ترامب: مئة يوم من الفوضى والتخبّط داخلياً يغطيها بتوتير الأوضاع خارجياً
مع نهاية شهر نيسان انقضت مئة يوم على تولي الرئيس دونالد ترامب مهام منصبه، وقد بدأ الإعداد والترويج «لإنجازاته الهائلة» منذ الحملة الانتخابية، مبشراً الشعب الأميركي بانتصارات تتحقق قد يملّ من تكرارها. بيد انّ حسابات الحقل لم تسعف حسابات البيدر، كما سنرى في قسم التحليل.
سيتمّ استعراض أبرز محطات «المئة يوم الأولى» من الفترة الرئاسية الغضّة لترامب، وإفراطه في عديد الإنجازات التي ستحسب له «أضخم من سجل ايّ رئيس سابق». في المقابل، سيبنى على التساؤل المشروع ان كانت تلك الفترة «العشوائية» منصفة لأداء ايّ رئيس، وانْ كان ترامب هو أكثرهم حرصاً على تسجيل أهداف ملموسة غير عابئ بحقائق الواقع والمتغيّرات الداخلية والدولية، وما أصابه من خيبة أمل كبيرة عند هزيمة مشروعه «لإلغاء واستبدال برنامج الرعاية الصحية الشامل «أوباما كير»، على يد فريق ضئيل الحجم من أعضاء الحزب الجمهوري عينه.
سورية
اعتبر معهد كارنيغي انّ روسيا هي بحاجة للولايات المتحدة من أجل مساعدتها على بلورة حلّ في سورية قائلاً: «انْ تيسّر لواشنطن اتخاذ قرار بدخول اللعبة الديبلوماسية في ما يخصّ سورية، فحظوظ التوصل لحلّ ستتحسّن كثيراً. اذ انّ موسكو تدرك منذ زمن انّ الحلّ السياسي الخاص بسورية سيكون من المستحيل التوصل اليه دون مشاركة الولايات المتحدة». وحمّل المعهد إدارة الرئيس أوباما مسؤولية «عدم اكتراثها بالشراكة الجدية مع موسكو، بينما الرئيس ترامب، في تباين حادّ، قد يكون حقاً راغباً في التوصل إلى حلّ. وبنظر المعهد، فإنّ أمام ترامب «فرصة سانحة لتعزيز سمعته كصانع مغرم بالصفقات».
أما معهد كاتو للأبحاث فقد حافظ على سياق موقفه الرافض لأيّ تدخل عسكري أميركي إضافي في سورية، ساخراً من «سجل الانتصارات العسكرية الأميركية في أفغانستان والعراق… اذ انّ العدوانيْن والاحتلاليْن هناك أسهما في تغذية مزيد من الصراعات والإرهاب، وإعانة تنظيم الدولة الإسلامية على البروز في نهاية المطاف». اما في ما يخصّ التدخل الأميركي في سورية فإنّ «الولايات المتحدة ينقصها ايّ تبرير منطقي للحفاظ على أمنها القومي… الذي لا يعتمد على هوية من يحكم سورية». وأوضح انه بصرف النظر عما ستؤول اليه الأوضاع في سورية في نهاية المطاف، فإنّ «سورية المنهكة لن تكون في وضع يتيح لها تهديد الولايات المتحدة». وحذر صناع القرار السياسي من انّ الحملة الجارية لتقويض داعش وإضعافها «لا تشكل تبريراً كافياً لزيادة كبيرة للجهود الأميركية للانخراط في سورية… وانّ تحرير الرقة من داعش أضحت مسألة وقت، ونهاية الحرب التقليدية على التنظيم حينئذ لن يكون استخدام القوات العسكرية الأسلوب الأنجع لملاحقة إرهابيين بمفردهم».
السعودية
انتهز معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى المناسبة السنوية الأولى على إعلان الرؤية 2030 التي «خلت من التفاصيل.. يجعل من الصعب الحكم على التقدّم المحرز». واوضح انّ هدف الخطة كان «لترسيخ مكانة المملكة باعتبارها العمق العربي والإسلامي.. كقوة استثمارية رائدة.. والمحور الذي يربط القارات الثلاث». وأشار المعهد الى «التناقض الأساسي» الذي تعاني منه الخطة المعلنة، إذ «يطلب من المستثمرين الأجانب استثمار أموالهم في قطاع النفط والغاز السعودي، بينما تبدو المملكة متلهّفة للابتعاد عن النفط.. وتزعزع الثقة في شركة ارامكو». واستطرد بالإشارة إلى مكامن الضعف في توجه المملكة السعودية إذ «وصلت حملتها العسكرية ضدّ اليمن الى طريق مسدود.. وما تنطوي عليه استمرار الحرب من مخاطر أزمة إنسانية في ظلّ مواجهة الجيش السعودي اتهامات بتنفيذ هجمات على أهداف مدنية وكلفتها الباهظة التي وصلت عشرات ملايين من الدولارات يومياً». وذهب المعهد الى القول بأنّ «الرؤية 2030.. هي آلية لتحقيق الطموح الشخصي لمحمد بن سلمان الذي يبدو انه أحكم السيطرة على الاستراتيجية العسكرية السعودية، والسياسة الخارجية، والتخطيط الاقتصادي». وختم بمناشدة الإدارة الأميركية «تقديم الدعم العلني للرؤية 2030 والعمل بهدوء على توجيه المملكة بعيداً عن أهداف مفرطة في الطموح التي يمكن أن تقوّض امكانيات الخطة».
اليمن
عبّر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى عن تشاؤمه من التوصل لحلّ سياسي في اليمن، في المدى المنظور، خاصة أنّ «المسار السلمي دخل مرحلة الإنعاش منذ نهاية العام الماضي… كما انّ وزراء خارجية الدول الصناعية «جي-7» رفعوا أيديهم عن الأزمة في لقائهم الأخير بمدينة لوكا الإيطالية، واكتفوا بالمطالبة بتجديد وقف إطلاق النار وبدء مفاوضات السلام». وشكك المعهد بتصريحات الرئيس اليمني المستقيل، عبد ربه منصور هادي، بتأكيده انّ «حالة الجمود الراهنة قابلة للكسر عبر هجوم برمائي على ميناء الحديدة… لا نؤيد ذلك، بل ستؤدّي المغامرة الى دخول اليمن مرحلة مجاعة رهيبة».
إيران
تناولت مؤسسة هاريتاج تجديد الخطاب الاميركي الهجومي على إيران والاتفاق النووي، بالإشارة إلى «تأكيد وزارة الخارجية الأميركية انّ إيران تمتثل لشروط الاتفاق النووي». وانتقدت إدارة ترامب لإبطائها في مواجهة إيران إذ «صادقت على تمديد إعفائها من العقوبات 90 يوماً إضافياً»، في إشارة إلى عدد الأيام التي انقضت على رئاسة ترامب. واستدركت بالقول انه «ربما ستؤدّي عملية مراجعة السياسة الراهنة التي أوصى بها ترامب إلى إقرار الرئيس بسحب تنازله في المستقبل» المنظور.
حذر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية صناع القرار من تعزيز إيران الثقة بنفسها وقدرتها على «نشر نفوذها.. إذ أضحت لاعباً اقليمياً رئيساً يتمتع بمناخ داخلي نشط ومعقد ومثير للجدل». وأوضح انّ تلك المزايا والخصائص «لن تسمح لها الركون للتجاهل او للإكراه لتغير نمط أسلوبها وفق خطوط رسمتها لها دول أخرى». وأوضح انّ إيران انْ شعرت «بتجاهل مخاوفها المحقة لناحية سيادتها وأمنها، تزداد تصميماً على مقاومة الضغوط». وبنى المعهد على تلك المقدّمة ما اعتبره توجه إيران «بكافة أطيافها السياسية لردّ فعل مضادّ، تضمّن توسيع وتسريع وتيرة برنامجها لتخصيب اليورانيوم وصياغة بليغة لنظرتها الأمنية بأنّ التهديدات هي الردّ على التهديدات».
زعم مركز السياسة الأمنية انّ إيران تواصل انتهاكها للاتفاق النووي مناشداً الإدارة الجديدة «الوفاء بوعودها الانتخابية في ما يتعلق بإيران، وبرنامجها النووي، واتفاقية خطة العمل المشتركة الشاملة.. وبانخراط شركاء أميركا الدوليين وهيئة الطاقة النووية الدولية ينبغي مطالبة إيران بتطبيق تامّ لكافة قرارات مجلس الأمن الدولي وقبول بروتوكولات إضافية وإفساح المجال لمفتشي الوكالة الدولية دون عوائق الدخول لكافة المنشآت والمراكز المشتبه بها». كما ناشد المركز إدارة الرئيس ترامب «الإعلان عن نيتها لوضع حدّ لكافة النشاطات المتعلقة بخطة العمل المشتركة، ومحاسبة إيران على انتهاكاتها لحقوق الانسان ودورها في هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، ولاستمرارها في دعم الإرهاب».
