عرنوس لـ«البناء»: مَنْ سيبني سورية هم أبناؤها وأصدقاؤها ولا مكان لمن شارك في سفك دم شعبنا في عملية إعادة الإعمار
دمشق ـ إنعام خرّوبي
لم يعد موضوع إعادة إعمار سورية بعد الحرب الكونية عليها والتي بدأت منذ سنوات، مجرد موضوع يتداوله الإعلام أو أرقاماً تتطرّق إليها الإحصاءات بل أصبح واقعاً ملموساً، ومن سيبني سورية هم أبناؤها وأصدقاؤها ولا مكان لمن شارك في سفك الدم السوري في عملية إعادة الإعمار… بهذه الكلمات اختصر وزير الأشغال والإسكان السوري حسين عرنوس مرحلة جديدة دخلتها البلاد لإصلاح ما أفسدته المجموعات الإرهابية من دون أن تحقق رغبة داعميها في الغرب والإقليم وبعض العرب بتدمير الدولة السورية ومقدّراتها وتهجير أبنائها وتفكيك نسيجها الاجتماعي وصولاً إلى تقسيمها.
تحت شعار «من أجل سورية» وبمشاركة 45 شركة بينها 16 شركة لبنانية، بدأت فعاليات المعرض الدولي الرابع لتكنولوجيا البناء «تكنوبيلد4» الذي تنظمه المؤسسة السورية الدولية للتسويق «سيما» بالتعاون مع وزارة الأشغال العامة والإسكان وبدعم من نقابة المهندسين وذلك في فندق «داما روز» في دمشق.
وتميّز المعرض باستضافته لمشروع «الطفل السوري المستثمر»، وهو مشروع يتمّ تنفيذه بالتعاون مع منظمة «طلائع البعث» ومجموعة «سافكو» حيث يقوم مشروع الطفل المستثمر على تدريب الأطفال وتعريفهم بتفاصيل المهنة التي يرغبون بالعمل بها مستقبلاً.
بعد قصّ شريط الافتتاح، بمشاركة وزير الموارد المائية المهندس د. نبيل الحسن ووزير الاتصالات المهندس د. علي الظفير، جال عرنوس على جميع الشركات العارضة واطّلع على المنتجات والخدمات التي تقدّمها. ثم تحدث إلى الصحافيين قائلاً: «كما نرى هذا المعرض متجدّد دائماً ونشاهد فيه سنوياً خدمات ومنتجات وشركات مختلفة. إنّ المهمة الأساسية للمعارض هي عرض آخر التكنولوجيات خاصة أننا نتعامل مع تكنولوجيا البناء وهي في تطوّر دائم ونحن بعد أن تعرّض بلدنا للتخريب من العصابات المجرمة أصبحنا بحاجة إلى التقنيات الحديثة والمواد الجيدة والرخيصة التي تتمتع بالمواصفات العالية».
وشكر شركة «سيما» المنظمة للمؤتمر «والمواظبة على تنظيم هذه المعارض لتقدّم الشركات مباشرة أو عبر وكلائها كلّ جديد لديها. هذا هو الهدف من المعارض التي هي عبارة عن أسواق متنقلة لعرض كلّ ما هو جديد وتعريف المهندسين والدارسين والفنيين بالتقنيات الموجودة، ونحن في الحقيقة مسرورون لأننا نشاهد، على الأرض السورية، هذا الكمّ من الشركات وكلّ هذه المواد والتجهيزات الأساسية والضرورية في عملية البناء، وهي إما صناعة وطنية أو عبر وكالات حصرية متاحة لشركات سورية.
وإذ حيا المشاركين في المعرض، أثنى الوزير عرنوس على المشاركة اللبنانية الواسعة عبر الشركات اللبنانية أو الوكلاء، «وهذا يعكس عمق العلاقات بين الدولتين واهتمام الإخوة اللبنانيين ببناء سورية».
وأضاف: «أنا واثق تماماً من نجاح هذا المعرض وفي كلّ مرة نلحظ ارتفاعاً في عدد الشركات ما يعكس اهتمامها البالغ بعملية إعادة الإعمار».
ورداً على سؤال «البناء» حول ما لهذه المعارض من أهمية على صعيد إشاعة الطمأنينة لدى السوريين لدخول مرحلة جديدة بعيداً من أجواء الحرب والدمار، خصوصاً أنّ سورية على عتبة انتصار كبير، أجاب عرنوس: «هذه حقيقة ومسلمة لدى الشعب السوري الذي بات على يقين بأنّ سورية تعافت وقريباً جداً ستبدأ عمليات الإعمار الكبيرة، وكلنا يشهد المصالحات التي تتمّ وانتصارات جيشنا الباسل على العصابات المجرمة، كما أنّ المحيط الدولي بات على قناعة بأنّ هذا الإرهاب هو آفة العصر. التعافي أصبح حقيقة واقعة والمشاريع التي نباشر تنفيذها هي مشاريع كبيرة وهذا ما يخلق طمأنينة لدى المواطن».
أما عن كيفية تعاطي الدولة السورية مع الشركات التي ستساهم في إعادة الإعمار، لا سيما إذا كانت تلك الشركات تحمل جنسية دول شاركت في العدوان عليها، فقال وزير الأشغال والإسكان السوري: «نحن اليوم قرارنا واضح وإرادتنا واضحة. سورية سيبنيها السوريون بالدرجة الأولى، مقيمين ومغتربين، وسيشاركهم الأصدقاء الذين وقفوا إلى جانب سورية في هذه الحرب بل سيكونون من المساهمين الأوائل في عملية إعادة الإعمار، أما من ساهم في سفك الدم السوري فالشعب السوري هو الذي يرفض التعامل معه وهذا الأمر لا يحتاج إلى قرارات. الشعب العربي يحب الشعب السوري لكنّ المتورّطين في هذه الأزمة لا مكان لهم في إعادة إعمار البلد الذي ساهموا في تدميره».
شركة «سيما» المنظمة
وقال مدير عام شركة «سيما» المنظمة للمعرض موفق طيارة: «هي الدورة الرابعة لمعرض تكنوبيلد وقد استمرّينا في تنظيم هذه المعارض حتى خلال المرحلة الصعبة من الأزمة، لأنّ واجبنا الوطني أن نبرز الدور المهمّ للشركات السورية والصديقة وشركات دول الجوار، خصوصاً الشركات اللبنانية، فهناك 15 شركة لبنانية متميّزة متخصصة في مجالات مختلفة تشارك في هذا المعرض وهي تمثل وكلاء من مختلف دول العالم وتتطلع إلى دور في عملية إعادة الإعمار. هذا المعرض هو إعلان جهوزية وهناك 30 شركة وطنية سورية تعمل في مجالات البناء المختلفة.
نحن كشركة منظمة نسعى إلى تحقيق شيء لهذا البلد وكما قال الرئيس الدكتور بشار الأسد: «لن يبني سورية إلا السوريين».
وأضاف: «أربعون في المئة من الشركات الموجودة تشارك للمرة الأولى. هناك شركات أجنبية ممثلة بوكلاء سوريين ولبنانيين عبر وكلاء لا شركات أجنبية بشكل مباشر . وفي كلّ معرض ترتفع نسبة الإقبال، وكلّ معرض ننظمه لا بدّ أن يحمل شيئاً جديداً، وجديد هذا المعرض هو مشروع «الطفل السوري المستثمر»، وهذه مبادرة نبيلة ساهمت فيها شركة «سافكو» بالتعاون مع مؤسسة «طلائع البعث»، وأعتقد ستلقى صدى جيداً عند السوريين عموماً والحكومة والزوّار والمشاركين في هذا المعرض.
الشركات اللبنانية
والتقت «البناء»، على هامش المعرض أصحاب ومدراء وممثلي عدد من الشركات اللبنانية.
وتحدث مؤسّس شركة «ميكاليكو» حسن حسين عن الشركة التي تعمل في مجال المولدات الكهربائية ومقرّها في دير الزهراني بجنوب لبنان. وقال: «قطاع المولدات قطاع رائج حصوصاً في ظلّ الأحداث التي تمرّ بها سورية، ونلمس اليوم انفراجاً وسيكون هناك سوق واعد لهذا النوع من المنتوجات، بظلّ الاهتمام الرسمي السوري، كما أنّ وجود ثلاثة وزراء في الافتتاح دليل على أنّ الحكومة حاضرة بقوة لمساعدة صناعيّيها وتوفير بيئة جيدة للاستثمار».
أضاف: «نحن على مشارف انتهاء الأزمة ومتفائلون بذلك، ونحاول اكتشاف السوق ونفكر في إنشاء مصنع في سورية».
وقال علي خليفة المدير العام لشركة دهانات «فيفكو»: نحن شركة لبنانية بمواصفات عالمية. وبما أنّ هذا المعرض مخصّص لعملية إعادة إعمار سورية فنحن نرغب بالمشاركة في هذه العملية لنوسّع أسواقنا ونثبت وجودنا في هذا البلد».
أضاف: «لدينا 30 سنة من الخبرة في النشاط الصناعي، واليوم نتوسع أكثر في الأصناف ونقدّم منتجات صناعية كأصناف الطلاء المخصّصة لتخطيط الطرق ومدارج المطارات والطلاء الصناعي للبواخر والمواقف والملاعب والدهانات الداخلية والخارجية والديكورات والمواد العازلة للنش والحرارة وغيرها. كما أننا نتمتع بقدرة إنتاجية كبيرة ومصنعنا من أكبر المصانع الموجودة في المنطقة بالإضافة إلى جودة الإنتاج والأسعار المنافسة. نحن نبحث عن سوق جديد بالإمكانات المتوفرة لدينا ونطمح إلى الانتشار في هذا البلد».
وختم خليفة: «إنها المشاركة الأولى لنا وسوف نشارك في معارض أخرى وخصوصاً معرض دمشق الدولي».
ومن بين المؤسسات المشاركة في المعرض أيضاً، مؤسسة ماهر محمد صالح تأسّست عام 1993 ، بشخص مالكها ماهر محمد صالح والمدير العام لـ«صالحكوم» تأسّست عام 1957 وهي شركة تتعاطى تصنيع وتجميع المولدات بالإضافة إلى نشاطها في المجال العقاري. كما تمتلك منتجع «الجية مارينا» في منطقة الجية، وشركات للمولدات في نيجيريا.
وقال صالح: «نحن نشارك في كلّ المعارض في دمشق وسعداء بهذه المشاركة اللبنانية الواسعة. كما أننا افتتحنا فرعاً لشركتنا في دمشق انطلاقاً من إيماننا بضرورة توثيق العلاقات الاقتصادية في ما بيننا، ونتمنى لسورية كلّ الخير».
وتحدث دايفيد زغيب ممثل شركة ACH والتي يمتلكها جوزيف ميرزا وهي متخصّصة بصناعة سقالات البناء وكلّ الأكسسوارات الأخرى اللازمة في هذا المجال.
وقال زغيب: «إنها مشاركتنا الثانية في المعرض والنتائج جيدة إجمالاً، ونحن نحاول إيجاد مكان لنا في مجال تخصُّصنا في سورية، خصوصاً في مرحلة إعادة الإعمار، وبداية الطريق هي مشاركتنا في هذه المعارض».
وأعرب عمار خيارة من شركة جي بي كلارك ش م ل التي تقدّم منتجات ماغنوم المتخصّصة في مجال معجون الدهان، عن تفاؤله بوجود هذا العدد الكبير من العارضين.
واعتبر صاحب ورئيس تحرير مجلة «الصناعة والاقتصاد» فارس سعد أنّ المشاركة اللبنانية في هذا المعرض «لافتة ومميّزة وتأتي في سياق الرؤية المستقبلية لمشروع إعادة إعمار سورية. هذا المعرض يعتبر فرصة مهمة جداً للشركات اللبنانية لإثبات حضورها وحجز مكان لها في المرحلة المقبلة على هذا البلد. كما أنّ هذه المشاركة تأتي في سياق تمتين العلاقات الاقتصادية بين البلدين رغم كلّ محاولات التشويش والعراقيل التي توضع في وجه تطوير هذه العلاقات».
الشركات السورية
كما كانت لقاءات مع عدد من مؤسّسي وممثلي الشركات السورية. وفي السياق، قال نقولا شاهين من شركة «بترا» والتي تمثل شركات أميركية وفرنسية وإيطالية وآسيوية ومتخصّصة في مجال البناء على نطاق واسع وفي مراحله المختلفة: «إنها المرة الثالثة التي نشارك فيها بهذا المعرض. إعادة الإعمار مشروع ضخم ويتطلب الكثير من الوقت الإمكانيات. نحن متفائلون وهدفنا إثبات وجودنا ودورنا في هذا المشروع، ومشاركتنا في هذا المعرض هي أيضاً رسالة بأننا موجودون هنا وسنبقى لنبني وطننا سورية».
أضاف: «الدولة السورية تقوم بدورها وتقدّم لنا كلّ ما بوسعها في هذه الظروف الصعبة التي تمرّ بها، لكننا نواجه صعوبات تتعلق بالعقوبات المفروضة على بلادنا».
ولفت مدير مبيعات شركة «ميكانو وسيم نصرالدين إلى «أنّ المشاركة في المعارض أحد أهمّ الأساليب التي نصل فيها إلى المستهلك النهائي، بالإضافة إلى كونها رسالة بأنّ الصناعة السورية لا تزال موجودة ومنافسة، وأنّ إنتاجنا يتمتع بموصفات مميّزة». وأشار إلى أنّ الشركة تعمل في مجال مجموعات توليد الكهرباء واللوحات الكهربائية وهي من أكبر الشركات الموجودة في الشرق الأوسط، وتمتلك مصنعاً بالمدينة الصناعية في عدرا ويبلغ عدد موظفيها نحو 250 موظفاً دائماً، عدا الموظفين الذين يعملون ضمن المشاريع والموظفين الموقتين.
وتحدث محمد عطفة مؤسس شركة عطفة لمنتجات السيليكا ومديرها العام، لافتاً إلى «أنّ الشركة تأسّست قبل عشرين عاماً وهي تنتج رمال السيليكا بجميع أنواعها وهذه الرمال تستخرج من المقالع وهي متواجدة بصفة طبيعية لكنها تحتاج لمعالجات صناعية محدّدة لتصبح أكثر فاعلية في الصناعة. وقال: لدينا منشأة مختصة بغسيل وتجفيف وسحب غبار لترتفع نسبة السيليكا إلى نحو 99 في المئة وتصبح أكثر فعالية في صناعات متعددة مثل صناعة السيراميك وسيليكات الصوديوم وفلاتر المياه والعشب الصناعي، بالإضافة إلى الدهانات ومواد العزل ومواد إنشائية».
وقال: «المشاركة جيدة وليست المرة الأولى والأجواء إيجابية وإلى تحسّن، خاصة بعد عودة كبرى المدن الصناعية حلب إلى حضن الوطن».
وتابع: «التوجه الحكومي هو نحو تقديم أكبر حدّ ممكن من التسهيلات والبلد يتجه نحو السلام والاستقرار. لكن هناك أموراً خارج طاقة الحكومة وهنا نتحدث عن العقوبات الخارجية. لكن على صعيدنا نحن كصناعيين فكلّ ما نعرضه على الحكومة يتمّ درسه وهناك اهتمام حكومي بالغ بدليل وجود 3 وزراء في افتتاح هذا المعرض، وهم يرحبون بأيّ استفسار أو شكوى من أيّ صناعي. سورية بلد فيه الكثير من المقدّرات وهناك 3 مدن صناعية من أكبر المدن في الشرق الأوسط وتفعيل هذه المدن يولد طاقة صناعية هائلة».
وتحدّث جورجي خوام وكيل شركة «إنجيكو» الصينية المتخصّصة في مجال العدد اليدوية والمواد الإنشائية والكهربائية والمعدات الثقيلة عن الصعوبات في تأمين المواد أحياناً واستقدام العمال والخبرات. وقال: «نأمل عودة الصناعيين الذين غادروا البلاد، ورغم الصعوبات الإرادة موجودة».