روحانا: مستمرّون في معاركنا ضدّ الإرهاب وفي سبيل الدفاع عن مصالح الناس
شيّع الحزب السوري القومي الاجتماعي وأهالي بلدة المريجات، المناضل القومي غسّان زيتوني الشّبح بمأتمٍ حزبيٍّ وشعبيّ مهيب، بمشاركة واسعة من القوميين الذين حضروا من مختلف المناطق، ليودّعوا رفيق النضال الذي كان في المواقع الأمامية في مواجهة العدوّ الصهيوني والعملاء.
المحمّد
التشييع الذي شارك فيه نائب رئيس الحزب الدكتور وليد زيتوني ووفد من قيادة الحزب، ألقيت فيه كلمات استُهلّت بكلمة تعريف ألقاها ناظر الإذاعة في منفذية زحلة خالد المحمد، عدّد فيها مزايا الرفيق الراحل وسيرته النضالية ودوره في المقاومة. مشيراً إلى أنّ ساحات المعارك تشهد على بطولاته ودوره المميّز في تنفيذ عدد من العمليات النوعية التي كبّدت العدوّ خسائر كبيرة. كما لعب دوراً في التحضير للعمليات البطولية، والتي قضّت مضجع العدوّ الصهيوني في جنوب لبنان.
زيتوني
ثمّ ألقى الدّكتور لؤي زيتوني كلمة بِاسم العائلة ومديرية المريجات، تناول فيها مزايا الراحل ونضالاته، حيث عرفته ساحات النضال في مواجهة العدوّ اليهودي، فكان حاضراً دائماً في جبهة المقاومة الوطنية.
ومما جاء في كلمة زيتوني: غسّان، اِسمح لي أن أناديك بِاسمك، لأنّه ارتبط في أذهاننا بالعزّ والرفعة. وسأل: ماذا أستطيع أن أقول وأنا في هذا الموقف؟ فنحن من جيلٍ لم نتعوّد إلّا أن نراك جبلاً شامخاً، ومثالاً للبطولة والشجاعة.
وأضاف: كيف نستطيع أن ننطق بحروفٍ ترثيك، ونحن الجيل الذي لا يستطيع إلّا أن يراك فارساً لا يُقارَن، فلم تكن حكايات البطولة في عقولنا مجرّد خيالات، لأنّنا كنّا نجدها معك واقعاً، ولأنّ أبطال القصص والروايات لم نرَ فيهم إلّا ما يشبهك.
وتابع زيتوني: عرفناك مليئاً بالوجدان القوميّ، وعرفنا أنّهم سمّوك الشبح لأنّ أعداءك عجزوا عن النيل منك، ولأنّ رصاصاتك كانت رعباً لهم. وعرفنا أنّك مثال القوميّ الاجتماعيّ الذي يضحّي بنفسه من أجل نهضة أمّته، ومثال الرفيق الصلب الذي لا ينسى من تعلّق بهم دماً وروحاً.
وختم بالقول: لن أنسى يا حبيب القلب والروح والوجدان، يا رفيق الاستشهاديين، كيف حدّثتنا عن كلّ واحدٍ منهم فامتلأت قلوبنا بالفرح والعزّ من عينيك ومن الدمع المتغرغر فيهما… ولن ننسى كيف اختتمت حديثك في يومٍ قريب بالقول: لو أنّني عدتُ إلى الحياة، لن أستطيع أن أكون إلّا قوميّاً اجتماعيّاً.
روحانا
بدوره، ألقى ناموس مجلس العمد نزيه روحانا كلمة مركز الحزب مثنياً على دور الراحل النضالي، ومؤكّداً على متابعة المسيرة في ساحات الوغى على مدى حدود الأمّة.
ومما جاء في كلمة روحانا: يا رفيقي غسان ماذا عساي أن أقول في وداعك، وحيث الكلمات لا تستطيع التعبير عن فيض الوجدان، ولا عن حجم الحزن الهائل الذي سبّبه موتك، وتعجز الكلمات حتى عن وصفك وأنت الشاب المقاتل المقدام الشجاع، النبيل، الصامت.
كنتَ رجلاً وأنت ما زلتَ في عمر المراهقة، واعياً كالحكماء، صادقاً كالطوباويين، شجاعاً كحدّ السيف، سريعاً كلمح البرق، وما أخطأ من أسبغ عليك لقب الشبح، لأنك أنت كنت كذلك، حاضراً في كل الأوقات، وفي كل الأماكن، لم يكن المستحيل موجوداً في قاموس حياتك ولا الصعب. كنتَ الملّبي من دون السؤال عن المهمة ولا طبيعتها ولا خطورتها، بل القلق الوحيد الذي كان يحاكي وجدانك هو السؤال: أين ومتى ينتصر الحزب وتنتصر الأمة السورية؟
وأضاف روحانا: هذا هو الدافع الداخلي الذي حكم حياتك، منذ نشأتك وحتى آخر يوم من حياتك. نشأتَ قومياً إجتماعياً ووهبتَ زهرة شبابك للحزب، للدفاع عن مقدّسات الأمة وحقوقها. عرفناكَ بطلاً في أعالي قمم صنين، وبطلاً في العرقوب وفي بنت جبيل وعلى امتداد جبهة المواجهة مع العدوّ الصهيوني.
يكفيك فخراً يا رفيقي أنك من صفوة الرجال الشجعان الذين آمنوا بوحدة هذه الأمة وحرّيتها وحضارتها، وأخذوا على عاتقهم الجهاد حتى الاستشهاد لتحقيق هذه الأهداف النبيلة. يكفيك فخراً إنك من خيرة القوم الذين يصنعون التاريخ ولا هو يصنعهم، بل أنتَ من الرجال الذين آمنوا بأن الحياة كلها وقفة عزّ فقط.
يا رفيقي الحبيب غسان، تودّعنا ونحن بأمسّ الحاجة إليك وإلى أمثالك من الشجعان لمواجهة ما تتعرّض له أمتنا من مخاطر جسيمة. فحزبك يا رفيقي يواجه الإرهاب والظلامية المدعومَين من قوى الصهيونية والاستعمار العالمي في معركة مصيرية. وفي هذا السياق، نعلن أنّ حزبنا يدين العدوان الأميركي على مطار الشعيرات في الشام، ويعتبره دعماً سافراً لقوى الإرهاب. وكما في الشام كذلك في فلسطين والعراق. ومعركة الحزب واحدة في حماية الأمة وإعادة الوحدة إليها ونشر الحضارة في ربوعها.
إن الحزب أيضاً، ومن خلال مشاركته السياسية في لبنان، وفي الشام من خلال حضوره في مجلسَي الوزراء ومجلسَي النواب في الكيانين، إنما يخوض المعارك السياسية في سبيل الدفاع عن قضايا الناس. فلطالما، نادى الحزب ولا يزال، بإقرار قانون للانتخابات النيابية، يحقّق صحة التمثيل من خلال اعتماد مبدأ النسبية الشاملة ولبنان دائرة واحدة خارج القيد الطائفي. فهذا القانون فقط يحصّن الوحدة، ويخفّض منسوب الخطاب الطائفيّ المذهبيّ، ليحلّ محله خطاب الوطنية، وبذلك تبدأ تدريجياً مرحلة جديدة من البناء الوطني القومي الحقيقي.
ولطالما نادى الحزب أيضاً باقرار قوانين موحّدة للأحوال الشخصية، لكي تزول الحواجز بين الطوائف والمذاهب، ويتساوى المواطنون في الحقوق والواجبات.
كذلك، يقف حزبنا وبكل قوّة لإعطاء المستحقّين حقوقهم من طالبي إقرار سلسلة الرتب والرواتب، وإنصاف المتقاعدين من دون فرض أيّ ضريبة تطال أصحاب الدخل المحدود. كما نقف وبكل قوّة ضد مشاريع الخصخصة، لأن هذه المشاريع تنقل المؤسّسات الرسمية من حضن الدولة إلى حضن الشركات والاحتكاريين.
وأضااف روحانا: يجب ألّا نستكين نحن وإياكم، فالمسؤولية الوطنية تفرض علينا أن نواجهها كلُّ بحسب موقعه ونستطيع معاً تشكيل قوى ضاغطة تساهم في دعم المواقف الوطنية الصحيحة، ولتكن الانتخابات النيابية المقبلة خير مؤشّر وخير مناسبة، للتعبير عن آرائكم في التغيير.
وختم روحانا: في عودة إلى هذا الموقف المؤلم، ألف تحية لفقيدنا المقاوم غسان، ألف تحية إلى روحه تعانق أرواح الرفقاء الاستشهاديين، سناء ووجدي ومالك وعمّار… وكلّ الشهداء الذين سبقونا على درب الشهادة. عهدنا إليك أنّ المسيرة مستمرّة، وأنّ «الشبح» الذي كان في داخلك سيبقى داخل كلّ نفس منّا.
عهدنا إليك أن نحقّق الاهداف والأحلام والطموحات، وأن نبقى إلى جانب أهلنا ومجتمعنا، لتحقيق وحدة الوطن وحرّيته وبناء نظام العدل والخير والسعادة.
ثمّ تقدّم روحانا بِاسم رئيس الحزب والقيادة، بالعزاء من عائلة الراحل وأهالي بلدة المريجات التي لطالما أنجبت المقاومين والأبطال والمناضلين والشهداء من المقاومة ومن الجيش اللبناني.
وسام الوجب وتحية الوداع
كما سلّم ناموس مجلس العمد إلى نجل الراحل، «وسام الواجب» الممنوح له بِاسم رئيس الحزب. وقبل أن يوارى الراحل في الثرى، قام حشد من القوميين تقدّمهم نائب رئيس الحزب وليد زيتوني، بإلقاء تحية الوداع، وشُيِّع جثمان الراحل بعلم الزوبعة حتّى جبّانة البلدة محاطاً بالتحية الحزبية.