قد يمزح «الكبار»… أما الطفل فلا يمزح! صور مستحيلة… كي لا تنسوا
نصار إبراهيم
أنا الآن لا أكتب شعراً.. ولا نثراً… ولا أكتب عن رعشةً عاطفية… كما ليس دعايةً للعبة افتراضية… هنا أحاول أن أذَكِّر من ينسى ومن تخونه الذاكرة القصيرة بأسطورة من لحم ودم وقلب تواصل كتابة المجد كلّ يوم… طفل فلسطيني باسل يواجه جيشاً كاملاً ودبابة.
هنا طفلٌ لا يمزح… إنه عشرون مستحيل… هنا… في الضفة… في غزةَ… والجليل!
هنا طفل لا يمزح… طفل يتعلَّم في بطن أمِّه كيف يعيد كتابة التاريخ وتصحيح المسارات ليبني وطنا بحجر…
وهناك… ليس بعيدا… صمت.. عجز… تواطؤ… خيبة… انكسار… جبن… وجيوش لا تعادل طفلا… فليتهم فقط يتركونه ليعيدَ بحجرٍ صياغة القدر…
هنا طفل فلسطينيٌّ كأي طفل صغيرٍ عندكم… يبكي ويحزن تماماً كما أطفالِكم… يحلم بكتاب وقلم ولعبة ودفتر… كما أطفالِكم تماما… يحلم بخبز الصباح، بقطعة حلوى عادية كما أطفالِكم تماما…
لكنه الآن لا يجد الوقت لكلّ هذا… إنه الآن ليس كأطفالكم… لقد فقد طفولته فكَبُرَ قبل ان يولد… سرقوا أحلامه الصغيرة في وطنٍ جميلٍ يليق به… لهذا فهو الآن ليس كأطفالِكم… فهو الآن مشغول جدا بأمر آخر: يعَلِّم الكون معنى أن يكون للحياة معنى، وللبسمة معنى، وللدمعة معنى، وللفقد معنى، وللموت معنى… يُعَلِّمُ الدنيا أنّ له وطناً شاسعاً بحجم حجر حرّ… يومها فقط سيعود طفلا من جديد… بالضبط كما أطفالكم تماما… فلا تنسوا…