كثرة الصيغ الانتخابية… طبخة شائطة
معن حمية
ألف باء القوانين الانتخابية في الدول الديمقراطية، أن يكون القانون ضامناً صحة التمثيل وعدالته، على قاعدة أنّ الناس سواسية، بوصفهم مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، لا فرق بين فقير وغني، وبين عامل وصاحب عمل، وبين موظف ومسؤول.
كلّ القوى على اختلاف توجّهاتها تعلن على لسان قادتها بأنّ لبنان بلد ديمقراطي، وفي الوقت ذاته تقدّم صيغاً انتخابية ليس فيها ما يمتّ إلى الديمقراطية والمواطنة بصلة، لا بل إنها تتنفّس طائفياً ومذهبياً وجهوياً، وتصدر روائح مضرّة بصحة التمثيل وسلامة لبنان، وهي حكماً غير مطابقة للمواصفات الديمقراطية.
كما أنّ كثرة الطباخين، تجعل طبخة القانون الانتخابي شائطة، لا يتقبّلها الذوق العام، والنتيجة هي خواء في الحياة السياسية والممارسة الديمقراطية.
كلّ الاقتراحات ومشاريع القوانين المتعدّدة الجنسيات الطائفية والمذهبية عدا عن كونها وصفة انتحار للمواطنة ولحرية الاختيار وللمبادئ الديمقراطية، فإنها تشكل خرقاً فاضحاً للدستور اللبناني الذي ينصّ في مادته السابعة والعشرين على أنّ «النائب يمثل الأمة جمعاء»، ولا يجوز أن ترتبط وكالته بقيد أو شرط من منتخِبيه، وهذا يُسقط صيغة التأهيل الطائفي بالضربة الدستورية القاضية. ما يعني أنّ هذه الصيغة ولدت ميتة، والغرض منها التلهّي والإلهاء لاستنفاد المهل حتى لا يكون هناك قانون جديد للانتخابات. وكذلك هي صيغة المختلط، التي لا تقلّ خطورة إذ إنها تنسف وحدة المعيار لتؤدّي وظائف ومصالح طائفية ومذهبية. والحال ينطبق على قانون الستين الذي أصبح بحكم الميت سريرياً، إلا إذا استعاض الطبّاخون عن طبختهم الشائطة بمنشطات «تعيد إحياء الأموات».
وعليه، فإنّ التوصل إلى قانون انتخابي جديد لم يعد يحتاج الى صيغ وأفكار ومقترحات كالتي تطرح، بل الى إرادات متحرّرة من النوازع والمصالح والحسابات الطائفية، وعازمة على سنّ قانون يحقق الديمقراطية وصحة التمثيل من خلال اعتماد لبنان دائرة واحدة والنسبية ومن خارج القيد الطائفي.
ولأنّ إرادات القيادات في أغلبها مطيّفة، فهي لا تصبّ في خانة مصلحة البلد والناس، لذلك يتطلّع اللبنانيون الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري لكونهما القادرين على اجتراح الحلول الناجعة التي تنسجم مع الدستور، وفي الوقت نفسه تنقذ البلد من الفراغ القاتل ومن التمديد المطلق للمجلس النيابي الحالي، من دون أن يكون هذا التمديد تقنياً مرتبطاً بإقرار القانون الانتخابي الجديد…
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي