محافظ حمص طلال البرازي: لا محاباة لمن يحمل السلاح خارج سلطة الدولة

حاوره: سعد الله الخليل

رأى محافظ حمص طلال البرازي أن استعادة الجيش السوري مدينة تدمر إنجاز لافت للدولة السورية بإعادة مدينة تاريخية عالمية إلى رعاية الدولة. وأضاف البرازي في حديث خاص إلى «البناء» أن عملية تحرير المدينة كانت جزءاً من العمليات العسكرية في شرق محافظة حمص، والتي تمت على محاور عدّة أولها محور القريتين وقصر الحير الغربي والمنطقة المحيطة بها إلى الصوانة وخنيفيس، فيما المحور الثاني وهو المركزي في العمليات العسكرية محور المحطة الرابعة تدمر، والذي يواصل التقدّم بعد تدمر. أما المحور الثالث محور حقول الغاز جزل وجحار الشاعر ومحطة حيان، حيث حقق الجيش السوري وحلفاؤه إنجازات عدّة بتحرير مناطق متعدّدة، آخرها استعادة السيطرة على حقل جزل، ويتابع العمل وصولاً إلى حقول الشاعر.

ونوّه البرازي بمساندة الطيران السوري والروسي والذي ساهم في تحقيق إنجازات كبيرة بمواجهة إرهابيّي «داعش»، ومستمرة حتى الوصول إلى محور السخنة دير الزور ومحور قصر الحير الغربي ـ القريتين إلى ريف دمشق حتى الضمير والمناطق المحيطة بها.

وأضاف البرازي: التطورات في الجبهة الشرقية ستنعكس إيجاباً لتحرير جميع المناطق في محافظة حمص، وخصوصاً المنطقة الشمالية… الرستن وتلبيسة، ومحاولة التعاطي معها عن طريق المصالحات الوطنية في الريف الشمالي في حمص.

أضرار جسيمة في تدمر

عن حجم الأضرار الذي أصاب مدينة تدمر يقول البرازي: الأضرار جسيمة بالشبكة الكهربائية، وأضرار نسبية بالصرف الصحي، وهناك أضرار مؤسفة وهي أن «داعش» دمّر بعض المعالم الأثرية في هذه المدينة.

وقال البرازي إن العمل العسكري كان مدروساً وسريعاً، واستطاع الجيش العربي السوري أن يحمي المدينة الاثرية من خلال توجيه المعارك والتحكم بالزمن والمواقع من أجل تأمين أكبر حماية للمدينة الأثرية، ما جعل الأضرار في المدينة الأثرية محدودة.

وتابع: هناك دعم من الحكومة للعمل على وضع خطة سريعة خلال الأسابيع القليلة المقبلة لعودة الخدمات للمدينة بعد أن ينهي الجيش مهامه في تأمين محيط المدينة وتحرير مناطق أخرى تحمي محور تدمر سواء في محور تدمر ـ شاعر أو محور تدمر ـ السخنة، حيث سيواكب ذلك العمل إعادة الاتصالات والمياه والكهرباء والأهالي إلى بيوتهم والمدارس.

ملفّ الوعر

ولفت البرازي إلى ما أنجز في ملفّ حي الوعر من خطوات سابقاً بالتنسيق مع المجموعات المسلحة حيث خرج من خلالها عدة دفعات خلال المرحلتين الأولى والثانية وبدأت المرحلة الثالثة، موضحاً وجود فئات متطرفة تتبع لـ«جبهة النصرة» يعود قرارها إلى الخارج تعطل الكثير من الاتفاقات لتحقيق مصالحات تنهي كل المشاكل في حي الوعر. وأكد البرازي أن «جبهة النصرة» والفصائل التي تنضوي تحت لوائها هي من يسبب تعطيل المصالحات والبعض منهم موهوم بأن اتفاقات دولية قد تكون في جانبها في أستانة أو جنيف وبالتالي تعول عليها مكاسب على الأرض.

وأضاف هذه المجموعات لديها خياران الاستسلام أو الخضوع للمصالحات التي تحمي المدنيين أو مواجهة أقدارهم ليستطيع من خلالها الجيش السوري انهاء وجود المسلحين في كل المناطق كما حصل في الحصن والقصير، او ما يختارونه كما حصل في حمص القديمة وتسليم سلاحهم والاستفادة من مراسيم العفو او الذهاب إلى مناطق أخرى.

المصالحات نجاح سوري

يرفض البرازي اعتبار نجاح تسوية حمص القديمة نجاحاً سارت على نهجه بقية المصالحات والتسويات في ريف دمشق وغيرها من المناطق يكتب له شخصياً ويقول: نحن ننفذ توجيهات القيادات وتوجيهات الرئيس بشكل خاص وهو المصالحة والتسويات لتضيق الجبهات والحفاظ على حياة المدنيين والاستفادة من الطاقات الاجتماعية لتحسين واقع الوطن. وأضاف: في المراحل الماضية تواصلنا مجموعات ضغط على المجموعات الإرهابية وحاولنا التوصل مع بعض المسلحين وإخراجهم بهدف الاستفادة من العفو.

