«اللاءات» وحدها لا تنقذ لبنان…

معن حمية

أخطأ كلّ مَن اعتقد أنّ مجلس الوزراء الذي انعقد أمس، بعد استراحة شهر ستكون لديه طاقة متجدّدة لتحقيق معجزة إنجاز مشروع قانون الانتخاب، كما فعل سابقاً حينما اتفق على توزيع بلوكات النفط، لكن هذه المرّة لم يتمتع بالطاقة الكافية، ربما بسبب مؤتمر الطاقة الاغترابية في «البيال»، حيث اجتمع هناك زهاء ألفي مغترب لبناني، لذلك لم يكن أمام مجلس الوزراء من حيلة إلا بإعادة القانون الانتخابي إلى اللجنة الوزارية مع إجماع على تكريس الـ«لا» للتمديد.

وفي ظلّ لاءات التمديد والفراغ ولا نسبياً لقانون الستين، فإنّ المسار الطبيعي يستوجب سنّ قانون جديد للانتخابات النيابية، لكن أيّ قانون ينتظره اللبنانيون، فيما الخلاف ما زال مستحكماً حول صيغته؟

إنّ المعضلة الكبرى تتمثل بسعي كلّ فريق الى تكبير حجمه في المجلس النيابي وفق صيغ تحقق هذا المبتغى، ودائماً بذريعة تحقيق صحة التمثيل. وكلّ الصيغ المطروحة هي طائفية ومذهبية وجهوية بامتياز انعدام صحة التمثيل.

ما لا تدركه القوى السياسية المشدودة إلى خلفيات طائفية ومذهبية، أو لا تحبّذ إدراكه، أنّ إنقاذ لبنان من خطر الوقوع في الهاوية، لا يتمّ إلا من خلال التوصل إلى قانون جديد يوفر بحق صحة التمثيل وعدالته. قانون منصف لعموم اللبنانيين، وليس لهذه الجهة أو تلك. وما عدا ذلك سيؤدّي الى كسر أحد اللاءات، أيّ العودة إلى قانون الستين الذي يكسر معه تلقائياً «لا» التمديد و»لا» الفراغ، فيصبح اللبنانيون على قانون الستين المرذول وعلى تمديد مقنّع وفراغ مستتر.

إنّ مقدمات هذا الاتجاه تظهر جلية من خلال إعادة القانون إلى مطبخ اللجنة الوزارية التي ستساهم بدورها في استنفاد المهل وإعدام الفرص بما لا ينغّص على اللاعبين هواية اللعب على حافة الهاوية.

والسؤال ما الذي يمنع السقوط في الهاوية؟

طبيعي أنّ تجريب المجرّب السيّئ لا يُقدم عليه إلا من كان عقله مخرّباً، وما من سبيل لعدم تكرار التجارب المرّة وعودة العقليات المخرّبة والدفع بلبنان نحو الهاوية، إلا من خلال حصول توافق على صيغة جديدة للقانون الانتخابي تُعيد للبنانيين المقيمين حقوق المواطنة الكاملة على غرار إعادة حق الجنسية للمغتربين، وتنقذ الجميع من شرور العودة إلى الستين الذي يحمل في طياته الفراغ والتمديد.

إنّ الصيغة المثلى هي قانون بثلاث ركائز، لبنان دائرة واحدة واعتماد النسبية، ومن خارج القيد الطائفي بما يضمن صحة التمثيل الحقيقي ويعزّز الوحدة الوطنية ويستعيد المواطنة ويشكل منصة انطلاق نحو التغيير الجذري والإصلاح المنشود.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى