
وختم الموسوي: «في هذا الزمن الجميل لا نستذكر خالد علوان بل نحيا بخالد علوان ونتنفسه ويحيا معنا…
يحيا خالد علوان… يحيا الحزب السوري القومي الاجتماعي… تحيا الأمة…»
تحالف القوى الفلسطينية
وألقى عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطسن – القيادة العامة أبو عماد رامز مصطفى، كلمة قال فيها: «نحن لا نحتفل بدماء الشهداء، بل نؤكد لهم أننا متمسكون أكثر من أي وقت مضى بهذه الدماء الزكية على أن نبقى نصونها ونحميها من التنازل والتفريط والتوظيف على طاولة المفاوضات مع الكيان الصهيوني». وأضاف: «إنّ القضية واحدة والمقاومة واحدة والشهادة واحدة ولا يمكن أن تتجزأ قضية المقاومة وقضية الشهادة على هذه الأرض العربية التي ننتمي إليها ونعتبرها كشعب فلسطيني عمقنا وخيارنا، ولأننا ومنذ عقود نرفض أن يُقال إنّ القضية الوطنية الفلسطينية قرارها مستقل وتعني الشعب الفلسطيني وحده، بل هي قضية الأمة، وفلسطين لا يمكن أن تتحرّر إلا على أيدي أمثالكم وأمثال القوى الوطنية والأحزاب من قوى ديمقراطية وعلمانية وقوى إسلامية كحزب الله وحركة أمل».
وقال: «عندما جاء عز الدين القسام من سورية إلى فلسطين كان يدرك أنّ هذا الوطن هو وطن واحد عربي واحد، وأنتم في الحزب السوري القومي الاجتماعي لم تكونوا منغلقين في يوم من الأيام، فهناك بيارقكم موجودة على أرض فلسطين وموجودة على أرض قطاع غزة حيث مجموعات الفداء القومي تقول إنّ هذه المعركة معركتنا وليست معركة الشعب الفلسطيني لوحده».
وأكد أنّ الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية يرفضان «رفضاً قاطعاً خيار المفاوضات وما يحاك للقضية الفلسطينية في الدوائر الأميركية وبعض دول الإقليم التي تعمل على تقسيم المنطقة»، مشدّداً على أنّ «خيار المقاومة الذي انتصر على الكيان الصهيوني على مدار 51 يوماً لا يمكن أن يفرّط أو يتنازل، ولن نسمح لكائن من كان على الساحة الفلسطينية أن يوظف هذه الدماء الزكية التي سقطت على أرض غزة في أي مشروع تسووي أو مشروع مفاوضات يعمل عليه جون كيري وكلّ جوقة الإقليم وبعضّ دول الخليج لاستئناف المفاوضات على هامش ما يجري في الدورة السنوية لجمعية الأمم المتحدة التي تشكل بالنسبة إلينا «بيزنس» سياسي ولا تناقش قضايا الشعوب ولا تنتصر للشعوب».
وقال مصطفى: «عهدنا أن نبقى متمسكين بخيارات وتضحيات شعبنا وبدماء خالد علوان الزكية، ورصاصاته الأولى التي أطلقت في نعش هذا الاحتلال الصهيوني للبنان عام 1982، ومهما حاولت الدوائر أن تتآمر على القضية فإننا نؤمن بأننا بتحالفنا معكم ومع إيران وسورية وحزب الله سنمنع هذه المفاوضات والتنازلات من أن تنجح».
وأكد «أنّ الشعب الفلسطيني في لبنان هو ضيف ولن تكون المخيمات مقراً أو ممراً للتآمر على هذا البلد لأنّ الشعب اللبناني احتضن القضية الفلسطينية والثورة الفلسطينية ودفع الكثير من أبنائه ثمناً للقضية الفلسطينية ولا يمكن أن نخذل هذا الشعب اللبناني الشقيق والعربي المقاوم ونريد لبنان مقراً لنا باتجاه فلسطين وليس إلى مكان آخر».
«القومي»
وألقى كلمة الحزب السوري القومي الاجتماعي نائب رئيس المكتب السياسي الدكتور كمال النابلسي، واستهلّ كلامه بالقول: نجتمع اليوم في الذكرى الثانية والثلاثين لعملية الويمبي لنؤكد مرةً أخرى أنّ «أزكى الشهادات هي شهادة الدم». فخالد علوان عندما أطلق رصاصاته باتجاه ضباط العدو وجنوده وأرداهم، وضع بذلك المسامير الأولى في نعش مشروع ما يُسمى «إسرائيل الكبرى». ومع خالد علوان ورفقائه وكلّ المقاومين الشرفاء، بدأ زمن الانتصارات على عدوٍّ لطالما أوهم الحكومات العربية بأنه لا يُقهر، فرأيناه يصرخ في بيروت «لا تطلقوا النار فنحن راحلون». راحلون من بيروت، هذه المدينة الحسناء بقامة لا تطاولها الحروب وبجذور ضاربة في عمق التاريخ.
وتتالت انهيارات العدو وعملائه تحت ضربات المقاومين الأبطال فكان انتصار عام 2000 ثم عام 2006 ليرسّخ انتهاء زمن القهر والظلم والبكاء على الأطلال، وليبدأ معه زمن الأمل والحرية والسيادة، زمن القول والفعل زمن الانتصار.
فها هي اليوم المقاومة في فلسطين تنتصر مرةً أخرى على العدو «الإسرائيلي» وتُحبط كلّ أهدافه المعلنة وغير المعلنة، لتؤكّد أنّ فلسطين هي القضية القومية، وتحييد البوصلة عنها هو خطأ كبير، بل مؤامرة تستهدف وجودها.
