مهرجان سلطان باشا الأطرش الإبداعي الثالث…. وقيم الحق والخير والجمال

انطلقت فعاليات مهرجان سلطان الأطرش الإبداعي الثالث أمام صرح شهداء الثورة السورية الكبرى في بلدة القريا، والذي تنظمه مديرية ثقافة السويداء لمناسبة عيد الجلاء تقديراً وتخليداً لنضالات المجاهد الأطرش ورفاقه على امتداد ساحات الوطن.

وقال معاون وزير الثقافة توفيق الإمام إن المهرجان يأتي تعبيراً عن أهمية الثقافة في صوغ الوعي الوطني وبناء شخصية الإنسان المنتمي بوعيه وفعله إلى وطنه وأمّته، وهو تعبير عن إيماننا بالقيم الوطنية والقومية للمجاهد الكبير سلطان باشا الأطرش قائد الثورة السورية الكبرى الذي مثّلت سيرة حياته مسيرة وطن وشعب كافح ضد المستعمر الفرنسي حتى صنع استقلاله بتضحيات أبنائه بكل أطيافه وتدافع قياداته الوطنية لمواجهة الغاصبين فرفضوا الذل والخنوع ورسموا طريق حرية الوطن.

وأشار الإمام إلى أن ظروف افتتاح المهرجان تأتي ووطننا يخوض حرباً ضروساً ضدّ الإرهاب ومموليه من قوى إرهابية ودول رجعية وامبريالية قدم خلالها شعبنا الغالي والنفيس دفاعاً عن استقلاله وسيادته وقراره الوطني والتزامه بالمقاومة نهجاً في مواجهة العدوان وقوى الإرهاب والتخلف والظلام. لافتاً إلى أنه كما استطاع أسلافنا الأبطال صناعة استقلال الوطن سيتمكن السوريون بصمودهم وتضحيات جيشهم وحكمة قيادتهم من تحرير أرض سورية من دنس الارهابيين ومواجهة كل من يقف عائقاً أمام وحدة وطننا وتقدمه وعيشه الواحد وسيادته وأمنه.

وأشار معاون وزير الثقافة إلى قدوم فريق من المهندسين للكشف عن واقع مبنى صرح شهداء الثورة السورية الكبرى، إضافة إلى وجود مشروعات استثمارية ستتم معالجتها في السويداء وريفها وصلخد.

من ناحيته، أشار مدير ثقافة السويداء منصور حرب هنيدي إلى أن المهرجان تأكيد للانتماء للقيم النضالية والوطنية والإنسانية لصانعى الجلاء وإعلان أنه لا قوة على هذه الأرض تستطيع كسر إرادة الحياة لدى السوريين أو النيل من قيم الحق والخير والجمال في نفوسهم، وأن الشعب السوري الذي أعطى الإنسانية منجزه الثقافي والحضاري عبر عشرة آلاف سنة وبنى الأساس المتين لعمارة الفن والابداع في أربع جهات الأرض ما يزال قادراً على تجاوز محنته والنهوض من جديد.

وفي كلمة أسرة المجاهد سلطان باشا الأطرش لفت حفيده المهندس ثائر الأطرش إلى أهمية المهرجان في استذكار العبر والقيم البطولية للأجداد للحفاظ على إرثهم النضالي. مستعرضاً مسيرة المجاهد الأطرش النضالية منذ 1917 حين رفع علم الثورة العربية على داره وإعلانه القريا منطقة محررة من سلطة العثمانيين مؤكداً أننا بأمسّ الحاجة اليوم إلى تلك العبر في مواجهة ما يحاك ضد وطننا. مع دعوته المهتمين من منطلق نشر الوعي لدى أجيالنا الحالية وتعريفها بتاريخ أجدادنا والبحث في هذا التاريخ إلى عقد ندوة حول هذا الموضوع في القريا لمناسبة مرور مئة سنة على رفع العلم السوري فوق دار سلطان في القريا.

واعتبر الأطرش أن المهرجان يتطوّر كلّ سنة عن السنة التي سبقتها وتتعدد فعالياته الثقاقية والتاريخية والفنية. ولا بدّ من دعمه وزيادة تمويله لتوسعه أكثر ويؤدي الدور المطلوب منه في نشر الوعي للأجيال بطرق متعددة مع تأكيد أهمية تشكيل لجنة أهلية استشارية رديفة لإغناء برنامجه وتنوع موضوعاته مع ضرورة الإسراع في ترميم صرح شهداء الثورة السورية الكبرى.

وتضمن الافتتاح وضع إكليل من الزهور على ضريح قائد الثورة السورية الكبرى، إلى جانب تكريم المشاركين في المهرجان والذين ساهموا في إنجاحه منهم جمعية «العاديات» التي قدمت مئتي كتاب كهدية لإغناء مكتبة صرح شهداء الثورة السورية الكبرى في القريا، إضافة إلى تكريم عائلة المجاهد الكبير حمد البربور لدوره البطولي والنضالي إلى جانب قائد الثورة السورية الكبرى في التصدي للمستعمر.

كما تخللت الافتتاح فقرات فولكلورية فنية قدّمتها فرقة «شهرزاد السورية للمسرح الراقص» من تصميم المدرّب مازن الحكيم وإشراف معن دويعر تضمّنت لوحات فنية تعكس معاناة نزول المجاهد سلطان باشا الأطرش ورفاقه في وادي السرحان في الأردن، وبطولات الأجداد المجاهدين في مواجهة الغزاة، ومعارك البطولة والعزة التي خاضوها ودحروا بها المستعمر الفرنسي. آنذاك مع التأكيد على سير الأحفاد على خطا الأجداد والآباء عبر ما يسطّره أبطال الجيش العربي السوري من ملاحم بطولة وتضحية لدحر العدوان والإرهاب عن أرض الوطن.

وفي تصريح إلى الإعلاميين عقب الافتتاح أكد محافظ السويداء عامر ابراهيم العشي أن المهرجان تأكيد على التمسك بقيم المجاهد الكبير سلطان باشا الأطرش ورفاقه الميامين الذين ضحوا وناضلوا حتى أنجزوا استقلال سورية والسير على خطاهم حتى تخليص وطننا من رجس الإرهاب.

حضر الافتتاح مدير عام الهيئة العامة السورية للكتاب الدكتور ثائر زين الدين وممثلون عن أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية والنقابات المهنية والمنظمات الشعبية وعدد من مديرى المديريات الرسمية المعنية والمديرين المركزيين في وزارة الثقافة إلى جانب عدد من المثقفين والأدباء والشعراء وحشد من الفاعليات الأهلية والشعبية.

وافتتحت مساء أمس في المراكز الثقافية في السويداء وشهبا وصلخد عدة معارض توثيقية وفنية وتراثية وثقافية وذلك ضمن فعاليات المهرجان. ففي صالة ثقافي السويداء افتتحت أربعة معارض أحدها للكتاب بعنوان «من الذاكرة الوطنية» بالتعاون مع الهيئة العامة السورية للكتاب ويضمّ بحسب مدير الهيئة الدكتور ثائر زين الدين نحو ألفي عنوان تنوعت بين الأدب والتاريخ والفن وسلاسل للاطفال ودوريات وزارة الثقافة بنسبة حسم 60 في المئة من الاسعار المدونة على الكتاب وذلك بهدف جعله في متناول الجميع.

كما افتُتح معرض وثائقيّ بعنوان «من وثائق الثورة السورية الكبرى» للكاتب كمال الشوفاني ويتضمن 130 وثيقة ترسم أحداث الثورة السورية الكبرى.

وكان للفن نصيب من فعاليات المهرجان من خلال معرض تصوير ونحت بالتعاون مع فرع اتحاد الفنانين التشكيليين شارك فيه الفنانون جمال العباس وجمال العشعوش وشبلي سليم وعادل ابو الفضل وفؤاد ابو ترابي ومحمد القضماني وناصر سابق ونبيه بلان والنحاتون اسامة عماشة وباسم ابو فخر ولؤي الشعار. حيث قدّموا 27 عمل تصوير زيتي وثماني منحوتات حجرية ومعدنية جسدت موضوعات متنوعة.

الفنان جمال العباس قدّم في المعرض سبع لوحات تجسّد حسبما أوضح مزيجاً من الفرح والحزن والامل في محاكاة للوضع الحالي الذي يعيشه السوريون، وذلك بتقنيات تنوّعت بين الزيتي والمائي. مبيّناً أن الهدف من مشاركته التأكيد على استمرارية الحياة والحفاظ على موروث الاجداد المناضلين.

وقدّم النحات باسم أبو فخر ست منحوتات معدنية مصنوعة من خردة الحديد جسّدت موضوعات عدّة منها بطولات الثوّار ضدّ الفرنسيين. منوّهاً بأهمية المهرجان في التأكيد على الانتماء الوطني وتمسّكنا بموروث الاجداد.

كما كان للطفولة حضورها في معرض لنتاج ورش برنامج مهارات الحياة والدعم النفسي الذي تنفذه دائرة ثقافة الطفل في السويداء، تضمّن عروضاً مسرحية وفقرات موسيقية وأعمالاً يدوية وفنية بمشاركة 400 طفل وطفلة.

أما محبّو الغناء كان موعدهم مع الفن في أمسية غنائية أحيتها مغنية الأوبرا غادة حرب بمرافقة العازفين جورج طنوس على الكمان وسفيتلانا الشطة على البيانو ومحمد نامق على آلة التشيلو بمشاركة المغنية سناء بركات قدمت خلالها حرب باقة منوعة من المقطوعات الغنائية العالمية منها «السنونو والزهور والحجل والحلوة»، لتختتم الامسية بأغنية «بالروح نفدي وطناً» عربون محبة ووفاء للوطن الأمّ سورية.

وأعربت حرب عن سعادتها للمشاركة بالمهرجان تكريماً لبطولات سلطان باشا الاطرش وتضحياته ورفاقه المجاهدين في سبيل الحفاظ على سيادة الوطن.

في الإطار ذاته افتتح في صالة المركز الثقافي العربي في شهبا معرض لمقتنيات تراثية جمعها الباحث جمال مهنا تشمل 75 قطعة وأداة تراثية كان يستخدمها الاجداد في الطهو وتقديم الطعام وإعداد القهوة العربية من فخاريات ونحاسيات وأطباق قشّ، إضافة إلى لباس فولكلوري لتجهيز العرائس. وأدوات قتالية استخدمها الثوّار في معاركهم ضدّ المحتل خلال الثورة السورية الكبرى. إضافة إلى أجهزة مذياع لما قبل عام 1925، فضلاً عن وثائق تتحدّث عن معركة المزرعة.

أما في المركز الثقافي العربي في صلخد، فافتتح معرض للصناعات اليدوية التقليدية بالتعاون مع مديرية السياحة تضمّن مشغولات يدوية من تطريز وحياكة وطباعة على الحجر ومنحوتات خشبية وأدوات تراثية وألبسة فولكلورية.

إلى ذلك، جرى في المركز الثقافي العربي في بلدة الكفر عرض الفيلم السينمائي التسجيلي «بنت القليب» للمخرج وليد العاقل الذي يستحضر دور المرأة السورية البطولية في جميع حركات التحرر الوطني عبر التاريخ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى