السلسلة تُحسم اليوم والاتجاه إلى تجزئتها
هتاف دهام
وأخيراً ستقرّ سلسلة الرتب والرواتب غداً السبت في الهيئة العامة للمجلس النيابي، بعدما تكون اللجان المشتركة قد أنهت اليوم دراسة كلّ بنود القانون، تماشياً مع إصرار رئيس المجلس النيابي نبيه بري على الوفاء بالوعد الذي قطعه لهيئة التنسيق النقابية.
ستبحث اللجان في اقتراح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تجزئة السلسلة على 5 سنوات، مع الاتجاه إلى إقرارها على 3 سنوات. وبحسب مصادر نيابية إذا لم يتمّ الاتفاق على ذلك، فإنّ التجزئة ستحال على غرار TVA إلى الهيئة العامة.
بجدية، التأمت اللجان المشتركة أمس برئاسة الرئيس نبيه بري، ناقشت الغرامات على الأملاك البحريّة لثلاث ساعات. حصل تباين في الآراء بين الكتل النيابية، وأيضاً داخل الكتلة الواحدة. فأقرّت غرامة وحيدة على الأملاك البحرية، وحدّدت صيغتها مع مفعول رجعي لخمس سنوات، كالآتي: 2,5 في المئة من قيمة العقار و7.5 في المئة على مخالفات البناء، مع تحفظ نوّاب كتلة الوفاء للمقاومة على المفعول الرجعي لبند الغرامات، وطالبوا بأن تكون الغرامة من تاريخ حصول المخالفة. وقبل بت المادة، شهدت القاعة احتداماً في النقاش بعدما قدّم وزير المال علي حسن خليل شرحاً عن نسب الغرامات. وكشف أنّه كان طلب رأياً قانونياً من هيئة التشريع والاستشارات في شأن موضوع الغرامة على الأملاك البحريّة، وأشار إلى «أنّ جواب هيئة التشريع والاستشارات أوضح أنّه لا يمكن رفع الغرامة، لأنّ ذلك مخالف للقواعد العامة، لأنّ الأملاك العامة لا تباع ولا تسقط بمرور الزمن، والغرامة تفرض شهرياً منذ بدء فعل التعدي حتى إزالته.
أصرّ حزب الله على موقفه. انقسم نواب تيار المستقبل، أيد نواب الشمال من هذا التيار نواب الوفاء للمقاومة، لجهة أنّ المفعول الرجعي يعود إلى بدء الإشغال، فيما أكد كلّ من نواب «التغيير والإصلاح» و»المستقبل» البيروتيين، وبعض نواب التنمية والتحرير لا سيما النائب ياسين جابر، على ضرورة أن يكون المفعول الرجعي 5 سنوات إلى الوراء، فيما اقترحت «القوات» على لسان النائب جورج عدوان أربع سنوات إلى الوراء.
انسحب النائب علاء الدين ترو من الجلسة متهماً النواب بأنهم «لا يريدون تمويل السلسلة، وأنّ البعض ينتظر اتصال أصحاب الرساميل للسير بالسلسلة».
مرة جديدة يسقط النواب في زواريب مصالحهم الخاصة. سارعوا عند البحث في سنوات المفعول الرجعي إلى مراعاة مصالحهم الخاصة، كثيرون منهم من أصحاب المؤسسات والمستثمرين، ومراعاة أصحاب الرساميل الكبرى. بسرعة قصوى حط وزير السياحة في ساحة النجمة، لينقل غضب أصحاب المنتجعات السياحية الذين هدّدوا بالاعتصام وتسليم المفاتيح. لم يحدّدوا لمن ستسلم هذه المفاتيح. إلا أنّ وزير المال علي حسن خليل علّق ساخراً: «يعطونا المفاتيح إلنا».
أخذ النقاش أيضاً طابعاً طائفياً، سارع النائب انطوان زهرا إلى القول: لماذا لا تفرض غرامات على المطار والبور بإشارته إلى أنّ الشيعة يحتلون هذين المرفقين الحيويين . أما النائب نديم الجميل فنطق كفراً، ساوى الناس المهجرين بالمستثمرين على الأملاك البحرية، وطرح معتدّاً بطرحه إلى فرض الغرامات نفسها التي ستفرض على المؤسسات السياحية والمستثمرين، على المهجرين الذين أقاموا بيوتاً مخالفة لهم في الاوزاعي وخلدة.
ولما كانت جمعية المصارف هدّدت بأنّ إقرار الإجراءات الضريبية المقترحة من قبل اللجان النيابية المشتركة، في الهيئة العامة سيدفع المصارف إلى اتخاذ موقف سلبي يقضي بوقف تمويل الدولة والتوقف عن الاكتتاب بسندات الخزينة. أعقب ذلك إصدار قرار بإقفال المصارف اليوم في موقف احتجاجي. أصرّ رئيس المجلس النيابي على الإجراء المقدم من النائب علي فياض الذي ينص على رفع معدلات الفائدة من 5 في المئة إلى 7 في المئة، لا سيما أنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من داعمي هذا الاقتراح.
بعد ذلك انتقلت اللجان النيابية في المرحلة الثانية التي ترأسها النائب إبراهيم كنعان إلى الجداول، كمفهوم للسلسلة والأسلاك، أي الفئات والدرجات والرتب فدرست 12 مادة وأقرت 11.
بدأت بالمادة الأولى التي تتعلق برفع الحدّ الأدنى للأجور في الإدارات والبلديات العامة والجامعات والمؤسسات العامة إلى 675 ألف ليرة، فأقرّتها.
وعلقت المادة الثانية المتعلقة بتحويل سلاسل ملاك الإداري العام والسلك الخارجي وتحويل سلسلة رتب أفراد الهيئة التعليمية وتحويل سلاسل العسكريين.
وأقرّت المادة الثالثة التي تلغي جميع مفاعيل السلاسل السابقة وتحدّد مهام الإجراءات المترتبة على نقل الموظفين من وظيفة إلى أخرى.
وأقرّت المادة الرابعة التي تحدّد من الموظفين فقط من يستفيد من فرق زيادة المقرّرة بموجب القانون 173/2011 والزيادات التي حصل عليها.
وأقرّت أيضاً المادة الخامسة التي تؤكد حق التفتيش التربوي بالدرجات الاستنسابية التي تحصل عليها الهيئات التعليمية.
وأقرّت المادة السادسة التي تحدّد أنّ المهندس والطبيب والصيدلي لا يستفيد من متمّمات الراتب المخصص له إلا في حال كان يشغل وظيفة يُشترط لإشغالها حيازة شهادة في الهندسة أو الطب أو الصيدلة.
وأقرّت المادة السابعة التي تنص على ألا تدخل الدرجات الاستنسابية التي تعطى لبعض الموظفين بموجب قوانين خاصة باحتساب الدرجات المطلوبة للترفيع من فئة إلى فئة أعلى ضمن الفئة.
وأقرّت أيضاً كلّ من المادة الثامنة التي تحدد حقوق التدرّج للموظفين، والتاسعة التي للفئات الأولى والثانية والثالثة متممات الراتب وفقاً للجدول 25، والتي تعيّن الحدّ الأقصى لساعات العمل الإضافي بأربعين ساعة شهرياً، والمادة العاشرة التي تعطي للفئتين الثانية والثالثة لأفراد المرحلة الثانوية والتعليم والمهني والتقني، العاملين في الخدمة الفعلية في تاريخ صدور هذا القانون، 6 درجات استنسابية، مع اقتطاعها من حقهم في القدم المؤهل للتدرج، والمادة الحادية عشر التي حدّدت شرطاً للتعليم الثانوي والفني حيازة شهادة عليا في الماجستير في الاختصاص بالإضافة إلى شهادة الكفاءة.
وأقرت المادة الثانية عشر التي أعطت أفراد الهيئة التعليمية في ملاك التعليم الرسمي والابتدائي والمتوسط وأفراد الهيئة التعليمية من الفئة الرابعة، العاملون في الخدمة الفعلية من تاريخ صدور هذا القانون المعينون قبل عام 2010 ، 6 درجات استنسابية. وتخلل هذه المادة قبل إقرارها نقاش حول الأساتذة الذين عيّنوا بعد هذا التاريخ حملة الإجازات الجامعية لا التعليمية الذين عينوا في الدرجة 15.
غزل «القوات» بحزب الله لدواع انتخابية
ولما كان النواب يبحثون عن إيرادات لسلسلة الرتب والرواتب من خلال فرض ضرائب جديدة. صوّت أصحاب السعادة صباح أمس على اقتراح معجل مكرّر لإعفاء غرامات على المكلفين بنسبة 90 في المئة المتعلق بالميكانيك والمقدّم من النائب ياسين جابر لغاية 30/9/2014.
لم تستغرق الجلسة الصباحية التي بدأت عند الحادية عشرة إلا خمس دقائق أكثر من ساعتين. هذه الجلسة كان بالإمكان أن لا تعقد، لولا مداخلات أصحاب السعادة، في الجلسات الماضية. لم يستطع النائب انطوان زهرا المنزعج من الكلام الذي لا جدوى منه في غالبية الأحيان، إلا أن يبدي رأيه في الكثير من النواب، باعتباره أنّ هذه الجلسات لو عقدت من دون إعلام لكنا انتهينا بجلستين لا أكثر، فالنواب يكثرون الكلام والاستعراض عند كلّ اقتراح لدواع انتخابية وشعبوية، ما يطيل الجلسات ويضيع الوقت. استثنى زهرا نواب حزب الله و»القوات» من حفلة المزايدات داخل القاعة.
يعتبر النواب أنهم يدافعون عن الناس ويعملون لتحصيل حقوقهم. فيما يقوم هؤلاء بأشياء غير مقبولة. وأمام ذلك شهدت الجلسة على غضب النائبين نبيل نقولا واميل رحمة، على خلفية اتهام بعض الأشخاص على إحدى الشاشات للنواب بالسرقة، وأن ما يتقاضونه يساوي 25 مليوناً وهذا غير مقبول، متمنين على المجلس النيابي أن يأخذ موقفاً من هذا الموضوع. وأيد النائب أحمد فتفت زميله نقولا، لكنه اعتبر أننا مسؤولون عن ذلك إذ إننا نتهم بعضنا بعضاً.
نواب يؤيدون الضرب
وفي الجلسة العامة التي ترأسها الرئيس بري أعيد طرح اقتراح النائب سيمون أبي رميا القاضي بمنع ضرب الأساتذة للأولاد، منعاً للالتباس. سقط مطلب النائب سيمون أبي رميا إلغاء المادة التي تجيز للأهل والأساتذة ضرب الأولاد. صوتّ بالمناداة بناء على طلب النائب سامي الجميّل 34 نائباً مع الإلغاء ومنهم تمام سلام، أحمد فتفت، غازي يوسف وجمال الجراح. وصوّت 36 نائباً منهم الوزير النائب بطرس حرب والنواب: نقولا فتوش، اميل رحمة واسطفان الدويهي ضدّه، فسقط إلغاء المادة بفارق صوتين، وصُدّق على الاقتراح معدّلاً وفق الصيغة التي طرحها النائب علي فياض: «يجيز القانون التأديب اللاعنفي الذي يمارسه الآباء والأمهات ضدّ أولادهم على ألا تترك أي اثر على صحتهم النفسية والجسدية». كما أقرّت الجلسة العامة اقتراحاً للنائب روبير فاضل الذي يمنح أذونات وتراخيص لإنتاج الكهرباء للقطاع الخاص بقرار يُتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح يقدّم من وزيري المال والطاقة والمياه، وذلك لسنتين إلى حين تعيين أعضاء الهيئة الناظمة للكهرباء. وأوضح فاضل أنّه بعد إقرار مجلس النواب اقتراح القانون يصبح بإمكان الحكومة أن تتعاقد مع القطاع الخاص لتوليد الكهرباء حتى تصل التغذية بالكهرباء للمواطن 24 ساعة على 24. وشدّد فاضل على «أنّ القانون سيسمح بتأمين الكهرباء 24 ساعة على 24، ويستطيع أيضاً أن يخفف العجز وأن نصرفه في أماكن أهم من عجز الكهرباء كسلسلة الرتب والرواتب».
ارتاح فاضل لموقف نواب الوفاء للمقاومة. ترك كرسيه وتوجه إلى مقاعدهم لإلقاء التحية وشكرهم على تأييدهم اقتراحه الذي كان من المفترض أن يقدمه فاضل والنائب فياض الذي دار بينه وبين النائب نوار الساحلي نقاش جانبي حول هذا الاقتراح لجهة إضافة بعض التعديلات. أما الوزير محمد فنيش فذكر أنّ هذا الاقتراح لم تتمّ الاستفادة منه لأنّ الهيئة الناظمة لم تشكل. ولما كان من المفترض أن يشكل وزير الطاقة يومذاك جبران باسيل هذه الهيئة قال بري: بصورة موقتة ولمدة سنتين، والى حين تعيين أعضائها تمنح أذونات وتراخيص الإنتاج بقرار من مجلس الوزراء بناء لاقتراح وزيري الطاقة والمياه والمال، ولمجلس الوزراء تكليف المجلس الأعلى للخصخصة بإعداد الملفات ذات الصلة.
أما النائب سامي الجميّل فقال: إنه أصبح بإمكاننا أن نوفر على الدولة أكثر من مليار ونصف المليار دولار سنوياً كهدر وتغطية عجز عن كهرباء لبنان بتحرير الإنتاج بالقانون الذي أقرّ اليوم». سامي «المبسوط من القانون» أشار إلى أنّ إقراره «خطوة أولية لوقف هدر الأموال ولاستعادة ميزان المدفوعات للدولة اللبنانيّة، وإعطاء القدرة للدولة اللبنانيّة بتمويل مشاريع اجتماعيّة، وللوقوف إلى جانب المواطن اللبناني سواء في موضوع سلسلة الرتب والرواتب وغيرها من الخطوات اللاحقة».
في الجلسة أثار النائب حسن فضل الله موضوع المتعاقدين في وزارة الإعلام، متحدثاً عن اقتراح قانون أنجزته لجنة الإعلام منذ مدة بعيدة وحولته إلى لجنتي الإدارة والمال، والنظام الداخلي يتيح تحويله إلى الهيئة العامة بعد شهر.
وأوضح بري انه بعد الانتهاء من موضوع سلسلة الرتب والرواتب فإنّ أول موضوع سيطرح على اللجان هو استعادة الجنسية والأمر الثاني هو هذا الموضوع متعاقدي الإعلام. وطرح اقتراح القانون المعجل المكرّر الرامي إلى تخفيض الغرامات المتوجبة على متأخرات الرسوم البلدية المترتبة على المؤسسات السياحية، فتبيّن أن لا لزوم له.
وطرح اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى ترقية مفتشين في المديرية العامة للأمن العام من رتبة مفتش ممتاز وما فوق إلى رتبة ملازم، فأحيل إلى لجنة الدفاع والداخلية والبلديات.
وأبقى بري اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى تحديد نسبة الزيادة على بدلات الإيجار الخاضعة للقانون رقم 160/92 على ضوء زيادة غلاء المعيشة المعمول بها ابتداء من أول شباط 2012 المقدّم من النائب ياسين جابر، على جدول الأعمال إلى الجلسة المقبلة. هذا الاقتراح الذي شهد تبايناً في المواقف بين الوزير علي حسن خليل والنائب جابر الذي وفق النواب في اللجان المشتركة، تتطابق سياسته مع أصحاب الرساميل الكبرى.
برّي: إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا
وبّخ رئيس مجلس النواب نبيه بري بعض النواب الذين يدخنون في قاعات المجلس وأروقته، في إشارة الى النائب سيرج طورسركسيان الذي دخن «السيجار» أول أمس داخل جلسة اللجان المشتركة ما أزعج النائب علي عسيران.
وقال بري: «انّ التدخين ممنوع، أقلّه في المؤسسة التشريعية التي أقرّت قانون منع التدخين. هذه معصية». وتابع ضاحكاً: «اذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا».