السنيورة و«الرسالة الخماسية»… نهاية مستقبل سياسي!

يوسف الصايغ

بعد رسالة الرؤساء الخمسة السابقين إلى قمة البحر الميت العربية، حيث تبيّن أنها لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت فيه، بدا لافتاً ما أعلنه رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة، الذي برّر توقيعه على الرسالة أنه جاء بصفته كرئيس سابق للحكومة، في خطوة فُهمت بأنها محاولة من السنيورة لعدم إحراج رئيس الحكومة ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري، لكن هذا التبرير لا يبدو مُقنعاً للقريب قبل البعيد.

أولى سهام الانتقاد للسنيورة جاءت عبر وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي يُعَدّ أحد صقور تيار المستقبل، حيث وصف الرسالة الخماسية بأنها خطيئة وطنية، ولعلّ هذا ما يُعتبر ردّاً مباشراً على السنيورة، من داخل تيار المستقبل الذي بات بعد تبنّي سعد الحريري خيار العماد ميشال عون في أزمة حقيقية، تمثّلت بإعلان عدد من نواب التكتل رفضهم خيار الحريري، وفي مقدّمهم السنيورة الذي كان حتى الأمس القريب الممثل الأول لسعد الحريري ورئيس التيار بالوكالة، قبل أن يعود الأخير من منفاه الاختياري ويسير بالتسوية الرئاسية التي ضمنت عودته الى السراي الحكومية، وهنا بدأت نقطة التحوّل في علاقة الحريري بالسنيورة الذي رفض ضمنياً خيار الحريري لكنه لم يجاهر علناً بموقفه، الا أنّ المحيطين بكواليس التيار الأزرق يعرفون حقيقة موقف السنيورة، وفي هذا السياق يتمّ النظر إلى مسألة عدم ترؤس السنيورة لاجتماعات كتلة المستقبل النيابية بعد عودة الحريري، إلا في الحالات الطارئة كغياب الحريري عن لبنان، وهذا ما حصل في الاجتماع الأخير للكتلة إبان مغادرة الحريري الى عمّان برفقة رئيس الجمهورية ليشاركا في القمة العربية، وبالتالي لم يعُد للسنيورة أيّ دور يذكر في تقرير سياسة التيار أو تحديد موقفه من المستجدات على الساحة السياسية.

وفي السياق تنظر مصادر مطلعة إلى الرسالة الخماسية بأنها محاولة في جزء منها إلى استعادة دور فقده بعض المتضرّرين من التوافق بين الرئيسين عون والحريري، ومن ضمنهم السنيورة الذي بات فعلياً خارج دائرة اهتمام رئيس المستقبل، الذي طالته الرسالة بشكل أو بآخر، ما قد يدفعه الى الردّ على خطوة السنيورة بالاستغناء عنه في الاستحقاق الانتخابي المقبل بعدما قلّص دوره وصلاحياته بعد عودته إلى لبنان، وهو ما يمكن تفسيره بنهاية مستقبل السنيورة السياسي.

ما سبق ذكره ترافق في مرحلة سابقة مع المعلومات التي تحدثت عن العلاقة الجيدة التي تربط السنيورة باللواء أشرف ريفي الخارج من عباءة تيار المستقبل، حيث يجمع الرجلين استياؤهما من سياسة الحريري الجديدة وانفتاحه على خصوم الأمس، وهناك مَن يتحدّث عن احتمال ترجمة هذه العلاقة بتحالف انتخابي في الاستحقاق المقبل، حيث بات واضحاً أنّ ريفي سيشكّل لوائح منافسة لتيار المستقبل، في مناطق نفوذه، وربما يرأس السنيورة إحدى هذه اللوائح في صيدا أو بيروت .

وإلى جانب علاقته المتردّية مع الرئيس الحريري برز أيضاً الفتور في العلاقة بين السنيورة من جهة، والنائب بهية الحريري ونجلها أحمد، أمين عام تيار المستقبل، من جهة ثانية، والذي بدأت أولى ملامحه في الانتخابات البلدية الأخيرة، حيث حاول السنيورة السير بشريكه رجل الأعمال محمد زيدان ليترأس المجلس البلدي، في وجه رئيس لجنة تجار صيدا علي الشريف المحسوب على بهية الحريري، قبل أن ينقذ رئيس البلدية الحالي محمد السعودي الموقف من خلال قبوله بالترشح لولاية جديدة.

إذاً… وفي صورة عامة للمشهد يبدو أنّ تداعيات خيارات الحريري السياسية لا تزال تلقي بظلالها داخل تيار المستقبل وكتلته النيابية، فالنائب أحمد فتفت بات غائب كلياً عن السياسة الزرقاء، ووزير العدل السابق أشرف ريفي أعلن الطلاق النهائي مع الحريري وتياره، وخالد الضاهر بات خارج العباءة الزرقاء، وفؤاد السنيورة لا يبدو بعيداً عن سلوك هذا الدرب…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى