«استديو دراما»… للنقّ والثرثرة
جهاد أيوب
«استديو دراما»، برنامج فنّي منوّع وخفيف، يُقدَّم على قناة «سورية دراما»، وهو من إخراج جعفر سعيد أحمد، وتقديم سومر إبراهيم ولودا. شاهدته، وقرّرت متابعته لرغبتي في إيجاد مساحة أستفيد منها في فهمي الدراما وتعلّمي ونقدي لها، وبالتحديد السورية، خصوصاً أننا مقبلون على الموسم الرمضاني الجديد، حيث تكثر الأعمال التلفزيونية ويقلّ الدين.
«استديو دراما» من اسمه نعرف ما يقصد به، تابعته وكانت النتيجة، نقّاً وانتقادات هدامة لا نقداً. ثرثرات أحياناً غير هادفة، غير مفهومة، وفي غير محلها، ويصل الأمر بالضيف لأن يقول لمقدّمة البرنامج لودا: «مش معروف شو بدّك من السؤال، وشو بتقصدي من سؤالك، وما فهمت السؤال»، لتعيد السؤال بسؤال لا علاقة له بما كانت قد سألته… وهذا ما حصل مع المؤلف الموسيقيّ طاهر مامللي.
طاهر مامللي ضيف غنيّ الفكرة والمعلومة، تحدّث بما يفقه، لكن المذيع الذي أخذه إلى نقد الدراما السورية بأسلوب نافر ليس منطقياً ولا نعرف الغاية. ولنكتشف أنها دراما سورية سيئة لا أمل فيها ومنها، وقد قاما بهدمها كلّياً من دون بارقة تبشّر بتحسين وضعها. مع أنّ الدراما السورية رغم معاناتها، وما أصابها من خلل بسبب الحرب العالمية على سورية، والحرب العربية الخليجية في عدم تسويق الجيد منها، لا تزال أفضل بكثير من غالبية الدراما العربية جمعاء. ورغم ملاحظاتنا السلبية عليها والكثيرة نقداً وواقعاً، ومعرفة بأصغر تفاصيلها، إلا أنها أنقذت الثقافة العربية، وتحديداً البصرية منها، على عكس ما تفضّل به المذيع سومر حينما حسم تطوّر الدراما المصرية، وعدم نضج السورية، من دون أن يدرك ماذا يقول ويتفوّه في لغة النقد والمتابعة.
أقصد بعد كلام المذيع سومر والضيف طاهر مامللي، وقفت معلناً الدفن والعزاء، ومتقبّلاً العزاء بالدراما السورية التي حدّدانها وسجنّاها في الحضيض… أما المذيعة لودا فلم تكن حاضرة بالمطلق رغم انتقال الكاميرا إليها لنتأكد أنها في الاستديو.
تقارير البرنامج لا علاقة لها بتطوّر لغة الفضائيات والعصر الحالي، ريتمها ستّينيّ شكلاً ومضموناً ونصّاً، ومن الاسم «الكاميرا كانت هناك» ندرك أننا في زمن قحط العناوين والاجتهاد.
أما المضمون كما عنونت «من أجواء المرحلة الثالثة للمسابقة الوطنية للمواهب الفنية الشابة»، فحدّث ولا حرج، والغاية لقاءات مع مسؤولين. أما إلقاء الضوء على المشاركين فرفع عتب بحيث لم نشاهد مواهب، ولا نشاطاً ولا من يحزنون، والمضحك أننا لم نعرف ما المقصود من التقرير أو التغطية أو الحدث.
فقرة «ضيف البرنامج» كانت مع الزميل جواد ديوب ليتحدّث عن مهرجان «سينما الشباب للفيلم القصير»، وهو معنيّ بالهواة ليس أكثر. ورغم مهنية ديوب الواضحة إلا أنّه قصف عمر البراعم، وحاسبهم كتجارب عالمية تعنى بأصحاب الاختصاصات الرائدة، وغاب عنه واقع البلد، وواقع التجربة، وواقع الخبرة، وواقع العمر، وواقع التخصّص، وواقع المهرجان. واللافت أنّ مذيع البرنامج سومر لم يسمح للضيف أن يكمل جملته، وقاطعه أكثر من مرّة ليسأل ويجيب ويعطي ملاحظاته وقراراته ومطالبه وشروطه ليتبيّن أنه من ضمن من شاركوا في المهرجان.
أما المذيعة لودا فهي مثل «الأطرش في الزفّة»، ولا علاقة لها بالموضوع سوى حسنة يتيمة تحسب لها يوم القيامة حينما ذكرت أن المهرجان للهواة والشباب الواعد.
برنامج «استديو دراما» من غير هوية، إعداد يعتمد على ثرثرة الضيف والمذيع وصمت المذيعة. ورغم حاجة الشاشة السورية إلى برامج منوّعة كهذه، لكن المستوى أقلّ من متواضع من حيث الإخراج والتقديم والأداء والصورة… والأهمّ الإعداد ومتابعته، والديكور الذي تميّز بلونه المزعج، وبحجمه الكبير المخيف من دون حاجة إليه. والغريب أنّ المخرج يتعمد تصويره كلّه، ويذهب إليه بكاميراه «زوم إن» و«زوم آوت» من دون حاجة سوى لإزعاج البصر.