هل يؤدّي اتفاق «فتح» و«حماس» إلى فك الحصار عن غزة؟
حميدي العبدالله
في مقابلة أجرتها قناة «الميادين» مع عضو قيادة حركة فتح وممثل السلطة الفلسطينية في مفاوضات وقف العدوان على غزة، عزام الأحمد قال صراحة وبعبارات واضحة إن لا رفع للحصار، ولا إعمار لما هدمه العدوان إذا لم تتمكن حكومة الوفاق الفلسطينية من فرض سيطرتها على الوضع في غزة.
بعبارة أخرى لن يكون هناك رفع للحصار وإعادة الإعمار إذا ظلت حكومة حماس هي حكومة الأمر الواقع، في حين أنّ حكومة الوفاق مجرّد واجهة أو تقتصر صلاحياتها على إدارة السلطة في الضفة الغربية.
هنا يمكن لحظ حقيقتين:
الحقيقة الأولى، أنّ حركة فتح، وكذلك منظمة التحرير، توافق على هذه المقولة، فرفع الحصار وإعادة البناء وسيلتها الوحيدة للعودة إلى قطاع غزة وكسر احتكار السلطة في القطاع من قبل حركة حماس، فمن الصعب على فتح وعلى السلطة الفلسطينية العودة إلى القطاع بالقوة العسكرية، حتى لو كانت هذه القوة الدبابات والطائرات «الإسرائيلية». وهذا يعني أنّ فتح وكذلك السلطة لن تتخلّى عن هذه الشروط حتى لو كانت هي شروط العدو الصهيوني والولايات المتحدة، لأنّ مصالح رام الله للأسف في هذا الجانب تتقاطع مع مواقف تل أبيب وواشنطن.
الحقيقة الثانية، حماس التي تخلّت عن السلطة شكلياً في قطاع غزة من الصعب عليها أن تتخلّى عنها فعلياً، وذلك في ظلّ حسابات تتقاطع فيها الرؤية السياسية مع المصالح الفئوية. فحماس تخشى إن عادت السلطة وفتح إلى استعادة مكانتهما في غزة أن يتكرّر سيناريو الضفة الغربية لجهة نزع السلاح من الفصائل الفلسطينية، لا سيما أنّ هناك مطالب صهيونية وأميركية واضحة بأن تكون في غزة سلطة واحدة وسلاح واحد، وفي هذه الحال فإنّ الاستيلاء على سلاح الفصائل، بما في ذلك سلاح حماس، يعني بالنسبة لها أمرين أكيدين، الأمر الأول، أنه لم يعد هناك مقاومة حتى نظرياً وأيّ حديث عن المقاومة بعد نزع سلاح فصائلها هو حديث لا معنى له، وهو يشبه الحديث عن المقاومة في الضفة الغربية، حيث يتصرّف الاحتلال على هواه من دون أيّ رادع. الأمر الثاني، أنّ حماس سوف تفقد الوسائل التي مكّنتها من الحصول على موقعها المميّز في قطاع غزة وعلى مستوى الساحة الفلسطينية، وبديهي أنّ ذلك يساوي الانتحار الذاتي، وهو أمر يصعب توقّع أن توافق عليه حماس لا الآن ولا في المستقبل القريب.
لكن حماس تواجه معضلة حقيقية، فهي بالأساس وافقت على حكومة الوفاق، على الرغم من أنّ وجودها هزيل في هذه الحكومة لأنها غير قادرة على النهوض بأعباء وإدارة شؤون القطاع، وهي عجزت عن دفع رواتب موظفي الأجهزة لفترة تزيد عن أربعة أشهر. والآن يضاف إلى أعباء إدارة شؤون القطاع الحياتية، النهوض بأعباء إعادة الإعمار وفك الحصار.
جاء الاتفاق الأخير ليؤكد أنّ حماس ليس لديها الكثير من الخيارات، وهي وافقت على تمكين حكومة الوفاق من ممارسة صلاحياتها، ولكن هذا حتى الآن من حيث المبدأ، فهل تسهّل فعلاً تنفيذ الاتفاق الجديد، أم أنه ينضمّ إلى أشقائه من الاتفاقات غير المطبّقة منذ حوالي عشر سنوات؟ سؤال وحدها الأيام المقبلة تملك الجواب عليه.