وأضاف البرازي: علينا الاستفادة من كل المحاور والاستفادة من الواقعين الاجتماعي والسياسي وانتصارات الجيش العربي السوري، ومن إمكانية وجود وجهاء قادرين على التأثير في أحيائهم، والاعتماد أيضاً على رجال الدين مع التميّز ما بين تكفيريّ ومؤمن بالوطن، ودعم جهود اشخاص من مؤسسات ذات طابع مدني تقدم النصح والدعم وفي الاطار القانوني بإعفاء المتخلفين من الخدمة العسكرية أو مرتكبي اخطاء غير الدموية. كل ذلك يستثمر من أجل حقن الدماء ولأن الشعب السوري هو محل اهتمام حتى لو في الأماكن التي تخضع للمسلحين. ونوّه بأن المدارس والرعاية الصحية والاجتماعية والاغاثية ما تزال فاعلة في أماكن تواجد المسلحين كالتلبيسة والرستن.

ما بين حمص القديمة والوعر

لماذا وصل ملف حمص القديمة إلى خواتيمه فيما لم يطوَ ملف الوعر؟ سؤال طرحته «البناء» على محافظ حمص طلال البرازي الذي أشرف على الملفين ويقول: في حمص القديمة المسلحون الموجودون فيها تعرضوا لضغط واضح من الجيش السوري، استسلم البعض منهم ولذلك أنجز بفترة قياسية بثلاث اشهر، أما بالنسبة إلى الوعر فقد تعقد الملف لوجود عدة فصائل على الأرض تتبع عدة دول من السعودية وقطر وهذا ما أعاق اتفاقية وكانت تعود لأكثر من طرف، ولكن الأغلبية من المسلحين الوعر قد تم الاتفاق معهم لإعادة حي الوعر بالكامل.

وحول مصير الاتفاق يؤكد البرازي أنه معلق وأضاف: سنصل إلى إنقاذ المدنيين وخروج المسلحين وتسوية أوضاعهم وهذا ما نتمناه للوصل إلى اتفاقية تنقذ الحي من دون تدخل عسكري.

شخص إشكاليّ!

يرى منتقدو البرازي أنه شخص إشكالي يحابي المسلّحين أكثر من اللازم فيقول: نعمل على خطّين متوازيين، الأول تحرير كافة المناطق من رجس الإرهاب، وإعادة الأمن ومواجهة مع كل المسلحين وهو الهدف الأول والأساس، ودعم تشكيلات القوات العسكرية، ونسعى من أجل تنفيذ توجيهات الرئيس بالمصالحات كما قال الرئيس «إن كل مسلح إذا أراد أن يعود إلى حياته الطبيعية، يكفي أن يرمي السلاح».

وأضاف: كل الذين يرغبون في إلقاء السلاح والعودة إلى الوطن نحن نسهّل له الأمر كما حصل مع 150 شاباً في حمص القديمة، قد رموا السلاح وسُوّيت أوضاعهم، كان من نتائجها إعادة الأمان إلى عشرين حيّاً وعاد 35 في المئة من المهجرين، وأعدنا الحياة إلى المدينة القديمة بفضل وجود الفاعليات الاقتصادية والاجتماعية وفي المقدّمة الجيش السوري. فإذا كانت هذه إشكالية فهي إشكالية ايجابية وتعود بالفائدة على مدينة حمص.

وتابع البرازي: لا تعامُلَ مع المسلحين ولا محاباة مع المتمرّدين، بل مع الأشخاص الذين يرغبون في العودة عن خطأهم، وهناك بيئة قانونية لمعالجة مثل هذه المسائل، ونتمنّى لكل السورين أن يكونوا في رعاية الدولة وفي كنف الدولة ومن كل الجهات ويكون للمواطن حقه الطبيعي من دون ارتباطه مع المسلّحين.

وعمّا يشاع عن تفاوت وتجاوزات في الملف الإغاثي بتفضيل مناطق على أخرى وتسهيل مرور القوافل إلى مناطق سيطرة المسلحين قال البرازي: برنامج الاغاثة والمساعدات الانسانية موضوع من وزارة الخارجية والمغتربين مع المنظمات والهلال الاحمر وبإشراف هيئة الاغاثة العليا، وعلى مستوى كل محافظة لجنة إغاثة فرعية تقوم بالعمل مع الجمعيات للوصول المساعدات بكل أشكالها إلى كل من يستحق. وقد يشوبها حالة فساد لكنها لا تؤثر على وصولها، وهناك دقة لوصول المساعدات من حيث التوقيت وإلى من يستحقها.

وأوضح البرازي أن التوازن في توزيع المساعدات الاغاثية يشمل مناطق صعبة الوصول، ويصل إلى مناطق تحت سلطة الدولة، وهو يتحقق بنسبة 90 في المئة إلى المدنيين المتواجدين في اماكن وجود المسلحين، فيكون هناك خلل ويضع بعض الفصائل المسلحة والاستيلاء عليها وممارسة الضغط على المدنيين، ونطالب المنظمات الدولية والمعنية والهلال الاحمر ببذل الجهود لوصول المساعدات إلى مستحقيها، وإلا ستكون تمويلاً للمسلحين والاستفادة منها.

إزالة الأنقاض

يشير محافظ حمص طلال البرازي إلى حجم الدمار الكبير الذي أصاب المدينة ومراحل إزالة الأنقاض منها ويقول: خلال ثلاثة أشهر بمساعدة القطاع العام نقلنا 300 ألف طن من الانقاض من الاحياء المدمرة، وفتحت الطرقات وعادت المياه والكهرباء، ما ساعد في عودة الكثيرين من المهجرين. وكان لذلك أثر كبير لإعادة الحياة الطبيعية.

وأضاف: بدأ الوسط التجاري بالعودة إلى سابق العهد، ووفق توقعاتي خلال سنة أو أكثر بقليل سيعود 4000 محل تجاري ينفذ مع بعض المنظمات الدولية والقطاع العام للعمل.

ويطرح البرازي بعض الأرقام عن عودة الحياة في حمص كعودة تسع مدارس في حمص القديمة. لافتاً إلى أن القطاع العام بدأ في تقديم التعويضات عن الأضرار بنسبة 40 في المئة في الاطار العام، وعودة الحياة الطبيعة إلى بعض المرافق «الكاراج الشمالي والبولمان»، ومركز الشؤون المدنية في المنطقة الشمالية وحركة النقل الداخلي وعودة المهجرين، كل ذلك أدّى إلى دوران العجلة الاقتصادية في هذه المناطق.

أما المناطق التي تتجاوز نسبة الدمار فيها 80 في المئة كالخالدية وباب عمرو، فهي بحاجة إلى إعادة إعمار من الصفر وتخطيطها وتنظيمها، وإعادة ترميم وصيانة بعض المناطق للمحافظة للهوية التراثية والتاريخية.

وأضاف: نستطيع ضمان مستقبل حمص لسنوات مقبلة، طرح مخطط باب عمرو بحوالى 217 هكتار و460 برج سكني، وقد أنجز الان المخطط الاولي للربط الطرقي لمدينة حمص الحديثة التي تستوعب مليون وخمسمئة ألف نسمة، وسيأخذ فيها أسلوب العمارة الحديثة، وسيعلن عنها خلال ستة أشهر.

لا خوف على النسيج الاجتماعي

يؤكد البرازي عودة الثقافة الاساسية للمجتمع السوري كنسيج وطني متماسك بكل أطيافه، وأن ما حصل ويحصل شاذ وليس من ثقافة المجتمع السوري. وأن حمص إلى حدّ كبير تجاوزت ذلك، ويمكن إعادة النسيج الاجتماعي إلى سابق عهده.

وأضاف: النشاطات بدأت في حمص في كل مكان، وهذا له بعدان اجتماعي وسياسي، فالنشاطات تحقق حالة دمج وتعافٍ لنسيج من دون الحاجة للتحدث عنه، ما يعطي فعالية اجتماعية تؤثر إيجابياً، وتحقق التلاحم. وستعود حمص إلى طبيعتها في فترة قريبة. لافتاً إلى حقيقة المؤسسات، إذ يجب أن يكون لها دور في إعادة تحقيق النشاطات، من برامج العمل الحكومي التي تقوم بإعمار البنى التحتية أكثر، ووجود الجمعيات الخيرية بتقديم الدعم لأسر الشهداء أثر كثيراً في المجتمع. وتابع البرازي: الاكثر أهمية في ما أنجز أنه أعاد هيبة الحكومة إلى ما كانت عليه قبل الأحداث، بسبب استغلال البعض ظروف الحرب ووجود فاسدين.

الحوار المجتمعي

يؤمن البرازي بالحوار المجتمعي في الأحياء، والذي سيقدّم فوائد أكثر من اللقاءات التي تحدث في الخارج، نظراً إلى وجود فصائل إرهابية في المفاوضات. وتابع: على الصعيد الشخصي، أنا غير متفائل لأيّ نشاط يتحقق بمصالحات من الخارج.

وأكّد أن سورية منذ اليوم الاول تسعى من أجل الحوار السوري السوري لتحقيق مستقبل سورية بقرار منها، وقدمت شهداء ولم تقبل أن تعطي بالسياسة ما لم تستطع قوى الحرب على سورية أن تحصل عليه عسكرياً. وقال: نعوّل على استمرارنا في محاربة الارهاب وبانتصارات الجيش. مؤكداً أنّ الحكومة السورية تهتم بالمدنيين في كل مكان أكثر من اهتمام أيّ فئة تدّعي حرصها على الشعب السوري.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى