الخطر على أميركا… في ارتباكها واضطرابها
معن حمية
مراجعة سريعة لشريط المواقف الأميركية خلال السنوات الست للحرب على سورية، تظهر أنّ الولايات المتحدة هي صاحبة الدور الرئيس في هذه الحرب العدوانية، وعملياً لم يطرأ جديد لحصول تغيير في الموقف، في حين أنّ ما يصدر من تصريحات تتسم بالليونة في بعض الأحيان هو نتيجة ارتباك يحصل عند كلّ محطة إذعان لواقع الميدان السوري.
والارتباك الأميركي الذي ظهر مؤخراً من خلال المواقف المتناقضة بين ليلة وضحاها، لا يعني أنّ أميركا بصدد مراجعة سياساتها ومشاريعها وأولوياتها، بل هي تواجه تحدّي إقناع العالم بأنها تخوض حرباً ضدّ تنظيم «داعش» الإرهابي، في وقت تدعو وتعمل لإسقاط القوة الأساسية الوحيدة التي تحارب هذا التنظيم الإرهابي، ألا وهي الدولة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد!
قد يكون الارتباك مجرد محاولة لإخفاء مسؤولية واشنطن عن إطالة عمر «داعش»، أقله أمام حلفائها، وأميركا تخفي عن حلفائها الغربيين والأوروبيين حقائق كثيرة، ليس لأنّ لهم خيارات أخرى، بل لأنّ هناك هلعاً أميركياً أوروبياً من تداعيات الحقيقة على المستويات الداخلية لهذه الدول، حيث الاتجاه في الاستحقاقات الانتخابية نحو إنتاج قيادات بديلة. خصوصاً بعدما تكشّف أنّ التحالف الدولي الذي تشكل لمحاربة الإرهاب صار يمارس نهج محاباة «داعش»، ويرعى تمدّده إلى مناطق عديدة في سورية والعراق.
قبل أن تتمّ فبركة «فيلم» كيماوي خان شيخون، صدرت تصريحات أميركية اتصفت بالواقعية حيال الرئيس الأسد والدولة السورية، وشكّلت هذه التصريحات اعترافاً صريحاً بحقيقة شرعية الرئيس الأسد وسلطته، وبوصفه رئيساً منتخباً من الشعب في ظلّ حرب شعواء تشنّ ضدّ بلاده. وهذا دليل على أنّ وجوده على رأس السلطة إنّما هو تعبير عن إرادة السوريين بسوادهم الأعظم.
المفارقة، لم تكد تمضي أيام قليلة على المواقف الأميركية الواقعية حتى عادت أميركا إلى مربّع التصعيد، بدءاً من فبركة «مسرحية الكيماوي» إلى تحشيد المواقف الدولية في هذا الاتجاه، ثم تنفيذ العدوان المباشر على سورية واستهداف مطار الشعيرات العسكري بعشرات الصواريخ، وصولاً إلى تصعيد لهجة الخطاب السياسي الذي يحمل مفردات، لطالما استُخدمت في بداية الحرب على سورية…
خلال الأيام الماضية، صدر عن الإدارة الأميركية سيل من المواقف التصعيدية تجاه سورية ورئيسها. وهذه المواقف تطرح العديد من الأسئلة، ويتبادر إلى الأذهان سؤال أول: ما الذي تستطيع أميركا فعله اليوم، وقد عجزت عنه طيلة ست سنوات؟
في المقابل، فإنّ صلابة الموقف السوري وموقف حلفاء سورية، يشي بأنّ كلّ التصعيد الأميركي لا قيمة له، بل هو جزء من فرائض الطاعة لـ «اللوبي اليهودي»… وهو يعبّر عن ارتباك واضطراب، والخطر على أميركا في اضطرابها.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي