«الجزيرة» مؤسّسة صناعة الفتن
سؤال حيّر الكثيرين منذ العام 1996، عندما ألغي القسم العربي في تلفزيون «بي بي سي» بعدما أجريت التجارب الأولى عليه في شهر نيسان، والتحق أغلب المشاركين فيه بقناة فضائية من قطر اسمها «الجزيرة»، ونقلت المعدات والاستديوات التي كانت مرصودة للقناة البريطانية باللغة العربية إلى هناك لينطلق البث في خريف العام نفسه، وعادت «بي بي سي» العربية التلفزيونية للظهور بحلة أخرى بعد تأخر زاد عن العشر سنوات.
السؤال هو، ما هي حاجة دولة قطر التي لا يزيد عدد سكانها عن المئة وخمسين ألفاً، إلى قناة يدفع الأمير من موازنته لانطلاقتها مئة وخمسين مليون دولار، بمعدل الف دولار عن كلّ مواطن؟
قناة «الجزيرة» أطلت بما بدا انه مشروع عملاق يتخطى قدرة بلد صغير في الخليج على حمل أعبائه، فالقناة حملت راية خدمة إعلامية، سقفها أعلى من أيّ سقف للإعلام الخاص في أكثر بلاد العرب انفتاحاً، وممارسة للحرية الإعلامية والتعددية السياسية كلبنان، وخاضت في قضايا وملفات تسبّبت بأزمات سياسية كبرى، كالأزمة في العلاقة مع مصر والعلاقة مع السعودية وتبنت ملف الحريات والرأي والرأي الآخر وتعميم الديمقراطية وتظهير المعارضات حتى كان السؤال بماذا تشبه «الجزيرة» إمارة قطر؟
كان الجواب أنّ حكومة قطر تمنع على مواطنيها مشاهدة «الجزيرة»، فهي سموم لشعوب غير شعب الإمارة، طبعاً ليس في ما يخص التطبيع باستضافة الناطقين بلسان كيان الاحتلال، ولو مع ديكور مبرمج لمناوشات يخوضها مذيعو ومقدمو برامج «الجزيرة» معهم، بعضهم بصدق وبعضهم الآخر تمثيل ومسرحية.
مع بداية الربيع العربي بدت «الجزيرة» قناة ناطقة باسم الشعوب والمعارضات، بل هيئة أركان ثورة، حتى تساءل الأستاذ محمد حسنين هيكل عما إذا كان أمير قطر تشي غيفارا؟
ما الذي يربط قطر بهذا التثوير المبرمج لفكفكة الكيانات وتدمير جيوشها… صار السؤال؟
كيف تؤخذ الناس الغاضبة إلى المذبحة باسم ثورة بلا هوية وبلا قضية؟
هنري برنار ليفي ألف كتاباً للربيع العربي فصار عرابه، أما «الجزيرة» فقد صاغت التفاصيل اليومية والتحركات الميدانية ورسمت التكتيكات والخطط، فماذا عساها تكون؟
«الجزيرة» قناة «الإخوان المسلمين» وتنظيم «القاعدة»، وهي لا تخفي أنّ تيسير علوني كان ضابط الارتباط بينها وبين «القاعدة»، ولا أنّ وضاح خنفر ممثل «الإخوان المسلمين» في قيادتها.
أشرطة أسامة بن لادن تصل إلى «الجزيرة» حصرياً، ومن بعده أيمن الظواهري، والأمر ليس مهنياً بل أمني استخباري، والدليل بسيط ألم تقم قطر رسمياً بتولي الوساطة بين «طالبان» و«القاعدة» من جهة، وبين الإدارة الأميركية من جهة أخرى علناً لترتيبات الانسحاب الأميركي من أفغانستان؟
اليوم «الجزيرة» تقود الحرب على مصر وجيشها، وتقود الحرب في ليبيا، وتقود التخريب في تونس، والفتنة في العراق، و«داعش» و«النصرة» في سورية، وها هي تضع قدمها في الصحن اللبناني تشهيراً بجيشه ومقاومته، وتنبّؤاً بنهر دم سيصل إليه.
الأمر الذي لا ينتبه له ربما أصحاب «الجزيرة» أنها بقدر ما كشفت مهمتها الحقيقية، لم تنفعها شهادة خالد مشعل بعد حرب غزة، لأنها سقطت في عيون الناس الذين صنعت مجدها بمحبتهم وقبولهم، وها هي تستبدل هذا القبول وتلك المحبة بالكراهية والحقد، يبادلونها ما كشفت أنه وجبتها الحقيقية المسمومة.
لا مكاتب لـ«الجزيرة» اليوم في مصر ولا ليبيا ولا تونس ولا العراق ولا سورية، و بالأمس هاجم المتظاهرون مكتبها في بيروت وقبله في الأردن.
سقوط «الجزيرة» سقوط لآلة الفتنة، فالذي يسقط هو أخطر من «داعش» لأنه احتل غرف نومنا وعقولنا وقلوبنا، والشفاء منه بداية الخروج من المحنة.
«توب نيوز»
لا مناطق عازلة
– رجب طيّب أردوغان يدعو إلى قيام منطاق عازلة كشرط للتدخل ضدّ «داعش»، ويظنونه مشروعاً قيد التحقق.
– أردوغان منذ بدء الحرب على سورية وهو متورّط وعدائي لكنه يحسبها دائماً.
– كلما قال الأميركيون لأردوغان عليك المزيد من التورّط قال لهم الأمر يتوقف على إقامة مناطق عازلة، والطريق إليها قرار من الأطلسي.
– سقطت طائرة تركية وكانت سبباً مقبولاً لتقبّل الشعب التركي التورّط بالحرب من بوابة منطقة حظر جوي تحت شعار حماية الأجواء، ولم يفعل، بل قال ذات الكلام انّ المطلوب منطقة عازلة، لكن شرط قيامها قرار من مجلس الأمن أو قرار أطلسي وهو يعلم استحالتهما.
– قرار أطلسي بمنطقة حظر جوي فوق جزء من سورية يعني ضرب الدفاعات الجوية السورية ومنع الطيران السوري من التحليق، وهو إعلان حرب، فهل هناك قدرة أطلسية على إعلان الحرب على سورية و«إسرائيل» في مرمى الصواريخ؟
– أردوغان يمسك واشنطن من يد عجزها عن الذهاب إلى الحرب مع سورية خشية على أمن «إسرائيل» فيربط بها حربه على «داعش» ليكون بالحدّ الأدنى من المشاركة.
– لا مناطق عازلة.
التعليق السياسي