فورد: تنسيق أميركي ضمني مع الجيش السوري… ومعركة الرقة أولويّة عون وإبراهيم وعثمان للملف الأمني بتوافق سياسي ينتظر قانون الانتخاب

كتب المحرّر السياسي

يبدو المشهد الإقليمي والدولي بعد اجتماع أنطاليا لرؤساء أركان الجيوش الأميركية والروسية والتركية، عشية زيارتي رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والرئيس التركي رجب أردوغان إلى موسكو، مختصراً بعنوانين، الحرب على داعش أولوية لا مجال لأي خلافات أن تعطّل مسارها، وموسكو هي عاصمة القطع والوصل في تلقي الشكاوى والهواجس وتقديم التطمينات، ورسم الخطوط الحمر لقواعد الاشتباك على الجبهات المتشعبة من الحرب السورية.

ضمن هذه الثنائية طلب من الأتراك تضييق الهوامش على خط انسحاب قيادات داعش نحو الحدود السورية شمال الموصل بغارات جوية نفّذها الطيران التركي، كما انتشر جنود أميركيون في جوار منبج لمنع الاحتكاك التركي الكردي، فيما قال السفير الأميركي السابق في سورية روبرت فورد إن أولوية الحرب في الرقة تتقدم ما عداها أميركيا، وأن التنسيق الضمني بين الأميركيين والجيش السوري لم يعُد من المحرمات في ضوء ما يجري في شمال سورية وشرقها.

أولوية الحرب على داعش في قلب المشهد الجديد تتوضح من تحضيرات حثيثة لمعركة الرقة ومن مسارات معارك الموصل المتسارعة، وينجح لبنان بملاقاتها بتعيينات عسكرية أمنية قضائية تصدّرها تشكيل ثلاثي هو الأمثل في إدارة الملف الأمني، بتعيين العماد جوزف عون قائداً للجيش، وهو الآتي من فوج المغاوير إلى قيادة لواء المشاة التاسع والأدوار الميدانية في الحرب على الجبهة الشرقية الشمالية للبنان بوجه داعش والنصرة، وتكريس اللواء عباس إبراهيم في قيادة جهاز الأمن العام بأدواره المتعددة ونجاحاته المتميّزة وخبرته المشهودة، وعلاقاته الدولية والإقليمية، وتعيين العميد عماد عثمان مديراً عاماً للأمن الداخلي بعد خبرته الطويلة في شعبة المعلومات، لتتم التعيينات برضى وتوافق سياسي التقى مع معايير الكفاءة والخبرة ولاقى ترحيباً شعبياً وسياسياً، وزرع الأمل بسلوك التعيينات اللاحقة هذه المعايير، وبنجاح التوافق السياسي الذي بدونه يفشل الأمن في التحصين، بتخطي تعقيدات استيلاد قانون جديد للانتخابات، ومرور سلس للموازنة وخصوصاً لسلسلة الرتب والرواتب.

الوزير محمد فنيش أكد لـ»البناء» تأييد التعيينات وتوقع إنهاء مناقشات الموازنة غداً الجمعة، مذكراً برفض أي ضرائب تطال الطبقات الفقيرة، ورداً على سؤال حول ما جرى من نقاش لمواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من سلاح المقاومة، قال فنيش نحن نؤيد مواقف الرئيس لأنها تحمي الحقوق اللبنانية، ونحرص على العلاقات العربية والدولية للبنان التي يتحدّث عنها البعض من نافذة الحديث عن القرار 1701، ونسأل لماذا ينسى البعض عند ذكر القرار 1701 الانتهاكات «الإسرائيلية»؟

التعيينات تبصر النور

في إنجاز يسجّل للعهد وحكومته الأولى، أبصرت التعيينات العسكرية والأمنية والقضائية النور التي حالت الخلافات السياسية دون إقرارها منذ سنوات، ما أدى الى فرض التمديد في بعض الأجهزة تجنباً للفراغ كما حصل في قيادة الجيش، والشلل وتضارب الصلاحيات في أجهزة أخرى كأمن الدولة والفراغ في المجلس الأعلى للجمارك.

وخلال جلسة لمجلس الوزراء عقدت أمس، في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وصفتها أوساط وزارية بأنها أكثر الجلسات إنتاجية حتى الآن، بحثت في بنود جدول الأعمال واتخذت مجموعة من القرارات كان أبرزها التعيينات التالية: العميد الركن جوزيف عون قائداً للجيش، العميد الركن سعد الله محي الدين الحمد، أميناً عاماً للمجلس الاعلى للدفاع، العميد طوني فايز صليبا مديراً عاماً لأمن الدولة والعميد سمير أحمد سينان نائباً له، واللواء الركن المتقاعد عباس إبراهيم مديراً عاماً للأمن العام بعد قبول استقالته من وظيفته وإحالته الى التقاعد، العميد عماد عثمان مديراً عاماً لقوى الامن الداخلي، العميد المتقاعد اسعد طفيلي رئيساً للمجلس الاعلى للجمارك، بدري ضاهر مديراً عاماً للجمارك، غراسيا القزي وهاني الحاج شحادة عضوين في المجلس الاعلى للجمارك.

أما التعيينات القضائية فشملت القاضي جورج أوغست عطية رئيساً لهيئة التفتيش المركزي، القاضي بركان سعد رئيساً لهيئة التفتيش القضائي، القاضية هيلانة اسكندر رئيسة لهيئة القضايا في وزارة العدل والقاضية فريال دلول مفوض الحكومة لدى مجلس شورى الدولة.

كما وافق المجلس على مشروع قانون خاص بالأحكام الضريبية المتعلقة بالأنشطة البترولية.

ونفت مصادر وزارية أن «تكون التعيينات قد تمّت على أساس المحاصصة السياسية والطائفية، مؤكدة لـ«البناء» أن «جميع الضباط والقضاة والمدراء المعينين في المراكز والمواقع مشهود لهم بالكفاءة والخبرة والمناقبية والتضحية في سبيل الوطن». وأوضحت أن «الاعتراض الذي حصل من بعض الوزراء هو اعتراض شكلي، حيث طالبوا بضرورة تزويد الوزراء بالسير الذاتية للاشخاص المعينين قبل 48 ساعة من تعيينهم، وتعهد رئيس الحكومة سعد الحريري بأن لا يتكرّر هذا الخطأ»، مشددة على حصول «توافق سياسي بين جميع المكوّنات على سلة التعيينات ولم تشهد الجلسة اعتراضاً على تعيين في أي من المواقع».

ولفتت المصادر الوزارية الى أن «جميع القرارات التي تمر في مجلس الوزراء تتخذ بالتوافق المسبق وليس بالتصويت وذلك للحفاظ على الانسجام والاستقرار داخل الحكومة الذي يعتبر ضرورياً في هذه المرحلة». وتوقعت المصادر أن «يؤدي إنجاز التعيينات الى تفعيل عمل المؤسسات والأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية، بما يساهم في تعزيز وتدعيم مسيرة الاستقرار الامني والسياسي وتحقيق العدالة»، منوّهة بإعادة «تفعيل عمل جهاز الجمارك من خلال تعيين رئيس المجلس الأعلى والأعضاء والمدير العام بعد أن تعطّل خلال السنوات الماضية ولم يستطع اتخاذ أي قرار حتى كشاف واحد في مرفأ طرابلس».

ورجحت المصادر بأن «ينسحب التوافق السياسي والحكومي حول التعيينات على الموازنة»، مرجحة «إقرارها وإحالتها الى المجلس النيابي في جلسة الجمعة المقبل».

فريق أمني متناسق

وأشارت مصادر عسكرية لـ»البناء» إلى أن «قائد الجيش الجديد العماد عون يتمتع بكفاءة عسكرية وقتالية كبيرة ومطلع على الوضع الميداني لا سيما في جبهة عرسال وعلى الحدود الشرقية مع سورية، حيث أمضى الثمانية أشهر الماضية فيها يشرف بشكل مباشر على الخطط العسكرية لمواجهة الإرهاب»، وأوضحت أن «مجلس الوزراء سيرقّي العميد عثمان الى رتبة لواء في جلسة لاحقة، إذ لا يمكن أن يبقى في الرتبة نفسها لوجود أكثر من 40 ضابطاً في قوى الأمن الداخلي أعلى رتبة منه»، ولفتت الى أن الأشخاص المعينين سيشكلون فريق عمل أمني متناسق ما يعزز الأمن والاستقرار على مساحة الوطن».

وكان العماد جوزف عون قد زار بعد تعيينه رئيس الجمهورية في بعبدا شاكراً له ثقته.

فنيش: نؤيد مواقف عون

وأكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش لـ«البناء» أن «حزب الله يؤيد خطوة التعيينات في المواقع الأمنية والعسكرية والأهم التوافق السياسي حولها ونعتبره إنجازاً للحكومة، إذ لا يمكن ترك هذه الأجهزة التي تحفظ الأمن والاستقرار في البلد من دون رأس».

وفيما أثار وزراء المستقبل والقوات في الجلسة مسألة العلاقات لبنان مع الدول العربية والتزام لبنان بالقرار 1701، كما علمت «البناء»، رأى فنيش «أن مواقف الرئيس عون محل تأييد من قبلنا ومنسجمة مع البيان الوزراي للحكومة والتي تعبّر عن حرص على قوة لبنان والتصدي لـ«إسرائيل»، وبالتالي لا أحد يمكنه أن ينكر على الشعب إزاء أي احتلال وتهديد للبنان وأرضه وسيادته أن يتصدّى للعدوان»، مشيراً لـ«البناء» الى أن «ما قاله عون في مقابلاته عشية زيارته الى مصر والأردن وأمام السلك الدبلوماسي، تأكيد على هذا الحق»، ولفت فنيش الى أن «من يريد أن يتحدث عن تطبيق القرار الدولي 1701، عليه أن يتحدّث أيضاً عن الخروق «الإسرائيلية» وأن يحتج لدى المجتمع الدولي للضغط على «إسرائيل» للانسحاب من الجزء اللبناني من قرية الغجر ومزارع شبعا وأن توقف خروقها للسيادة اللبنانية. وهذا هو موقفنا في مجلس الوزراء».

وأوضح فنيش «أننا لسنا ضد علاقات جيدة مع الدول العربية، لكن لنا مواقفنا السياسية أيضاً وأي دول عربية تعتدي على شعب عربي آخر سنقول موقفنا بأن هذه الممارسات ظالمة».

وبشأن الموازنة، أشار فنيش الى أن «مجلس الوزراء انتهى من مسألة الضرائب التي لم تطل ذوي الدخل المحدود والطبقات الفقيرة، ولكن النقاشات مستمرة في موازنات بعض الوزراء وربما يتم إقرارها في جلسة غد الجمعة».

وكان الرئيس عون قد أكد في الجلسة أنه «لا يجوز لأي خلاف خارجي أن يؤثر على وحدتنا التي باتت نموذجاً تريد دول العالم الاقتداء به، ولا سيما أن لا مكان للأحادية في مستقبل الدول، سواء كانت دينية أو سياسية أو عرقية». ومؤكداً من جهة ثانية أن «لبنان لا يعتدي على أحد بل يدافع عن نفسه ويحمي وحدته الوطنية».

بدوره، اعتبر الحريري «أننا كحكومة واضحون عبر البيان الوزاري في ما يتعلق بالقرار 1701، وكذلك في ما خص علاقة لبنان بالدول العربية، ولكن علينا أن نضع الاختلاف جانباً والاهتمام بشؤوننا الداخلية وتحقيق مصلحة لبنان أولاً».

الإصلاحات والإيرادات على طاولة مجلس الوزراء اليوم

تستكمل اللجان المشتركة اجتماعاتها المخصّصة لسلسلة الرتب والرواتب عصر اليوم، في ساحة النجمة، للبحث في الإصلاحات والإيرادات، بعدما استمعت أمس في مستهلّ الجلسة الى عرض من وزير المال علي حسن خليل حول ما تمّ التوصل اليه من توافق مع النواب ابراهيم كنعان، جورج عدوان، علي فياض، ياسين جابر وأكرم شهيب، حول الجداول الممكنة على أساس العدالة بين القطاعات، وكل ذلك ضمن الإمكانات التي تمّ التوافق عليها بالاستماع الى آراء مختلف الفرقاء. وعلمت «البناء» أن النقاشات أخذت بعين الاعتبار أن الموازنة لحظت مبلغ 1200 مليار لا أكثر للسلسلة، وبالتالي سيتمّ توزيع هذا المبلغ على القطاعات الإدارية والتعليمية والأسلاك العسكرية.

وحصل خلال اجتماع اللجان المشتركة برئاسة النائب فريد مكاري جدل كبير بخصوص اساتذة التعليم الثانوي الذين يطالبون بعشر درجات على أساس الموقع الوظيفي. بخلاصة النقاش تم الاتفاق على منحهم 3 درجات أسوة بالإداريين الذين كانوا قد طالبوا بأربع درجات ونصف. أما أساتذة التعليم الاساسي المعينين ما قبل العام 2010 فمنحوا 6 درجات لتصحيح الخلل بينهم وبين الذين عينوا بعد 2010 من حملة الإجازات.

وحصل نقاش طويل حول سلسلة العسكريين، لكن في النتيجة تمكّن المجتمعون من تصحيح السلسلة على مستوى القادة، وعلى مستوى العسكريين. وجرت محاولة للتساوي بين الإداريين والعسكريين، بمعنى أن يُساوى موظف الفئة الثانية بالرائد والمدير العام بالعميد، لم تصل إلى نتيجة. وفي ما يخصّ الرتيب والجندي أعطي زيادة على المعاش بنسبة 35 ، حيث أصبح راتب الجندي 988000 بعدما كان 655000 ووعد وزير المال بمزيد من المعالجة للأفراد العسكريين.

وبخصوص المتعاقدين، اعتُمد حلّ يقوم على منحهم زيادة على بدل التقاعد وفقاً لشطور معينة تلحق الراتب.

صدّقت اللجان جداول العسكريين كما وردت، وصدّقت أيضاً جداول الإداريين بفئاتهم كلها، وصدّقت أيضاً جداول المديرية العامة للطيران المدني وجداول موظفي السلك الخارجي وجداول أفراد الهيئة التعليمية من التعليم ما قبل الجامعي، مع تحفّظ وزير التربية وكتلة الوفاء للمقاومة. كما أقرّت المواد المعلّقة، المادة الثانية والمادة الثامنة معدّلة، وأضيفت مادة تتعلّق بتسوية غلاء المعيشة واعتبارها مسدّدة.

برّي: لا جديد بقانون الانتخاب

وفيما تنشغل الحكومة بمناقشة الموازنة وتغوص اللجان المشتركة في المجلس النيابي بأرقام سلسلة الرتب والرواتب، تراجع الزخم بملف قانون الانتخاب حيث علمت «البناء» أن «القانون لن يعود الى الواجهة والتدوال قبل 15 الحالي بعد الانتهاء من الموازنة، وفي السياق، نقل النواب عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد لقاء الأربعاء، قوله إن «لا جديد حتى الآن في هذا الشأن»، مشدداً على «عدم إضاعة الوقت والعمل من أجل إقرار قانون جديد».

ولفت برّي الى «أن الأمور تسير بشكل طبيعي وإيجابي في شأن سلسلة الرتب والرواتب»، مؤكداً مرة أخرى على «إقرارها لأنها حق لأصحابها». كما نقلوا عنه «أن مسار درس السلسلة يشير الى أنها في طريقها الى الإقرار، ولم يعد هناك من تعقيدات مهمة في وجهها».

..ومداهمات جديدة

في غضون ذلك، واصل الأمن العام تحقيق الإنجازات على صعيد مكافحة الإرهاب المالي، وبعد مداهمته أمس الأول عدداً من الشركات المالية ومكاتب الصيرفة في بيروت، داهمت قوة من الأمن العام أمس، ثلاثة مكاتب للصيرفة في محلة السارولا في شارع الحمرا يُشتبه بتورطها في عمليات تحويل أموال لصالح تنظيم «داعش» بقيمة نحو 20 مليون دولار. وصودرت بعض المستندات والحواسيب من المكاتب وتمّ توقيف عدد من المشتبه بهم. كذلك تم دهم مكاتب للصيرفة في كل من طريق الجديدة ومحلة الرحاب – نزلة السفارة الكويتية. وداهمت مخابرات الجيش أحد مكاتب تحويل الأموال، في سن الفيل.

وأعلنت المديرية العام للأمن العام في بيان أنه «بنتيجة التحريات والمتابعة الأمنية للشبكات الإرهابية، قامت الأجهزة المعنية في المديرية وبناءً على إشارة مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي داني الزعني، بمداهمة مكاتب وشركات مالية تتعامل بتحويل الأموال في عملية نوعية على كامل الاراضي اللبنانية، وقد تمّ بنتيجتها توقيف أشخاص من التابعية السورية، وقد اعترف الموقوفون بانتمائهم إلى شبكات إرهابية، قامت بنقل مبالغ مالية طائلة بهدف تمويل المنظمات الإرهابية عبر جرود عرسال ومنها الى القلمون.

وقالت مصادر أمنية لـ«البناء» إن «الشبكة التي ألقى الأمن العام عليها مؤلفة من لبنانيين وسوريين تعمل في الداخل والخارج، وتقوم بتنفيذ عمليات تهريب بشكلٍ دوري ومبرمج واستطاع الأمن العام خلال 48 ساعة مراقبة وتوقيف جميع المراكز والفروع المالية التي استعملت بتحويل الأموال». وأشارت المصادر الى أن «التحقيقات الأولية مع الموقوفين أظهرت أن الأموال المهرّبة تستعمل لتمويل الإرهاب من تغطية رواتب عناصر داعش وشراء الأسلحة والمتفجرات ولتجنيد أشخاص جدد لصالح التنظيم». وتساءلت مصادر مطلعة عن دور المصرف المركزي في الرقابة على حسابات هذه الشركات المالية ومكاتب الصيرفة وعلى عملياتهم المالية رغم الرقابة التي يمارسها المصرف المركزي على تحويل الأموال للأشخاص الذي وردت أسماءهم في قانون العقوبات المالية الأميركية على حزب الله».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى