«القوات» و«الاشتراكي» والحلف غير المعلن على باسيل؟
روزانا رمّال
شهدت المناقشات حول قانون الانتخاب منذ هيئة الحوار الوطني قبل انتخاب رئيس الجمهورية بشهور عدة خلطاً لأوراق التحالفات بطريقة غريبة عجيبة، وقد نسي اللبنانيون اليوم أننا بدأنا مع ثلاثة مشاريع لقانون انتخاب جديد واحد لرئيس مجلس النواب نبيه بري قوامه القانون المختلط بين النظامين الأكثري والنسبي وقانون مختلط آخر وقّع عليه تحالف المستقبل والاشتراكي والقوات، وبقي يدافع عنه مجتمعاً حتى بعد تبنّي القوات لترشيح العماد عون خلافاً لحليفيها بالقانون «المستقبل» و«الاشتراكي» قبل انضمام المستقبل الى خيار عون الرئاسي.
وكان القانون الثالث هو النسبية الشاملة في لبنان دائرة واحدة أو علة مستوى المحافظات الخمس. ويمكن النظر في تقسيمات حكومة الرئيس ميقاتي للدوائر بصيغة مختلفة في القانون ذاته.
بين هذه الصيغ الثلاث، وفقاً لمصدر في كتلة التنمية والتحرير لـ»البناء» كان الرئيس بري من مؤيدي المشروع القائم على النسبية الشاملة والذي يتبنّاه حزب الله والتيار الوطني الحر والأحزاب العلمانية، لكنه واثق من عدم قبول تيار المستقبل والحزب الاشتراكي به ومنفتح بالمقابل على صيغة قانون المختلط الذي يتبنّاه ثلاثي المستقبل الاشتراكي القوات أملاً بإيجاد قواسم مشتركة وتوحيد المقترح مع مشروعه، مراهناً على جذب حزب الله من منطلق الواقعية للقبول والمساعدة في إقناع التيار الوطني الحرّ ورئيس الجمهورية بأن النسبية الشاملة ليست لديها فرص في هذه المرحلة، لكنه فوجئ بخلط أوراق جعل التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية يعلنان رفضهما النسبية الشاملة بمثل ما فوجئ بصيغ المختلط التي قدّمها التيار وأيّدتها القوات، وكاد يعتقد أن النسبية باتت يتيمة بتخلي التيار عنها قبل أن يردّه استعداد تيار المستقبل بالسير بها».
مع تبدّل موقفي تيار المستقبل والتيار الوطني الحر من النسبية الشاملة بتبادل المواقع انفرط عقد الحلف الثلاثي المكوّن من المستقبل والاشتراكي والقوات وصار ثنائياً وبقي القوات والاشتراكي من دون أن يكون بينهما حلف معلن. فالقوات تُمسِك بيد التيار الوطني الحر في الدفاع عن صيغة المختلط كمبدأ، وجنبلاط يُمسك بيد الرئيس بري بالدفاع عن صيغة المختلط كمبدأ أيضاً، وحيث كل اقتراب من النسبية يتكفّل بثورة عارمة لدى فريقي الثنائي الاشتراكي والقوات من دون أن يُظهر أن بينهما أي نوع من أنواع التحالف. هذا ما قاله أحد أعضاء لجنة البحث في القانون الجديد بعدما سمع الموقف المنفعل لكل من القوات والحزب الاشتراكي تجاه الصيغة الأخيرة القائمة على التأهيل، لكن التي تعتمد النسبية الشاملة في الانتخاب وكان الانفعال والغضب السمة المشتركة لموقفي الاشتراكي والقوات.
ولفت نظر عضو اللجنة كيف أن احتجاج الاشتراكي وحده تسبّب بانزعاج صاحب الاقتراح الوزير باسيل، بينما نزلت احتجاجات القوات برداً وسلاماً عليه، خصوصاً أن التخلي عن النسبية بالنسبة للتيار الوطني الحر في مراحل سابقة لهذا الاقتراح قد تمّت كرمى لعيون القوات.
وفقاً لمصدر معني بدراسات الإحصائات الانتخابية يملك التيار الوطني الحر رصيداً انتخابياً على مستوى لبنان دائرة واحدة يعادل ما يملكه حزب الله فيشكلان معاً قرابة نصف مليون صوت أي حوالي ثلث الناخبين، بينما يملك تيار المستقبل وحلفاؤه المسيحيون في الرابع عشر من آذار ومن بينهم القوات أقل من ثلاثين في المئة من الناخبين ويملك الرئيس بري والنائب جنبلاط إذا تحالفا ومعهما عدد من الشخصيات المستقلة في معظم المناطق اللبنانية قدرة تعادل الثلاثين في المئة، ما يعني أن لا مشكلة لدى التيار الوطني الحر انتخابياً في الذهاب إلى النسبية الشاملة على الدائرة الواحدة، خصوصاً أن حلفاءه وحلفاء حزب الله في الطائفتين السنية والدرزية يتمكّنون تحت عباءة ثنائي حزب الله والتيار من جمع مئة ألف صوت إضافي أي بين 25 و35 في المئة في كل من الطائفتين، ليكون حصاد هذه الجبهة الانتخابية قرابة الخمسين نائباً.
النسبية في المحافظات الخمس قد تناسب النائب وليد جنبلاط وتبقى المشكلة لدى القوات إذا ارتضى جنبلاط أن يتمثل خصومه في طائفته بغير رضاه، وهذا ما يبدو صعباً عليه. نقطة التلاقي الأساسية بين القوات والاشتراكي توضحها الإحصاءات حسب قول المصدر، ولعب دور مفصلي في تشكيل التحالفات النيابية ما بعد الانتخابات، فلا تريد القوات أن تأتي من دون التيار وتضيع بنوابها بين الأكثريات. وهذا ما لا يرغبه جنبلاط أيضاً.
المختلط هو الذي يلبّي صيغة فيها أكثريتان ناقصتان واحدة تضمّ الرئيس بري وحزب الله والتيار والحلفاء وثانية تضمّ المستقبل والقوات والحلفاء وبيضة القبان بينهما كتلة جنبلاط. وفي قلب الأكثريتين علاقة خاصة بين التيار الوطني الحر والقوات على الضفتين. ما يكسبه جنبلاط من المختلط هو «الدور والمكانة» وما تكسبه القوات هو «فائض العدد» الذي لن يمنحها إياه التيار من حصّته، بل من حصاد إلغاء الخصوم.
الحلف غير المعلَن بين الاشتراكي والقوات لا يستصعب حلحلة عقد بري والمستقبل وحزب الله فلكل منهم «دواء». فمع بري العودة للمختلط ليست جريمة ومع المستقبل مكاسب إلغاء الخصوم وحفظ العدد يستحق النظر، ومع حزب الله إنقاذ البلد من أزمة وصفة صالحة للصرف. يبقى نجاح الثنائي «الاشتراكي القوات» في لعبة الشدّ والجذب مع التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل.