الأول من آذار… مولد الفكر والقضية
أياد موصللي
أنطون سعاده ولد في الأول من آذار 1904، واحتفالنا بالأول من آذار كلّ عام ليس احتفالاً بشخص عزيز حبيب نطفئ له الشموع ونرفع الكؤوس ونشرب الأنخاب كما هي الاحتفالات المعتادة في هذه المناسبات…
نحتفل بالأول من آذار كما نحتفل بالثامن من تموز… أنطون سعاده الفكر والقضية ولد في الأول من آذار… أنطون سعاده الحياة والخلود… ولد في الثامن من تموز… فنحن في احتفالاتنا لا نقدّس ولا نخلّد روحاً ولا جسداً في إنسان، إنما نرى في الأول من آذار الإشراقة البشرية التي اكتملت بها هويتنا وتكوّنت حقيقتنا الإنسانية، فلم نعد مجرد مجموعة إنسانية ترفع في كلّ فترة من حياتها راية وتكتب عن ماضيها حكاية أو رواية لمراحل مرت بها او عليها.. بدءاً من الأول من آذار أمسكنا القلم وفتحنا السجل وبدأ التدوين الجديد للتاريخ والأمة التي ننتمي اليها والوطن الذي ننتسب إليه بدءاً من الأول من آذار صار لنا اسم وعنوان…
في الأول من آذار ولد المعلم فعلّمنا.. وفي الأول من آذار ولد الزعيم فقادنا على طريق الحق والمعرفة والحياة..
فاحتفالنا بالأول من آذار هو احتفال بحياتنا بمولدنا بتكويننا بهويتنا.. وقيمنا التي رآها فينا وليد الأول من آذار يوم فجر نهضة الأمة فكراً وإيماناً.. الأول من آذار كان العنوان الأساس لتلك الساعة التي عقدنا فيها القلوب والقبضات على الوقوف معاً والسير معاً في سبيل تحقيق المطلب المعلن في مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي وفي غايته ووضعنا أيدينا على المحراث ووجهنا نظرنا الى الأمام الى المثال الأعلى وصرنا جماعة واحدة وأمة واحدة حية تريد الحياة الحرة الجميلة.. أمة تحب الحياة لأنها تحب الحرية وتحب الموت متى كان الموت طريقاً للحياة.. لم يكن للشعب السوري قبل تكوين الحزب السوري القومي الاجتماعي قضية قومية بالمعنى الصحيح.
الحقيقة أيها الرفقاء أنّ ترابطنا في هذا الحزب لأجل عمل خطير جداً هو إنشاء دولتنا ليكون كلّ واحد منا رعية دولته المستقلة والعمل وكلّ شيء شاق تفجر عنه».
انّ هذه القوى النظامية ستغيّر وجه التاريخ.. الأول من آذار بالنسبة للقوميين الاجتماعيين كما قلنا ليس طقساً من طقوس التكريم والتبجيل وإشعال البخور والشموع وعزف الأناشيد وشرب الأنخاب احتفالاً بشخص كبير عزيز لدى أتباعه.. الأول من آذار هو تجديد دائم لولادة الحياة لولادة سعاده فكراً ووجوداً وتجسيداً وعطاء وهوية كيانية.
في الأول من آذار تحدّدت شخصيتنا.. شعرنا بإنسانيتنا شعرنا بمواطنيتنا شعرنا بانتمائنا حيث عرفنا أمتنا، وعرفنا ومن نحن، وولد إيماننا بقوة وجودنا وأصبح لهذا الوجود معنى، الأول من آذار كان العطاء الإلهي لهذه الأمة في نداء خفي تجسّد بولادة سعاده.. ان انهضي واعرفي من أنت واخرجي من المجهول.
في الأول من آذار أصبح لدينا رسالة ورسول وجيش وقائد زعيم لأمة أبت ان يكون قبر التاريخ مكاناً لها في الحياة.. أصبحنا نعرف طريقنا وأصبح لنا عقيدة نؤمن بها.. عقيدة مؤمنين من خلالها بحق أمتنا بأرضها وحدودها.. بتاريخها وانتمائها وقيمها ومناقبها المجتمعية التي تعكس إرادة البقاء في قوة تؤمن بالعطاء.. والبناء.. القوة التي نقلتنا من المجهول الى المعلوم حيث أصبحنا نعرف من نحن وماذا نريد.. القوة التي ستغيّر وجه التاريخ عندما ستفعل.
هذه هي المعاني والصور التي نراها في الأول من آذار والتي كانت ولادتها متجسّدة في ولادة أنطون سعاده القائد المجسّد لروح وحياة هذه الأمة.. ولادة الأمة وتحديد شخصيتها كان الأول من آذار الإعلان عنها مع سعاده وولادته..
ولدت قوى الخير والجمال وأصبحنا أمة أبت ان تبقى إرادتها مرهونة ولا حقيقتها مجهولة.. ولدت في آذار الحرية وأصبح لنا شعار إذا لم نكن أحراراً من أمة حرّة فحريات الأمم عار علينا.. وشعرنا بأننا ننتمي لأمة وانّ الدماء التي تجري في عروقنا هي وديعة هذه الأمة لدينا متى طلبتها وجدتها وقد تعلمنا انّ الحياة وقفة عز فوقفناها وكان مولود الأول من آذار قد سبقنا اليها ووقفها وعلّمنا كيف نقفها.. وسنكون كما شئت وأردت يا زعيمي.
تعلّمنا من الأول من آذار من الوليد الذي قادنا على طريق الحياة.. أننا قوم لا نلين للبغاة الطامعين أرضنا فيها معين للأباة الميامين لا يفرقنا مذهب او دين والوطن الواحد لنا أجمعين.. هذه هي الرسالة التي تعلّمناها من مولود الأول، من آذار هذه رسالتنا، وبهذا نحن مؤمنون، وعلى هذا سنبقى مستمرين ثابتين، هكذا أرادنا سعاده وهكذا سنبقى قوميين اجتماعيين..
عندما ولد سعاده ولد الإيمان بهذه الأمة وحقيقتها.. هذا الايمان الذي قال فيه: «لم آتكم مؤمناً بالخوارق والمعجزات بل أتيتكم مؤمناً بالحقائق الراهنة التي هي أنتم، أتيتكم مؤمناً بأنكم أمة عظيمة المواهب جديرة بالخلود والمجد، نحن لسنا أمة صغيرة قليلة العدد، نحن ننتشر بعددنا وفكرنا ومساحة أرضنا فإذا فعلنا فإننا سنغيّر التاريخ وسننتصر».
في الأول من آذار أقف مؤمناً بهذا المولود الذي ولدت بولادته الأمة وحقيقتنا، والذي ولد من أجلنا، ولادته الأولى وأعطى حياته من أجل ولادة الحياة في أمتنا وحزبنا وصيانة عقيدتنا في ولادته الثانية.
قال: «ماذا يعني وجودي وماذا تعني حياتي غيركم أنتم ايها القوميون الاجتماعيون.. غير عزّ هذه الامة وكرامتها ومجدها…»
«الرجال العظماء يأتون ويذهبون دون التحسّس بعظمتهم إذا كان الشعب لا يعي هذه المزايا وهنالك شعوب واعية تخلق أبطالاً وشعوباً غبية تقتل وتدفن الأبطال..
وكما الأبطال لا يأبهون للموت ولا يفكرون إلا بعظمة رسالتهم.. كان الزعيم لا يفكر إلا برسالته وأمته، وكان ينسى آلامه لا يتألم إلا من أجل أمته التي أحبّها أكثر من حياته».