فالعدو الذي تم اختراعه في الغرب وتمّ تدريبه وتمويله في دولٍ إقليمية ونقصد هنا ما يُسمى بالقوى الإرهابية التكفيرية من «داعش» و»النصرة» وغيرهما، ليست إلا أدوات استُعملت لزرع الفوضى في بلادنا وتجزئتها إلى دويلات طائفية ومذهبية تتصارع وتتناحر خدمة للعدو «الإسرائيلي» من جهة، ولوضع اليد على خيرات المنطقة من جهة أخرى.
ولكن، ما كلّ ما يتمنى المرء يدركه، فها هو الوحش التكفيري يرسم لنفسه خريطة سياسية واقتصادية يعمل عليها لتهدّد ليس فقط شعوب المنطقة، بل تتعداها إلى خارج الحدود. فنرى اليوم أنّ ما يُسمى الائتلاف الدولي لمحاربة الإرهاب، هو ائتلاف استعراضي أكثر منه ائتلاف حقيقي لمحاربة الإرهاب. كيف لا، وأهمّ دولة معنية بمكافحة الإرهاب، هي خارج هذا الائتلاف، فسورية دولة وجيشاً وشعباً تعاني منذ ثلاث سنوات من أبشع أنواع الإرهاب الذي استهدف البشر والحجر والتاريخ والقيم الإنسانية، استهدف كلّ شيء ومارس أبشع أنواع الإرهاب ضدّ أهلنا وشعبنا.
كيف لا، وروسيا وإيران الدولتان الصديقتان الحريصتان على أمن واستقرار المنطقة خارج هذا الائتلاف. كيف نصدّق أنهم يريدون محاربة الإرهاب، وبالأمس القريب رأينا عملاءهم في مؤتمر «الدفاع عن مسيحيّي الشرق» الذي أقيم في واشنطن يحاولون فرض معادلة التبعية والعمالة للعدو «الإسرائيلي» في مقابل حماية المسيحيين في المنطقة. ولكنّهم فوجئوا بالموقف الوطني الكبير للمشاركين من بطاركة ورجال دين، ومن الموقف الرسمي الذي عبّر عنه السفير اللبناني في واشنطن عبر انسحابه من المؤتمر، وكذلك الموقف الذي عبّر عنه الحضور الذي أجبر المنظمين والمموّلين وبعض المتكلمين في هذا المؤتمر على التراجع والانكفاء.
وفي لبنان، نرى موقفاً ضعيفاً للحكومة في محاربة الإرهاب، فما شهدناه في الأسابيع الماضية من قتلٍ لبعض عناصر الجيش أمرٌ حزين جداً، يدلّ على ضعف الدولة وسوء إدارتها لهذا الملف. فالمطلوب موقف سياسي قويّ للحكومة خارج المزايدات من بعض الأفرقاء هنا وهناك، فلا يجوز أن تستثمر الانقسامات السياسية في هذا الملف، لأنه ملف إنساني ووطني بالدرجة الأولى، ويستهدف هيبة الدولة وزرع الفتن والانقسامات بالدرجة الثانية.
من هنا دعونا في الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى إنشاء جبهة شعبية لمحاربة ومكافحة الإرهاب بكلّ أشكاله، جبهة تتألف من كافة القوى السياسية والشعبية والوطنية والاجتماعية، تضع نصب أعينها العمل على وأد الفتنة بكلّ أشكالها وتعرية صانعيها والقيام بالتوعية الفكرية والعقائدية والدينية حفاظاً على وحدة الوطن والمجتمع.
نعم نحن في الحزب من دعاة الوحدة الوطنية التي من دونها لا قيام لأي دولة وأي مجتمع، فللذين يزايدون على اللبنانيين بوطنيتهم المتحركة حسب مصالحهم وارتباطاتهم ومشاريعهم السياسية نقول: الأوطان لا تُبنى إلا برؤية موحدة وبجهد جماعي لا يقبل الذلّ والتبعية. وبدعم المؤسسات الأمنية والعسكرية لمواجهة الأعداء في الداخل والخارج، لأنّ العدو «الإسرائيلي» والعدو الإرهابي التكفيري وجهان لعملة واحدة.
أضاف النابلسي: بعد مرور اثنين وثلاثين عاماً على عملية الويمبي، لا يسعنا إلاّ أن نقول إننا ازددنا قناعة بأنّ المقاومة المؤازرة للجيش والتفاف الشعب حولهما هما القوة للدولة والوطن، وصمام الأمان للاستقرار، فبعد التجربة اللبنانية الناجحة في هذا المجال، نرى الإنجازات الكبيرة للجيش العربي السوري والقوى الشعبية الداعمة له، والتفاف الشعب السوري حولهما وحول قيادته، أدّت إلى هزيمة الإرهاب في جزء كبير من الأراضي السورية، وتُبشّر بإنجازاتٍ متتالية ستصل حتماً إلى استقرار سورية وإعادة الأمان والطمأنينة إلى أهلها وانتصارها.
وكذلك الأمر في العراق، حيث نرى بدء الإنجازات من قبل الجيش الوطني العراقي بمؤازرة قوى الحشد الشعبي والتفاف الشعب حولهما الذي يعد أيضاً بانتصار قريبٍ على الإرهاب ومن يقف وراءه في منطقتنا.
واختتم موجهاً التحية إلى الشهيد خالد علوان، من رفقائك الأبطال الذين يصارعون الأعداء في كلّ بقعة من أمتنا، مؤمنين بأننا سننتصر على أعدائنا مهما طال الزمن مردّدين: لأجلك يا سورية هذا القليل.
تصوير: أكرم عبد الخالق وجهاد وهبة