حتى تكون ثقافة الحوار نافعة ومجدية
معن حمية
السعي إلى تعزيز ثقافة الحوار هدف مشروع، وكلّ جهد يُبذل في هذا الخصوص يُراكم إيجابيات، لكنّه لا يوصل إلى نتيجة. فالنتيجة رهن إرادات صادقة صافية تلتزم ثوابت وطنية خالصة، وتقطع بالكامل مع ثقافة الغيتوات الطائفية والمذهبية والجهوية بمحمولاتها التعنيفية والتحريضية كلها.
لبنان في مفهومنا نحن، وفي معتقدنا وممارساتنا هو «نطاق ضمان للفكر الحرّ»، ولبنان هذا يحتاج حكماً إلى ثقافة الحوار، شرط أن تكون هذه الثقافة مضبوطة على أساس قيم الحق والحرية، وتهدف الى ترسيخ وتعزيز وتجذير الوحدة الروحية الاجتماعية.
ثقافة الحوار تفقد معناها ومغزاها إنْ هي استُخدمت فقط وسيلة لتنظيم الخلاف والاختلاف بين الجهات والأطراف والأفراد. وللأسف فإنّ الخلاف والاختلاف قد تخطّى مفهوم الجماعة الواحدة، وصار قائماً على أساس تعدّد الجماعات!
اللبنانيون مختلفون على أمور كثيرة، هم يختلفون على مفهوم الوطنيّة والمواطنة، وعلى الانتماء، وعلى خيار المقاومة، وحتى على جنس الملائكة، ما يضع ثقافة الحوار في لائحة العقاقير غير النافعة.
حتى تكون ثقافة الحوار مجدية وتُسهم في تحصين وحدة لبنان واللبنانيين، لا بدّ من خطوات جادة ومواقف صادقة، تتبرّأ من موبقات هذا النظام الطائفي كلّها، وتعلن حرباً لا هوادة فيها على الآفات الطائفية والمذهبية والقبلية كلّها.
ثقافة الحوار حتى تكون فاعلة، تحتاج إلى بناء الإنسان بناءً صحيحاً على أساس المواطنة الكاملة، حقوقاً وواجبات، وليس تحويل الناس رعايا طوائف ومذاهب.
ثقافة الحوار لا تتأسّس على اصطلاحات. هي حمّالة أوجه ونيات… فباسم «السلام» ارتكبت «إسرائيل» أبشع المجازر بحق اللبنانيين والفلسطينيين في صبرا وشاتيلا وفي قانا والمنصوري والجميجمة وسحمر ومناطق كثيرة من لبنان وعلى أرض فلسطين، وباسم «سلام الشجعان» ازداد العدو الصهيوني غطرسة وإجراماً وإرهاباً واستيطاناً وتهويداً.
الجبناء هم الذين بِاسم ثقافة السلام والحوار وقّعوا اتفاقية 17 أيار الخيانيّة، أما أصحاب فعل القوة التي هي القول الفصل، هم مَن أسقطوا هذا الاتفاق وطردوا المحتلّ اليهودي عن أرض لبنان، فلمَ الخلط بين «العنف والقوة والحضّ على الكراهية». ولمَ فرضية العداء بين اللبنانيين حتى يبحثوا عن السلام في ما بينهم!
ثقافة الحوار، تتعزّز حين تتوصل القوى المختلفة إلى قانون انتخابات جديد على قياس لبنان يحقق صحة التمثيل وعدالته.
ثقافة الحوار تصبح مجدية حين يتخلّى البعض عن موروثاته، ويقتنع بأنّ «لبنان يحيا بالحرية، ويندثر بالعبودية».
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي