مسرح «بلاديوم» في روما يحتضن فيلم «3000 ليلة» للمخرجة الفلسطينية مي المصري
جودي يعقوب
دمشق كانت على الدوام وما زالت خطّ الدفاع الأوّل عن قضايا أمّتنا وكرامتها، أسقطت على أبوابها كلّ المشاريع الاستعمارية التي حيكت ضدّها، وجعلت من فلسطين قضيتها المركزية. واليوم تدفع ثمن مواقفها الرافضة والممانِعة، والمحتضنة المقاومة في وجه الكيان الصهيونيّ وحلفائه الجدد.
وبعد ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أصبح الفنّ من أهم الأمور التي تطرح قضية أيّ أمة بموضوعية، على اعتبار أنه القوّة الناعمة صاحبة التأثير الأكثر انتشاراً في حياة شعوب العالم. وعن طريقه، نستطيع اختراق جدار التضليل الإعلامي الممارَس ضدّ وطننا، نه يحقّق وصولاً أكبر وأسهل من أيّ وسيلة إعلامية أخرى.
وعلى اعتبار أنّ السينما هي جزء من ذاكرتنا، من خلالها نستطيع توظيف وعينا الخاص بطريقة ندافع بها عن أنفسنا وعن الأجيال القادمة، من خلال مقاربة ما يحدث في أمتنا، جاء عرض الفيلم الفلسطيني الدرامي «3000 ليلة» من إخراج مي المصري وتأليفها، في مسرح «بلاديوم» في روما، وسط حضور مميز وكثيف من أعضاء من السلك الدبلوماسي والصحافة وأهل الفنّ الإيطاليين، ليوثّق مساوئ الاحتلال «الإسرائيلي» ومدى جبروته في اعتقال الفلسطينيات، والقسوة الشديدة التي يستخدمها ضدّهن، ومدى المعاناة التي يواجهنها من خلال تسليط الضوء على نضالهن. محاولة منه في أن يكون شاهداً على لحظة تاريخية فاصلة في تاريخ قضية أمتنا المركزية فلسطين.
وقد تلت حضور الفيلم، جلسة حوار حول الفيلم رسالة وإخراجاً.
هذا الفيلم الذي تعرّض لضغوطات هائلة باءت بالفشل، من إيقاف عرضه في أوروبا، جاء عرضه في إيطاليا كاعتراف ولو كان ضمنياً للحقيقة التي يطرحها، كونه يطرح الواقع ويعمل على إيصال حقيقة هذا الكيان الغاصب. فالفيلم يروي قصّة الأسيرات الفلسطينيات في حقبة الثمانينات، وعرضه للحياة اليومية في سجون الاستبداد «الإسرائيلية». كما عرض ميلاد أسيرة داخل الأسْر وكيف تعاملت مع ابنها.
وقالت سفيرة فلسطين في إيطاليا مي كيلة: إنّ فيلم «3000 ليلة» عرض حياة الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاستبداد «الإسرائيلي». حيث حرص على عرض المعاناة اليومية في الأسْر من تحقيق وتعذيب للمرأة. كما عرض حالة وضع أسيرة فلسطينية طفلها داخل السجن، وكيف تم أخذ الطفل منها بعد سنتين، وهذا كلّه يعكس مدى القهر والاستبداد الذي تواجهه المرأة الفلسطينية والآن أيضاً نساء أمتنا، وخصوصاً في كلّ من سورية والعراق، يعانين من القهر والظلم والعذاب وهذا الفيلم جاء رسالة إلى كل العالم بأننا سنقف في وجه كلّ التحدّيات السياسية التي تواجهنا من قبل الغطرسة الاحتلالية في كافة أشكالها، وسيبقى نساؤنا وأطفالنا الذين يعانون يومياً من جرّاء ممارسات الاحتلال، أمانة في أعناق شعوب العالم وحكّامهم.
في حين أوضحت المخرجة الفلسطينية مي المصري قائلة: إنّ فيلم «3000 ليلة» يحكي قصة سجينة فلسطينية تعتقَل وتلد ابنها في سجن الاحتلال «الإسرائيلي». وهذا الفيلم مستوحى من تجارب حقيقية عاشتها هؤلاء الأسيرات الفلسطينيات. وقد حاولت قدر الإمكان الإضاءة على التجربة الإنسانية، وتضامن ومقاومة النساء في وجه هذا الاحتلال، لتسليط الضوء على دور المرأة الفلسطينية، تعبيراً عن وضع الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، لأن كل الشعب الفلسطيني يعيش في سجن كبير وهو الاحتلال. وأهدي هذا الفيلم لكل المعتقلين في السجون «الإسرائيلية» وخصوصاً للأطفال الأسرى الموجودين حالياً في تلك السجون على أمل التحرير. لذا جاءت محاولتي من خلال هذا الفيلم الإضاءة على هذه التجربة لأوصل الصوت الفلسطيني إلى العالم ورجع الضمير، لنرجع ونتذكر فلسطين من خلال إحياء قضية الأسرى في خضمّ ما نعيشه اليوم في أمّتنا من تفتّت ودمار، وأنه من المهم التمسك بالأمل والمقاومة والقدرة على الاستمرار ليوم التحرير.
ولأن حربنا ليست حرباً عسكرية فقط، إنما هي حرب فكرية تسعى إلى تفتيت وتشويه وقلب الحقائق والمفاهيم، فإننا لا نستطيع عزل الفنّ عمّا تعاني منه بلادنا. لأن اندماجهما أمرٌ طبيعي لنتمكّن من إيصال رسالتنا إلى العالم كلّه، بعد الشرخ الاجتماعي الذي خلّفته عواصف التآمر على سوريانا التي ما زالت تدفع ثمن صلابة مواقفها المعادية للصهيونية، وحملها راية فلسطين.