شعبان: الدفاع عن القدس هو ذود عن المدن العربية كلّها حسّون: سورية دفعت ثمناً غالياً لوقوفها إلى جانب الشعب الفلسطينيّ
لورا محمود
مرّت فلسطين في الآونة الأخيرة بمجموعة من الأحداث، ابتداءاً من تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقل السفارة الأميركية من «تل أبيب» إلى القدس، مروراً باستشهاد الناشط الحقوقي الفلسطيني باسل الأعرج واحتفاظ سلطات الاحتلال «الإسرائيلي» بجثّته، انتهاءاً بإقرار «الكنيست الإسرائيلي» قانون منع الأذان في المساجد في القدس بحجة أن مئات «الإسرائيليين» يعانون بشكل يوميّ من الضجيج الناجم عن صوت الأذان. كل هذا يحدث مع غياب الدور العربي والدولي رغم التداعيات السياسية لهذه الاحداث. فنقل السفارة يعتبر اعترافاً نهائياً بدولة «إسرائيل»، ومنع الأذان قرار يصبّ في صميم العنصرية وتضييق الحريات الدينية على الفلسطينيين. فالقدس اليوم مهدّدة بإنسانها وإنجيلها وقرآنها وحجرها أيضاً.
شعبان
وخلال المؤتمر الصحافي الذي عُقد عقب انتهاء اجتماع مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية في فندق «داما روز» في دمشق حول آخر المستجدات المتعلقة بالشأن الفلسطيني، قالت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان، إنّ الدفاع عن القدس هو ذود عن المدن العربية كلّها، لأن العدو الصهيوني كل ما يركّز عليه في استراتيجيته منذ سنوات، هو بثّ التفرقة والشرذمة بين صفوفنا.
ودعت شعبان إلى ضرورة التركيز على التكاتف لمحاربة الإرهاب والصهيونية للتمكن من استعادة الحقوق والأراضي المحتلة، لا سيما فلسطين التي تعتبر البوصلة في كل عمل نقوم به.
وأشارت شعبان إلى أن منظور الرئيس الراحل حافظ الأسد كان ينصبّ على تجميع القوى العربية بأي ثمن كان، لأن سياسة أميركا و«إسرائيل» هدفها الأساسي تمزيق المواقف العربية. وهذه المعادلة ما تزال قائمة حتى اليوم. مضيفة أنّ العدو الصهيوني لا يفقد البوصلة حول هدفه الأساسي المتمثل في توسيع نطاق الاحتلال.
ونوّهت المستشارة السياسية والإعلامية إلى أن المرحلة الحالية حاسمة وصعبة وتؤسس لمستقبل إما أن يكون لنا أو علينا. مبيّنة أن «الربيع العربي» الجهنمي الذي أوجدوه كان يرمي إلى تفتيت طاقاتنا وتدمير جيوشنا والاعتماد على الخونة والعملاء أكثر من اعتمادهم على الجيوش عبر الحدود، ما يسهل عليهم نقل المعركة إلى كل ساحة ومكان في العالم العربي.
وأكدت الدكتورة شعبان أننا نحتاج إلى الجرأة والصدق لمواجهة الأمور كما هي، وتصحيح مكامن الخطأ من دون مجاملة أو مكابرة، ومراجعة كل ما فعله أعداء الأمة خلال السنوات الخمسين الماضية. وأضافت أنّ الهدف الأساس للعدو هو تدمير الدولة الوطنية وتحويل الشعوب العربية إلى قبائل وأعراق متناحرة لا قيمة لها على المستويين الإقليمي والدولي.
حسّون
بدوره، أكد مفتي عام الجمهورية السورية الدكتور أحمد بدر الدين حسّون، أن هذا العام سيكون عاماً محورياً ومفصلياً بالنسبة للواقع العربي والإسلامي والمسيحي. مشيراً إلى أنّ العدوّ الصهيوني عندما فكر في إيجاد دولة لنفسه اعتمد على جهل الآخرين بتاريخهم ورسالتهم وقيمهم، ما سهل عليه الدخول إلينا. داعياً إلى البدء بخطاب على مستوى مختلف الدول «الإسلامية» يكون له هدف محدد بعيداً عن الفتنة.
وأوضح حسون أن سورية دفعت ثمناً غالياً منذ عام 1948، نظراً لوقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني بعكس ما تفعله بعض الدول العربية اليوم. لافتاً إلى أن هناك بلداناً عربية لا تقع على حدود فلسطين المحتلة تزوّدت هذه السنة بما يزيد على 23 مليار دولار من الأسلحة.
الجراد
وقال مدير عام «مؤسّسة القدس الدولية» في سورية الدكتور سفير أحمد الجراد لـ«البناء»: إن ما يحدث في فلسطين في ظل غياب إعلام عربيّ حقيقيّ موجّه، هو بمثابة كارثة سياسية على الصعيدين المكاني والزماني. فهناك محاولة لمحو فلسطين من الذاكرة العربية في ظل انشغالات عربية في الشأن الداخلي، وفي ظلّ غطرسة أميركية وتهديد بنقل السفارة الأميركية إلى القدس مع موافقة أوروبية. فنحن أمام أحداث تشكل نقطة مفصلية ونقطة انعطاف في مسار القضية الفلسطينية.
وأضاف الجراد أن اجتماعنا اليوم جاء كتوصيف راهن للوضع الفلسطيني وإيجاد الحلول. فلا شك في أن الشأن الفلسطيني يمر بمنعطف نهايته ليست حميدة لا على الصعيد العربي ولا على الصعيد الإسلامي.
وأكد الجراد أن «مؤسّسة القدس الدولية» هي مؤسسة راصدة للشأن الفلسطيني على الصعد الاجتماعي و السياسي و الثقافي، أو حتى على الصعيدين الأمني والعسكري. وراصدة أيضاً لتوافق الفصائل الفلسطينية إزاء الهدف المركزي، أي القضية الفلسطينية. مضيفاً أن المرحلة المقبلة هي مرحلة تفعيلية، فسوف نشهد تفعيل لدور ثقافة السكّين والاغتيال وثقافة الردّ السريع وثقافة العفوية الجماهيرية اتجاه كل ما يحصل في فلسطين.
جبّور
وقد تحدّث رئيس الرابطة السورية للأمم المتحدة الدكتور جورج جبور لـ«البناء» عن التطورات الأخيرة في فلسطين. وأشار إلى أنّ ما يجري في فلسطين مأساة مستمرّة. والمأساة الأكبر منها هي مأساة العرب في تشرذمهم وعدم اتحادهم من أجل عمل مشترك اتجاه فلسطين.
وأضاف جبّور أنّ هذا العام هو العام المئة لصدور «وعد بلفور» الذي يصفه العرب من المحيط إلى الخليج بأنه وعد مشؤوم. لذا علينا أن نقوم بحراك شعبي تقوده كافة الوسائل الاعلامية كصحيفتكم التي نشرت فيها نداء الى القمة العربية في عام 2015 في شرم الشيخ، وأيضاً نشرت فيها بحثاً لمناسبة قمة نواكشط عام 2016.
وقد خصّ جبّور «البناء»، بالحديث عن كتابه الذي سيصدر بعد أيام قليلة تحت عنوان «مئوية وعد بلفور والقمة العربية»، وقال: أنا أخصّ صحيفتكم لأنها نشرت لي مقالين أخاطب بهما القمة العربية، وأضفت مخاطبة ثالثة للقمة الراهنة التي تعقد بعد أيام قليلة، وقد كتبت هذه المخاطبات الثلاث في كتابي.
ولفت جبّور إلى أهمية أن تجتمع آخر قمة عربية قبل مئوية «وعد بلفور» ومناسبة أيضاً كي يتوجه المجتمع المدني العربي تقوده منظماته وتقوده وسائل الإعلام لتكون هناك مناشدة ومطالبة من مؤتمر القمة العربية للرؤساء العرب كي يتحدثوا عن كل ما جرى خلال مئة سنة، من «وعد بلفور» إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولأن يحّددوا في الجمعية العامة جلسة بكاملها لمدة أسبوع مثلاً أو أكثر لاستعادة ما جرى للفلسطينيين نتيجة «وعد بلفور».
ونوّه جبور إلى ضرورة أن يكون لدينا نوع من التفاهم العربي الذي من شأنه أن يوحّد العرب، وسورية في طليعتهم، للوقوف في وجه المشاريع الصهيونية. وأن يهتموا بالقضية الفلسطينية وجعل الفلسطينيين أقدر على نيل حقوقهم المغتصبة.
أسعد
أما نقيب أطباء دمشق وعضو مجلس أمناء «مؤسّسة القدس الدولية» الدكتور يوسف أسعد، فرأى أن ما يجري اليوم في فلسطين يجري كل يوم. فما قاله الرئيس الأميركي ترامب يترجم اليوم على الأرض في فلسطين. وقرار منع الأذان ليس مستغرباً، فقد مُنع أيضاً في أميركا، وكان ردّ فعل الشعب الأميركي رافضاً لهذا الموقف العنصري.
وأضاف: لقد رأينا كيف تفاعل المقدسيون مع هذا القرار، وكيف عبّروا عن رفضهم له، وكيف تكاتف الفلسطينيون من جميع الطوائف ليرفع الأذان في الكنائس رغم أنف «إسرائيل».
وـشار أسعد إلى ضرورة أن نتفاعل جميعاً مع ما يجري. فنحن في سورية كنا وما زلنا نعتبر قضيتنا المركزية هي فلسطين. وبالتالي ننطلق اليوم كمجلس أمناء إلى تفعيل هذا الأمر في كافة الدول العربية. فالصهيونية تحاول حَرْف البوصلة من صراع صهيونيّ إلى صراع طائفيّ ومذهبيّ.