مناطق «تخفيف التصعيد» أبعد من تثبيت وقف النار…؟
معن حمية
بعد أيام قليلة على اتفاق «مناطق تخفيف التصعيد» في سورية، بدأت تتكشّف استهدافات هذا الاتفاق، وبأنه على قدر كبير من الأهمية، لأنه شكّل رداً استباقياً على ما يجري التخطيط له من قبل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والأردن، وتحديداً في المناطق الجنوبية للشام.
المعنيون في الشأن العسكري لا يرون فرقاً بين وظائف «اتفاق وقف النار» و»اتفاق مناطق تخفيف التصعيد»، فكلاهما يؤدّيان الغرض ذاته. لكن حين يسارع الروس إلى الإعلان عن وقف الطلعات الجوية السورية ـ الروسية فوق مناطق «تخفيف التصعيد»، وحظر هذه المناطق على طائرات التحالف الأميركي، يتضح أنّ الهدف الروسي أبعد من تثبيت وقف النار، بل هو بمثابة عمل إجراء استباقي هدفه فرض وقف تخصيب مخطط أميركي ـ بريطاني ـ أردني، لفتح جبهة الجنوب السوري، والتوغّل ضمن الأراضي السورية تحت ذريعة الحرب ضدّ الإرهاب…
فعلها الروس، وقطعوا الطريق على أميركا بموافقة أميركية. وقد أعلنت القيادة العسكرية الروسية بعد الاتفاق أنها ستؤازر الجيش السوري في معركته لتأمين المناطق الحدودية مع العراق وصولاً إلى دير الزور وضمناً الرقة.
وواضح أيضاً أنّ الدولة السورية كانت على تنسيق تامّ مع روسيا الاتحادية بشأن الاتفاق، فعلى الرغم من مسارعة الولايات المتحدة الأميركية وتركيا إلى توصيف الاتفاق بأنه نسخة عن مشاريع «المناطق الآمنة»، حافظت سورية على رصانتها المعهودة، ولم تستدرج الى فخ المزايدات من قبل ما يُسمّى معارضات سورية اعتبرت أنّ «مناطق تخفيف التصعيد» تعتبر تمهيداً للتقسيم.
لكن، ما إنْ بدأ الاتفاق يسلك حيّز التطبيق، حتى أعلن الناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني أنّ الأردن سيقوم بالدفاع عن حدوده بالعمق السوري إذا اقتضى الأمر ذلك. وأنّ الأردن لم يوقّع على إقامة المناطق الآمنة السورية قرب الحدود الأردنية. وهو التصريح الذي لقي رداً سورياً قوياً، حيث أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمر صحافي عُقد على ما يبدو لهذا الغرض، أكد أنه سيتعامل مع أيّ قوات أردنية تدخل الأراضي السورية بأنها قوات معادية وسيتمّ التعامل معها على هذا الأساس.
وحيث إنّ موقف الناطق الأردني المتزامن مع مناورة «الأسد المتأهب» يظهر حقيقة ما يُخطّط له انطلاقاً من الأردن، جاء الردّ سريعاً من الوزير المعلم، وهو ردّ حمل رسائل عديدة، تكشف بأبعادها أنّ ما فعلته روسيا بطرح إقامة «مناطق تخفيف التصعيد»، وتحويل الطرح الى اتفاق منسق بالكامل مع سورية، وهذا الاتفاق إنْ خُرق فسيؤجّج التصعيد على أكثر من صعيد…
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي