موسكو تصفع نتنياهو وتقول لأردوغان… الدولة السورية تُنهي الكانتونات الجيش يحسم اشتباكات برج البراجنة… وقانون الانتخاب يسابق الموازنة

كتب المحرّر السياسي

أعلن رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال جوزف دانفورد إنشاء آلية تنسيق على مستوى الجنرالات بين موسكو وواشنطن تعمل على مدار الساعة لمواكبة الوضع في سورية، مضيفاً أن هذا هو الإنجاز الأهم من اجتماعه برئيس الأركان الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف في أنطاليا قبل يومين. بينما أعلن البنتاغون أن التنسيق الأميركي الروسي على الصعيد العسكري يسير بحال جيد، ووفقاً لمستويات أعلى بكثير من الماضي. وتعتبر هذه الإعلانات فوزاً للمنطق الذي أراده الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكان البنتاغون وكبار الجنرالات يوقدون المعارضة ضده، بعدما تراجع ترامب خطوة إلى الوراء أمام العسكر، ليترك لهم تحدّي اختبار القدرة على خوض الحرب على داعش من دون تنسيق فعال مع موسكو، فيتقدم معهم خطوتين إلى الأمام مع المتغيرات المفاجئة التي صنعها تقدّم الجيش السوري إلى ضفاف نهر الفرات، واستحالة إقامة تنسيق كردي تركي في معركة الرقة، مقابل تبلور عناصر التعاون المباشر بين الجيش السوري والأكراد برعاية روسية أميركية مشتركة، واختبار نجاح التعاون مع روسيا في احتواء التحفظات التركية.

بدا أن موسكو تتولى مراضاة حلفاء واشنطن واحتواء غضبهم من المتغيرات، فصارت قبلة حجيجهم. فقبل يومين بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال، وأمس الرئيس التركي رجب أردوغان. وفي اللقاءات معهما يضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين معادلة الاستثمار المبكر على استعادة الدولة السورية لسيطرتها على كامل التراب السوري ضمن تسوية سياسية تلغي مناطق النفوذ الأمنية كطريق وحيد لردّ الهواجس وتبديد القلق، لكن بقدر ما كان الاجتماع مع أردوغان مفيداً وفقاً لمصادر روسية متابعة، وانتهى بتفاهمات على تفعيل الدور التركي في تسريع التسوية، والمساهمة بتفعيل لقاء أستانة للسير قدماً بالفصل بين المعارضة وجبهة النصرة، والتعاون لإنجاح لقاء جنيف المقبل في التقدم نحو تسوية واقعية تقوم على السير بحكومة موحّدة في ظل الدستور السوري وتحت سلطة الرئيس بشار الأسد، تمهيداً لدستور جديد وانتخابات، قالت المصادر إن موسكو اضطرت لتوجيه صفعة لنتنياهو الذي سرّب كلاماً لم يتم ووقائع لم تحدث في لقائه بالرئيس الروسي حول الحصول على ضوء أخضر لتوجيه ضربات ضد حزب الله في سورية، ما استدعى خروج الناطق بلسان الكرملين ديمتري بيسكوف بطلب من الرئيس بوتين لوصف هذا الكلام بالهراء المختلق والذي لا يشبه الحقيقة بتاتاً، وقيام التلفزيونات الروسية المقرّبة من الحكومة بإعادة بث لقطات من لقاء بوتين ونتنياهو، تظهر الأخير متحدثاً بينما الرئيس الروسي يلاعب هاتفه الخلوي.

لبنانياً، شغلت الاشتباكات المفاجئة في برج البراجنة بين المخيم ومحيطه الوسطين السياسي والأمني، حتى تمكّن الجيش من حسمها منتصف الليل، بينما تأجّل البتّ بالموازنة حكومياً حتى جلسة الإثنين وربما الأربعاء، وفقاً لمصادر وزارية، بسبب مناقشات تفصيلية لنفقات الوزارات، علماً أن هذا لن يحول دون ترحيل الخلافات على الواردات، وخصوصاً الضرائب على المصارف، كمثل الخلافات حول سلسلة الرتب والرواتب إلى جلسة الهيئة العامة الأربعاء المقبل، بينما عاد قانون الانتخاب للتقدّم مع تفاهمات يسعى وزير الخارجية جبران باسيل لإنجازها مع كل من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، قبل إعلانها كصيغة جديدة للقانون المقترح، سيغلب عليها طابع التسويات على قاعدة المختلط بين النسبي والأكثري لإنقاذ الموقف في ظل الانسداد الراهن.

اجتماع ثلاثيّ في السراي

بعد الجمود الذي ساد المشهد الانتخابي الأسبوع الماضي، عاد قانون الانتخاب ليأخذ مكانه وموقعه بين اهتمامات القوى السياسية التي انشغلت في ملفات التعيينات وسلسلة الرتب والرواتب والموازنة، على أن تتكثّف الاجتماعات واللقاءات بين القوى السياسية للتوصّل إلى صيغة انتخابية توافقية يبدو أن الطرح المختلط الجديد الذي يعتزم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل طرحه على طاولة المفاوضات سيكون الأكثر ترجيحاً للتوافق حوله.

وقبل أن يفرغ باسيل آخر ما في جعبته من أسلحة انتخابية، يرى أنه من الأفضل اطلاع القوى السياسية الرئيسية على صيغته الجديدة واستمزاج آرائهم ومطالبهم ونيل موافقتهم المسبقة عليها، قبيل طرحها في العلن، كي لا تتعرّض لإطلاق النار السياسي وتسقط كما سقطت طروحاته السابقة. وبحسب ما علمت «البناء» فقد عقد مساء أمس بعد جلسة مجلس الوزراء اجتماع بين رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل والوزير باسيل استمر حتى ساعة متأخرة من الليل وتمّ البحث في آخر ما تمّ التوصل إليه في موضوع قانون الانتخاب.

وقالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إن «باسيل قدّم في وقت سابق ثلاث صيغ مختلطة ورفضت، رغم أنها أخذت بعين الاعتبار اقتراحات الأطراف كافة، لكنه سيقدّم صيغة جديدة يراعي جميع القوى الى حدٍ كبير». وتوقعت المصادر أن «تكون هذه الصيغة الأخيرة التي يقدمها باسيل، مرجحة أن تحظى بموافقة الجميع».

وأوضحت المصادر أن «صيغة رئيس التيار الجديدة ستكون ما بين النظامين الأكثري والنسبي مناصفة 64 أكثري و64 نسبي لكن سيجري تعديل على تقسيمات بعض الدوائر إلا أنه سيجمع دائرتي الشوف وعاليه في دائرة انتخابية واحدة، بالتالي يزيل عقدة النائب جنبلاط، كما تسمح هذه الصيغة للقوى المسيحية بإنتاج 52 نائباً بينما تتوزع المقاعد الأخرى بين المستقلين والأحزاب والقوى الأخرى».

وفي حين لفتت المصادر الى أن الحريري أبلغ القوى الأخرى رفضه النسبية الكاملة وطلب البحث عن صيغ أخرى توازن ما بين النسبية والأكثري، كالمختلط بشكلٍ لا يتقلص حجم كتلته النيابية، لفتت الى أن «التيار الوطني الحر مستعدّ للسير بالنسبية الكاملة دائرة انتخابية واحدة وبإصلاحات الطائف، لكن ضرورات ومقتضيات التحالف مع القوات تفرض بعض المسايرة وعدم الإصرار على النسبية الكاملة والموافقة على المختلط، حيث القوات ترفض النسبية الكاملة لأسباب عدة أهمها خسارتها مقاعد نيابية عدة وتسليف موقف للحريري الذي يرفض النسبية».

عون ينتظر القانون

وقالت أوساط مقرّبة من بعبدا لـ«البناء» إن «رئيس الجمهورية طلب من الأطراف منذ أيام تكثيف اجتماعاتهم للتوصل الى قانون وهو ينتظر تقديم صيغة توافقية الى بعبدا ليدرسها وينظر في مدى تطابقها مع الدستور والمعايير الموحّدة وعدالة التمثيل قبل أن يعلن عن خياراته التي يحتفظ بها»، لكنها لفتت إلى أن «عون سيوقّع أي صيغة يتفق الفرقاء عليها تراعي هذه المعايير. وهو يرى بأن أي قانون توافقي في هذه المرحلة هو ضرورة لتجنيب البلاد سيناريوات أسوأ كالتمديد أو الفراغ، على أن يرى رئيس الجمهورية بعد الانتخابات النيابية المقبلة مدى صحة هذا القانون وعدالة تمثيله ويُصار بعدها الى البحث عن قانون جديد». ونفت المصادر «أي نية لدى الرئيس عون بربط إقرار الموازنة بإنجاز قانون الانتخاب».

..ووفد «الاشتراكي» في «الخارجية»

وكان الحراك على خط قانون الانتخاب قد بدأ أمس بلقاء عقد في وزارة الخارجية بين الوزير باسيل ووفد من اللقاء الديموقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي، ضمّ، النواب، غازي العريضي، أكرم شهيب، إيلي عون، علاء الدين ترو وأنطوان سعد، بحضور النائب ألان عون.

وأكد العريضي بعد اللقاء اتفاق الجانبين على تكثيف الاتصالات لاستثمار الأجواء السياسية الإيجابية والعمل المشترك على المستوى الحكومي والنيابي والسياسي، من أجل إنضاج فكرة جديدة تأخذ بعين الاعتبار مجمل المواقف او الأفكار التي طرحت ونخرج منها بشكل تدريجي إلى تطبيق اتفاق الطائف، ولدينا قناعة مشتركة بأننا قادرون على الوصول إلى اتفاق حول قانون الانتخابات.

ولفتت مصادر المجتمعين لـ«البناء» أن «اللقاء إيجابي وأن التيار الحرّ يقوم بإعداد مشروع قانون انتخاب جديد يبدو أنه مختلط بين النسبي والأكثري، لكن لم ندخل في تفاصيل التقسيمات والدوائر، ولم يتمّ تحديد موعد لطرحه، لكنه لن يكون استفزازياً لأحد أو يستهدف مكوناً معيناً، لأن أي قانون انتخاب يجب أن يكون توافقياً والجميع بات يدرك هذه الحقيقة وعلى رأسهم باسيل والتيار الحر».

وأشارت المصادر إلى أن «الحزب الاشتراكي منفتح على الصيغ كافة باستثناء النسبية الكاملة، وهو على اطلاع على الدراسات كلها التي تجري حيال مشاريع قوانين الانتخاب ويبدي رأيه فيها». ورفضت المصادر «الحديث عن أن رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط هو الذي يعطّل قانون الانتخاب أو أن أيّ قانون يجب أن يوافق عليه جنبلاط كي يقرّ، معتبرة أن المكونات كافة هي أساسية في البلد أكانت سياسية أم طائفية ولا أحد يستطيع إلغاء أحد مهما كان يملك من قوة وإمكانات».

وأضافت المصادر أن «الحزب الاشتراكي واللقاء كأحد المكوّنات حريص على عدم بثّ حالة من التوتر والتشنج، بل العمل لخلق أجواء إيجابية من الهدوء والتضامن لمصلحة البلد ولإقرار قانون انتخاب، لأن عدم إقرار قانون جديد سيأخذ البلد الى مرحلة الخطر التي حذّر منها رئيس المجلس النيابي نبيه بري ونحن نؤيده في هذا التحذير». وجدّدت المصادر رفض الحزب الفراغ في المجلس النيابي كما القوى السياسية التي ترفض الفراغ أيضاً. وجدّدت المصادر رفض الحزب وجنبلاط النسبية الكاملة، معتبرة أن «النسبية مرفوضة من قوى أخرى وليس فقط من الحزب الاشتراكي إذ إن المستقبل يرفضها ايضاً».

وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن «خطاب القَسَم سينفذ بكامله خلال ولايته الرئاسية»، وقال: «ما قلته في خطاب القسم أعيشه فعلاً، فأنا من كتبه، وألتزم تنفيذ كل ما جاء فيه». ولفت عون الى أن «لا وجود في لبنان لما يُسمّى الاطراف، لأن لبنان منطقة واحدة، وكل شبر فيه يرتبط بالآخر، ولا تفريق بين اللبنانيين». وشدّد من جهة أخرى على «ضرورة التنسيق بين قوى الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية الأخرى للمحافظة على الأمن والاستقرار في البلاد».

جلسة حكوميّة للموازنة

وعلى خطٍ موازٍ لعمل المجلس النيابي الذي حدّد رئيسه نبيه بري جلسة للهيئة العامة الأربعاء المقبل لدرس سلسلة الرتب والرواتب التي أنجزتها اللجان المشتركة ومناقشة مشروع الموازنة التي واصل مجلس الوزراء جلساته المكثّفة لدرسها، وعقد جلسة أمس في السراي الحكومي برئاسة الحريري واستكمل البحث في موازنات الوزارات وأنجز موازنات عدد منها كالطاقة والاقتصاد والدفاع والداخلية والصحة ووصل إلى موازنة وزارة الثقافة. بينما دار نقاش بين الوزراء حول موازنة وزارة الأشغال التي لم تُحسَم بعد، وتمّ الاتفاق على عقد جلسة أخرى لاستكمال النقاش يوم الاثنين المقبل.

وعلمت «البناء» أن الجلسة ناقشت الإنفاق ولم تبدأ بالإيرادات الضرائبية التي ستدرس في المجلس النيابي، وبالتالي مجلس الوزراء يسير خطوة خطوة مع المجلس بموضوع الضرائب كي لا يحصل تضارب وتفاوت بين المجلسين.

ووضع وزير المال علي حسن خليل مجلس الوزراء بما أنجزته اللجان المشتركة في جلساتها لناحية فرض الضرائب على الأملاك البحرية التي تصل إيراداتها ما بين 900 مليون ومليار دولار وضريبة 7 في المئة على فوائد المصارف.

كما علمت «البناء» أن «موضوع الضرائب لا سيما على المصارف لا زال محور خلاف بين الوزراء ولم يتمّ حسمه، وفي حين رفض وزراء المستقبل ومعهم رئيس الحكومة، وتضامن وزراء الحزب الاشتراكي، أي ضرائب على قطاع المصارف، أصرّ وزراء رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وأمل وحزب الله على ضرورة تقليص الفوارق بين الطبقات، وأن يشارك قطاع المصارف في تأمين إيرادات للدولة لتمويل الإنفاق».

ولفتت مصادر وزارية لـ«البناء» إلى أن «المستقبل لن يستطيع الاستمرار على موقفه برفض الضرائب على المصارف، وإلا من أين سيأتي بالأموال لتمويل الإنفاق في الموازنة والسلسلة؟».

وأكدت المصادر أن مجلس الوزراء سيستكمل في جلسته الإثنين المقبل إنجاز موازنات الوزارات. وتوقعت إقرار الموازنة في جلسة الأربعاء المقبل أو ربما تحتاج الى جلسات عدة أخرى.

عودة الهدوء إلى برج البراجنة

على صعيد آخر، عاد الهدوء الى منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية، بعد أن جرت اتصالات مع فاعليات المنطقة لسحب المسلحين من الشوارع، وتمكنت وحدات الجيش اللبناني التي انتشرت في المكان من تطويق الاشتباكات وإنهاء المظاهر المسلحة وعودة الامور إلى طبيعتها.

وكان وقع إشكال على تخوم مخيم البرج في حي الجورة، بين عائلة من آل جعفر وعائلة فلسطينية تطور سريعاً إلى اشتباكات، مما أدّى إلى مقتل شخص نقل الى مستوصف الاونروا في المخيم، وتضرر عدد كبير من السيارات واحتراق عدد من المنازل.

الى ذلك، أوضحت قيادة الجيش في بيان أنه «إثر الإشكال الذي حصل بعد ظهر اليوم، أمس في محلة برج البراجنة – عين السكة وتطوره إلى إطلاق نار بين مسلحين وسقوط عدد من الإصابات، تدخلت قوة من الجيش وعملت على إعادة فرض الأمن، فيما تستمرّ قوى الجيش في البحث عن مطلقي النار لتوقيفهم وإحالتهم على القضاء المختص».

وبينما أكدت مصادر «البناء» أن الإشكال فردي بين عائلتين وليس له خلفيات سياسية ولا مناطقية ولا مذهبية، كما حاولت بعض وسائل الإعلام إظهاره، نفت مصادر حركة أمل لـ«البناء» أن تكون الحركة معنية بالاشتباكات، مؤكدة أنه حادث فردي وأنها عملت جاهدة مع الفصائل الفلسطينية في المخيم والقوى الأمنية على تهدئة الأمور وسحب المسلحين من الشوارع. ومن جهتها أكدت الفصائل الفلسطينية في لبنان، في بيان، أن ما حصل «حدث فردي تطور الى خلاف واشتباك بين عائلتين من المخيم والجوار، وليس له أي بعد سياسي او حزبي». وشدّدت على «التنسيق مع الجيش اللبناني والقوى الامنية والأحزاب اللبنانية، وفاعليات المخيم والمنطقة من أجل تثبيت الامن والاستقرار ومحاسبة المخلين بالأمن والنظام».

وأكدت «العلاقة الاخوية والنضالية التي تربط مخيم برج البراجنة ومخيمات بيروت مع اخوتنا اللبنانيين كافة في وجه ما يحاك لنا جميعاً من استهدافات ومؤامرات».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى