موسكو تحضر عسكرياً في طرطوس تمهيداً لحلف للحرب على الإرهاب نيويورك: كلمات عنوانها الإرهاب ولقاءات محورها إيران

كتب المحرر السياسي:

التسوية الهشة التي صاغتها وقائع الغارات الأميركية على مواقع داعش في سورية، لم ترسم خريطة طريق للحرب على الإرهاب، ولم تسفر عن تبلور وضع دولي متين برؤية واضحة لهذه الحرب، فالموقف السوري لم يتعد كونه تمريراً ليوم الغارات بتقبل اعتبار التبليغ المسبق مقبولاً من دون منحه شرعية الاستمرار، وروسيا وإيران لم تغفلا الرفض لهذا الأسلوب، بل أعلنتا أن الطريقة الأميركية تعوزها الشرعية القانونية والأخلاقية.

موسكو من جهتها بادرت لإرسال مجموعة من قطعها البحرية إلى مرفأ طرطوس في الساحل السوري، في خطوة قال محللون روس أنها تتزامن مع التحضيرات التي تجريها الديبلوماسية الروسية للإعلان عن حلف للحرب على الإرهاب، يضمها إلى الصين وإيران وعدد من دول العالم وفي المقدمة سورية، وأن موسكو ترى أن واشنطن أضاعت فرصة إنشاء حلف موحد عالمياً تحت راية قرارات مجلس الأمن وتحت علم الأمم المتحدة، وإصرارها على جعل الحلف عنواناً لإرضاء حلفائها وتصفية الحساب مع خصومها، جعله حلفاً أبتراً عاجزاً عن تلبية متطلبات النجاح لهذه الحرب، مما يفرض على موسكو التحرك لضم الذين يجب إشراكهم في هذه الحرب لضمان نجاحها في حلف مواز، يصير العمل على التنسيق بين الحلفين عبر موسكو وواشنطن طريقاً مقبولاً وأقل إحراجاً لفرقاء الحلفين، وتكون عملية التقاسم الطبيعية تدريجية بين الحلفين، بما يجعل داعش العراق مسؤولية الحلف الذي تقوده واشنطن، وداعش سورية ومترادفاتها مسؤولية الحلف الذي تقوده موسكو.

بالتوازي مع التحضير الروسي لخطوات نوعية في قيادة الحلف المنشود، كانت نيويورك تتحول إلى منصة كلام عنوانه الحرب على الإرهاب، من دون تقديم جديد يغير في المعادلات التي تؤكد أن الانقسام العالمي مستمر بين محورين، على رغم الجاذبية التي بدا أن اليمن منحتها بصورة لافتة لمكانة إيران، بسبب القلق على الخليج ومصيره ومستقبل أنظمة الحكم فيه.

في لبنان ما زالت السياسة دون درجة الصفر، فالجلسة التشريعية التي بدت بدايات الحديث عنها حلاً للخلاف على مبدأ التشريع في فترة الفراغ الرئاسي، صارت مجرد قضاء حاجة وإنهاء ملف عالق، يتصل بسلسلة الرتب والرواتب، ويولد ولادة قيصرية ما زالت ملامحها غير واضحة، بينما المخاض الذي تعيشه قضية العسكريين المخطوفين من تعقيد إلى تعقيد، في غياب حكومي تتسع دائرته، ويزداد القلق الأمني من أن يكون الخاطفون قد نجحوا بواسطة الموفدين في التحكم بتحرك الأهالي، ورسم جغرافية ومواعيد التحركات ضمن خطة أمنية للاختبار والإرباك.

وفيما حافظت جبهة عرسال على هدوئها، واصل أهالي العسكريين المخطوفين تحركهم التصعيدي، ولجأوا أمس إلى قطع طرق البقاع وعزله عن محيطه، مهددين باقتحام سجن رومية وأماكن التوقيف في العدلية لإخراج موقوفين ومبادلتهم مع العسكريين المخطوفين.

وقطع الأهالي طريق ضهر البيدر عند مفترق فالوغا، ترشيش زحلة، ما تسبب بتلاسن بينهم وبين والمواطنين الذين حاولوا المرور بالقوة. ولاحقاً قطعت جرافات طريق ضهر البيدر بالردميات إضافة إلى الإطارات المشتعلة ونصب مجموعة من الخيم.

وأكدت مصادر أمنية لـ«البناء» أن قطع هذه الطرقات هي بروفات قبل التفجير، لمعرفة ما هي الطرقات البديلة، مشيرة إلى أن «هيئة علماء المسلمين» هي من يحرض أهالي المخطوفين على قطع الطرقات، وفقاً لخريطة الحدث التي تحددها جهات خارجية لتكون بمثابة البروفا لاختبار ردود الفعل والمعالجات البديلة.

وتوقعت مصادر متابعة لـ«البناء» أن يتحرك حزب الله والنائب وليد جنبلاط لوضع حد لهذه الاعتصامات مرجحة أن يكون الاعتصام اليوم على طريق ضهر البيدر وطريق ترشيش زحلة، الأخير، في مقابل القيام بتحركات أمام الوزارات المختصة.

وإزاء هذا التصعيد ناشد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق «اللبنانيين جميعاً وأهل البقاع خصوصاً، أن يكونوا صفاً واحداً ورزمة متماسكة لتفشيل مخططات الإرهابيين ومنعهم من تحقيق أهدافهم التي لم تعد تنطلي على أحد».

وأشار إلى أن «الاجتماع الأمني الذي عقد في وزارة الدفاع بحث في كل الخيارات للإفراج عن العسكريين المحتجزين في جرود عرسال»، موضحاً أن «المقايضة واردة، استناداً إلى القوانين المرعية الإجراء، وكل ما يقال غير ذلك غير صحيح على الإطلاق». وأكد أنه «يتفهم تماماً مشاعر أهالي العسكريين المحتجزين، لكن عليهم أن يعلموا أولاً أنهم يقطعون الطرق عن أهلهم من دون أن يؤثر ذلك على القتلة والمجرمين الذين يحتجزون أولادهم».

وأجرى المشنوق اتصالاً برئيس الحكومة تمام سلام في نيويورك لإطلاعه على نتائج الاجتماع الأمني، وغادر إلى فرنسا للقاء رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري للتشاور معه في المستجدات.

وقال مصدر سياسي مطلع لـ«البناء» إن الوضع في عرسال هو أشبه بقنبلة جاهزة للتفجير في أي وقت، مؤكداً أن المشكلة الحقيقية تبقى في القرار السياسي على مستوى الحكومة ومع بعض الأطراف السياسية. وأوضح أن لا إجماع على طبيعة المعالجة سواء ما يتعلق بموضوع العسكريين المخطوفين أو التعاطي مع المجموعات الإرهابية. وأكد أن التفاوض بالطريقة التي اعتمدها البعض في الحكومة تفتح الباب أمام مزيد من التشجيع للمجموعات المتطرفة لتكرار عمليات الخطف. كما أن الجيش لم يعط القرار السياسي لاستخدام ما يملك من أوراق وهو الأمر الذي أكده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته أول من أمس بما يحول دون تكرار أعمال الخطف وفي الوقت ذاته الحؤول دون تلبية الشروط المذلة للمسلحين وإجراء مقايضة مع مئات الإرهابيين الخطرين.

نصرالله استشعر المخاطر

وأكدت مصادر متابعة لـ«البناء» أن السيد نصر الله استشعر المخاطر التي تتهدد لبنان، خصوصاً من خلال الخطة الموضوعة لتفجير الوضع وزج لبنان في محاور تنقلب عليه، ولذلك دعا إلى تعطيل الألغام التي ستستعمل صواعق للتفجير، ودعا إلى الاستعداد والنفير العام في الأيام والأسابيع المقبلة.

وأشارت المصادر إلى أن السيد نصرالله يرفض التحالف الدولي ضد «داعش» لأنه يرى أن هذا التحالف موجه ضد المقاومة ومحورها لأنه «لا يعقل أن يعمل من يحتضن «إسرائيل»، من أجل فلسطين، ومن اخترع الإرهاب أن يعمل على إطفائه في سورية، ومن فتفت العراق أن يعمل من أجل استقرار العراق ووحدته».

من جهته أكد رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية أن «لبنان يمر بمرحلة خطرة جداً لأنه غير معزول عن سياسة المحاور». وأوضح أن «لدى الجيش اللبناني قراراً واضحاً من الحكومة بأن يفعل ما يراه مناسباً، وأن يفعل أي شيء لاسترداد العسكريين»، مشيراً إلى أن «الدعم الذي يحصل عليه الجيش حتى الآن، هدفه ألا يخسر من دون أن ينتصر على داعش في القلمون أو في عرسال».

ومن جهة أخرى أكد فرنجية «أن الظرف الإقليمي والدولي اليوم هو الذي يحدد ويقرر الرئيس من أي موقع سياسي سيأتي».

ومساء أمس تكررت الاعتداءات على مراكز الجيش في طرابلس حيث استهدفت ثلاثة منها في التبانة وشارع سورية والبيسار لإطلاق نار من قبل مسلحين ما أدى إلى إصابة أحد العسكريين بجرح طفيف. وقد رد عناصر المراكز على النار بالمثل.

تحفظات الكتل على السلسلة

وبالتوازي مع الاهتمام بالوضع الأمني، استمرت المتابعات لموضوع الجلسة التشريعية، فيما تباينت مواقف الكتل النيابية حول الزيادة المقترحة على ضريبة القيمة المضافة. ففي حين أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري بحسب ما نقل عنه نواب لقاء الأربعاء، أن الأجواء حول عقد الجلسة وسلسلة الرتب والرواتب، ايجابية حتى اللحظة، وأنه ينتظر التفاهم على كل تفاصيل السلسلة لكي يدعو هيئة مكتب المجلس إلى الاجتماع، أكدت مصادر نيابية في كتلة الوفاء للمقاومة لـ«البناء» أن حزب الله على موقفه الرافض لـزيادة الـ TVA، وهو خارج أي اتفاق بهذا الخصوص. ورداً على سؤال حول التصويت بضد على الزيادة في الجلسة، أكدت المصادر أن موقف الحزب لا يزال غير واضح لجهة التعاطي داخل الجلسة.

بدورها أشارت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن تكتل التغيير والإصلاح لن يصوت لصالح زيادة الواحد في المئة على الضريبة على القيمة المضافة، لافتة إلى أن هذه الضريبة كمن يعطي بيد ويأخذ باليد الأخرى.

وأكد النائب هنري حلو لـ«البناء» أن اللقاء الديمقراطي سيشارك في الجلسة التشريعية «فنحن ضد تعطيل المؤسسات»، لكنه أوضح «أن الموقف من التصويت على السلسلة سيحدد بعد أن نطلع كـ «جبهة نضال»، ولقاء ديمقراطي على الصيغة النهائية للسلسلة ولا سيما أن شكوكاً كانت تحيط بالواردات أثناء النقاشات السابقة»، مشيراً إلى أن النائب جورج عدوان أبلغه أن الصيغة الحالية تحقق التوازن بين الإيرادات والنفقات.

في المقابل، لم تحسم هيئة التنسيق النقابية موقفها النهائي من الاتفاق الحاصل حول السلسلة، وأكد عضو الهيئة نعمة محفوض لـ«البناء» أن أياً من الكتل السياسية لم يضع الهيئة بالمفاوضات الحاصلة حول السلسلة، وأن أحداً لم يشاركنا بالأرقام التي تبحث. واعتبر «أن ما تقوم به الكتل السياسية ليس إلا تعبئة لوقت الفراغ، فهم عاجزون عن انتخاب رئيس للجمهورية وليس بإمكانهم إطلاق سراح العسكريين المخطوفين، ولو كانوا يريدون فعلاً السلسلة لكانوا اتفقوا على إقرارها ولم يجمعوا على إعطاء الطلاب الإفادات».

وإذ تحدث عن 6 درجات التي وافقت الكتل السياسية على إعطائها للأساتذة، أشار إلى أننا لا نعلم قيمة الدرجة التي وفقها قرروا إعطاء الست درجات ولا سيما أن الدرجة مرتبطة بالراتب، مشدداً على أن الهيئة تتحفظ على تحركاتها بانتظار أن ينتهي عمل الطبقة السياسية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى