دمشق بخير فكيف أنتم أيها العرب طمنونا عنكم؟

محمد شادي توتونجي

إن كنت تقف على الحياد عندما تشنّ أعتى الحروب الكونية على وطنك وبلدك وشعبك مدّعياً أو داعياً إلى التروّي وعدم إتخاذ طرف في الصراع، وأن تنحاز لطرف دون طرف فأعلم أنك خائن لنفسك وكرامتك ودينك وعرضك وأهلك ومستقبل أبنائك وماضيهم وحاضرهم، فكيف بمن يكون في صفوف «المعارضة الوطنية» كما يدّعي تحت حجة الإصلاح والمطالبة بالحريات والديمقراطية تحت ضربات الإرهابيين وأعداء الشعب والوطن والإنسانية والدين والتمدّن.

نعم أيها السادة سنقولها بالفم الملآن إنّ من يسمّون أنفسهم بالإئتلاف السوري المعارض بكلّ أطيافه ومنصّاته ليس له إسم أو صفة إلا إئتلاف الكنسيت المتطرف، فعندما يكون أول المهللين والمباركين للضربة الأميركية العدوانية على سورية هما الكيانان الصهيوني والسعودي، ويأتي من بعدهما ما يسمّى بالإئتلاف السوري المعارض، فهذا لا يدع المجال لأيّ عاقل إلا وصفه بالإئتلاف الصهيووهابي الأجير العميل.

فعندما يعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنّ «إسرائيل» تدعم قرار الرئيس الأميركي بتوجيه ضربة عسكرية لقاعدة جوية في محافظة حمص السورية، معربا عن أمله في أن تتردّد أصداء هذه الرسالة الحازمة ليس فقط في دمشق بل في طهران وبيونغ يانغ.

وتنشر بعده وكالة الأنباء السعودية الرسمية على لسان مصدر في خارجية قبيلة بني سعود، الذي عبّر عن تأييد المملكة العربية السعودية الكامل للعمليات العسكرية الأميركية على أهداف عسكرية في سورية، وحمّل النظام السوري مسؤولية تعرّض سورية لهذه العمليات العسكرية، كما نوّه المصدر بهذا «القرار الشجاع لفخامة الرئيس الأميركي دونالد ترامب».

ويصرّح بعدها رئيس الـدائـرة الإعـلاميـة في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» الإرهابي أحمد رمضان إنّ «الائتلاف السوري يرحب بالضربة ويدعو واشنطن لتقويض قدرات الأسد في شنّ الغارات، وإنّ ما نأمله استمرار الضربات لمنع النظام من استخدام طائراته في شنّ أيّ غارات جديدة أو العودة لاستخدام أسلحة محرمة دولية، وأن تكون هذه الضربة بداية».

وكذلك تصريح الإرهابي عبد الإله الفهد، أمين عام الائتلاف، «نرحب بالضربة التي تستهدف مواقع النظام».

وإعلان القيادي في «جيش الاسلام» وعضو وفد المعارضة الى مفاوضات جنيف الإرهابي محمد علوش أن «القصف الأميركي على مطار الشعيرات العسكري في وسط سورية ليس كافياً، معتبراً أنّ ضرب مطار واحد لا يكفي، فهناك 26 مطاراً يستهدف المدنيين». حسب تصريحه.

ولذلك عندما أسميناهم بالإئتلاف الصهيووهابي ما كنا نظلمهم بعد كلّ هذا التطابق التامّ والتصريح الموحد الذي من المؤكد أنه كان محضّراً تماماً وجاهزاً ومعداً ليطلق بعد الضربة مباشرة، خصوصاً أنّ مصادر في وزارة حرب الكيان الصهيوني قد أعلنت أنها قد تبلغت بالضربة قبل تنفيذها، والأهمّ من كلّ هذا هو التنسيق الكامل بين المجاميع الإرهابية وبعض الأجهزة الصهيونية وقيامها بشنّ هجوم مباشر على مواقع للجيش السوري في ريفي حمص واللاذقية تزامناً مع الضربة الأميركية لمطار الشعيرات العسكري الذي يعدّ أهمّ المطارات العسكرية في قلب سورية، والذي يعتبر نقطة انطلاق لتحرير البادية السورية والشمال السوري من تلك المجاميع الإرهابية.

وهو ما يذكرنا بما حدث عندما قصف الطيران الأميركي لمواقع الحرس الجمهوري في جبل الثردة في دير الزور بعد التقدم الكبير للحيش السوري حينها، وغطى هجوم داعش على مواقع الجيش السوري ومكنها من إستعادة النقاط التي كان الجيش قد حرّرها واستعاد السيطرة عليها في تلك الآونة.

وبالتالي فإنه ولكلّ من يدّعي أنه معارض سوري وطني ويأتي إلى جنيف وآستانة وغيرها تحت لواء ما يسمّى بالإئتلاف السوري المعارض وبكلّ منصّاته دون استثناء، فإننا نقول له: إما أن يعلن البراء اليوم من ذلك الإئتلاف الصهيووهابي علناً، ويقدّم اعتذاره للشعب السوري علناً وعلى رؤوس الأشهاد، فإنه لن يقبل الشعب السوري بعد اليوم توبته وبراءئه من حلفائه العملاء، وبأنّ كلّ من يحمل سلاحه الناري أو الفكري الداعم لمن يسمّون أنفسهم معارضين ما هو إلا عميل وخائن ومتواطئ شاء من شاء وآبى من آبى.

ولذلك وبناء على ما تقدّم فإننا نطالب القيادة والحكومة السوريتين بوقف كلّ المفاوضات واللقاءات مع أولئك الخونة بأيّ شكل من الأشكال ولأيّ سبب، وندعو إلى سحب الجنسية السورية منهم وتوجيه الإتهام لهم بالخيانة العظمى حسبما ما ينص عليه دستور الجمهورية العربية السورية، ومحاكمتهم ميدانياً لأؤلئك الذين يقودون الجماعات الإرهابية ويدعمونها على أراضي سورية الحبيبة بكلّ أشكال الدعم أكان عسكرياً أم لوجستياً أم مالياً أم فكرياً أو إعلامياً، فتلك المجاميع الإرهابية بكافة أشكالها لا تفهم إلا بلغة الحديد والنار هي ومشغليها.

وكذلك ندعو القيادة السورية والحكومة السورية والهيئات القانونية الحقوقية، ومنظمات المجتمع المدني السوري، للعمل قانوياً وحقوقياً ورفع دعاوى ضدّ ما يسمّى بالتحالف الأميركي وأدواته وكلّ الأنظمة المجرمة في الإقليم والعالم من حكام الخليج العربي وبعض الأنظمة العربية وتركيا والكيان الصهيوني، ودول الإستكبار والإستعمار العالمي، وان توجه لهم تهم جرائم الحرب ضدّ الشعب السوري، وأن تسوقهم إلى محكمة العدل الدولية، ومحاكم جرائم الحرب.

وفي الختام نقول لكلّ العرب الحقيقيين الذين بعثوا بكّل الرسائل التضامنية، وقاموا بوقفات قومية وعروبية مشرّفة دعماً لصمود سورية بجيشها وشعبها وقائدها وحلفائها، وأرسلوا يسألون كيف أنتم في دمشق الحبيبة أيها السوريون، فإننا نردّ عليهم الوفاء بالوفاء والقول بأنّ دمشق برمزيتها القومية والعربية بخير، وإننا لا ننام على ضيم، ولن يأتي اليوم الذي يكتب فيه التاريخ أنّ سورية قد حنت رأسها وأذعنت ونامت على ظلم وسكتت عنه، وسورية اليوم وفي الأمس وغداً كانت وستظلّ حامية العرب وحاملةً الراية القومية ودرع هذه الأمة وحصنها الحصين، وسورية هذه والتي ظلت عبر التاريخ رمز كرامة الأمة وشعلتها، لن يغيّر وجهتها بعض المستعربين الشامتين لما يحلّ بها من ظلم وعدوان.

ودمشق اليوم تجيب عن سؤالكم عنها بالقول: «نحن بخير… كيف أنتم أيها العرب طمنونا عنكم؟»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى