تساؤلات حول خطة ترامب في سورية

حميدي العبدالله

حسب وكالات الأنباء الغربية «رويترز» و«أسوشيتد برس» نقلاً عن مصادر أميركية مسؤولة أنّ إدارة دونالد ترامب «صاغت خطة من 4 مراحل لتسوية الأزمة السورية» تضمّ المرحلة الأولى القضاء على تنظيم داعش، وعدم إرسال قوات للإطاحة بالرئيس بشار الأسد، وتركز المرحلة الثانية على ضرورة نشر الاستقرار في سورية، وخلالها تنوي واشنطن المساعدة في عقد اتفاقات هدنة بين الحكومة وفصائل المعارضة، المرحلة الثالثة تتضمّن إقامة ما أسمته إدارة ترامب «مناطق استقرار مؤقتة» وتلحظ الخطة مساهمة السلطات السورية في إقامة هذه المناطق، ويمكن لطائرات الولايات المتحدة وحلفائها التحليق فوق هذه المناطق دون خطر الاصطدام مع سلاح الجو السوري. أما المرحلة الرابعة والأخيرة، فإنها تتضمّن إجراء انتخابات ومنع الرئيس بشار الأسد من المشاركة فيها عبر كلّ الوسائل.

ما سرّب عن هذه الخطة يطرح مجموعة من الأسئلة:

هل تثبت إدارة ترامب عليها؟ وتحديداً على مراحلها الثلاث الأولى؟ أيّ أن لا تعتدي أو تتحرّش بالجيش السوري، كما حدث في الثردة والشعيرات، وهل فعلاً هي مستعدّة للتعاون مع روسيا وسورية لضرب داعش والتخلي عن سياسة الاستثمار في الإرهاب، وهل تقبل التعاون مع الحكومة السورية في إدارة «مناطق الاستقرار المؤقتة»؟

ما لم تنجز كلّ هذه الخطوات لن يحمل أحداً الخطة الأميركية على محمل الجدّ، بمعزل عن مراحلها الأخرى ولا سيما المرحلة الأخيرة.

لقد برهنت التجارب السابقة أنّ إدارة أوباما أيضاً سعت بالتعاون مع روسيا لاحتواء الأزمة في سورية عبر تفاهمات احتوت على بعض العناصر التي تضمّنتها خطة ترامب، لكن جميع هذه التفاهمات سقطت بفعل عاملين أساسيين، العامل الأول عدم وجود، استعداد حقيقي للحلف الذي قاد الحرب على سورية القيام بأيّ خطوات جدية لمحاربة الإرهاب، لا سيما أنّ المنظمات الإرهابية ليست داعش وحدها، بل أيضاً جبهة النصرة جزءاً لا يتجزأ من المنظمات الإرهابية وقد صنّفها قرار مجلس الأمن على أنها منظمة إرهابية، ولا يمكن محاربة منظمة إرهابية والتحالف مع منظمة أخرى، وتوفير الحماية لها، وهذه القضية كانت وراء فشل كلّ التفاهمات التي جرى التوصل إليها بين واشنطن وموسكو.

ثم بأيّ حق ترفض الولايات المتحدة حق الرئيس بشار الأسد المشاركة في الانتخابات المقبلة، لا سيما أنّ إدارة ترامب، قبل غيرها تعلم أنّ سورية وروسيا وإيران لو قبلوا مثل هذه الإملاءات لما قدّموا كلّ هذه التضحيات على امتداد السنوات الستّ الماضية من عمر الحرب الإرهابية على سورية.

إصرار إدارة ترامب على التمسّك بما جاء في المرحلة الأخيرة، يعني قيام حرب عالمية في سورية، فهل من مصلحة أحد اندلاع مثل هذه الحرب، أم أنّ ما جاء في المرحلة الرابعة تشدّد لفظي هدفه تمرير المراحل الثلاث الأولى؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى