لبنان عشية الانفجار الكبير… و«النصرة» تعلن أنّ حربها آتية
كتب المحرر السياسي
كلّ شيء في لبنان ينذر بأننا عشية الانفجار الكبير، وبأنّ جميع أطراف الحرب في المنطقة تملك خطتها النابعة من مصالحها وقرارها، إلا لبنان، العازف على أوتار مراضاة ومحاكاة مصالح وقرار غيره، واشنطن لا تهتم لكلّ ما يقوله حلفاؤها العرب عن العداء لسورية، فترضيهم بالكلام وبمشاركة استعراضية لطائراتهم التي هي أصلاً جزء من سلاح الجو الأميركي يستعملها مع طيارّيها متى وكيفما وحيث يشاء، وها هي تواصل بلا حرج تزويد سورية تباعاً بالأهداف التي تريد ضربها وخط مرور طائراتها ومواعيد ونقاط دخولها وخروجها في الأجواء السورية، وهي تعلم أنّ هذا التنسيق جواز مرورها الحتميّ في ظلّ موقف سوري إيراني روسي متماسك من جهة، وغياب قدرة الحلفاء الغربيّين على المشاركة والتغطية من جهة أخرى، بعدما حسم الفرنسيون والبريطانيون حصر مشاركتهم في العراق لأن لا تغطية قانونية تقدّم للبرلمان لتغطية أي مشاركة في الحرب في سورية.
السعودية تستكمل استعداداتها لملاقاة مخاطر موسم الحج وعيد الأضحى، ومصر ترفض الدخول في الحلف الأميركي تمسّكاً بطلب تصنيف «الإخوان المسلمين» تنظيماً إرهابياً في اللائحة التي تضمّ «داعش» و»النصرة»، والعراق يخوض حربه بتنسيق مزدوج مع حلف واشنطن من جهة وإيران من جهة أخرى، وسورية تستثمر ارتباك المجموعات الإرهابية شمالاً فتتسارع حربها في ريف دمشق.
إلا لبنان المهدّد أكثر من سواه، والمعلق على سكين «داعش» و»النصرة» مع أول عملية ذبح لعسكري مخطوف، هدّدت وتوعّدت «النصرة» أنه ربما يكون قريباً، لا يجرؤ مسؤولوه على التصرّف بحجم الخطر وما يمليه، فعلى رغم أنّ مفتاح الخطوة الأولى للتقدم نحو امتلاك أسباب القوة، هو التنسيق اللبناني السوري، جاء اللقاء بين وزيري خارجية البلدين وليد المعلم وجبران باسيل أضعف من المتوقع، حيث اقتصر على التشاور وتبادل المعلومات وإبداء النوايا الطيبة، بعدما كان سقف ما استطاع باسيل الحصول عليه من رئيس الحكومة تمام سلام هو الموافقة على اللقاء من دون تفويضه طلب التنسيق.
التهاون والانتظار لمعجزة لن تأتي يجريان، بينما «داعش» و»النصرة» تعلنان التعبئة للحرب القادمة، وتعدان العدة لتفجير شامل، ويقف قادتهما للتهديد بساعة صفر دنت.وكانت الجماعات الإرهابية واصلت تهديداتها للبنان فيما خرجت تظاهرة للنازحين السوريين بعد صلاة الجمعة في عرسال مطالبة «جبهة النصرة» باجتياح بيروت.
وانتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي تسجيل صوتي لأمير الجبهة «أ التلي»، يدّعي فيه «أن المجا ين »، لافتًا إلى «أن ». وتبيّن أن التسجيل يعود إلى بداية شهر تموز الماضي، لكن حساب مراسل القلمون أعاد بثه عبر موقع يوتيوب منذ أيام. ، ، : « ».
وكانت الجبهة بعثت برسائل مسجلة من الجنود المخطوفين إلى ذويهم، يطمئنونهم عبرها أنهم بخير ويطلبون منهم مواصلة التحرك وقطع الطرق لحل قضيتهم عبر إرسال مفاوض جدي للتفاوض على مطالب الجبهة.
ومساء أعلنت الجبهة عبر حسابها على «تويتر» وقف المفاوضات في شأن العسكريين المخطوفين.
وجاء في التغريدة: «نعلن أنه لا تفاوض في قضية الجنود اللبنانيين المحتجزين لدينا حتى يتم إصلاح أمور عرسال بشكل كامل ونتمنى ألا نضطر للتصعيد فاعقلوا».
سلام: الجرائم عرقلت المفاوضات
في الموازاة لم تبرز أية معطيات ملموسة في قضية العسكريين المخطوفين التي تقدمت أمس على ما عداها من ملفات. وفيما كان وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور نقل عن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، أن شيئاً ما سيحصل على هذا الصعيد منتصف الليلة قبل الماضية. أكد رئيس الحكومة تمام سلام أن الجرائم التي ارتكبها الخاطفون في حق بعض العسكريين المخطوفين، «عرقلت جهود التفاوض غير المباشر الذي تقوم بها حكومتنا بمساعدة جهاتٍ صديقة، لتأمين الإفراج عن العسكريين»، مؤكدا أن «ليس بين خياراتنا في هذه القضية خيار التراجع عن أي من ثوابتنا، المتمثلة بتحرير العسكريين وحفظ هيبة الدولة وحماية أمنها وسيادة أراضيها».
ولفت سلام في كلمة له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى أن «الشعب اللبناني في معركته مع الإرهاب يقف إلى جانب قواته المسلحة التي هي الركيزة الأساسية لحماية السيادة الوطنية وضمان الأمن والسلم الأهلي، وتسعى حكومتنا إلى حشد الدعم اللازم لهذه القوات، لتمكينها من القيام بمهامها على أكمل وجه، ولبنان يثمّن الهبة السخية التي قدمتها المملكة العربية السعودية لتعزيز قدراتنا العسكرية».
والتقى سلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي أثنى على «جهود الحكومة في مواجهة «الدولة الإسلامية» عند الحدود». وأكد «التزام واشنطن بأمن لبنان واستقراره في مواجهة التحديات».
لقاء باسيل والمعلم
والتقى وزير الخارجية جبران باسيل نظيره السوري وليد المعلم
بحضور نائبه فيصل المقداد والمندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، وكان بحث في الأوضاع العامة والأزمة السورية وانعكاسها على لبنان. وانضم إلى اللقاء في وقت لاحق رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
من جهة أخرى، وبينما تتباين المواقف داخل الحكومة حول إنشاء مخيمات للنازحين، أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق أن وزارته ستنشئ مخيمات لهؤلاء حتى ولو لم يوافق الجميع عليها.
«التشريعية» والسلسلة معلقتان على لقاء بري السنيورة
سياسياً لم يطرأ جديد على موضوع الجلسة التشريعية، فيما أوحت أجواء جميع الأفرقاء إلى أن الاتفاق حول سلسلة الرتب والرواتب لم ينجز بعد، وتأكيد تيار المستقبل أن هذا الأمور منوط بلقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة علماً أن بري أكد مراراً أن اللقاء لن يتطرق إلى موضوع السلسلة وأنه سيتركز على الاستحقاق الرئاسي.
لكن المعلومات التي تسربت لـ»البناء» في الساعات الثماني والأربعين الماضية حول أسباب فرملة الاندفاعة باتجاه عقد الجلسة التشريعية، أكدت أن الكلمة النهائية في شأن السلسلة التي أوحى النائب جورج عدوان أنه قادر على حسمها خلال لقاءاته مع الرئيس بري ووزير المال علي حسن خليل، تبين لاحقاً أنها تعود لتيار المستقبل وتحديداً للرئيس السنيورة الذي يمسك هذا الملف.
وأشارت المعلومات إلى أن السنيورة لم يعط الضوء الأخضر لعدوان للسير في الاتفاق الذي جرى مبدئياً مع وزير المال بخصوص إعطاء المعلمين والموظفين الإداريين 6 درجات مع رفع ضريبة الـ T.V.A واحداً في المئة وتقسيط السلسلة على سنتين. وأن السنيورة لم يحسم رأيه ولم يعط جواباً بحجة وجوده في الخارج لا سيما لجهة التخلي عن مطالبته بحسم عشرة في المئة من السلسلة بالإضافة إلى زيادة ضريبة الـ T.V.A مع العلم أن الرئيس بري يخيره بين واحدة من الاثنتين.
من جهتها، أكدت مصادر نيابية في كتلة المستقبل لـ»البناء» «أن لا اتفاق نهائياً حتى الساعة حول السلسلة، والبرهان على ذلك أن الرئيس بري لم يدع هيئة مكتب المجلس إلى الاجتماع لوضع جدول الأعمال بعد ولن يدعوها قبل الاتفاق مع الرئيس السنيورة على الجلسة عموماً. ورجحت المصادر أن يتم اللقاء اليوم.
وإلى مشكلة السلسلة، أضافت المصادر عاملا آخر لتعثر الجلسة التشريعية، وهو البلبلة الحاصلة في صفوف 14 آذار ترجمه الخلاف في الرأي بين حزبي «القوات اللبنانية» والكتائب، ذلك أن الأول بحبذ عقد جلسة تشريعية لإقرار الملفات الضرورية بينما يرفض الثاني التشريع قبل حسم الاستحقاق الرئاسي وهو ما أكده رئيس حزب الكتائب أمين الجميل أمس. وأدرجت المصادر هذا التباين في إطار المزايدة من جهة والخلاف بين الطرفين حول الاستحقاق الرئاسي.
وفي هذا السياق، لاحظت مصادر نيابية أن ما تضمنه المؤتمر الصحافي للجميل من دعوة لانسحاب المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ في جلسة 25 أيار الماضي المقصود بهذا الكلام رئيس حزب «القوات» سمير جعجع قبل أي مرشح آخر. واعتبرت أن الجميل كان منذ فترة طويلة مع الانتقال إلى ما يعتبره المرحلة الثانية داخل فريق 14 آذار وهي الاتفاق على مرشح آخر غير جعجع وهو الأمر الذي يعارضه رئيس القوات. واعتبرت المصادر أن كلام الجميل يحمل صراحة جعجع مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية.
لكن مصادر كتائبية قالت لـ»البناء» «إن الجميل قصد بكلامه إضافة إلى جعجع، رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون والنائب هنري حلو، إفساحاً في المجال أمام الحل التسووي»، لافتة في الوقت عينه إلى «أن الجميل لا يبغي من وراء هذه الدعوة طرح نفسه كمرشح لرئاسة الجمهورية لأن حظوظه شبه معدومة».
وبالعودة إلى موضوع الجلسة التشريعية، فقد أكدت مصادر مطلعة أن الأسباب الحقيقية لتعثر السير بعقدها مرتبطة بشكل أو بآخر بمسألة التمديد للمجلس النيابي، خصوصاً أنه في ضوء مواقف الرئيس بري المعلنة والرافضة للتمديد وإعلانه بأن كتلته ستصوت ضد التمديد إذا ما طرح في المجلس.
وتضيف المصادر أن تيار «المستقبل» الأشد حماسة للتمديد يريد التوصل إلى سيناريو حول هذا الموضوع لا يشكل إحراجاً له أكثر من غيره. ولذلك يحاول تأخير العمل التشريعي لإنضاج سيناريو التمديد لكي يشرك الآخرين في هذه الصفقة ليس ضمناً فحسب بل في الشكل أيضاً. وأكدت مصادر نيابية في المستقبل لـ»البناء» «أن جميع القوى السياسية تريد التمديد إلا أن الخلاف الحاصل اليوم حول من سيتحمل وزر التمديد».
لا قرار داخل «14 آذار» حول التمديد
وأوضحت مصادر في 14 آذار آن ليس هناك قرار موحد داخل هذا الفريق بما يتعلق بمسار الأمور حول الانتخابات النيابية وبالتالي لم يتخذ قرار بين الكتل النيابية المنضوية في هذا الفريق في حال طرح اقتراح من النائب نقولا فتوش في الجلسة التشريعية عندما تنعقد. وقالت إن تيار المستقبل كان أعلن صراحة أنه مع التمديد بينما «القوات اللبنانية» تحاذر الإعلان صراحة عن ذلك لكنها عندما يطرح هذا الأمر في الجلسة التشريعية ستصوت إلى جانبه في حين أن حزب الكتائب الذي أعلن أنه لن يحضر الجلسة التشريعية لا يمانع بالأساس بحصول تمديد تقني.