طالب المجلس الأميركي للسياسة الخارجية صناع القرار بتفعيل عقوبات إضافية ضدّ وحدات «الحرس الثوري الإيراني التي تتحكم بامبراطورية من الشركات مترامية الأطراف… لحرمانها من الاتجار العالمي الاعتيادي». ولفت أنظار الساسة الأميركيين الى انّ «الجمهورية الاسلامية جنت ارباحا اقتصادية هائلة» بعد الاتفاق النووي، بيد ان «إدراج الحرس الثوري على اللائحة السوداء من شأنه اعاقة طموحاتها الاستراتيجية.. اذ يعتقد انه يسيطر على نحو ثلث الاقتصاد الإيراني بأكمله». وأردف انّ الرسالة الأهمّ تكمن في «إشارة التحذير للمؤسسات العالمية والدول الأجنبية التي باشرت بالتعامل مع إيران في كافة قطاعاتها الاقتصادية.. وتتعارض ممارساتها مع قوانين مكافحة الإرهاب الأميركية».
درجت العادة في المؤسسة الرئاسية الأميركية الإعداد المبكر لبعض الوعود والإنجازات لتسجّل في «إرث» المئة يوم الأولى من تسلّم الرئيس مهامه، توفر قراءة مبكرة على آلية تعاطيه مع التحديات والأزمات المطروحة، داخلياً وخارجياً
تعود أصول العرف الزمني إلى عهد نابليون بونابرت دلالة على عدد الأيام التي استغرقتها رحلة عودته من منفاه وتسلّم الرئاسة الفرنسية، وفق تقرير أسبوعية «تايم»، نيسان 2009.
أميركياً، ابتدع الرئيس فرانكلين روزفلت التاريخ «العشوائي وغير الواقعي» عام 1933 خلال فترة «الركود الاقتصادي الكبير» الذي حلّ بالبلاد، بعد مرور مئة يوم على انعقاد دورة الكونغرس بمجلسيه، بين 9 آذار 17 حزيران، وليس لعدد الأيام التي قضاها الرئيس في منصبه. ومنذئذ دخلت المدة «العشوائية» في سردية الحملات الانتخابية الرئاسية كوعد يقطعه المرشح لما ينوي إنجازه عند الفوز بالمنصب.
كما درجت عادة الرؤساء المتعاقبين على «تمديد» الحكم الشعبي على الإنجازات مقارنة بالوعود لفترة إضافية، مارسها الرئيس تلو الآخر، بتدشين الوعي الشعبي بمغامرات عسكرية لكسب ودّه ورضاه: جون كنيدي أصدر أوامره لغزو كوبا في خليج الخنازير بعد 87 يوماً على رئاسته، وتفوّق الاتحاد السوفياتي على الولايات المتحدة بدوران ناجح لأول إنسان بشري حول الأرض خلفه الرئيس جونسون افتعل أزمة توريد مياه لقاعدة غوانتانامو مع كوبا الرئيس كلينتون تميّزت فترته الأولى بالغارة الفاشلة والمجزرة التي نتجت عن هجوم الشرطة الفيدرالية على مقرّ حركة «الداووديين» الدينية بزعامة ديفيد كوريش في مدينة واكو بولاية تكساس تعثرت ولاية الرئيس جورج بوش الابن الأولى نظراً لانصراف الاهتمام العام ناحية «إعادة فرز الاصوات» في ولاية فلوريدا الرئيس أوباما استقبل ولايته الأولى بعدم الاعتراض على العدوان «الاسرائيلي» على غزة، 2007-2008، والإقرار بأنّ إنجازاته تستدعي 1000 يوم لتحقيقها.
على الصعيد الداخلي الصرف، يمارس ترامب مهامه الرئاسية بإصدار قرارات رئاسية متتالية، «أوامر تنفيذية»، لها مفعول القانون عوضاً عن اللجوء إلى الكونغرس لإقرارها، ويعود ذلك لسببين رئيسيين: الأول، ذاتيته المفرطه لاتخاذ قرارات نافذة على الفور دون المرور بالسلطة التشريعية والثاني، نزعته وأقرانه الجمهوريين بعدم تحميلهم وزر سياسات يرفضها الناخبون خاصة انّ البلد مقبلة على انتخابات نصفية العام المقبل يخضع لها كافة أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ.
أطلق المرشح ترامب وعوداً كبيرة في كافة الاتجاهات، رافعاً سقف التوقعات بعيداً عن الواقع، الأمر الذي اضطره للإقرار قبل أيام بأنه لم يكن «يدرك تعقيدات المنصب الرئاسي». أما إصدار حكم على رئاسته في هذه الفترة لا يرمي سوى تشكيل مؤشر على هفواته وإخفاقاته والتنازلات الهامة التي قدّمها للمؤسسة الحاكمة، بإطلاق يد المؤسسة العسكرية في قرارات السياسة الخارجية وتهميش دور ومكانة وزارة الخارجية التقليدي.
على الطرف المقابل، سلّم ترامب زمام السياسة الاقتصادية لحفنة من خمس شخصيات أتوا جميعاً من أكبر صناديق الاستثمار في وول ستريت «غولدمان ساكس»: أبرزهم مستشاره للشؤون الاستراتيجية ستيف بانون وزير المالية ستيف منيوشن، ونائبه المقبل جيمس دونافان المدير التنفيذي بالوكالة للصندوق ورئيس المجلس الاقتصادي الوطني في البيت الابيض، غاري كاون دينا باول من أصول مصرية ايضاً من صندوق غولدمان ساكس.
كأنّ هيلاري تحكم…
التحوّل الرئيس في سياسات وتوجهات ترامب يمكن إيجازه بالاستدارة نحو أقطاب المؤسسة الحاكمة التي لا ينفك عن نعتها بأقسى العبارات، أبرزها انها تنخر بالفساد ومهمته «تجفيف مستنقعاته»، بعد سلسلة إخفاقات وملاحقات قضائية لفريقه الرئاسي، واستعادة التهديد بتقديمه للمحاكمة.
الرئيس الزئبقي ترامب لم يكن يتوقع منه إنجازات أو توجهات ملموسة، في فترة زمنية وجيزة، بل تخلى بوتيرة لافتة عن تعهّداته الانتخابية الرئيسة، لكنه تحدّى الآليات التقليدية للمؤسسة الحاكمة، وسرعان ما أضحى متماهياً معها ليخضع سياساته الخارجية لتوجهات القيادة العسكرية في البنتاغون وأجهزة الاستخبارات. ولم يبتعد كثيراً عن طبيعة خطابه الانتخابي: الإقلاع عن البعد الايديولوجي والإفراط بالسردية القصصية.
اول «إنجازات» الرئيس ترامب كانت شنّه غارة صاروخية على قاعدة عسكرية سورية، قاعدة الشعيرات، رافقتها «زلة لسان» ربما للناطق الرسمي باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، بأنّ الاولوية الأميركية لا زالت في «زعزعة استقرار سورية» وهي الجملة التي أرست حدود السياسة الأميركية نحو سورية على الرغم من كافة الوعود السابقة بإيلاء الأولوية «لمحاربة داعش والإرهاب.. والنأي عن تغيير النظم».
تميّزت وزارة الخارجية في عهد هيلاري كلينتون «بجلب الفوضى والدمار والقتل والبؤس» لكلّ بقعة تحتلّ موقعاً هاماً في الاستراتيجية الاميركية: ليبيا، سورية، آفة الربيع العربي الدموي، وموجات الهجرة الجماعية باتجاه أوروبا، وانقلاب الثورات الملوّنة في حديقة روسيا الخلفية فضلاً عن الدمار وترسيخ التبعية في أميركا اللاتينية وأفريقيا. في ظلّ هذه المعادلة، يعسر على المرء التعرّف على فروقات جوهرية بين سياسة ترامب «ووعود» السيدة كلينتون.
سياساته الخارجية أضحت مثيرة للتوترات وموازية او شبه مطابقة لسياسات أسلافه وتخليه عن لهجة التهدئة والتعايش الدولي: استفزاز الصين واتهامها بالتلاعب بسعر صرف عملتها الانقلاب على سياسة أوباما في «التريّث الاستراتيجي» مع كوريا الشمالية التخلي عن وعده بعدم التدخل في سورية وتدهور العلاقات مع روسيا، عدا عن اعتبار حلف الناتو من الماضي ثم الإشادة به.
أما وزير خارجيته، ريكس تيلرسون، فحضوره في المشهد السياسي لا يوازي حجم المهامّ المنوطة به. في ما يخصّ المسألة الفلسطينية، يتمّ التداول في واشنطن بأنّ ملف المفاوضات بأكمله انتقل من أروقة وزارة الخارجية الى حضن نسيب ترامب، جاريد كوشنر إضافة إلى ملفي الصين والمكسيك.
ترامب، في مجال السياسة الخارجية، مولع بالتميّز عن سلفه الرئيس أوباما والإقلاع عن الالتزامات والمحاذير الأميركية السابقة، لا سيما في ما يخصّ مسألة المستوطنات و«حلّ الدولتين». وشرع في تجسيد معارضته للرئيس أوباما قبل تسلّمه مهام منصبه بخطوات عملية: التصريح العلني ضدّ امتناع إدارة أوباما عن التصويت في مجلس الأمن حول المستوطنات المسارعة في التحدث هاتفياً مع رئيسة تايوان مما اعتبر أمراً غير مسبوق في ركيزة السياسة الأميركية التي تعتبر انّ الصين مسألة واحدة الخطاب العلني المداهن لروسيا والكشف عن اتصالات مباشرة أجراها أعضاء فريقه الانتخابي، ومن ثم مستشار الأمن القومي السابق، مايك فلين، مع موسكو.
في الشأن الداخلي، تلقى ترامب وفريقه من الحزب الجمهوري صفعة قاسية لفشل مجلس النواب استصدار قرار يلغي فيه برنامج الرعاية الصحية، أوباما كير، على أيدي قلة من ممثلي الحزب الجمهوري المتشدّدين. وسعى منذئذ للتريّث والإبطاء في إنجاز قرارات تشريعية مؤثرة وكسب تأييد بعض المعارضين من داخل الصف الجمهوري.
كما تلقى ترامب وفريقه سلسلة هزائم في البعد القضائي عقب إقدام عدد من القضاة الاتحاديين تحدّي قراراته وتجميد أحدها المتعلق بحظر دخول رعايا دول عربية وإسلامية، وكذلك لتحمّل الولايات المتحدة عبء الإنفاق على برامج لجوء المهاجرين ورعايتهم.
نظرة دقيقة على أوضاع الإدارة الداخلية لاستخلاص توجهات مستقبلية، آنية او متوسطة المدى، لا تبشر بالخير للرئيس ترامب. اذ انّ فريقه لا تنقصه الخبرة العملياتية فحسب، بل تنخر الصراعات أقطابه المتعدّدة، مما حدا بترامب الاعتماد المتزايد على أفراد عائلته، كريمته وزوجها تحديداً، في إدارة بعض الملفات الحساسة.
عند إضافة عامل الفضائح السياسية التي تلاحق افراداً معينيين في الإدارة، يخرج المرء بصورة قاتمة لما ينتظر الإدارة من توجهات حقيقية. في المقابل، يلجأ ترامب الى العدول عن اتخاذ قرارات حاسمة بنفسه والإنصات لأقطاب المؤسسة التقليدية ممثلة بوزير دفاعه، جيمس ماتيس، ومستشار الأمن القومي، هيربرت ماكماستر، والتماهي الشديد مع ركائز السياسات الأميركية السابقة وتمسكها بوحدانية القطب العالمي.
بل لم يخجل من التصريح بعد لقائه رئيس جمهورية الصين الشعبية، شي جين بينغ، بأنه تعلّم الكثير عن تعقيدات الأوضاع في شبه الجزيرة الكورية من ضيفه الصيني.
طبيعة ترامب وميله للتهوّر وسرعة الانفعال لا ينبغي تغييبها عن «التنبّؤ بما لا يمكن التنبّؤ به». المؤسسة الإعلامية الضخمة أجمعت على توصيف ترامب بالتهوّر. أما تقييم «الإعلام المزيف»، وفق توصيف ترامب للمؤسسة، فقد أوجزته إحدى أهمّ ركائزه يومية «واشنطن بوست» بالقول انّ «ترامب يحكم بذات الآلية التي انتهجها في حملته الانتخابية: التهوّر وعدم الثبات على موقف محدّد والصراخ العالي».
نشرة أسبوعية تصدر عن وحدة «رصد النخب الفكرية» في مركز الدراسات الأميركية والعربية