الضربات الأميركية ضدّ سورية على طريقة عروض الأزياء
تماضر عباس
طالعنا فجر الجمعة 7 نيسان/ أبريل بحدوث ضربة صاروخية أميركية من البوارج الموجودة في البحر المتوسط على المنطقة الوسطى في سورية «محافظة حمص» قاعدة الشعيرات العسكرية، وأكد هذه الضربة البيان الصادر عن الجيش والقوات المسلحة السورية، الذي اعتبرها اعتداء سافراً بحق سورية.
وحيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن استهداف قاعدة الشعيرات بـ 59 صاروخاً أميركياً، أصاب منها 23 صاروخاً القاعدة ويجري البحث حالياً عن 36 صاروخاً آخر وأسفرت الضربة عن تدمير 6 مقاتلات ميغ 23 وتدمير محطة رادار واستشهاد 4 عسكريين سوريين وفقدان 2 وإصابة 6 بجروح، وأنّ الضربة لحقها هجوم مباشر ومكثف على مواقع الجيش السوري من قبل كلّ من النصرة وداعش.
الضربة الأميركية شبه المفاجئة على سورية والتي تحمل توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي قام بها على طريقته في صناعة الأفلام وعروض الأزياء التي يبرع بها جيداً، مثلت مدى الضغط على إدارة ترامب من قبل الدولة الأميركية العميقة، فترامب ليس من أنصار الحروب، ولكن يبدو أنّ الوضع بات يحتاج الى التجميل وبعض المؤثرات الضوئية والصاروخية، الأحداث السياسية الأخيرة وفشل أو بطء المحادثات السياسية سواء في أستانة أو جنيف، والتقدّم العسكري الملحوظ على الأرض للجيش السوري وحلفائه في كل من حلب ومحيط تدمر، وأضافة الى الغضب «الإسرائيلي» الذي لم يهدأ بعد إسقاط الطائرتين «الإسرائيليتين» في الغارة الأخيرة التي قامت بها «إسرائيل» على سورية، أدت الى ضرورة هذه الضربة خاصة لرفع معنويات المسلحين وحلفاء الحرب على سورية.
فمن المعلوم أنّ كلفة تلك الضربة وأثرها العسكري على الوضع في سورية لا تعادل أساساً كلفة 59 صاروخ توماهوك أميركي.
ما هي أبرز الردود الدولية السريعة ومدلولاتها؟
السعودية لم تستطع إخفاء فرحتها وتأييدها السريع لتلك الضربة. بينما بدأ الصبر التركي المستنفد واضحاً على لسان وزير خارجية تركيا مولود جاووش اوغلو الذي أكد على الفور ضرورة الإطاحة بالنظام السوري على وجه السرعة، حيث قال في تصريحات مباشرة بثت على الهواء نقلتها وكالات الأنباء عن جاووش أوغلو تأييده للضربة الأميركية على سورية، ودعوته لتشكيل حكومة انتقالية ومناطق آمنة وإسقاط النظام بأيّ طريقة. في حين كلّ ما قالته ألمانيا إنه يمكن لها أن تتفهّم تلك الضربة على سورية.
في حين عبّرت الخارجية الروسية عن إدانة شديدة للضربة وأعلنت عن تعليق مذكرة التفاهم مع واشنطن، حول أمن التحليق التي لم يعد لها أيّ أهمية بنظرها بعد تلك الضربات، ورأت الخارجية الروسية أنّ تلك الضربات لم تكن إلا في صالح داعش والنصرة الإرهابيتين، أما الرئيس بوتين فدعا الى اجتماع لمجلس الأمن الروسي مساء يوم الجمعة. كما جاء الردّ الإيراني قوياً ومستنكراً الضربات الأميركية.
فما ستكون نتائج تلك الضربة لاحقاً؟
من المستبعَد أن تؤدّي تلك الضربة إلى حرب، فما عجز عن القيام به الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما على طريقة الكاوبوي والصراخ وإطلاق الرصاص الحي، سوف يعجز عنه الرئيس الحالي ترامب على طريقة المفرقعات والمؤثرات الحسية والنفسية والعروض الواهية.
أميركا التي تجاوزت الشرعية الدولية كعادتها، تلك الشرعية التي لم تكترث لكلّ ما يحدث في العالم وما يحدث في اليمن، وتتجاوزها متذرّعة بالضربة الكيماوية على خان شيخون، حتى بدون وجود دليل على أنّ الجيش السوري هو من قام بتلك الضربات، ورغم نفي الجيش السوري القاطع بأنه لم يقُم بها. وتقوم بتلك الضربة حتى خارج مظلة الأمم المتحدة، سوف تقوم أميركا الآن بالعودة الى الشرعية ومجلس الأمن، التي تعلم جيداً بأنه لن يؤيد قراراً يتضمّن ضرب سورية، فتكون قد قامت بالضربة اليتيمة التي ستُضطر الى إيقاف أيّ ضربات أخرى تحت ضغط الأمم المتحدة.