أردوغان والغرب: هل التسوية قريبة؟
حميدي العبدالله
وصلت العلاقات بين تركيا من جهة والدول الغربية، سواء دول الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة من جهة أخرى، إلى مستوى من التدهور غير مسبوق منذ قيام الجمهورية التركية، ولا سيما في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة يدور أساساً حول الموقف من أكراد سورية. ففي الوقت الذي ترى فيه واشنطن، سواء إدارة ترامب، أو الإدارة السابقة، أنه ليس هناك من بديل عن تعاون الولايات المتحدة مع أكراد سورية، تعتقد أنقرة أنّ هذا التعاون يعني أمرين، الأول تفضيل الأكراد على تركيا، وثانياً تهديد الأمن القومي لتركيا، لأنّ أكراد سورية في غالبيتهم يؤيدون حزب العمال الكردستاني الناشط عسكرياً في تركيا منذ عام 1984.
أما الخلاف بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ففي جزء منه هو صدىً للخلاف بين الولايات المتحدة وتركيا، ولكن الجزء الأهمّ يعود إلى سياسة ونهج النظام التركي الحالي، إذ تعتقد دول الاتحاد الأوروبي أنّ سياسات حكومات حزب العدالة والتنمية تتعارض مع معايير الاتحاد الأوروبي الذي كانت أنقرة دائماً تطالب بالانضمام إليه، ولا سيما لجهة الحريات العامة واحترام التقاليد الديمقراطية، وهو ما يرفضه حزب العدالة والتنمية، الذي يصرّ على منح الرئيس التركي صلاحيات كبيرة، ولهذا أعدّ مشروع دستور جديد بتحويل النظام السياسي من نظام برلماني إلى نظام رئاسي، وقام باعتقال عشرات النواب والصحافيين، وهذا يتعارض مع معايير الاتحاد الأوروبي وتسبّب بالتوتر السياسي الحاصل الآن بين الطرفين.
مشاكل تركيا مع الولايات المتحدة ومع الاتحاد الأوروبي مشاكل يصعب وضع حدّ لها في المدى المنظور، لأنّ جذورها أعمق بكثير مما يتوقع الكثيرون، بل يمكن القول إنّ تسوية هذه الخلافات تتعارض مع طبيعة النظام الذي يسعى حزب العدالة والتنمية الوصول إليه، فكلما تعزّز النظام الذي يسعى إليه حزب العدالة بزعامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كلما توسّعت الهوة وزادت الخلافات بين الغرب وتركيا.
واضح أنّ ما هو متوقع في المدى المنظور زيادة حدة الخلافات وليس تسويتها بين تركيا والغرب، ولا يمكن لهذه الخلافات أن تتراجع أو تزول طالما استمرّ حزب العدالة والتنمية في السلطة.
لكن السؤال المطروح هو: هل التغيير في المستقبل داخل تركيا يتمّ عن طريق صناديق الاقتراع، وهو ما يسعى حزب العدالة والتنمية لسدّه، أم من خلال العودة إلى الانقلابات؟ سؤال تصعب الآن الإجابة عليه…