زيارة المغتربات القومية عامَي 1958 و1959

من المعروف أن الحزب شكّل في آواخر عام 1958 وفداً لزيارة المغتربات، من الأمين أسد الأشقر رئيساً وعضوية الأمينين إنعام رعد ناموساً، وعيسى سلامة. وإذا راجعنا النشرات الرسمية الصادرة أواخر 1958، وفي أوائل 1959 لوجدنا تغطية للزيارة، إنما لا نجد شرحاً لها في أيّ من المذكرات أو المؤلفات الصادرة لقوميين اجتماعيين.

استثناءً، يعرض الأمين إنعام رعد في الصفحات 92-97 من مذكراته «الكلمات الأخيرة»، لمحطات عدّة من تلك الزيارات، ننقلها كما جاءت لما فيها من فائدة لتاريخ حزبنا. ونضيف إليها معلومات كانت وردت في العدد السابع من النشرة الرسمية أيار 1959 وتعريف عن عدد من الرفقاء الواردة أسماؤهم في تلك الصفحات، في قسم «هوامش».

ل.ن

من كتاب الأمين إنعام رعد زيارة المغتربات الأوروبية والأميركية

«تمّ الاتفاق مع الأمين أسد الأشقر على تقديم استقالته وعلى أن يقوم بمهمة رئيسية في المغترب القومي، هي الزيارة الأولى بعد استشهاد سعاده. وبعد قبول الاستقالة تشكل الوفد القومي الاجتماعي المركزي إلى المغترب برئاسته وعضوية الأمينين إنعام رعد وعيسى سلامة 1 .

بدأت رحلتنا، التي شكلّت تجربة جديدة في حياتنا الحزبية، إلى ما سمّيناه الإمبراطورية القومية الاجتماعية مترامية الأطراف، والتي تشمل معظم قارات العالم. وقد قيّض لنا أن نزور أميركا اللاتينية، في دولها الأساسية: البرازيل، الأرجنتين، المكسيك، فنزويلا، وكولومبيا. كما زرنا الولايات المتحدة. وبعد الأميركيتين، اتجهتُ مع الأمين أسد الأشقر إلى غرب أفريقيا، حيث زرنا غانا وليبيريا، وذلك بعد محطات في أوروبا، في باريس ذهاباً، وفي لندن إياباً، وقد قمنا ببعض الاتصالات مع المغتربين ومع الأحزاب الأوروبية.

فيما توجّه الأمين عيسى إلى البرازيل، توجهنا، الأمين أسد وأنا، وكانت تصحبنا زوجاتنا 2 ، إلى السنغال ودكار. وهناك شاهدنا جالية لبنانية كبرى. وكان الأمين أسد على صداقة مع أحد وجهائها، فنزلنا في ضيافته ليلة أو ليلتين، قبل أن نتابع طريقنا بالطائرة إلى البرازيل. وهنا اكتشفنا كيف حرص الفرنسيون على إبقاء المغترب اللبناني المتوجه إلى أميركا اللاتينية، في مطلع العشرينات والثلاثينات، في غرب أفريقيا، أي في مناطق نفوذهم، لأنهم كانوا يريدون أن يتعاملوا مع الجالية اللبنانية، خاصة خلال انتدابهم على لبنان. وقال لنا هذا المغترب الكريم إنه كان يعتقد بأنه سيبدل الباخرة مشاكا ولكنه ميّل أو مرّ على السنغال، واستغرقت هذه التمييلة خمساً وثلاثين سنة.

من السنغال، انطلقنا في رحلة عبر المحيط إلى البرازيل، وساءت الأحوال الجوية ما اضطرّنا إلى التحليق ثماني ساعات على طول الشاطئ البرازيلي، إلى أن عدنا إلى سان باولو، حيث كان في استقبالنا عدد كبير من أعضاء الحزب ووجوه الجالية.

في البرازيل، وجدنا قوة حزبية كبيرة، قاعدتها سان باولو، ولكنها منتشرة في مختلف الولايات. كانت زيارة الوفد إلى سان باولو و ريو دي جانيرو، ولكن الجولة إلى المناطق النائية، قمت بها مع ناظر الإذاعة نواف حردان، فنشأت بيننا صداقة ورفقة. وفي المناطق الريفية النائية تعرّفنا إلى القوميين الاجتماعيين وعقدنا معهم عدداً من الاجتماعات. وأذكر جيداً زيارتنا إلى بللو أوريزونتي، حيث يوجد بعض الموالين لتنظيم عبد المسيح، أذكر منهم نجيب عسراوي 3 .

عندما كنت في المركز ويأتي التقرير من المغترب مشيراً إلى أن المنفذ يقوم بجولة سنوية على نواحي المنفذية، كان انطباعي أن هذه حركة بطيئة. لكن عندما وجدت نفسي أمام قارة كبرى استطعت أن أرى أن الجولة السنوية هي جولة سريعة جداً بالنسبة لبعد المسافات.

وفي كوريتيبا Curitiba، دعا حاكم الولاية إلى حفل استقبال حاشد التقينا خلاله كبار المسؤولين في الولاية وبعدد من النواب إضافة إلى وجهاء الجالية. وفي هذا الحفل ألقى الأمين أسد خطاباً، كما ألقيت أنا خطاباً عن الوحدة في سورية الطبيعية وسعي الحزب ونضاله الشبيه بنضال كاليفانويا في توحيد إيطاليا. وكنا في سان باولو اجتمعنا أيضاً بعدد من النواب البرازيليين. كما حضرنا أكثر من حفل استقبال دعت اليه نوادي الجالية.

بعد البرازيل، توزّع الوفد إلى قسمين، فذهب الأمينان أسد الأشقر وعيسى سلامة إلى الأرجنتين، وقد كان الرفقاء فيها موالين بأغلبيتهم لتنظيم عبد المسيح 4 ، وقد استطاع الوفد أن يعيد الأكثرية منهم إلى المركز.

وتوجهت أنا إلى المكسيك وكولومبيا وفنزويلا. وكانت مهمتي في البلدان الثلاثة جيدة وناجحة.

في كولومبيا كان عبد الكريم الشيخ 5 ، فعقدنا أكثر من اجتماع في كرتخنة Cartagena وبوغوتا Bogota وفي اماكن اخرى.

في المكسيك، كان للحزب وجود كبير ومحترم جداً في العاصمة، وكان الأمين عساف ابو مراد 6 هو المنفذ العام.

كنا قد وضعنا نُصب أعيننا الحصول على رسائل الزعيم، وإحضارها إلى المركز لطبعها ونشرها. أتينا بالكنز الأوفر من البرازيل، ولكننا وجدنا رسائل مهمة لدى الأمين ابو مراد، يتكلم فيها الزعيم عن تهنئة الفرع هناك لاتخاذه موقفاً حيادياً من الحرب.

وصادف وصولي إلى المكسيك يوم كانت المنفذية تقيم احتفالاً بمناسبة الأول من آذار في فندق فخم وبحضور جمع كبير، وألقيت كلمة المركز.

في المكسيك ايضاً، التقيت الرفيق سعيد تقي الدين، المغترب مرة جديدة، بعد أن بدد ثروته خلال عمله الحزبي وتفانيه في سبيل القضية، ومساعدته كثيرين في لبنان. هجرة جديدة لرجل يغادر الكهولة إلى الشيخوخة كانت أمراً صعباً، كمن يبدأ من درجة الصفر. وكان الرفيق توفيق الأشقر 7 قد احتضن الرفيق سعيد تقي الدين وأعطاه في بيته مكتباً للعمل في مجاليّ المقاولة والتجارة، إلا أن الأمل بجني الربح الوفير كان ضعيفاً، لأن السوق تحتاج إلى أناس راسخين فيها والى شباب يغامر.

ومن المكسيك انتقلت إلى فنزويلا، حيث كان أشقاء زوجتي قد اغتربوا اليها حديثاً. كانت فنزويلا تعج بالقوميين الاجتماعيين المنتشرين في كل ولاياتها، وكان الانشقاق مقتصراً على ولاية أورينتي 8 ، التي ذهبت اليها مع رفيقنا المناضل منير الشعار 9 ، وفي كراكاس كانت محطتي الأولى، وقد حشد القوميون الجالية لمحاضرة ألقيتها في قاعة فندق بوتوتاك وكان الحضور يناهز الألف. وأذكر جيداً الرفيق عفيف صعب 10 الذي بقي طوال اليوم السابق للمحاضرة يهمس في أذني مقترحاته وأفكاره، إذ كان يخشى ألا يستطيع الوفاء بالغرض أمام الجالية الكبرى، وأمام الجهود التي بذلوها. وكنت أبتسم وأنا أستمع إلى مقترحاته، إلى أن جاء وقت المحاضرة، وكانت ناجحة إلى حد كبير. وجاء الرفيق عفيف ليقول لي إنه لم يكن يتوقع مثل هذا الأداء. كان هذا بفضل تدرّبي وتدرّجي في الحزب، فقد استطعت أن أنقل صورة جيدة عن الحزب وعن القضية.

من كراكاس انتقلت إلى مراكيبو 11 ، حيث أعدّت الجالية اجتماعاً كبيراً. وهنا لا بد أن أذكر الرفيق سليمان أبو فخر 12 ، ذلك الرفيق الذكي المجرب، الذي كان نائباً لرئيس النادي العربي الفنزويلي، وكان في هذا النادي فريق غير قليل من أبناء الجالية من خصوم الحزب. ولكن الرفيق سليمان استطاع بمهارته أن يرتب أمر إلقائنا المحاضرة في النادي العربي الفنزويلي وليس في النادي السوري الثقافي الذي كان يرأسه مدير المديرية الرفيق رامز مكارم، لأن النادي السوري الثقافي كان سيجمع القوميين وعائلاتهم فقط، في حين أن النادي العربي جمع جزءاً كبيراً من جالية حلب، فضلاً عن دائرة أوسع من اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم. هُددنا بنسف النادي، وعلى رغم هذا التهديد نزلنا إلى النادي حيث كان القوميون قد أخذوا كل احتياطاتهم. وتمت المحاضرة بنجاح ايضاً.

توجهنا بعدها إلى الأورينتي، الجزء الآخر من فنزويلا، وتحديداً إلى بورتو لا كروز، حيث كانت المديرية هناك وعلى رأسها الرفيق نويهض 13 ، وهو رفيقي في أداء القسم في عاليه. وكان الرفيق نويهض والأمين محمد أبو حسن 14 مع تنظيم عبد المسيح، كباقي أعضاء المديرية. وكان يرافقني في تلك الجولة الرفيق منير الشعار الخارج حديثاً من الأسر، بعد اعتقاله في الثورة القومية الاجتماعية الأولى.

والرفيق منير عرفته عن كثب في هذه الجولة، رفيقاً جميل النفسية، قوي التعبير، صلب العزيمة، تعرضت وإياه لهجوم شبه مسلح أو اعتداء، من مواطنين كانوا في الطرف الآخر في الحرب اللبنانية. والحقيقة أنه افتداني لأن الضربة كانت موجهة إليّ، أصبت بضربة على كتفي، وكان هناك في فنزويلا نوع من الخنجر الكبير يعرف بِاسم ماشيتي، فقد تصدى رغم اصابته في وجهه وتدفق الدم، وصرخ بالمهاجمين الذين كانوا يحرضون علينا بأننا عملاء أميركا.

في فنزويلا كان هناك اتجاه يساري صاعد، فعمد هؤلاء إلى تحريض السكان الفنزويليين ضدنا لإثارة فتنة في حين أن خصومتنا محصورة بلبنان، فصرخ بهم الرفيق الشعار وتراجع المهاجمون وانسحبوا. بعد الحادثة أخذنا الرفيق منير إلى بيت شقيقته ليلي، حيث ضمّد جراحه ثم انتقلنا معاً إلى التيغري، حيث كان الرفيق رفيق صعب قد عرف بما حصل، فأبى إلا أن يأخذنا للغداء في مطعم للطرف المخاصم لإثبات المعنويات، لا سيما أن الرفيق رفيق صعب 15 من هؤلاء الرفقاء الصلبين المتمسكين بالمؤسسات.

أدليت في فنزويلا بأحاديث إذاعية وصحافية عدّة، ثم غادرنا من هناك إلى الولايات المتحدة، حيث التقينا هشام شرابي ويوسف سلامة في واشنطن. وفي بوسطن كان لنا لقاء، ربما كان من أهم اللقاءات، مع الرفيق ميشال ابو رجيلي، فوجدنا فيه ذلك الرفيق القومي الاجتماعي الصافي الصلب، كان يأبى إلا أن يسمي الخبز بالخبز السوري، يختلف مع الجالية حول هذه التسمية، كان رجلاً صلباً في عقيدته، ومحبوباً في الجالية رغم صلابته، والقى كل من رئيس الوفد وناموسه كلمة من محطة بوسطن التي يشرف عليها الرفيق ابو رجيلي.

من الولايات المتحدة انتقلنا، الأمين أسد وأنا إلى لندن، فيما مكث الأمين عيسى سلامة بعض الوقت في واشنطن.

في لندن، حاولت أن أرتب لقاءً للأمين أسد، بصفته نائباً في مجلس النواب اللبناني، مع نائبة رئيس حزب العمال. وتمّ هذا اللقاء عبر رفقائنا في لندن، وكان لقاءً جيداً، قدمنا خلاله لحزب العمال مذكّرة باسم الحزب السوري القومي الاجتماعي، اعتقد أنها نشرت في جريدة البناء.

زيارة فروع الحزب في أفريقيا

في أفريقيا، كانت غانا بمعظمها منتظمة مع المؤسسة الحزبية المركزية، وكانت تشكّل قلعة للحزب، حيث كان هناك النادي السوري وبطرس أبو شديد 16 ، وشباب آل الأشقر. كانت هناك جالية قومية اجتماعية محترمة، وأقيمت لنا عدة حفلات اجتماعية تكريمية. وفي هذا النطاق، كان لنا مجال للحديث والكلام عن الحزب والوطن. ثم انتقلنا إلى كوماسي، حيث كان الوضع جيداً ايضاً، برغم التنافس بين النادي الطرابلسي، الذي كان مع الثورة عام 1958، والنادي السوري القومي الاجتماعي. رحلتنا كانت جيدة وقد توّجت بلقاء الرئيس كوامي نكروما.

هنا أتوقف عند محطتين في العلاقة مع الغانيين، الأولى أنني عندما وصلت إلى غانا، بادرني الرفيق ميشال معلولي 17 ، وكان مسؤولاً في الحزب، وهو خريج الجامعة الأميركية في بيروت، مثقف ومطلع سياسياً، قال لي: هناك مقالات تنشر في غانا بان تايمز وفيها تحريض على جاليتنا، تحت شعار إنكم تسمّوننا بالعبيد، فارحلوا عنا لأننا نريد أن ننتهي من حالة العبودية.

وتشاورنا في الأمر، وقلت له: رتّب لي موعداً مع رئيس تحرير جريدة غانا بان تايمز، وذهبنا إلى مقره، فوجدناه زنجياً يلبس الوزرة الأفريقية، ولكن ما إن يتحدث حتى سمعنا لهجة أوكسفوردية، وثقافة عالية، فهو خريج أوكسفورد، ولكنه حريص على المحافظة على الزي الوطني. وكان مدخلنا للحديث معه أن سألناه سؤالاً لم يكن يتوقعه، لا بل ذُهل بعد سماعه، وهو: هل تعرف، وأعتقد أنك تعرف، أسماء رؤساء الدول العربية على اختلافهم، ملوكاً ورؤساء وقادة ثوريين؟

فنظر مستغرباً، وبدأت أعدد له: عبد الناصر، عبد الكريم قاسم، وقبله سلفه عبد الإله، ثم الملك عبد العزيز، الملك عبد الله، والأمير عبد الإله، وقلت ألا ترى بأن أسماء رؤسائنا وملوكنا تبدأ كلها بالعبد؟ فهناك التباس لديكم بين كلمة عبد التي تعني فعلاً العبد والعبد لله. والناس كلهم عبيد الله بمعنى أنهم يعبدون الله والعبادة غير العبودية. اقتنع بهذا المدخل الحسي والعملي، وعندها قال لي: إن الذي كتب المقال هم الملحق الصحافي «الإسرائيلي»، فعرفنا من أين يُنفثُ السُمّ. وبعد اللقاء توطدت علاقة صداقة مع جريدة غانا بان تايمز.

بعد ذلك رتب رفقاؤنا لنا لقاءً مهماً جداً مع كوامي نكروما، وأنا سعيد دائماً أن أتذكر أنني قابلت أحد كبار زعماء أفريقيا وحركة التحرر في العالم. كان كوامي نكروما 18 يريد أن يبني دولة أفريقية حديثة معاصرة، وهو الذي فاز بالانتخابات من وراء قضبان السجن خلال الاستعمار البريطاني. كان لديه حزبه، ولديه فلسفته الخاصة لأفريقيا التي يتكلم فيها مناقشاً الماركسية، وهو يعتبر أن في أفريقيا روح أفريقية، وأنه لا يمكن التخلي عن مسألة الروح في صياغة النسيج الاجتماعي أو الحركة الثورية. الحديث معه كان ممتعاً، وتطلعاته الاستقلالية الأفريقية، وصداقته للعرب، كانت إيجابية وجيدة.

معلومات وردت في النشرة الرسمية ايار 1959 … الوفد القومي الاجتماعي في البرازيل وفنزويلا

اكتظت باحة مطار سان باولو بالمستقبلين ينتظرون الوفد القومي الاجتماعي في 22 كانون الاول 1958. وما ان أطل رئيس الوفد الأمين أسد الأشقر حتى دوت الباحة بالتصفيق والهتاف، وتقدم المستقبلون وفي طليعتهم القنصل اللبناني الاستاذ جان حاج توما يرحبون بالوفد، كما احاط القوميون الاجتماعيون في سان باولو وعلى رأسهم المنفذ العام واعضاء هيئة المنفذية بأعضاء الوفد. وسار الجمع الكبير إلى فندق اوتون بالاس حيث حلّ الوفد ضيفاً على رفقائه في الحاضرة. وفي الايام التالية تقاطر وجوه الجالية وممثلو نواديها إلى الفندق للسلام على الوفد. وبعد مرور فترة العيد قام بزيارة نوادي الجالية حيث قوبل بالحفاوة والتكريم، واقام وجوه الجالية المآدب التكريمية له.

وقام الوفد القومي الاجتماعي ايضاً بزيارة مجلس نواب الولاية، فاستقبله رئيس المجلس ولفيف من النواب يتقدمهم

النواب الذين هم من اصل لبناني. كما قام الوفد بزيارة قصر العدل فاستقبله رئيس االمجلس القضائي وقدم لرئيس الوفد هدية رمزية، ثم زار الوفد قيادة جيش الولاية فاستقبله اركان الجيش بقيادة القائد جوان بطل وهو من اصل شامي، وقدم القائد لرئيس الوفد علم الجيش كهدية رمزية تذكارية.

وألقى الأمين أسد الأشقر من محطة اذاعة نوفي دي جوليو وتعني التاسع من تموز خطاباً موجهاً كان له الوقع الكبير. كما ادلى رئيس الوفد بتصريحات صحفية لكل من جريدتي غازيتا البرازيلية ـ كبرى صحف سان باولو المسائية، والارز الصادرة باللغة العربية. وكتبت عن الوفد صحيفة برازيل ـ لبنان 19 ومجلة المراحل 20 الشهرية، ونشرت له عدة رسوم ومقالات.

ثم توجه الوفد إلى كوريتيبا عاصمة ولاية بارانا في الخامس عشر من كانون الثاني 1959 التي لبست حلة العيد لاستقبال الوفد القومي الاجتماعي، وصدرت الصحف المحلية تعمل في صفحاتها الاولى دعوة للمغتربين السوريين للزحف إلى المطار لاستقبال الوفد، واستقبل الوفد استقبالاً حاراً على مطار كوريتيبا، وزار الوفد على الاثر حاكم الولاية في قصر الحكومة، وفي قاعة الاستقبال بودلت الكلمات بين الوفد وحاكم الولاية. وفي المساء اقام الحاكم حفلة كوكتيل على شرف الوفد ضمت عدداً كبيراً من الشخصيات الرسمية والمواطنين وجميع القوميين الاجتماعيين، وفي اليوم التالي قام الوفد برفقة النائبين جوليو فرح والدكتور الياس كرم بزيارة مجلس نواب الولاية حيث استقبلهم رئيس المجلس وعدد كبير من النواب بالحفاوة البالغة. وزار الوفد بعد ذلك جامعة الحقوق ومحافظ المدينة، حيث استقبل بالحفاوة نفسها، والقى الأمين أسد الأشقر خطاباً من محطة اذاعة بارانا موجهاً إلى المغتربين السوريين… ثم ادلى بتصريح آخر إلى جريدة اواستادو دي بارانا واقام الرفقاء والجالية مأدبة كبرى في نادي التجارة الكبير دعي إليها الرسميون، القى فيها الدكتور الياس كرم، ومحافظ المدينة، والأمين أشقر والأمين رعد، ومدير مديرية كوريتيبا خطبا رائعة. وفي مساء اليوم التالي القى الأمين أشقر محاضرة في النادي السوري اللبناني تناول فيها معنى العروبة ونظرة النهضة القومية الاجتماعية إليها. كما أقام المواطن السيد حسن رعد مأدبة في بيته على شرف الوفد.

وهكذا، استأثر الوفد القومي الاجتماعي باهتمام عاصمة ولاية بارانا وسكانها. فبقت تلك المدينة الكبيرة نحو اسبوع في جو النهضة القومية الاجتماعية المضمخ بأنبل الافكار السامية، والامال الحلوة الحبيبة والمثل العليا المقدسة.

ثم عاد الوفد إلى سان باولو ليتابع اعماله، بعد ان ودعه في المطار جمهور كبير من ابناء الجالية واصدقائهم والرفقاء القوميين الاجتماعيين والنواب والشخصيات الرسمية .

أعمال الوفد في البرازيل: جرى عقد ثلاث اجتماعات لمديرية سان باولو،

الاول: عقده ناموس الوفد واستمر ثلاث ساعات كاملة تناول فيه الدعائم الثلاث للحركة: العقيدة ـ النظام ـ العقلية الاخلاقية الجديدة.

والاجتماع الثاني: عقد برئاسة رئيس الوفد وتكلم فيه رئيس الوفد عن دور الحركة الفذ في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخ أمتنا، ثم تكلم الأمين سلامة عن شؤون الادارة الحزبية، واستمر الاجتماع ساعتين كاملتين.

والثالث: كان بمناسبة سفر الوفد وتكلم فيه الأمين سلامة عن الشؤون الادارية كما استمع الرفقاء إلى تسجيل من خطاب الأمين الأشقر في مؤتمر المسؤولين في بيت الشعار.

كذلك قام الوفد بزيارة المناطق الاخرى وعقد فيها عدّة اجتماعات، وهي: ريو دي جانيرو، بلو أوريزونتي، أوبرلنديا، آراراكوارا، كوريتيبا، غويانيا، برازيليا، وآنابوليس.

في فنزويلا

بعد انتهاء الوفد من زيارة البرازيل توجه رئيس الوفد الأمين أسد الأشقر وعضو الوفد الأمين عيسى سلامة إلى الارجنتين، بينما توجه ناموس الوفد الأمين إنعام رعد إلى فنزويلا، حيث استقبله جمع غفير من الرفقاء ووجوه الجالية في مطار كراكاس عاصمة فنزويلا، وعقد اجتماعاً عاماً لمديرية كراكاس المستقلة تحدث فيه إلى الرفقاء بحضور الأمينين محمد القاضي ومنير الشعار زهاء ثلاث ساعات عن معركتيّ الحزب الداخلية والخارجية وقد انطلقت المديرية بعد المحاضرة إلى عمل اذاعي واسع. وتوجه بعد ذلك إلى بورتو كابيو في ولاية كراكاس حيث عقد اجتماعا اذاعياً طويلاً تقدم على اثره ستة مواطنين بطلب مبادئ الحزب، واستمرت صحف العاصمة كراكاس بنشر اخبار الحركة القومية الاجتماعية واخبار الوفد وتصريحاته وزياراته ومحاضراته وتنقلاته اكثر من خمسة عشر يوماً.

وبعد العاصمة انتقل إلى ولاية سوليا في الغرب حيث جرى له استقبال حافل على مطار مراكيبو عاصمة الولاية ـ وفي اليوم التالي اجتمع إلى الصحف التي نشرت صوراً عديدة مع كلمة عن الحزب وتاريخه وعقيدته.

والقى ناموس الوفد محاضرة في النادي العربي حضرها اكثر من مائتي مواطن رغم العراقيل والتهديدات، وكانت هذه المحاضرة الكبرى وكيفية حصولها دون اي حادث ومظهر القوة والتراص القومي الاجتماعي الذي رافقها وتهديدات خصوم النهضة التي ذهبت ادراج الرياح كلها، من العوامل التي اطلقت في الايام التالية موجة اذاعية ممتازة.

وفي مساء اليوم التالي توجّه ناموس الوفد إلى كابيماس حيث أقيمت سهرة اذاعية في دار الأمين محمد القاضي، حضرها نحو مائة مواطن، وخطب فيهم ناموس الوفد مطولاً، ثم توجّه ناموس الوفد بعد ذلك إلى بونتو فيهو 21 حيث عقد عدة اجتماعات فيها

ناموس الوفد القومي الاجتماعي في كولومبيا

قام ناموس الوفد الأمين إنعام رعد بزيارة كولومبيا بين 4- 8 آذار وعقد اجتماعاً حاشداً في دار الأمين عبد الكريم الشيخ مدير مديرية الشهيد عبد المنعم دبوسي المستقلة في برنكيا. وقد لبى الدعوة إلى هذا الاجتماع حوالي مئة مواطن، والقى ناموس الوفد خطاباً تحليلياً جامعاً، وبعد الانتهاء من القاء خطابه وجهت إليه اسئلة في مواضيع مختلفة اجاب عليها باسهاب ووضوح، وقد دام الاجتماع ثلاث ساعات.

بعد ذلك انتقل ناموس الوفد إلى قرطاضة Cartagena حيث أقام الأمين جورج بلدي مأدبة عشاء على شرفه، دعا إليها عدداً كبيراً من وجوه الجالية هناك، والقى الأمين رعد في هذه المأدبة خطاباً.

وعقد بعدئذ اجتماعاً اذاعياً تبادل خلاله مع المدعوين الاحاديث القومية والسياسية، وكان الجو رائعاً والتأييد شاملاً. وقد نشرت جريدة كاريبي في برنكيا حديثاً صحفياً له.

الوفد القومي الاجتماعي في مناطق الارجنتين والتشيلي

قوبل الوفد القومي الاجتماعي بحماسة قوية في زيارته إلى الارجنتين، وقد عقدت الجمعية السورية الثقافية في بيونس آيرس عدة اجتماعات ترأسها رئيس الوفد الأمين الأشقر. وقد احتفى القوميون الاجتماعيون بالوفد احتفاءً بالغاً والتقوا في حلّه وترحاله، ودعا سفير لبنان في الارجنتين، إلى مأدبة غداء، وفي مندوسا لقي الوفد حفاوة بالغة في زيارته البلدة الكبيرة، فقد دعا قنصل لبنان المواطن السيد أنطونيو ضومط إلى مأدبة على شرف الوفد، كما أقام كل من المواطنين خوسيه ضومط، وسعيد وخوليو سمعان، وفاشك فرح طعمة وعقل طعمة مآدب على شرف الوفد القومي الاجتماعي.

وأقامت الجمعية اللبنانية احتفالاً كبيراً حضره ما يقارب 300 مواطن تكلم فيه المواطن الاديب فاشك فرح طعمة عن جهاد الحزب وموقفه في الازمة الاخيرة ثم تكلم احد الادباء في المعنى نفسه، بعدئذ القى الأمين عيسى سلامة عضو الوفد، خطاباً عن سوريانا، سورية المحبة والوئام والحضارة، ثم ألقى رئيس الوفد خطاباً جامعاً عن معارك الحزب وصراعه.

واستقبلت جريدة تامبو الارجنتينية الوفد بكثير من الترحيب، وكذلك قنصل لبنان وأدلى لها رئيس الوفد بتصريحاته حول الحالة في الوطن والشرق الاوسط ودور الحزب في هذه الظروف،، نشرتها الصحيفة المذكورة في مكان بارز.

في تشيلي

فالباريسو: جرت استقبالات رائعة للوفد القومي الاجتماعي في تشيلي، ففي العاصمة سانتياغو دعا قنصل لبنان المواطن السيد كارلوس نصار إلى مأدبة غداء على شرف الأمينين الأشقر وسلامة، كما احتفى النادي اللبناني بالوفد، ودعا المواطن السيد كارلوس ملاح، وكان قد انتخب هناك للنيابة في التشيلي ثلاث مرات، دعا إلى مأدبة تكريمية كبرى.

وما ان وصلت انباء وصول الوفد إلى تشيلي حتى تسارعت الجالية في فالباريسو ـ بالاشتراك مع فرع الحزب 22 ـ إلى تنظيم استقبال كبير للوفد، فدعا آل ملوك من حمص الوفد إلى مأدبة تكريمية، كما دعا نادي الاتحاد العربي رئيس الوفد إلى إلقاء محاضرة فيه. ويعتبر هذا النادي من اضخم نوادي الجالية في التشيلي اذ يضم مواطنين من لبنان والشام والاردن وفلسطين، وقد استمع إلى هذه المحاضرة ممثلو سائر نوادي الجالية ورؤساؤها، وقد ألقى رئيس الوفد، خطاباً قومياً جامعاً نال استحساناً منقطع النظير من مختلف فئات الجالية، خصوصاً عندما أعلن الأمين أسد الأشقر، ان الحزب القومي الاجتماعي يؤيد كل الحركات التحررية التطورية التي ظهرت في العالم العربي.

وأضاف ان سعاده، منذ اكثر من ربع قرن، كان قد وضع قواعد بناء حياة الشعب من جديد، بتأسيسه النهضة السورية القومية الاجتماعية، لذلك اصبح على كل حركة تطورية تقدمية في العالم العربي، حتى تتمكن من الاستمرار والنجاح والازدهار، ان تركز نفسها على قواعد النهضة الاساسية والاصلاحية.

هوامش

1 عيسى سلامة: من مرمريتا. محام. تولى مسؤوليات مركزية عدّة. نعمل على إعداد نبذة عنه.

2 الرفيقتان رؤوفة أسد الأشقر وليلى إنعام رعد الأمينة لاحقاً .

3 نجيب العسراوي: للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول إلى قسم من تاريخنا على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

4 من أبرز الرفقاء أذكر الأمين خليل الشيخ مراجعة قسم من تاريخنا على الموقع المذكور آنفاً والرفيق يوسف ضاهر، من بيت لهيا راشيا ، وقد عرفته أديباً ومناضلاً وتحدث عنه الأمين نواف حردان في أكثر من مكان في كتابه «على دروب النهضة».

5 عبد الكريم الشيخ: طبيب. كان له نضاله الحزبي في الوطن، ثم في كولومبيا. منح رتبة الأمانة. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول إلى الموقع المذكور آنفاً.

6 عساف أبو مراد: من القرعون. مؤسّس العمل الحزبي في كل من البقاع الغربي، والمكسيك. مراجعة النبذة عنه على الموقع المذكور آنفاً.

7 توفيق الأشقر: من بلدة بينو عكار منح رتبة الأمانة. تولى مسؤوليات حزبية في المكسيك. للاطلاع على النبذة عنه مراجعة الموقع آنفاً.

8 أورينتي: أي الشرق، وكان للحزب مديريات ومفوضيات عدّة.

9 منير الشعار: من بلدة عيناب. شارك في الثورة القومية الاجتماعية الأولى وأسر. منح رتبة الأمانة. للاطلاع على النبذة المعمّمة عنه مراجعة الموقع المذكور آنفاً.

10 عفيف صعب: أقام في مدينة كابيماس، كان محامياً وصاحب برنامج إذاعي، مشكلّاً حضوراً جيداً في المدينة.للاطلاع على ما كتبت عنه مراجعة الموقع المذكور آنفاً.

11 مراكيبو: كان للحزب فيها مديرية ناشطة، وناد قومي اجتماعي. فيها تولى الأمينان الراحلان عادل الشعار وموفق شرف مسؤوليات حزبية في كل من المديرية والنادي وأسّسا حضوراً جيداً للحزب في أوساط الجالية.

12 سليمان أبو فخر: من الشويفات. عاد إلى بلدته مستقراً فيها إلى أن وافته المنية.

13 … نويهض: لم يورد الأمين إنعام الاسم الأول. نرجّح انه الرفيق عادل نويهض، من رأس المتن، وقد عاد إلى الوطن مستقراً في منطقة وطى المصيطبة، مفتتحاً غاليري للمفروشات في كورنيش المزرعة. استمر على نشاطه الحزبي إلى أن وافته المنية.

14 محمد أبو حسن: الأمين لاحقاً. مراجعة النبذة المعمّمة عنه على الموقع المشار إليه آنفاً.

15 رفيق صعب: من الشويفات. تولّى مسؤولية مدير مديرية التيغري Eltigre. أمامه، وبحضور الأمين محمد أمين أبو حسن، أدّى الأمين انيس جمال قَسَم الانتماء. كان رفيقاً صلباً ومثقفاً قومياً اجتماعياً. يضيف الأمين أنيس أن الرفقاء في كل من بورتو لا كروز، والتيغري وأناكو، كانوا يعقدون الاجتماعات الحزبية في المدينة الوسطى، أناكو Anaco

16 بطرس أبو شديد: مراجعة النبذة المعمّمة عنه على الموقع المذكور آنفاً.

17 ميشال معلولي: النائب، نائب رئيس مجلس النواب. نشط حزبياً في الخمسينات متولّياً مسؤوليات، ومشاركاً في إصدار مجلات أدبية، منها «الأجيال».

18 كوامي نكروما: كانت تشدّه أواصر من الصداقة مع الأمين رشيد الأشقر الذي ترجم له كتابه «كفاحي». مراجعة النبذة عن الأمين رشيد الأشقر على الموقع المذكور آنفاً.

19 «برازيل ـ لبنان»: كان يصدرها الصحافي سامي عازار، من بلدة راشيا الفخار.

20 «المراحل»: أصدرتها الصحافية مريانا دعبول، عقيلة الرفيق السابق الياس فاخوري، من راشيا الفخار أيضاً، كنت أشرت إليهما في أكثر من نبذة.

21 مراجعة النبذة التي عمّمناها عن الرفيق داود أبو عنق الذي كان تولّى لفترة طويلة مسؤولية مدير مديرية بونتو فيغو

22 فالباريسو: من الرفقاء، أذكر لويس كباش، لويس خوري، أنطون خوري وحسني قرنفلي. وقد استمر لرفيق كباش مفوضاً وناشطاً حزبياً، وقد أشرت إليه أكثر من مرّة، خصوصاً في النبذة عن بدايات العمل الحزبي في تشيلي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى