اللامي: لا ديمقراطية بلا صحافة حرة عون: نأمل أن تعمّ حرية الصحافة عالمنا العربي كله
أطلقت لجنة الحريات للاتحاد العام للصحافيين العرب تقريرها السنوي، خلال مؤتمر صحافي عقدته ظهر أمس في فندق «هوليداي إن ـ دون» في فردان، برعاية وزير الإعلام ملحم الرياشي ممثلاً بمستشاره أندريه قصاص، بحضور رئيس الاتحاد العام للصحافيين العرب مؤيد اللامي، نقيب محرّري الصحافة الياس عون وأمين السرّ جوزيف القصيفي وأعضاء مجلس النقابة، رئيس لجنة الحريات في الاتحاد عبد الوهاب الزغيلات، مقرّر اللجنة علي يوسف وممثلي النقابات والاتحادات والجمعيات الصحافية والإعلامية في العالم العربي.
نقيب المحرّرين
بعد النشيد الوطني، ألقى النقيب عون كلمة قال فيها: «إنها المرة الأولى التي يطلق فيها مثل هذا البيان في لبنان والمرة الثالثة في تاريخ نقابة المحررين التي تُعقد فيها لجنة الحريات في الاتحاد في ربوعه، فأهلاً وسهلاً بكم جميعاً».
أضاف: «إنّ الصحافيين الذين يكرّسون حياتهم سعياً وراء الخبر، وبحثاً عن التحقيقات، وركضاً وراء أحاديث يجرونها مع السياسيين والاقتصاديين والتربويين، هم كوكبة إعلامية نعتزّ بها على الدوام. إنهم خميرة صالحة دينها وديدنها الحرية في العمل الصحافي».
وتابع: «أنتم على الرحب والسعة في بلد صدّر الصحافة إلى العالم العربي، ولا يزال يقوم بتصديرها، وجريدة «الأهرام» التي أسّسها سليم وبشارة تقلا لدليل صارخ على ما أقول».
وأمل عون «أن تعمّ حرية الصحافة عالمنا العربي كلّه، فيشعر العامل في مهنة المتاعب أنّ كلامه وآراءه الحرة هي وسع المدى، ويجب ألا تضيق صدور من يتناوله الصحافي بالنقد لأنّ هدفه هو الإصلاح وتقويم الاعوجاج ومصلحة المجتمع العليا».
وزير الإعلام
وألقى قصاص كلمة وزير الإعلام، فنقل تحيات الوزير الرياشي «إلى كلّ فرد منكم متمنياً لكم إقامة طيبة بضيافة نقابة المحررين التي يثمّن دورها عالياً في ما تقوم به من أدوار مهمة لحماية الحرية وللدفاع عن حقوق الصحافيين، خصوصاً في هذه الظروف العصيبة التي يمرّ بها القطاع الإعلامي في لبنان نتيجة الضائقة الاقتصادية التي تؤثر سلباً على واقعه الإنتاجي، وقد شهدنا مؤخراً تعثراً واضحاً في الصحافة الورقية أدّى إلى اضطرار صحيفة عريقة كصحيفة «السفير» للتوقف عن الصدور، وهو أمر مؤسف ومحزن في آن».
أضاف: «لا شكّ في أنّ الثورة التكنولوجية التي شهدناها مؤخراً أثرت في شكل أساسي على تراجع دور الصحف ليس في لبنان والدول العربية فحسب، بل في العالم كلّه، بعدما احتلت مواقع التواصل الاجتماعي حيّزاً واسعاً من الاهتمامات اليومية للفرد والمؤسسات. وهذا الأمر يحدونا إلى إعادة التفكير في الدور الذي كان محصوراً بالصحافة الورقية، الذي على رغم انحساره يبقى حاجة ملحّة، نظراً إلى ما يتمتع به هذا النوع من الصحافة من موضوعية وصدقية وعمق في التحليل والاستنتاج، في زمن تتدفق فيه المعلومات المغلوطة بشكل عشوائي، وهي تفتقر إلى الحدّ الأدنى من الدقة والتمحيص والمراجعة».
وتابع: «هذا الأمر يقودنا إلى التفكير جدياً في ما آلت إليه أوضاعنا بفعل تغييب الأصول والأخلاق المهنية، التي كانت سمة من سمات الإعلام الجدي والرصين والمسؤول. ولا يُخفى على أحد ما يواجه دولنا العربية من موجات تطرّف تتوسّل هذه المواقع الاجتماعية لإيصال رسائلها الممهورة بالدم، والتي تستغلّ لوسم الإرهاب بالدين، وهو براء منها، بل يحاول مواجهته بالعقل والاعتدال والتحذير من مخاطره».
وقال: «هنا يأتي دور الإعلام العربي الواعي لمسؤولياته التاريخية في محاربة الإرهاب والتطرف وإظهار الحقائق وفضح كلّ من تسوّل له نفسه تشويه هذه الحقائق. وذلك من خلال التركيز على النواحي الإيجابية التي لا تزال تتمتع بها مجتمعاتنا العربية، وقد تكون صيغة لبنان الفريدة من خلال تعايش أبنائه، مسلمين ومسيحيين، الردّ المباشر على محاولات التشويه، مع ما يستلزمه ذلك من تضافر الجهود العربية لمساعدة لبنان لتمكينه من الثبات في موقعه الطبيعي ضمن أسرته العربية، بما له من خصوصية تمايزية تجعله مؤهلاً للدفاع عن القضايا العربية المحقة في المحافل الدولية، ولمواجهة التطرف والإرهاب أينما وجدا».
اللامي
من جهته، أبدى اللامي سروره «لعقد هذا اللقاء في بيروت»، مشيراً إلى أنّ «لبنان سبق العديد من البلدان في المنطقة بحرية الصحافة وانتعاش مفاهيم الحرية والرأي والرأي الآخر منذ عقود من الزمن».
وقال: «هناك أوجاع في بلداننا العربية لا سيما على صعيد التضييق على الصحافيين، حيث يقبع العديد من الصحافيين العرب خلف القضبان، إضافة إلى المضايقات المتعدّدة التي يتعرّضون لها ومقتل العديد منهم في العالم العربي».
وأعلن «تضامن الاتحاد العام للصحافيين العرب الكامل مع جميع الصحافيين خلف القضبان، أولئك الذين يتعرّضون للتهديد والبعض للخطف»، محذراً «بعض الحكومات العربية التي تقمع الحريات والصحافيين من أنّ الاتحاد لن يسكت عن صحافي خلف القضبان بسبب تقرير أو موضوع كتبه لكشف فساد أو فشل أو خلل في هذا المكان أو ذاك».
وأكد أنّ «أيّ بلد يريد أن يبني ديمقراطية وحرية لا بدّ أن تكون فيه صحافة حرة ومستقلة».
وحيّا «الدول التي ترعى الحريات والصحافيين وتدافع عنهم»، مستذكراً سقوط صحافيين «نتيجة العمليات الإرهابية التي تستهدفهم كما بقية المدنيين، في أكثر من بلد عربي كفلسطين وسورية والعراق واليمن وليبيا».
كما حيّا اللامي «مئات الأسرى الفلسطينيين الذين أعلنوا الإضراب عن الطعام، وبينهم العديد من الصحافيين»، مؤكداً «الوقوف إلى جانبهم في وجه الاحتلال الغاشم».
وقال: «الغالبية العظمى من الصحافيين العرب لم تتلوّث أيديهم لا بفساد ولا بخلافات، بل كانوا ينشدون السلام ويريدون توحيد الأمم والشعوب».
وأمل أن «تزول الأزمة الاقتصادية التي يعانيها بعض وسائل الإعلام، خصوصاً الورقية منها، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من تلك الصحف بسبب الضائقة المالية والهجمة الالكترونية»، معتبراً أنّ «جريدة السفير هي إرث مهمّ جداً في لبنان».
ووجّه اللامي «كلّ تقدّير واحترام لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي أبدى خلال استقباله وفد الاتحاد العام للصحافيين العرب كلّ تفهم وشعور بمعاناة وسائل الإعلام، لا سيما الورقية منها».
الزغيلات
ولفت الزغيلات إلى أنّ إطلاق تقرير الحريات من بيروت سببه «أنّ لبنان وطن عشق الحرية كما عشقته الحرية، وهو وطن عشق العرب وعشقه العرب».
وأسف لكون «التقرير هذه السنة سوداوياً في ما يتعلق بحرية الصحافة في العالم العربي»، واصفاً وضع الصحافة العربية بالـ»مؤلم جداً وغير الطبيعي».
وقال: «قبل الخريف العربي كانت مشكلة اتحاد الصحافيين العرب مع الحكومات العربية هي الاعتقالات والتضييق على الكلمة والصحافي، أما اليوم فنحن نواجه الإرهاب الذي يتابعه ويكتب عنه الصحافيون العرب سواء في سورية أو العراق أو اليمن أو ليبيا… بحيث بتنا لا نعلم مَن نخاطب ومَن نناشد، فهناك مَن قرّر أن يقتل الطفل كما الصحافي».
أضاف: «إنّ هذا الإرهاب هو الوجه الآخر للعدو الإسرائيلي، الذي يمارس أبشع أنواع المضايقة والتضييق على الصحافة، ورغم ذلك يبقى هناك مجال لمخاطبة المنظمات الدولية والجهات المعنية وإيصال الكلمة الى جهة ما، لكن لا سبيل للتعامل مع الجماعات الإرهابية التي لا توفر أحداً من أعمالها الإجرامية».
وكشف عن «أرقام مخيفة في التقرير»، وقال: «في عام واحد سقط في اليمن وحدها 272 صحافياً بين مفقود وشهيد، وهو رقم لم نعتد عليه في السابق، والأعداد قد تكون أكثر بكثير».