الرسائل الأولية للتوماهوك الترامبي على سورية
رامز مصطفى
أحداث دارماتيكية شهدتها الأزمة السورية في الأيام القليلة الماضية، منذ ما اتهمت به القيادة السورية عن سابق تصوّر وتخطيط من قبل أعدائها أنها المسؤولة عما تعرّضت له مدينة خان شيخون في الريف الإدلبي من قصف بالسلاح الكيماوي. لتتسارع معها وتيرة المطالبة بمعاقبة القيادة السورية ورئيسها الدكتور بشار الأسد، والردّ الحاسم على ما سمّي بوحشيته وارتكابه مجزرة بحق الإنسانية. لتنتهي حملة التحريض والتأجيج والنفخ في إقدام إدارة الرئيس ترامب على توجيه ضربة صاروخية على قاعدة الشعيرات الجوية في وسط سورية، رداً على ذاك القصف الكيماوي المدبّر في خان شيخون.
صواريخ التوماهوك الترامبية الـ 59 التي أطلقت على سورية، من المؤكد أنها قد حملت رسائل في أكثر من اتجاه، بما فيها االداخل الأميركي الذي تعصف به الخلافات والانقسامات الغير المسبوقة، على خلفية وصول دونالد ترامب إلى رئاسة البيت الأبيض، وهو بحاجة وإدارته ومن يقف وراءهم في الدولة الأميركية العميقة من كارتلات السلاح والنفط إلخ… إلى إعادة إظهار القدرة على التحرك إزاء القضايا والملفات الأكثر سخونة وخطورة في منطقة الشرق الأوسط، وتقع سورية في رأس هرم تلك الملفات. وبالتالي القول لخصوم الرئيس ترامب وهو المتهم وجزء هامّ من طاقمه بعلاقات مع روسيا الاتحادية برئاسة فلاديمير بوتين، أنه غير ذلك وها هو يواجه التطلعات الروسية في المنطقة من الأرض السورية. لذلك سرعة الردّ الأميركي وهو من خارج القانون الدولي يأتي أولاً لأسباب داخلية أميركية، وهي تقع في أولى الرسائل من تلك الضربة. وبالتالي هي رسالة تهدف إلى خلق واقع جديد يتصل بالجهود الروسية لإيجاد حلّ سياسي في سورية، والقول إنّ التفرّد الروسي غير مقبول، ومن ثم فإنّ عناوين الحلّ بحاجة إلى إدخال تعديلات عليها بعدما ثبت أنّ الحلّ يسير على وقع الميدان السوري يسير في صالح الدولة السورية. ومحاولة أميركية مكشوفة في التأثير على مجريات الميدان وتعديله في صالح المجموعات المسلحة التي شنّت هجوماً في محيط دمشق وحماة، وتمكن الجيش السوري وحلفاؤه من كسر تلك الهجمات، أو محاولة تهدف إلى إحياء مشروع المنطقة العازلة. والتأكيد لحلفائها الإقليميين أنّ سياسات إدارة ترامب اتجاه سورية، هي غيرها في زمن إدارة الرئيس أوباما التي اتهمها أنها المسؤولة عن التقاعس والتردّد في معالجة الأزمة السورية.
هذا ما تعكسه المواقف المرحبة لأطراف إقليمية بالضربة الأميركية، والتي لم تخف فرحتها وتأييدها بل والمطالبة بتكرارها واستمرارها، من السعودية وتركيا والبحرين و«إسرائيل»، والمعارضة السورية المرتهنة.
تلك هي الرسائل الأولية للضربة الصاروخية الأميركية على سورية، والتي من المؤكد أنّ الأيام المقبلة ستكشف عن مزيدٍ من تلك الرسائل، بل الأهداف المتوخاة لتلك الضربة، التي أعتقد أنها محدودة نظراً للتداعيات التي ستتركها إذا ما تكرّرت تلك الهجمات على أهداف في سورية.