أمل والتيار الوطني الحر ملامح أزمة؟
روزانا رمّال
تزامن كلام وزير المالية علي حسن خليل مع تخصيص مقدمة نشرة أخبار تلفزيون «ان بي ان» التابع لحركة أمل لموضوع واحد هو ما نشر في الجريدة الرسمية عن قرار مجلس الوزراء حول خطة الكهرباء التي قدّمها وزير الطاقة سيزار أبي خليل ممثلاً التيار الوطني الحر في مضمون الكلام الذي قاله وزير المالية إن الخطة أقرّت من حيث المبدأ وإن مجلس الوزراء لم يوافق على تفاصيلها، بل قرّر أن يعود الوزير في كل مرة لإعداد دفتر شروط او إقرار مناقصة لأخذ موافقة مجلس الوزراء ومناقشة التفاصيل، فيما ذهبت مقدمة «ان بي ان» الى القول إن ما نشر في الجريدة الرسمية عن قرار مجلس الوزراء هو تزوير.
مصادر متابعة للعلاقة بين حركة أمل والتيار الوطني الحر استبعدت لـ«البناء» أن تصل قضية خطة الكهرباء وأي خلاف بصددها إلى مستوى توصيف النشر بالجريدة الرسمية بالتزوير وحاجة وزير المالية للإدلاء بتصريح خاص بالأمر، إلا اذا استنفدت القنوات الثنائية بين الطرفين فرص الوصول لتسوية أو تفاهم حول موضوع الخلاف. وهذا ما لا يمكن أن يحدث بين حليفين كما كانت توحي الأنباء المتواترة عن تقدّم الحوار لصياغة تفاهم وتوقيعها أسوة بما حدث بين التيار الوطني الحر وحزب القوات وما حدث بين التيار وحزب الله، فهل هي أزمة شبيهة بالتي جرت بين التيار والقوات اللبنانية حول الموضوع نفسه؟ وهي من نتاج تسوية الأزمة بين التيار والقوات جاءت على حساب الحليف الآخر، يتساءل المصدر.
القضية التي أثارها تصريح وزير المالية تتهم مَن صاغ القرار للجريدة الرسمية بمحاولة منح وزير الطاقة صلاحيات تعود حصراً لمجلس الوزراء مجتمعاً وتهميشاً لدور الشراكة الحكمي لوزارة المالية، طالما يجري الحديث عن إنفاق مال عام. وهذا الأمر التقني بين الوزارات وبين وزارة الطاقة ومجلس الوزراء ما كان ليظهر على الإعلام كأزمة سياسية بين وزيرين يمثل كل منهما تياره السياسي ويصل فيها الاتهام إلى حد استخدام مصطلح «التوزير» لو كان متاحاً الوصول لتفاهم رضائي يصحّح ما يستدعي التصحيح ويوضّح ما يحتاج التوضيح.
وفي السياسة، وفقاً لمصدر مطّلع لا تبدو العلاقة بين التيار وأمل في ما يخصّ الملف الرئيس الذي تقف البلاد عند عنق الزجاجة في مواجهته على ما يُرام فقانون الانتخاب الذي يشكّل عقدة العقد وما سيؤول إليه العقد، في ما لو فشل النواب والمعنيون في استصدار قانون جديد يلقى التوافق يطرح المقاربتين المختلفتين لكل من التيار وأمل الواحدة في مواجهة الأخرى، بينما حزب الله الذي لا يزال على الحياد سيكون مضطراً لحسم موقفه، عندما تقترب الاستحقاقات والآجال.
بالعودة الى موقف التيار الوطني الحر وقانون الانتخاب يبدو التيار متمسكاً بالصيغ التي لا تلقى قبولاً عند أمل للقانون، سواء ما يتّصل منها بالصوت التفضيلي على الصوت الطائفي، وما يعنيه من عودة ضمنية للقانون الارثوذكسي أو في النيات التي تحكم توزيع المقاعد بين الأكثري والنسبي في الدوائر لجهة ما تُخفيه من توافق بين التيار والقوات على فعل الممكن لإقصاء سليمان فرنجية في الشمال الذي يشكّل حليفاً لا تنازل عنه بالنسبة لرئيس المجلس النيابي نبيه بري وحركة أمل وكذلك لحزب الله.
أما في ما ستؤول إليه الأوضاع في ما لو استمر العجز عن انتاج قانون جديد للانتخابات فتتباين رؤى التيار وأمل أكثر. وقد أفصح وزير الخارجية جبران باسيل كرئيس للتيار الوطني الحر عن تبنيه لنظرية التصويت في الحكومة والمجلس النيابي على مشاريع القوانين المختلفة للانتخابات، بينما يُصرّ رئيس المجلس النيابي رئيس حركة أمل على رفض التصويت على الأقل في المجلس النيابي واعتبار الحكومة مسؤولة عن إحالة مشروعها إلى المجلس، حيث يحرص بري هناك على إدارة مطبخ التوافق، وقد سبق له أن ردّ على دعاة الاحتكام للتصويت بأن إقصاء مكوّن لبناني يعادل الذهاب الى حرب أهلية وتشرح قيادات حركة امل موقفها من رفض التصويت على القانون والإصرار على التوافق حوله بالتذكير بكل انتخابات جرت وفق صيغ إقصائية لأطراف لبنانيين، خصوصاً ما جرى منها في عهد الرئيس كميل شمعون عام 1958 وأدت إلى ثورة تحوّلت حرباً أهلية وتذكّر أيضاً بموقف الرئيس بري الذي ارتضى التمديد للمجلس النيابي عام 2013، لأن تيار المستقبل اعلن انه لن يشارك في الانتخابات فعدم مشاركة مكوّن كالذي يمثله النائب وليد جنبلاط لا تقلّ خطورة عن مغامرة المجلس النيابي العام 58 ولا المغامرة التي رفض بري السير فيها العام 2013 بانتخابات تتحدّى تيار المستقبل.
البديل الثاني الذي يتبنّاه التيار الوطني الحر هو «التهوين» من خطورة الذهاب الى الفراغ ببلوغ المجلس النيابي الحالي والمدّد له نهاية ولايته ترك البلاد من دون مجلس نيابي، بينما يرى رئيس المجلس النيابي وترى حركة أمل أن الفراغ النيابي في نظام برلماني يعني سقوط النظام، فالنظام البرلماني يحتمل فراغاً في رئاسة الجمهورية وفق نص دستوري يتيح نقل صلاحيات رئيس الجمهورية إلى الحكومة مجتمعة، وقد خبرت البلاد هذه الحالة مراراً وتجاوزتها على مرارتها ويحتمل النظام البرلماني فراغاً بالحكومة أي عجزاً عن تشكيل حكومة جديدة لأشهر وأحياناً لسنوات فتبقى الحكومة المستقيلة تصرف الاعمال، أما الفراغ النيابي فيمنع إمكانية وضع قانون جديد للانتخابات بغياب المجلس الذي سيصدره ولا بديل عن المجلس النيابي في حق إصداره. وهذا يعني دفع البلد الى الفوضى الكاملة.