أبو خليل: فلسطين تحتاج منّا عقيدة واحدة هي عقيدة الصراع الجمعة: قاوَمَ كلّ المصطلحات التي من شأنها أن تشوّه نضالنا وتحرف وجهته

محمد أبو سالم

أحيت جبهة التحرير الفلسطينية ذكرى استشهاد أمينها العام أبو العباس، بمهرجان سياسيّ حاشد في قاعة الشهيد عمر عبد الكريم في صور، بحضور منفذ عام صور في الحزب السوري القومي الاجتماعي الدكتور محمود أبو خليل، عضو المكتب السياسي في جبهة التحرير الفلسطينية عباس الجمعة، وعضو المجلس الثوري في حركة فتح جمال قشمر، عضو اللجنة المركزية في حزب الشعب الفلسطيني أبو فراس أيوب، مسؤول هيئة التوجيه السياسي في منظمة التحرير في لبنان اللواء أبو ربيع، مسؤول حزب البعث العربي الاشتراكي أبو عصام، ممثل حزب الله أبو وائل، رئيس جمعية التواصل اللبناني الفلسطيني عبد فقيه، مدير وكالة «أونروا» في مخيم البرج الشمالي رائف أحمد، عائلة الشهيدة سعاد بدران، رئيس اتحاد نقابات عمال الجنوب أبو قاسم شعلان، مسؤول اللجان الشعبية في صور الدكتور خليل نصار، إضافة إلى ممثلي القوى والفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية، وممثلي المؤسسات الرسمية والأهلية والفاعليات المحلية، والوسائل والمواقع الإعلامية، وممثلات المكاتب النسوية وحشد من أبناء المخيمات.

بدأ المهرجان بعزف النشيدين اللبناني والفلسطيني والوقوف دقيقة صمت إجلالاً لأرواح الشهداء.

كلمة الأحزاب والقوى الوطنية

وألقى منفّذ عام صور في الحزب السوري القومي الاجتماعي الدكتور محمود أبو خليل كلمة الأحزاب والقوى الوطنية، حيّا في مستهلّها الحاضرين، وقال: «يا أمّة الحق والخير والجمال، مزنّرة أنت بأشواك الخيانة وغطرسة الطغاة، ودماء أطفالك تسفك على الجبهات كلّها، والهدف واحد أن يشعّ زيت قناديلك لتسود بأعيننا السماء فلا يبزغ فجر جديد ولا يقام الأذان ولا أجراس تقرع، تستنهض الطاقات وتشحذ الهمم ولنردّد أنشودة أبناء الحياة، أمتي لك السلام، أمتي أنت الهدى، أمتي لك السلام، أمتي نحن الفدى.

وسأل: هل يرتضي الهوان من انتمى لأمة كانت على مرّ تاريخها هادية للأمم؟ بالطبع لا، وكانت الخطة المعاكسة، فانبرى عظماء من أمتنا، راهنوا على إرادة شعبنا وما يتمتّع به من مخزون حضاري وقيمي، فأوقدت شعلة كلّ الحركات النهضوية الصراعية التي قارعت وما زالت تقارع كلّ المخططات التي أسّست لنشوء كيان الاغتصاب على أرضنا، وكان استشراف هذه المحطة المفصلية من تاريخ أمتنا سبباً من أسباب استشهاد زعيمنا، وبالتسلسل التاريخي تلاه كثر ممّن آمنوا بأنّ قضية شعبهم تساوي كلّ وجودهم، وارتسمت بعض التضحيات الجسام خارطة الوعي القومي على مساحة وطننا الكبير، وبدأت تلوح في الأفق بشائر التحرّر من العصبيات الكيانية الضيقة، واشتدّت جذوة المقاومة والمقاومين، وكان الخيار الصحيح.

القوة هي القول الفصل في إثبات الحق القومي أو إنكاره. وليس وليد صدفة أن يقف القومي على منبر جبهة التحرير الفلسطينية، لما تمثله من رمزية على ساحة الصراع القومي، ونحن اليوم نقيم هذا الاحتفال بمناسبة الذكرى الثالثة عشرة لاستشهاد فارس من فرسانها وباني اللبنة الأولى من بنيانها ومؤسس مدرسة نضالية من مدارسها، تشهد له ولرفقائه، الخالصة ونهاريا وعملية الطيران الشراعي والمنطاد والقدس، يوم لبّى النداء حين عزت التلبية.

وتابع: نحن في حضرة فلسطين ويستضيفنا مخيم من مخيمات الشتات، ندعو فخامة الرئيس المقاوم وهو العليم بفعل المقاومة، والحكومة اللبنانية لرعاية شؤونه وغيره من المخيمات، بما يتناسب مع العيش الكريم، فحق العمل والتملك يعبّد أمام شيبه وشبابه الطريق إلى فلسطين كلّ فلسطين.

وكي لا يتحوّل الشباب لقمة سائغة في فم الغول التكفيري فتغلق بذلك أمامه نافذة الغرائز ونشرع له أبواب العقل سيد التشريع.

وكي تتوسع فسحة الأمل يهمّنا دعوة كلّ حركات وفصائل المقاومة الفلسطينية إلى توحيد الجهود والعمل على نبذ الخلافات لنرتقي إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقنا وتنكّبناها للحفاظ على إنجازات شعبنا ومقدّراته والسير به على طريق الخلاص.

وأضاف أبو خليل: فلسطين تحتاج منّا عقيدة واحدة موحدة هي عقيدة الصراع، فسلامنا هو تسليم أعداء أمتنا بحقها في الحياة، فحق الصراع هو حق التقدّم، فهل نتنازل عن هذا الحق للذين يبشّروننا بالسلام، ويهيّئون للحرب؟

إنّ مسألة فلسطين قد تشظّت بالصميم بفعل محاولات سلخها عن وجدان كلّ أبناء أمتنا وجميعهم أصحاب حق في عدم التفريط بحبة تراب من ترابها وتحويلها إلى مسألة كيانية ضيقة، فيجب إعادة توجيه البوصلة إلى مسارها الصحيح والعمل على ان تتناغم وتتجانس كلّ القوى الحية في أمتنا من العراق الجريح إلى فلسطين السليبة إلى لبنان المقاومة والتحرير إلى الشام التي تعرّضت وتتعرّض لأشرس الهجمات بمسمّيات مختلفة لأنها شكلت الظهير الداعم والمساند والمحتضن لكلّ حركات المقاومة على مساحة الأمة.

إنّ الأمة التي قدّمت على مذبح الحرّية قبل اغتصاب فلسطين ثلّة من خيرة مناضيليها كسعيد العاص وحسين البنا، وبعد ذلك الاغتصاب قوافل من قادتها كطلعت يعقوب وأبو العباس ورفقائهم، ولا يمكن لنا أن ننسى القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات ولن يكون آخر الشهداء سمير القنطار.

أمة تقدّم كلّ هذا، من الصعب أن يكون القبر مكاناً لها تحت الشمس.

كلمة منظمة التحرير الفلسطينية

وتحدّث بِاسم منظمة التحرير الفلسطينية عضو المجلس الثوري في حركة فتح جمال قشمر وقال: من وحي الشهادة والشهداء، من أحمد موسى الشهيد الأول إلى باسل الأعرج، مسيرة مكللة بالعطاء والتضحيات، ونحن اليوم في حضرة أبي العباس قائداً من هؤلاء القادة الذين أعطوا فلسطين حياتهم ودماءهم وشكّلوا فكراً نيّراً من العمل العسكري التنظيمي.

وأكّد قشمر أن أبا العباس أبدع في مجموعة من العمليات، ووقع في بغداد ليخرج شهيداً، وأنّ الاحتلال الأميركي أعدمه.

كلمة جبهة التحرير الفلسطينية

وألقى كلمة جبهة التحرير الفلسطينية عضو مكتبها السياسي عباس الجمعة، فقال: إنّ الشعب الفلسطيني يعاني قسوة الحصار وجرائم الاحتلال، يعاني خطر تكريس انقسامه كشعب، وكنظام سياسي، بعد أن نجح الاحتلال بقسمته جغرافيا، وبعد أن فشلنا حتى الآن بتطبيق ما تم توقيعه في القاهرة من اتفاق للمصالحة، ليتحول إلى واقع عملي في مختلف التفاصيل.

وقال: من الواجب علينا في هذه اللحظات وفي كلّ اللحظات، أن نستلهم العِبر الخالدة التي تميز بها الشهيد أبو العباس، والتي تجسدت بشخصه كقائد صلب، وزعيم دافع بكل صدق وثبات عن حقوق شعبنا الوطنية في مختلف المراحل والميادين، فكانت عمليات الجبهة البطولية من البر والبحر والجو بإشرافه ورفاقه القادة سعيد اليوسف وأبو العز. مشيراً إلى أنّ الشهيد أبو العباس ترفّع عن كل القضايا الصغيرة، فلم يتقوقع داخل فئويته كما أرادها البعض لنفسه، فكان قائداً جبهوياً وطنياً وقومياً مخلصاً، منحازاً بكل مبدئية إلى معاناة شعبه، ومدافعاً أميناً عن قضايا المرأة وحقوقها، وعن قيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة، فقاوم كل المصطلحات التي من شأنها أن تشوّه نضالنا وتحرف وجهته، فتصدى لنهج الانقسام والانشقاق.

وشدّد الجمعة على تعزيز العلاقة الأخوية بين الشعبين اللبناني والفلسطيني، والمحافظة على أمن لبنان والمخيمات الفلسطينية، وعلى دعم وحدة لبنان وأمنه واستقراره، مثمّناً مواقف رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وكافة الاحزاب والقوى الوطنية اللبنانية والمقاوِمة، لافتاً إلى أنّ ذكرى استشهاد أبو العباس تتزامن مع مناسبة ميلاد الزعيم أنطون سعادة صاحب النهج القومي والنهضوي، والذي شكّل منارة مضيئة في النضال.

وتقدّم الجمعة بأحرّ التهاني من المرأة، الفلسطينية واللبنانية والعربية، الرفيقة والأخت والزوجة والأمّ والابنة، اللاتي قدّمن الشهيدات والأسيرات وهن ما زلن يتابعن مشوراهم النضالي من أجل الحرّية والتقدّم والعدالة والمساواة. كما تقدّم من المعلمات والمعلمين بأسمى آيات التهنئة لمناسبة عيد المعلم.

وبعدئذٍ، كرّمت الجبهة بحضور الأحزاب والقوى، شقيق الشهيدة سعاد بدران بدرع الجبهة، وفاءً لدورها النضالي.

كما قدّمت جمعية التواصل اللبناني الفلسطيني درعاً تقديريةً نيابة عن اللواء أبو أحمد زيداتي، لرفاق الشهيد أبو العباس.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى