الجيش السوري يحسم عدرا العمالية ومعركة دوما تقترب قمة روحية أبدت الأسف… وجلسة تشريعية بلا هدف

كتب المحرر السياسي:

تجدّدت الغارات الأميركية على الشمال السوري، وتجدّد معها إبلاغ سورية بالتفاصيل والخرائط والممرات والأهداف، حيث مواقع «داعش» و«النصرة» والمفردات المتفرعة من القاعدة بتسمياتها المختلفة، وعلمت «البناء» أن الغارات تركزت على تحقيق هدف محدد، هو ضرب المنشآت النفطية التي يتزود عبرها مقاتلو داعش والنصرة بالوقود، حيث يكرر النفط الخام المنهوب بطرق نصف ممكنة بواسطة مصاف صغيرة قابلة للنقل على شاحنات، تتراوح طاقتها التكريرية بين ألف وخمسة آلاف برميل يومياً، والتي يزيد عددها على العشرة مصاف، بينما يوجد المئات من مصانع بدائية للتكرير لا تزيد قدرتها على المئة برميل يومياً، وأفادت المصادر أن الغارات أصابت أغلب البنية التحتية النفطية، للمجموعات المسلحة بأضرار جسيمة.

في هذه الأثناء كانت التداعيات السياسية للغارات ومخالفتها للقانون الدولي، موضع تشاور بين إيران وروسيا، ويتوقع أن تنضم إليهما سورية بوصول وزير خارجيتها وليد المعلم إلى نيويورك، حيث سيحمل الثلاثي الروسي الإيراني السوري مشروعاً لمجلس الأمن تؤيده الصين، بتشكيل غرفة عمليات لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2170 يشرف عليه ضباط يختارهم الأمين العام للأمم المتحدة، تكون كل عمليات التنسيق عبرها، ويكون فيها ممثلون لكل الدول الراغبة بالشراكة في الحرب على الإرهاب بصفة منفردة أو بصيغة تحالفات، وقد أكدت مصادر ديبلوماسية على صلة بهذه المحادثات، أن روسيا عرضت بجدية مشروع تشكيل حلف دولي مواز للحلف الذي تقوده واشنطن، للمشاركة بالحرب على الإرهاب وتقديم نموذج مختلف يحترم سيادة الدول ومعايير حقوق الإنسان في الأعمال الحربية، شرط أن يكون الحلف من ضمن آليات ينص عليها قرار تشكيل غرفة العمليات الأممية، الذي سيجري العمل على صدوره وتجرى محادثات لصياغة مسودته.

الجيش السوري الذي حافظ على وتيرة روتينية لمعاركه في المناطق التي تستهدفها الغارات الأميركية، وجد الوقت والصيغة والخطة لتوسيع عملياته النوعية في ريف دمشق، فكانت عملية استرداد عدرا العمالية، بمثابة الصاعقة التي قصمت ظهر داعش والنصرة والجبهة الإسلامية معاً.

عدرا العمالية التي دشنت فيها الجبهة الإسلامية معاركها الكبرى بمجزرة وحشية، حيث جرى إحراق الأطفال والنساء في أفران الصهر الصناعي وهم أحياء، عادت بعملية نوعية خاطفة إلى حضن دولتها وجيشها، مفتتحة مرحلة التقرب من دوما المعقل الأهم للمسلحين في ريف دمشق، والذي يعني دخول عدرا أنه صار بين فكي كماشة كما حي جوبر وحي حرستا.

لبنان الذي يملأ الفراغ بالفراغ، شهد قمة روحية أبدت أسفها لما يجري، بينما الطرقات مقطوعة خلال النهار في منطقة ضهر البيدر تفصل محافظاته عن بعضها، بصورة تؤكد توريط أهالي العسكريين بتنفيذ خطة إرباك أمنية، يضعها الخاطفون وينفذها الأهالي تحت التهديد بذبح أولادهم، بينما النواب يستعدون لجلسة تشريعية لم يعرف بعد، ما إذا كانت المساعي ستنجح بتذليل العقبات أمام التوافق على عقدها عبر الوصول لتسوية في شأن سلسلة الرتب والرواتب، التي صارت كما يبدو بنداً وحيداً للجلسة ما لم تنفتح آفاق التفاهمات على سواها.

وكانت بلدة عرسال ومحيطها قد شهدا توتراً محدوداً أمس بعد احتجاج نازحين سوريين على عمليات دهم نفذها الجيش في مخيماتهم بحثاً عن مشبوهين. وتظاهر عدد من هؤلاء أمام مبنى بلدية عرسال رافعين علم «داعش» ومطالبين بدولة إسلامية، مع توجيه تهديدات للجيش بـ«الطوفان». فيما حاول بعض الأشخاص إشعال النار في عدد من المخيمات ما دفع الجيش إلى إطلاق النار عليهم ما أدى إلى وقوع ثلاثة جرحى.

وأعلنت قيادة الجيش في بيان انه بنتيجة العمليات الأمنية التي نفذتها قوى الجيش في محيط بلدة عرسال، تم توقيف 22 شخصاً للاشتباه بانتمائهم إلى منظمات إرهابية شاركت في القتال ضد الجيش و36 شخصاً لدخولهم الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية وعدم حيازتهم على أوراق ثبوتية. وقد بوشر التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص.

وسارعت «هيئة علماء المسلمين» إلى استنكار الاعتداء على الجيش، إلا أنها أرفقت الاستنكار باتهام الجيش بارتكاب «انتهاكات بحق النازحين الأبرياء». ووسط هذه الأجواء المشحونة، أكد عضو الهيئة الشيخ حسام الغالي لـ«البناء» أن اليوم الجمعة «سيكون تحت شعار»لا لذبح عرسال» وأن صلاة الجمعة ستعقبها كلمات من داخل المساجد تؤكد رفض ما تتعرض له عرسال». واتهم الغالي الجيش اللبناني «الذي يستفز من خلال تعاطيه مع النازحين المسلحين في الجرود، ومن داعش والنصرة الذين أقدموا على خطف الجنود العسكريين، بذبح عرسال».

وإذ أعلن رفضه «ممارسات الجيش في البلدة»، لفت الغالي إلى أن «الجيش أخطأ ويخطئ في عرسال، ومن يريد أن يفسر كلامه بأنه تحريض ضد المؤسسة العسكرية فليفهم ما يريد»، فإنسانيته، تجاه النازحين، كما قال، لن يتخلى عنها، مبرراً رفع علم داعش أمام البلدية هو رد لما تعرضوا له.

كذلك هددت «جبهة النصرة»، عبر «تويتر» الشعب اللبناني في حال استمرت ثقته بالجيش.

في غضون ذلك، واصل أهالي العسكريين المخطوفين قطع الطرق في عدد من المناطق فيما أبقوا طريق ضهر البيدر مقفلة أمس لليوم الثاني على التوالي قبل إعادة فتحها مساء بعد تدخل النائب وليد جنبلاط لدى الأهالي عبر وزير الصحة وائل أبو فاعور الذي تواصل مع الأهالي لكن هؤلاء رفضوا في البداية التجاوب مع مسعى أبو فاعور إن لم يكن لدى جنبلاط ضمانة جدية للإفراج عن أبنائهم. وعلمت «البناء» أن أبو فاعور سيجتمع مجدداً اليوم مع الأهالي.

وأكدت مصادر وزارية لـ«البناء» أن إيعازاً وصل لأهالي المخطوفين بوجوب التحرك وإقفال الطرقات حماية لأبنائهم، مشيرة إلى أن أي عملية ذبح جديدة من قبل المسلحين ستكون لها عواقب وخيمة.

وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أن التواصل بين هيئة العلماء المسلمين وأهالي العسكريين يتم عبر وسطاء، وأن خلية تم إنشاؤها بعيداً من الإعلام هي التي تحدد توقيت تحريك الأهالي ضمن برنامج معد بعناية ودقة. وشددت المصادر على أن الاعتصامات في ضهر البيدر ليست إلا لتفجير الوضع.

اتصالات «السلسلة» ايجابية ولكن…

أما في الشأن السياسي الداخلي، فقد تراجعت نسبة التفاؤل بعقد جلسة تشريعية في غضون الأيام القليلة المقبلة بسبب عدم استكمال الاتفاق النهائي على سلسلة الرتب والرواتب بانتظار جواب رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة، مع العلم أن عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان المكلف من فريق «14 آذار» بهذا الملف كان أبلغ رئيس المجلس النيابي نبيه بري أنه المخول بهذا الملف من قبل الفريق المذكور، وتوصل إلى ملامح اتفاق مع وزير المال علي حسن خليل في هذا الصدد. ولكن في وقت لاحق بدا أن فريق «14 آذار» ينتظر قرار تيار المستقبل المشغول باجتماعات خارجية مع رئيسه سعد الحريري الذي لم يعط الضوء الأخضر لحلفائه في هذا الشأن. وبحسب المعلومات المتوافرة فإن بري لن يدعو هيئة المجلس إلى الانعقاد ما لم توضع اللمسات الأخيرة حول السلسلة وأن اجتماعه مع السنيورة غير مرتبط بموضوع السلسلة كما أكد بري أمام زواره أمس، بل يتعلق بالاستحقاق الرئاسي.

وأكدت مصادر عين التينة لـ«البناء» أن النقاش حول السلسلة يسير بوتيرة ايجابية، إلا أن المشاورات لا تزال تنتظر الحسم النهائي في الموضوع. وأشار النائب ياسين جابر لـ«البناء» إلى أن إمكانية إقرار السلسلة قبل عيد الأضحى لا تزال قائمة، مؤكداً أن «الاتصالات مستمرة ونحن بانتظار اللمسات الأخيرة». ورأى أن الجميع متفق على تشريع الضرورة وعدم تعطيل البلد.

وأكد عضو كتلة المستقبل النائب جمال الجراح لـ«البناء» أن اللقاء بين بري والسنيورة سيعقد نهاية الأسبوع وأن الجلسة التشريعية ستلتئم يوم الأربعاء المقبل. وجزم بأن اتفاقاً تم التوصل إليه في موضوع السلسلة لجهة زيادة 1 في المئة على ضريبة القيمة المضافة TVA وتقسيط «السلسلة» على مدى سنتين من دون تخفيضها، وإعطاء الأساتذة والموظفين 6 درجات. وأكد أن الإصلاحات تدرس في صيغتها النهائية، وأن التوازن بين الإيرادات ونفقات السلسلة لم يتحقق بشكل كامل، إنما لا يزال هناك عجز معيّن بإمكان خزينة الدولة أن تتحمل أعباءه، مشيراً إلى أن التشاور مع الحزب التقدمي الاشتراكي مستمر للوصول إلى قواسم مشتركة.

وفي السياق، يجدد رئيس حزب الكتائب أمين الجميل في مؤتمر صحافي يعقده ظهر اليوم في بيت الكتائب المركزي في الصيفي، التأكيد بحسب ما علمت «البناء» من مصادر كتائبية، الموقف الرافض للتشريع قبل الانتخابات الرئاسية.

قمة دار الفتوى تستعجل انتخاب رئيس

إلى ذلك، ركزت القمة الإسلامية – المسيحية، التي عقدت في دار الفتوى بحضور مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، البطريرك الماروني بشارة الراعي، نائب رئيس مجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن وممثلين عن جميع الطوائف، على الاستحقاقات الدستورية وقضية العسكريين المخطوفين والنازحين السوريين والأحداث العسكرية في المنطقة.

واعتبر المجتمعون في بيان صدر في نهاية القمة «أن التأخير في انتخاب الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي يعطل دور لبنان في أداء رسالته الوطنية والعربية»، مشددة على وجوب انتخاب رئيس للبنان سريعاً. كما دعوا الحكومة إلى العمل بسرعة لإطلاق الجنود اللبنانيين المختطفين. ودعوا إلى «الابتعاد بلبنان عن سياسات المحاور الإقليمية والدولية التي تعرضه لاستباحة أرضه، مطالباً بتعزيز الجيش والقوى الأمنية ودعمها لأداء دورها للمحافظة على استقرار لبنان».

وشدد المجتمعون على «الحوار الوطني أساسا لمعالجة الاختلاف وإدارة التعددية»، مؤكدين أن لا قضية مقدسة على حساب كرامة الإنسان وحقوقه ولا حرب مقدسة باسم الدين، والسلام هو الهدف الأنبل والأسمى».

وأشار البيان إلى أنه تم تشكيل وفد إسلامي مسيحي مشترك لعرض مشكلة انتهاك حقوق المسيحيين العرب أمام المرجعيات الدينية والسياسية العربية.

وتوجه الرئيس سعد الحريري «بتحية تقدير لكل القيادات الروحية الإسلامية والمسيحية، التي اجتمعت على كلمة سواء، في هذه المرحلة الحساسة من حياة بلدنا وحياة المنطقة»، منوهاً بشكل خاص «بالدعوة التي أطلقها المجتمعون إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية».

سلام يلتقي لافروف

على صعيد آخر، واصل رئيس الحكومة تمام سلام والوفد المرافق له لقاءاته في نيويورك على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة. والتقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، في حضور وزير الخارجية جبران باسيل، وسفير لبنان في واشنطن أنطوان شديد ومندوب لبنان الدائم في الأمم المتحدة السفير نواف سلام، وأعضاء الوفدين اللبناني والروسي، وبحث الجانبان التطورات في لبنان والمنطقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى