الصراع الليبي

كل يوم يمر على ليبيا وسط لغة السلاح والصراع يعني أن المساحة الزمنية أبعد للحوار، فالوضع المتردي يضع هذا البلد في أتون حرب أهلية، والحكمة تقتضي حماية وحدة البلاد أرضاً وشعباً عبر تصالح قواه، وتوافقها على خريطة طريق واحدة تقي من خطر تدخل خارجي.

ما يجري في طرابلس وفي بنغازي ومدن شرق ليبيا لا يختلف المراقبون وربما قطاعات واسعة من الشعب على أنه عنف ممنهج تقف وراءه أطراف بعينها تريد تفويض التدخل العسكري، فاستعجال بعض القوى التدخل يبدو وكأنه سعي إلى تنفيذ جزء من خطة إعادة رسم خريطة المنطقة.

ولهذا وجب الانتباه، فالأجندات الإقليمية حين تتوسع جيوسياسياً، فإن التاريخ يكشف بعد مدة طويلة أو قصيرة أن الذي يكون وراءها هو ترتيب خرائط مرسومة.

هناك مشكلة قديمة مرتبطة بشكل الثورة المسلحة في ليبيا وطبيعتها والمكونات التي قادتها، وزاد من حدتها عجز المكونات السياسية عن تدبير شكل وحجم مشاركة القوى الثورية المسلحة في السلطة وأجهزتها.

لكن هناك ثمة حاجة اليوم إلى قدر كبير من الحكمة بتكريس تحول سياسي توافقي، ومصالحة بين قوى الشعب المختلفة، ومساعدة الليبيين على القيام بأدوارهم بأنفسهم بدلاً من القيام بها عوضاً عنهم، حيث إن ذلك أسهم في تأجيج الوضع.

ولا شك في أن تجاوز خطر أي تدخل يتطلب حضور الدولة القوية بالقانون وقوة المؤسسات على أساس أن الوطن في كليته يعلو الجميع، ومن ثم فإن السير بعكس ذلك يعني تشريع الفوضى والانقسام والدعوة إلى الاحتراب الداخلي على حساب الحياة المشتركة في وطن هو لكل أبنائه.

من ثم فإنه للخروج من نفق هذه الاحتمالات الخطرة ومفترق الطرق الضيق يجب أن يتم استيعاب التباينات والخلافات على قاعدة الاحتكام لمقتضيات القانون ومعالجة تبعات الأزمة بكل عقلانية بعيداً من الضغوط الخارجية بالانتقال من مرحلة الشرعية الثورية إلى محطة الشرعية الدستورية، التي تكرس التحول الديمقراطي، الذي سيكون مدخلاً للأمن والاستقرار الأبدي في ليبيا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى