الصمت الأميركي ـ السعودي على سقوط صنعاء

حميدي العبدالله

لوحظ أنّ الانتصارات التي حققها زحف الحوثيين وحلفائهم والسيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء لم يواجَه بردّ فعل من تلك التي اعتادت عليها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية عندما تهدّد قوى مناهضة لسياستهما مواقع دول وقوى حليفة لهما، فهل اليمن لا يمثل موقعاً استراتيجياً بالنسبة إلى الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية كي لا يكون هناك أي ردّ فعل؟

لا شك أنّ اليمن الذي يسيطر على مضيق باب المندب، والذي يشترك بحدود طويلة مع المملكة العربية السعودية التي تختزن مصالح أميركية هامة وحيوية واستراتيجية، وتأثير ما يجري في اليمن على الأوضاع في السعودية ومجمل منطقة الجزيرة العربية والخليج، لا يمكن معه وفي ظلّ كلّ هذه العوامل اعتبار ما يجري بأنه لا يهمّ واشنطن والرياض، ولا يشكل تهديداً لسياستهما في المنطقة وعلى مستوى العالم.

إذن… لماذا لم يكن هناك ردّ فعل رسميّ حادّ، ولا عملية تجييش إعلامية مثل العمليات التي تلجأ إليها الولايات المتحدة والدول الدائرة في فلكها؟

هناك ثلاثة أسباب الأساسية تفسّر صمت واشنطن والرياض:

السبب الأول، أنّ الولايات المتحدة والسعودية بذلا كلّ جهد مستطاع على امتداد عشر سنوات، منذ الجولة الأولى للمواجهة المسلحة مع الحوثيين عام 2004 التي نفذها نظام علي عبدالله صالح، وانتهاء بالجولة السادسة مع الجيش السعودي، وفشلا في مواجهة الحوثيين، والعودة الآن إلى المواجهة المباشرة أكبر من طاقتهم، وهم غير قادرين على ذلك عملياً في ضوء تجاربهم في العقد الماضي، ولهذا التزما الصمت برغم تهاوي مواقع حلفائهم في اليمن، وسقوط ما عُرف بالمبادرة الخليجية، وسيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء.

السبب الثاني، حتى لو كان هناك من يطرح ضرورة التصدّي للحوثيين دفاعاً عن مواقع استراتيجية هامة، فإنّ واشنطن والرياض على قناعة بأنّ التهاب المنطقة في جبهات عديدة، وتحديداً في العراق وسورية وليبيا، إضافةً إلى أفغانستان وأوكرانيا، لا تترك لهم فائض قوة يمكن استخدامه في معركة من الصعب ربحها أولاً بفعل جغرافية اليمن الصعبة، وثانياً بسبب القدرات الكبيرة التي برهنت على فعاليتها في المواجهة لدى الحوثيين، وثالثاً بفعل الدعم الذي يحصل عليه الحوثيون من حلفائهم ولا سيما إيران.

السبب الثالث، احتمال أن تكون السعودية والولايات المتحدة باتتا على قناعة بأنّ الجيش اليمني والضربات الجوية غير قادرة على احتواء تصاعد نفوذ «القاعدة» في اليمن، وتراهن على الحوثيين للقيام بهذه المهمة، أو على الأقلّ ضرب الحوثيين بـ«القاعدة» من خلال وضعهم وجهاً لوجه، أكثر من ذلك هناك اعتقاد بأنّ تفسير ردّ فعل السعودية يعود إلى أنّ الحوثيين قضوا على «الإخوان» في اليمن».

لكلّ هذه الأسباب، وعلى الرغم من أنّ سقوط صنعاء يمثل خسارة استراتيجية أميركية – سعودية وحتى «إسرائيلية»، لم يكن أمام واشنطن والرياض من خيار سوى خيار الصمت والتجاهل، وربما السعي إلى الردّ على جبهات أخرى إذا تيسّر ذلك.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى