البركان بعد عامين… وما بعد بعد الرياض
روزانا رمّال
رسالة صمود بعد عامين من الحرب السعودية على اليمن، لكنه في الوقت نفسه تصعيد غير مسبوق من الجيش اليمني المدعوم من حركة انصار الله التي تصبّ في خانة الحليف للمحور الإيراني بالمنطقة..
يؤكد الناطق الرسمي باسم الجيش اليمني العميد شرف غالب لقمان أن مرحلة ما بعد الرياض ستبدأ، وأن المعادلات ستتغير كلها… كل هذا بعد إعلان الجيش اليمني عن إطلاقه صاروخ بركان-2 وهو الأول الذي يستهدف العاصمة السعودية الرياض وتحديداً، مع وعود بالمزيد… شكلاً ومضموناً، فالمزيد من الصواريخ تنوي قيادة الجيش إطلاقها من تلك التي تطال الأراضي السعودية مع استكمال تطوير السلاح اليمني الصاروخي، والأهم إعلان الدخول بمرحلة ما «بعد الرياض»..
استطاع «بركان 2» أن يكون مداه بإطلاق معادلة جديدة على الأرض والجو دخلت فيها المواجهة في مرحلة ما بعد الرياض، وتبدو المعادلة التي أطلقها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله أمام «الإسرائيليين» حاضرة لتكوين أرضية تهديد واضحة المعالم أراد فيها الجيش اليمني رسم معادلة ردع عسكرية سيكون على السعوديين التنبه اليها.
صاروخ «بركان 2» كان قد سبقة «بركان 1» في ايلول من العام الماضي، حين أطلقت القوة الصاروخية للجيش اليمني واللجان الشعبية الصاروخ البالستي «المطوّر» باتجاه العمقِ السعودي مستهدفَة قاعدة فهد الجوية في الطائف غرب المملكة.
تطوير الصواريخ وتحديثها تبدو وحدها نقطة تحدٍّ في جبهة الحرب المفتوحة على اليمن التي كان من المفترض أن تنهك القوة العسكرية والشعبية للجيش اليمني وحركة أنصار الله بحيث تحقق المملكة إنجازها في القضاء على القدرات العسكرية التي تشكل أهم أهداف الحرب وسقوفها، ياتي اليوم تطوير صاروخ باليستي يحجم «بركان 2» ليؤكد أن هذه المنظومة الصاروخية بطريقها للتطور والتقدّم وأن الحرب لم تؤثر لوجستياً على طرق ايصال الإمداد المطلوب لتقديم المزيد من المفاجآت العسكرية غير المعتمدة سابقاً في مرحلة متقدمة من الحرب ناهزت السنتين من دون أن تعلن الأطراف اليمنية الأضعف تقنياً وتكنولوجياً من الحلف المعادي استسلامها.
إعلان نيات بمواصلة الحرب بعد سنتين من دون أي نوع من مفاعيل الإحباط او الانهزامية في الروح القتالية اليمنية، هو ما تكشف عنه العملية النوعية، إضافة الى مواصلة اعتبار تطوير السلاح اليمني أولوية كبرى تفتح معها أسئلة وازنة حول كيفية إدارة الحرب في مثل هذه الظروف والقنوات والشبكات القادرة على النجاح بإمداد الجيش اليمني والقوى المقاومة بالمطلوب للمهمة.
كلها رسائل تؤكد للسعودية بشكل خاص أن الحلف الذي تندرج ضمن إطاره الحركة العسكرية اليمنية المنضوية تحت محور ممتد من إيران حتى سورية مروراً بالبحرين، هو حلف مستعدّ لربط مصير الملفات ببعضها عند الحاجة وربط الحاجة لوجستياً وعسكرياً أيضاً، وما إرسال استشاريين من إيران وحزب الله إلا دليل على مركزية المعركة بالنسبة للمحور بأكمله، بعدما انفتحت حدود المعارك منذ أول لحظات الحرب على سورية كنقطة ارتكاز لمرحلة الاصطفاف.
يتحدّث مصدر عسكري متابع لـ«البناء» عن حادثة إطلاق صاروخ «بركان 2» واضعاً إياها ضمن عملية «تحذير» ورسم حدود جديدة لحماية «الحديدة». فممنوع تحقيق الأهداف بالنسبة للجانب اليمني الذي يقول للسعوديين «لا تراهنوا أنكم إذا صعّدتم وتقدّمتم أكثر نحو الحديدة أننا فرغنا من الردود، بل نحن سنصعّد منعاً لتحقيق الاهداف التي اتفقتم معها مع «الإسرائيليين». ويتابع المصدر «يؤكد اليمنيون في رسالة الصاروخ تلك أن على السعودية إدراك صعوبة وصولها للحديدة لضرب «الصواريخ»، لأنه قبل أن تصل نيرانها للحديدة ستكون قد قصفت «الرياض» و«ما بعد الرياض»، أي انها معادلة جديدة.. هذه هي معادلة الردع اليوم. «الحديدة مقابل الرياض وما بعدها».
أما بالنسبة للتوقيت فيؤكد المصدر أن الأوراق كلها في المنطقة مفتوحة على بعضها بعضاً، فالسعودية تقود حربها على ما تسميه بالنفوذ الإيراني بشكل «مفتوح»، أي مفتوح على كل الاحتمال، وإيران من جهتها ترد «بالمفتوح»، لكن اللافت ان ذلك يجري على قاعدة عدم الكسر النهائي وقطع الجسور من جهة إيران مع السعودية بدليل ما أعلنه الايرانيون والسعوديون عن حملة الحج والمشاركة الإيرانية لهذا الموسم.
كل هذا التصعيد اذاً يوضع ضمن اطار «الترصيد» التفاوضي، أي تصعيد من أجل صناعة اوراق تفاوضية «لتكبير الرصيد»، والتوصل الى ما يشبه القرار 1701 على الطريقة اللبنانية أي ورقة وقف إطلاق نار أممية مدعومة باتفاق سياسي يبدو أن إيران والسعودية ركنان أساسان فيها.
التصعيد في سورية بالهجوم الأخير على دمشق ربطاً بالتصعيد «الإسرائيلي» بغاراتها نواحي تدمر وصولاً لتفجيرات سابقة من حمص حتى قصر العدل في دمشق دلائل حول اعتمادات سعودية «إسرائيلية» موضوعة بيد الإدارة الأميركية الجديدة أملاً بعدم استسلامها أو توجهها نحو حلول في أي ملف من الملفات القادر على الحسم، بما لا يرتضي مصلحة حلفاء واشنطن.
يحاول وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان من خلال زيارته الأخيرة للرئيس ترامب إثبات قدرة السعودية على المزيد من التحدي ليأتي «صاروخ بركان» رداً مناسباً على نيات تصعيد ويخف الآمال باستمالة ما أمكن من إطالة أمد الحرب بالشكل الذي كانت عليه..
اليمن تحسم وتطلق معادلة ردع جديدة..