سياحة متأخرة في بقعة مقفرة… الجامعة العربية تسبح في البحر الميت
اياد موصللي
الجامحة العربية التي تخطت منذ أنشئت حتى اليوم كلّ مفاهيم الجمع والوحدة والتضامن والتعاون، ما كان لها في جميع المناسبات القومية والوطنية وقفة عزّ.. بل كانت في معظم قراراتها ومواقفها تمثل «صوت سيده»…!
كيانات هزيلة نتج عنها تجمع هزيل.. وما أكثر هذه التجمعات عند العرب.. فمن دول مجلس التعاون الخليجي.. الى دول المغرب العربي.. الى اتحاد الجمهوريات العربية بين مصر والشام واليمن، الى جامعة الدول العربية..
وجميع الصفات السلبية تنطبق على هذا الجمع المنافق وللسلبيات مرافق، واصدق ما يوصف به هو ما قاله جبران خليل جبران في وصف الأمة الذليلة..
قال جبران خليل جبران: ويل لأمة… تنصرف عن الدين الى المذهب، وعن الحقل الى الزقاق، وعن الحكمة الى المنطق.
ويل لأمة… تكره الضيم في منامها وتخضع اليه في يقظتها، ويل لأمة لا ترفع صوتها إلا اذا سارت وراء نعش، ولا تفاخر إلا اذا وقفت في المقبرة، ولا تتمرّد إلا وعنقها بين السيف والنطع..
ويل لامة… سياستها ثعلبة وفلسفتها شعوذة أما صناعتها ففي الترقيع.
ويل لأمة… تقابل كلّ فاتح بالتطبيل والتزمير، ثم تشيّعه بالفحيح والصفير، لتقابل فاتحاً آخر بالتزمير والتطبيل..
ويل لأمة… عاقلها أبكم، وقويّها أعمى ومحتالها ثرثار.
ويل لأمة… كلّ قبيلة فيها أمة…
هذه الجامعة الجامحة المتفلّتة من كلّ القيم والصفات والمفاهيم الكبيرة والعظيمة.. تألّفت لتجمع ففرّقت… تألّفت لتحمي حقوق الشعوب العربية فكانت أحد أسباب ضياع هذه الحقوق وسلبها..
لم نجد لها موقفاً لا فعلياً ولا صوتياً.. حيث حدثت الاعتداءات والحروب التدميرية على الدول العربية ولم تتخذ ايّ موقف إيجابي، بينما نجدها تسارع للتأييد وتنفيذ الإملاءات عندما يكون القرار صادراً عن جهات خارجية ولا مصلحة قومية فيه…!
لن نبعد كثيراً.. اليمن الذي يدمّر حجراً وبشراً ماذا فعلت من أجله.. سواء كان ما يجري هو حق أو باطل، فما هو دور هذه الجامحة في إنقاذ البشر وحماية الطفولة والأرواح والنفوس؟
ما جرى قبله في ليبيا ماذا فعلت هذه الجامحة غير إعطاء بصمة إبهامها للعدوان…؟
الحرب على العراق من قبل دول أجنبية ومباركة منها هل هو جزء من قانونها…؟ اذا كانت اية دولة انحرفت وأساء نظام حكمها لشعبه وأمته.. هي التي يتوجب عليها ان تتدخل لا ان تطلب او تسمح لأجنبي ان يدمّر ويقتل ويهدم دولة عربية من أجل إسقاط نظام او تغيير حكم…!
هذه الجامحة ماذا فعلت لفلسطين؟ ماذا فعلت للبنان عندما انقلبت ساحاته مرتعاً للقتال والاحتراب والاحتلال…؟
لكننا لا نعجب ولم نعجب عندما أوقد حطب الفتنة في الشام ورأينا هذه الجامحة تصبّ الزيت على النار وتلغي مقعد سورية من هذا المجلس… ولم نعجب عندما انتخب امينها العام الحالي وهو أشهر من نار على بيرق العمالة والانحراف.
ما هو جدول أعمال هذه القمة؟
أهو:
ـ وقف حرب القتل والتدمير في اليمن ووضع حدّ لما تقوم به السعودية وقطر ودول خليجية عربية.
ـ وقف تدخل السعودية وقطر ودول أجنبية وتركيا في طليعتها ضدّ سورية مالياً وعسكرياً وسياسياً…
ـ وقف الإرهاب في العراق وهو صنو الإرهاب في الشام وهما من عائلة واحدة ويحملان هوية واحدة…
ـ ما هو جدول الأعمال لهذه القمة الهامة التي سوف تنعقد في الأردن وفي المكان الذي يطابق اسمه ما يعقد فيه البحر الميت…
قمة البحر الميت كلّ ما سيصدر عنها هو ميت… ولن تستطيع إحياءه او إنقاذه، كلّ ما سيصدر عنها هو بمثابة شهادة وفادة.
فهل ستعيد الحياة للقدس والمسألة الفلسطينية وتوقف الاستيطان وتوسع عملية الإسكان والاستيلاء على الأملاك الفلسطينية؟
هل توقف ما يجري في البحرين من عسف وظلم؟
هل توقف ما يجري في اليمن السعيد الذي أصبح يدمّر على يد الأهل كما يدمر العبيد وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة وقسوة…؟
هل تعتقد أمانة الجامحة وأعضاؤها انّ هذه الهيئة بدون سورية لها فعل ووجود حتى تقوم بعقد اجتماع في ظرف دقيق من تاريخ أمتنا…؟
هل تستطيع هذه الجامحة ان تقطع الأيدي التركية والإسرائيلية والعربية التي تدفع الأموال وتقدّم الأسلحة وتدفع الرواتب للمقاتلين الإرهابيين…؟
سورية لا تسعى للعودة الى كرسيّها في هذه المنظمة، بل المنظمة هي التي سوف تسعى لكي تطلب من سورية ان تعود…
هل ستقوم الجامعة الجاحة بإصدار بيان مشترك مع إسرائيل يدين تدخل حزب الله في الشام وتهديده للمستعمرات الصهيونية.. او سوف تقوم بإنشاء تحالف إقليمي مع إسرائيل ضدّ إيران كما صرّح نتن ياهو .
الجامعة التي تجتمع اليوم على ضفاف النهر الميت لن تنقذ غريقاً ولن تردّ الروح لميّت، ستبحث هذه القمة الثامنة والعشرون في المسائل السورية ـ العراقية واليمنية والليبية والفلسطينية..
ايّ انّ كلّ هذه اللّمة ستكون على مائدة هذه الجامعة المبدّدة المفرّقة والمدعو إليها أمين عام الأمم المتحدة لإعطائها درساً كيف يكون بيع المزاد العلني للقضايا الوطنية..
عناوين المجتمعات العربية كلها في هذه القمة التي انشغلت بكلّ شيء إلا بما أنشئت لأجله ومن أجله وهو وحدة العرب وحماية حقوقهم والدفاع عن قضاياهم وفي طليعتها المسألة الفلسطينية وحقوق أهلها..
سينعقد مجلس الجامعة على أصوات ودوي القذائف والصواريخ الإرهابية في سورية المنطلقة من حدود الأردن.
وسيمسح الممثل السعودي القطري دموعه وهو يرى خذلانه بيد القوى السورية المدافعة عن أرضها ووطنها بكلّ المفاهيم والشعائر القومية والروحية وبالبطولة المؤيدة بصحة العقيدة.
هنالك مثل يقول: «إذا لم تستح فافعل ما تشاء». كذلك سيبرهن معظم دول الجامعة بأنهم سيجسدون هذا المثل عندما سيطرحون ما تطرحه «إسرائيل» وهو انّ حزب الله إرهابي وتدخّله في الشام مناف للتضامن العربي وهو عدوان…!
ولن يثيروا ايّ أمر له علاقة بفلسطين و»إسرائيل».. وعفا الله عما مضى..
ونختم يا امة ضحكت من جهلها الأمم.. يا عروبة أفلست…