الراعي: عون لا يقبل الانتخابات من دون قانون جديد
دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى أن تستند التشكيلات والمناقلات القضائية التي سوف يُعدّها مجلس القضاء الأعلى، الى قواعد الكفاءة والخبرة ونظافة الكف، وأن تكون بعيدة عن التبعية السياسية لتتمكّن السلطة القضائية من ممارسة دورها في إحقاق الحق والعدالة والمساواة بين جميع المتقاضين حفاظاً على هيبة الدولة ووقارها، لاسيما أن القضاء هو الحجر المفتاح في بناء عقد المؤسسات. وشدّد على التكامل بين عمل السلطة القضائية والمؤسسات الأمنية لتحقيق الاستقرار الأمني الذي يتعزّز يوماً بعد يوم، والذي جعل مجلس وزراء الداخلية العرب المنعقد في تونس يقرّر عقد اجتماعه المقبل في بيروت بدعوة من وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق.
واعتبر رئيس الجمهورية هذا الموقف دليل ثقة بلبنان، وتأكيداً آخر على دوره في محيطه العربي، مقدّراً التجاوب الذي أبداه حيال الدعوة اللبنانية رئيس مجلس وزراء الداخلية العرب ولي العهد السعودي وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز والوزراء العرب المشاركون في المؤتمر.
ونوّه عون بالتضحيات التي تقدّمها القوى الأمنية في سبيل المحافظة على الاستقرار في البلاد، والتي كان آخرها استشهاد عسكريين من قوى الأمن الداخلي خلال تنفيذهما مهمات أمنية. وقال إن التضحيات التي يقدّمها العسكريون تشكل حافزاً للقوى الأمنية كافة على المضي في التشدد في تطبيق القوانين ولن تكون هناك أي هوادة في ملاحقة المخلين بالأمن، كما لن تكون هناك مناطق خارجة عن سلطة الأجهزة الأمنية.
وكان عون استهلّ نشاطه في قصر بعبدا باستقبال وزير العدل سليم جريصاتي ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد ورئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد الذي أدى قسم اليمين أمام الرئيس عون مرّتين: الأولى بصفته عضواً في مجلس القضاء الأعلى بحضور الوزير جريصاتي والقاضي فهد، والثانية بصفته عضواً حكمياً في مكتب مجلس شورى الدولة، بحضور الوزير جريصاتي ورئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر.
وبعد قسم اليمين اجتمع عون مع الوزير جريصاتي والقضاة فهد وصادر وسعد، وتداول معهم في عمل الجسم القضائي، حيث أكد الوزير جريصاتي أنه بعد أداء القاضي سعد القَسَم سيعمد مجلس القضاء الأعلى على درس التشكيلات والمناقلات تمهيداً لرفعها إلى وزير العدل كي تأخذ طريقها إلى رئاستي المجلس والحكومة. كما أكد القاضي فهد أن قسم اليمين سوف يتيح للقاضي سعد المشاركة بالإعداد لمشروع تشكيلات قضائية شاملة «مبنية على أسس موضوعية، يأمل المجلس من خلالها أن يحرّر المحاكم من عبء الانتدابات التي شملت ما يزيد عن 70 مركزاً قضائياً. وهي تشكيلات عامة تسبغ على القضاء حلة متجدّدة وتعطيه دفعاً جديداً، كما تضع أمام كل قاض تحدياً جديداً بعد أن مرّت 6 سنوات ونيّف على آخر تشكيلات شاملة: تشكيلات تساهم في الارتقاء بمستوى العدالة، وإرساء عدالة رشيدة نصبو إليها جميعنا. وإننا نعول على التعاون البناء مع وزير العدل وعلى رعاية فخامتكم بغية إقرار تشكيلات تعكس تطلعاتكم ورؤيتكم وتلاقي توق الناس إلى العدالة».
واستقبل عون الهيئة الجديدة للمجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام برئاسة بشارة الأسمر الذي أطلع رئيس الجمهورية على انتخاب أعضاء الهيئة وبرنامج عملها، عارضاً أبرز المطالب التي يدعو الاتحاد إلى تحقيقها لاسيما في مكافحة الفساد وإقرار سلسلة الرتب والرواتب وتصحيح الأجور وتنفيذ ضمان الشيخوخة وتفعيل التعليم الرسمي وتوحيد الصناديق الضامنة وتعزيز المستشفيات الحكومية والإسراع في إقرار خطة لرفع النفايات والاهتمام بالبيئة والكهرباء والمياه. وأكد الأسمر أن الاتحاد العمالي العام يدعم مواقف رئيس الجمهورية في تحقيق الإصلاح المنشود في البلاد.
وهنأ عون الهيئة الجديدة على ثقة العمال بها، مؤكداً العمل على تحقيق المطالب المحقة والعادلة، لافتاً الى أن مكافحة الفساد تأتي في أولوية اهتمامات الدولة في المرحلة الراهنة ومكننة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتشكيل المجلس الاقتصادي الاجتماعي ومعالجة قضية النفايات وغيرها من المواضيع الحياتية الملحّة، وصولاً إلى إقرار خطة اقتصادية تشمل جميع قطاعات الإنتاج.
واستقبل عون الوزير السابق ناجي البستاني وأجرى معه جولة أفق تناولت الأوضاع العامة في البلاد وقانون الانتخابات
ونقل البستاني عن رئيس الجمهورية الحرص على رفع أي غبن قد يلحق بالمتقاعدين العسكريين وأهالي الشهداء والمعوّقين في الجيش والأسلاك الأمنية كافة.
وتلقى رئيس الجمهورية من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي دعوة إلى رئيس الجمهورية للمشاركة في قداس عيد الفصح الذي سيُقام في بكركي يوم الأحد في 16 نيسان المقبل. وعرض معه الأوضاع العامة المحلية والإقليمية.
وبعد اللقاء، تحدّث الراعي إلى الصحافيين، وقال: «سُعِدت بزيارة رئيس الجمهورية، وكان لا بد منها بعد الزيارات التي قام بها للفاتيكان ومصر والقمة العربية، وقبلها للسعودية وقطر، وهنأته بالسلامة، كما شكرته على إعادة لبنان الى موقعه في الأسرتين العربية والدولية. وهنأته أيضاً بالكلمة التي ألقاها في القمة العربية في الأردن وبنتائجها الجيدة».
وأشار الى أنه «شاطَرَ رئيس الجمهورية الهموم الكبيرة على المستوى اللبناني والوطني، وفي طليعتها الأمن داخل لبنان، خصوصاً بعد خسارتنا عنصرين من قوى الأمن الداخلي كانا يقومان بواجبهما، ولا يمكن أن يبقى هذا الفلتان وطريقة التصرّف مع القوى والأجهزة الأمنية في لبنان، وقدّمت تعازيّ الى فخامة الرئيس».
وأضاف الراعي «من بين الاهتمامات الرئيسية التي نحملها أيضاً، قانون الانتخاب الذي لا يقبل الرئيس ولا نحن كلبنانيين، ان نصل الى هذا الاستحقاق بعد اثنتي عشرة سنة، من دون إقرار قانون جديد. فهذا أمر معيب، وكما نعلم، فإن رفض الرئيس لهذا الواقع نابع من الحفاظ على الكرامة الوطنية، لذلك نناشد المجلس النيابي أن يقوم بواجبه ويتوصّل لقانون انتخاب عادل وشامل يظهر أننا بلد ديموقراطي حقيقي تتمثّل فيه القوى اللبنانية كلها، ويكون للمواطن قيمته ويوصل صوته، ولا يجوز أن نستمر في هذا الشكل. كما نناشد ألا نصل الى الاستحقاق الدستوري من دون قانون، فالتمديد ليس مقبولاً في ذهنية أحد، ولا يكفي ان نردد رفضنا للتمديد وللفراغ ولقانون الستين، فليتفضل الجميع وليقروا قانوناً جديداً. كل هذه المواضيع يحملها الرئيس ونحن معه، واللقاء مع فخامته دائماً يشدّ عزيمتنا ويفتح آفاقاً إلى الأمام، ونعتمد على الارادة الالهية والارادة الطيبة لندعمه جميعاً وندعم الدولة التي تنتظرها استحقاقات كبيرة جداً».
وأكد أن «موقف بكركي بعيد عن الأمور التقنية التي يعود القرار بشأنها إلى الجهات السياسية ومجلسي النواب والوزراء. واليوم، نقول إنه فيما نادى النواب أنفسهم بقانون انتخابي جديد بدلاً من الستين، فليعمدوا إلى إقرار قانون بعدما قامت اول لجنة عام 2005 برئاسة المرحوم فؤاد بطرس بوضع مشروع قانون جديد. وعليه، فإن صيغة القانون تعود الى المراجع المعنية، أما نحن فمع قانون عادل وشامل وديموقراطي يظهر قيمة المواطن في لبنان».
ورداً عن سؤال عن علاقته بحزب الله، قال البطريرك الراعي «لم اتخذ أية مواقف جديدة، ولم أقل كلاماً فوق العادة، فما قلته يقوله الحزب نفسه. والعلاقة اليوم عادية وليس هناك من مشكلة. لم أتبلّغ أية مآخذ من الحزب. وهناك لجنة مشتركة تجتمع دورياً».
وعن رسالة «الرؤساء الخمسة» الى القمة قال الراعي «أية رسالة لم أتابع هذا الموضوع».
وفي قصر بعبدا وفد مجلس إدارة مؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية «ليبنور».