حالة التصعيد… هل تصل إلى الحروب؟
راسم عبيدات ـ القدس المحتلة
واضح أنّ المحور الأميركي – الإسرائيلي الغربي الاستعماري الخليجي التركي، يقوم بعملية تصعيد غير مسبوقة وعلى كلّ الجبهات، وهذا التصعيد بحدّ ذاته شكل من أشكال الحرب، ولربما يهدف الى تحقيق جملة من الأهداف دون الوصول الى مرحلة الحرب، او لربما تكون هناك حرب محدودة، على جبهة قطاع غزة، او على الجبهتين اللبنانية والسورية، والمتتبع للتصريحات والمواقف الأميركية والإسرائيلية من بعد زيارة نتنياهو الى واشنطن في الخامس عشر من شهر شباط الماضي ولقائه مع الرئيس الأميركي ترامب، فلغة ولهجة التصعيد هي سيدة الموقف، فنتنياهو يعتقد أنّ الأوضاع الدولية في عهد ترامب واليمين المتطرف عالمياً، والأوضاع العربية والفلسطينية المنهارة والمنقسمة على ذاتها والداخلة في الحروب المذهبية والطائفية، هي فرصة سانحة لإسرائيل لفرض شروطها وإملاءاتها على الفلسطينيين والعرب والحدّ من نفوذ إيران كقوة إقليمية تشكل هي وذراعها في لبنان حزب الله العدو والخطر الرئيسي على دولة الاحتلال، ولذلك وجدنا ترامب يطلق يد إسرائيل في التوحش و التغوّل الإستيطاني، وقبر حلّ الدولتين، ويوجه تهديداته لطهران بفرض المزيد من العقوبات عليها والتهديد بمراجعة او إلغاء الاتفاق معها حول برنامجها النووي، واعتبارها تشكل خطراً على أمن المنطقة واستقرارها. بعيداً عن اللغة المجرّدة، فثمة الكثير من الشواهد بأنّ الأمور تسير نحو حافة الهاوية، او لربما تنزلق نحو الهاوية.
أميركا و إسرائيل تسعيان الى تشكل ناتو عربي أميركي، هذا الناتو المتشكل مما يسمّى دول المحور السني العربي له عدة مهام، من ابرزها، تشريع وتطبيع العلاقات مع اسرائيل، والشراكة في مواجهة ومحاربة ايران والتصدي لنفوذها المتصاعد في المنطقة، في ظلّ تصوير أميركا لإيران بأنها الخطر الداهم على أمن المنطقة وأمن العرب، وبالذات المشيخات العربية الخليجية، وكذلك ممارسة الضغوط على القيادة الفلسطينية من أجل التخلي عن خيار حلّ الدولتين بكلّ سلبياته، لخيار مسار سياسي جديد ينتقص من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، خيار الحلول المؤقتة وما يسمّى بالسلام الاقتصادي.
إسرائيل بدأت بشنّ حرب إعلامية واسعة وتهديدات وتصريحات شبه يومية عن مخاطر الأسلحة التي يمتلكها حزب الله وحماس والمقاومة على وجودها ومستقبلها، وقامت بأكثر من عملية قصف داخل الأراضي السورية استهدفت كما تقول شحنات صواريخ لحزب الله كاسرة للتوازن، وكذلك أعلنت عن امتلاك حزب الله لصواريخ من شأنها تشكيل تهديد جدي لسلاح البحرية الإسرائيلي، وبانّ حزب الله يمتلك صواريخ قد تطال أيّ نقطة في دولة الكيان، وكذلك قامت وحدة اسرائيلية خاصة بالتسلل الى داخل الأراضي السورية من جهة الجولان، وقامت بمهام رصد واستطلاع وتجميع معلومات لغرض شنّ عملية عسكرية، وعلى جبهة المقاومة في قطاع غزة، كثر الحديث والتهديدات الإسرائيلية ترهيباً وترغبياً، بأنه لا مناص من تدمير الأنفاق وبالذات الهجومية منها، لما تشكله من خطر جدي على عمق دولة الاحتلال، وكذلك مخزون المقاومة وحماس من الصواريخ بأنواعها المختلفة، ولعلّ واحد من الاستنتاجات الهامة التي خلص اليها تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي يوسف شابيرا حول الفشل الأمني والعسكري والسياسي في عملية الجرف الصامد ، هي عدم القدرة على تدمير الأنفاق الهجومية، وتقدير حجم خطرها…
في المقابل وجدنا ليبرمان وزير الدفاع الإسرائيلي يقول بأنه اذا ما تخلت حماس عن مخزونها من الصواريخ، ودمّرت الأنفاق، فإنّ إسرائيل مستعدة لرفع الحصار وإقامة مطار وميناء بحري في قطاع غزة.
في ظلّ التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة استشعر حزب الله وحماس وايران وكلّ محور المقاومة مخاطر التصعيد الإسرائيلي- الأميركي، وخرج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ليقول بشكل واضح، بأنّ حزب الله سيطال كلّ نقطة في دولة الاحتلال، ليس أقلها خزانات الأمونيا في حيفا والتي عمل الاحتلال على نقلها بعد هذه التهديدات، وكذلك مفاعل ديمونا النووي.
وحسب ما قاله موقع والاه العبري المقرّب من المخابرات الإسرائيلية، فإنّ حزب الله نشر بنك أهدافه في حال نشوب حرب مع دولة الاحتلال منها موقع ديمونا النووي، و ناحل سوريك وقاعدة رفائيل ومصانع كيشون في حيفا، وكذلك المقاومة الفلسطينية وحركة حماس رداً على الغارات التي يشنّها طيران الاحتلال على القطاع، بعد عدة عمليات إطلاق لصواريخ من جماعات متشدّدة، فإنها لن تسمح من الآن فصاعداً باستمرار هذا الوضع، ومعادلة الردع الجديدة ستكون صاروخ بصاروخ وهدف بهدف، وأيضاً يقول اسماعيل هنيه بأنّ حماس أنهت تحديد بنك أهدافها للساعة الصفر.
هذه التطورات ليست معزولة عن زيارة وزير الخارجية السعودي الجبير الى بغداد، ومحاولة ثني بغداد عن أن تكون ضمن المحور الإيراني، وكذلك ما قامت به المعارضة السورية المحسوبة على السعودية من محاولات لإفشال مفاوضات جنيف بتشبّثها بمواقفها الخشبية بالحديث عن فترة انتقالية ورحيل الأسد، وعدم إدانتها للتفجيرات الإرهابية التي تبنّتها ما يسمّى بجبهة النصرة في حمص، وما يجري من تفجير للأوضاع في مخيم عين الحلوة الفلسطيني في صيدا، من ضخ للإحتياط البشري الإرهابي للمخيم، وإفتعال الإشتباكات، يكشف عن اهداف خبيثة لهذا الضخ، وعن مخططات تحاك ضدّ الشعب الشعب الفلسطيني، أقلها تغريبة جديدة وهجرة جديدة، تطال أكبر المخيمات الفلسطينية، وما يعنيه ذلك من أعباء إنسانية وأمنية وسياسية على اللاجئين الفلسطينيين والحكومة اللبنانية، فالهدف واضح هنا، كما حصل في مخيم نهر البارد ومن ثم مخيم اليرموك، أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سورية، الطرد والتهجير، والتوطين لمن يتبقى من اللاجئين، وشطب حق العودة لللاجئين الفلسطينيين، ولكي لا تبقى شاهداً على جرائم الاحتلال وعلى تواطؤ المجتمعي الدولي.
وفي مخيم عين الحلوة، الخطة تتعدّى التهجير وتدمير المخيم، بل قطع طريق الجنوب على قوى المقاومة لحماية دولة الإحتلال الإسرائيلي، كما هي الحال في المفاوضات التي تخوضها أميركا مع روسيا، والمكاسب التي ستمنح لها في الشام، مقابل موافقتها ومشاركتها في الحرب على الإرهاب، ومن ضمن ما تطرحه، هو عزل جنوب سورية عن عمقها، لكي تشكل مناطق آمنة لدولة الإحتلال.
واضح أنّ كلّ هذا التصعيد والتهديدات لإيران وسورية وحزب الله والمقاومة الفلسطينية، هدفه الأول حماية دولة الكيان الصهيوني وضمان أمنها، وبقائها كقوة متسيّدة في المنطقة، ولذلك هذه التهديدات والتضخيم لترسانة أسلحة قوى المقاومة، قد يكون بهدف شنّ حرب عليها، او لربما دفع الأمور لحافة الهاوية دون حرب، بهدف ردع قوى المقاومة، ولكن الحرب مع حزب الله وحركة المقاومة الفلسطينية باتت قريبة وليست بعيدة، ولكن هذه المرة إسرائيل ستدفع ثمناً باهظاً، وستسقط مئات الصواريخ، ان لم يكن الآلاف على جبهتها الداخلية، فعهد الحروب الخاطفة التي تدور على أرض الغير قد ولى إلى غير رجعة.
Quds.45 gmail.com