أوباما يتكلّم لغة الأسد
علي البقاعي
من استمع إلى كلمة الرئيس الأميركي باراك حسين أوباما وهو يخاطب قادة العالم في الأمم المتحدة عن الخطر «الداعشي» يعتقد للوهلة الأولى أنّ مستشاريه عادوا إلى خطب الرئيس السوري بشار الأسد خلال سنوات حرب الإرهابيين على سورية، واقتبسوا منها المصطلحات والتعابير التي توجّه بها الرئيس الأسد إلى الشعب السوري والعالم بأن الإرهاب باسم الدين ليس خطراً على سورية فحسب، بل على العالم أجمع، سواء كان ذلك متمثّلاً في «جيش الإسلام» أو «النصرة» أو «داعش» أو أي مسمّى آخر، فالخطر ليس بالمسمّى، إنّما في النهج والفكر والممارسة.
ما قاله الرئيس الأسد قبل ثلاث سنوات بلغة عربية سليمة وواضحة يكرّره الرئيس الأميركي اليوم من على منبر الأمم المتحدة باللغة الإنكليزية: «العالم يجب أن يتوحد لتدمير تنظيم «داعش» و اللغة الوحيدة التي يفهمها القتلة مثل هؤلاء هي لغة القوة، ويجب القضاء على شبكة الموت المتمثلة بالمتطرفين باسم الدين والإرهاب، لا يشمل ديناً أو شعباً أو حضارة معينة، والتطرف الديني المتمثل بالمجموعات الإرهابية التي تحمل السلاح ضد سورية هو الخطر الحقيقي على المجتمع الدولي، وعلى العالم محاربته من جذوره التي تشمل منابعه ومصادره البشرية والتدريبيّة والتثقيفيّة والماليّة».
كلام أوباما عن سحق الإرهاب سليم، ويجب فرضه على جميع الدول، بدءاً بالشركاء الأصيلين لـ«داعش» ممن تآمروا على تدمير سورية، وأوّلهم خليفة «داعش» الأصيل الطيب أردوغان في تركيا، يتبعه الآباء الروحيّون لـ«داعش» خادم الحرمين الشريفين وأبناء إخوته، ومن تبع هاتين الدولتين في دول مجلس التعاون وبعض لبنان، الذين شنّوا حروباً إرهابية ممنهجة على سورية أوصلت الحال فيها إلى ما هي عليه.
بدأ أعداء سورية حربهم بإرهاب إعلامي متمثل بعشرات القنوات الفضائية والصحف والمواقع الإلكترونية والكتبة المأجورين، وإرهاب اقتصادي تمثل بحصار اقتصادي ظالم، وإرهاب سياسي تمثل بمحاولة عزل سورية، وإرهاب «جهادي» كانت مسمّياته وأسماء قادته تتغيّر بحسب مصدر التمويل، فيكون المسمّى «الجيش الحر»، ثم ينقسم ألوية وجيوشاً وعصابات بعد أن يتشرذم قادته ليتكوّن بعدئذ ائتلافاً معارضاً ويتحول من ثم إلى «نصرة» ومنها يتشكل « جيش الإسلام»، ويتحول بقدرة عربية تركية أميركية «إسرائيلية» إلى «دولة داعش» التي تبتلع بشكل مذهل باقي التنظيمات الطفيلية وتستجلب سحراً ألوف المركبات العسكرية والمدرعات والأسلحة المتطورة، ثقيلة وخفيفة، يستخدمها مقاتلون متمرسون من دول شتى استجلبوا عبر مطارات تركيا الأطلسية من دون أن يحرّك أوباما وعالمه الحر ساكناً، ومن دون أن يسألوا من أين أتى جميع هؤلاء وكيف وصلوا؟ ومن الذي وهبهم شيوخاً «غبّ الطلب» يحلّلون لهم جرائم القتل والسبي والنحر والسرقة والتدمير باسم الدين الذي الذي هو منهم براء؟
نجح أوباما في تحديد عدو البشرية جمعاء، لكنه أخطأ في تحديد الحليف. الحليف الحقيقي في الحرب على إرهاب «داعش» و«النصرة» ومن موّلهما وناصرهما هو رجل يحمل سلاح الفكر جنباً إلى جنب مع البندقية، في مقاومة أعتى هجمة على بلاده، واستطاع أن يصدها بفضل التفاف الشعب حوله وحماة ديار بواسل ساهرين على حماية أرض سورية. رجل قارىء جيد للتاريخ ومتعمق في الجغرافيا، صاحب كلمة حرة وعنفوان لا ينكسر، يؤمن بأن الحياة وقفة عز فقط ولم يشك يوماً في أن سورية ستنتصر على أعداء الدين، فمفهوم الإسلام الحق خرج إلى العالم من بلاده. رجل معتدل مؤمن بحق سورية في الوجود كوطن حر لجميع السوريين بجميع انتماءاتهم الدينية والإثنية والعقائدية دونما تمييز. هذا الرجل الرجل إسمه بشار الأسد، وعنوانه في سورية معروف، لم يتبدل منذ بدء الحرب الإرهابية على بلاده.
السيد الرئيس أوباما، الشعب في سورية والعراق وسائر الأمم التي تؤمن بالحرية التي بشر بها مواطنوك وأسلافك الكبار الراحلون مارتن لوثر كينغ وجون ف. كينيدي وودرو ويلسون وأبراهام لنكولن سيكونون إلى جانب بلادك في حربها على الإرهاب، إذا غيرت تحالفك مع أعداء الحرية ومددت يدك إلى رئيس سورية المعتدل، نصير الحرية وقاهر الإرهاب بمختلف أشكاله وتشكيلاته ومسمّياته.