صحافة عبريّة

كتب بن كسبيت في صحيفة «معاريف» العبريّة:

يعطي الانطباع بأنه كلما اقترب موعد زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى «إسرائيل»، تفقد حكومة «إسرائيل» هذا. فحمار المسيح أقيل منذ زمن بعيد، والابواق أحيلت إلى المخازن، والغسيل الوسخ بدأ يظهر والمجاري تطفو. هذا هو الاحساس العام ممّا يتبين كل يوم تقريباً.

ترامب هو، على ما يبدو، ليس حقاً ما اعتقدنا. يتبين أنه في الوقت الذي احتفل فيه اليمين في «إسرائيل»، قام الفلسطينيون والعالم العربي بالعمل. يخيّل إليّ أنّ بنيامين نتنياهو كان يعرف الحقيقة كل هذا الوقت، أو شك فيها على الاقل. والآن تتحقق هذه الشكوك واحداً عقب آخر. إن آخر أمر يحتاجه نتنياهو الان على الرقبة هو نفتالي بينيت. إذن بينيت، بالطبع، معلق له على الرقبة بسرور وبهجة ويحثه على اساس يومي للمطالبة والاعلان والمبادرة وماذا لا. فبعد دقائق من تغريد بينيت بان على نتنياهو ان يطلب تنفيذ الوعد بنقل السفارة، رضي نتنياهو وطلب.

ولكن بعد بينيت جاءت «فوكس نيوز» تلك الشبكة التي يحبها ترامب جداً الوحيدة، في واقع الامر ، فنشرت أن نتنياهو على الاطلاق لم يطلب نقل السفارة. في هذه المرحلة أضاع نتنياهو هذا تماماً ونشر محاضر المحادثات بينه وبين ترامب، بين رجاله وبين رجال ترامب. يخيل لي أنهم في واشنطن لم يحبوا هذا على الاطلاق. فقد اعتقد الأميركيون أنه يوجد بينه وبين نتنياهو نوع من التفاهم بأنه «لم ينتحر على السفارة».

نتنياهو ينفي هذا بكل قوته، لأن بينيت معلق له على الرقبة. ومن اجل احداث كهذه اخترع دافيد بيتان، الذي تحرر للحظة من خوف الهيئة وقال، بصوته، ان نتنياهو لا يعتزم الانتحار من أجل السفارة. يخيل إليذ أن في اللحظة ذاتها، بدا الانتحار لنتنياهو فجأة خياراً معقولاً وليس بسبب السفارة .

ولكن هكذا فقط بدأ اليوم. بعد ذلك نشر في «واللا» ان نتنياهو يحاول الالتصاق بترامب أثناء الزيارة إلى «متسادا» وأن يلقي هو ايضاً خطاباً إلى جانبه. اما الأميركيون، كما نشر، فغير متحمّسين. إذن لعل نتنياهو يكتفي فقط بعدة جمل ويعرض ترامب. حسناً، جيد. حتى هذا شيء ما. على خلفية المشهد العتيق، يمكن لهذا ان يعدّ نوعاً من صورة النصر للفقراء.

في الثانية ليلاً «القناة 2» تبيّن أن نتنياهو يحاول الانجرار وراء ترامب بزيارة الحائط أيضاً. هنا أيضاً، كما افاد أودي سيغال، الأميركيون غير متحمسين. وهم غير متحمسين لدرجة ان مسؤولاً أميركياً اقتبس بقوله ان الحائط على الاطلاق ليس بسيادة «إسرائيلية»، فهذه ارض محتلة وكفوا عن تشويش عقولنا.

الان خذوا كل هذا وحاولوا ان تتخيلوا لو أن اسم الرئيس الأميركي كان باراك حسين أوباما. أيّ حمّام من الشتائم كان سيتعرض لها من سموتريتش وحتى ريغف، تلك الوزيرة التي أعلنت قبل ربع ساعة «ماذا من هو هذا أوباما؟ أوباما هو تاريخ». نوصي الوزيرة ريغف، من كل القلب، أن تتجاوز «ماذا يساوي كل هذا لترامب، اذا لم نكن نسيطر عليه». كان هذا هو اليوم الذي كان أمس. من ناحية نتنياهو، كابوس متواصل. فحقيقة أنه اغري على كشف محاضر محادثات مغلقة مع الرئيس الأميركي ومع محافل أميركية رفيعة المستوى من شأنها ان تجعل الأميركيين يقلبون الطاولة عليه. يذكرنا هذا قليلاً بجولته المثيرة للشفقة في الصيف الماضي مع محاضر «كابينت»، التي كان يفترض بها ان تثبت أنها كانت مداولات بالفعل عن تهديد الانفاق. وقد شجعت هذه المحاضر رجال مراقب الدولة على حرث كل المحاضر وكشف الحقيقة العارية لم تكن مداولات . المشكلة هي، ان مراقب الدولة يوسي شابيرا، مع كل الاحترام، هو ليس الرئيس دونالد ترامب. شابيرا عيّنه نتنياهو. أما ترامب فلا.

بعد هذا اليوم الفظيع، بعد أن جاء إلى البيت ليرتاح ويهدأ كان بانتظار نتنياهو نشرة الاخبار المركزية للهيئة. وسنصف هذا بحذر: النشرة قدمتها غيئولا ايفن. الضيف المركزي كان، وتخمينكم صحيح، نفتالي بينيت. يطرح ايضاً موضوع التحقيقات مع رئيس الوزراء. وفور ذلك يبث برنامج تحقيقات القناة، «الزمن الحقيقي»، مع فصل أول في مسلسل مشوق عن الفساد السلطوي في «إسرائيل». هؤلاء اليسرويون من الهيئة ركزوا هذه المرة لسبب ما على درعي الذي نال الاسناد من رابين ، ليبرمان وشارون. دور نتنياهو وأولمرت سيأتي الاسبوع المقبل.

وفي وسط كل هذا، امر احترازي من محكمة العدل العليا يحظر، حالياً، بتقسيم الهيئة إلى اثنتين. ما كنت أريد ان اكون الشخص الاول الذي يلتقيه بنيامين نتنياهو صباح غد، حين ينقذ من بلفور.

زيارة الرئيس… ضجيج الخلفية والاحتفال الحقيقي

كتب غابي أفيطال في صحيفة «إسرائيل اليوم» العبريّة:

الزيارة المتوقعة لرئيس الولايات المتحدة الاسبوع المقبل سيرافقها 400 مراسل وإعلاميّ من أرجاء العالم، بمن فيهم ممثلو وسائل الإعلام رفيعي المستوى في الولايات المتحدة من محطات التلفاز المختلفة. وطواقم الحراسة ستشمل الطائرات من دون طيار والطائرات القتالية. الزيارة ستبدأ بمراسيم الاستقبال الرسمية في مطار «بن غوريون» وتستمر في «يد واسم» وإجراء لقاءات مع قادة الدولة وخطاب في «متسادا».

مكبرات الصوت سيتم أخذها إلى الجبل مع حراسة استثنائية من حيث حجمها. من دون شك: هذه هي أهمية الزيارة الاولى للرئيس ترامب خارج بلاده.

إن ما يعيب على هذا الحدث الاحتفالي الهام يتمثل بالضجة المزعجة في وسائل الإعلام المختلفة. إحدى وسائل الإعلام تتحدث عن أن نتنياهو يمنع نقل السفارة الأميركية إلى القدس. ووسيلة إعلام أخرى تتحدث عن عدم التنسيق بين الادارات في الطرفين من اجل الزيارة. كان يمكن لهذه الامور أن تكون عادية لولا اعلان رئيس الحكومة في الأمس، الذي نفى بشدة ما نسب اليه حول نقل السفارة الأميركية إلى القدس. وقد جاء ذلك من خلال كشف لقاء بأربع عيون بين ترامب ونتنياهو، الذي قال إن نقل السفارة الأميركية إلى القدس لن يؤدّي إلى سفك الدماء في المنطقة.

إن جميع الفرضيات، أو بشكل أدق، التحليلات والأنباء الخاطئة والمضللة في وسائل الإعلام، التي تتحدث عن ازمة تتعلق بالزيارة نفسها، لا اساس لها من الصحة. الامر الهام هو أن مصدر النبأ في ما يتعلق بالسفارة هو بالتحديد من الذي من المفروض أن يعرف ماذا حدث في ذاك اللقاء في شباط، وهو مركز الأخبار الخارجية في شبكة اخبار «فوكس نيوز». وهذا النبأ انتقل من هناك إلى ممثلي اليمين مثل نفتالي بينيت. وإضافة إلى ذلك جاء عضو «الكنيست» يائير لابيد وطلب نقل السفارة إلى القدس لأنه «لا شيء محقاً أكثر وتاريخياً وأخلاقياً أكثر من ملكيتنا القدس».

لقد تذكرت حادثة حدثت قبل 43 سنة. في حزيران 1974 كان إسحق رابين رئيساً للحكومة منذ أسبوعين، حيث استضاف رئيس الولايات المتحدة ريتشارد نكسون قبل شهرين من استقالة الاخير. ورغم الطعم المر بسبب تعامل كيسنجر مع «إسرائيل» في حرب «يوم الغفران»، إلا أن شوارع القدس امتلأت بالإعلام والاشخاص. وعلى رغم ذلك كانت هذه هي الزيارة الاولى لرئيس من رؤساء الولايات المتحدة. كان الاستقبال حاراً وما دون ذلك هو تاريخ. لماذا يوجد شعور قبل زيارة ترامب بأن هناك من يحاول تعكير الاجواء وفرض واقع وهمي يقول بأنه لا يوجد تنسيق بين منظمي الزيارة؟ من أين جاءت إشاعة أن خطاب «متسادا» سيُلغى؟ هذه الزيارة تنفي من قالوا إن «إسرائيل» في عزلة. وتناقض تفسيرات مواقف ترامب. وفي خصوص نقل السفارة فقد وعد رئيس الولايات المتحدة بنقلها إلى القدس، مثل جميع الوعود قبل الانتخابات، وهناك احتمال أن بعض هذه الوعود لن يتم تطبيقها، حتى لو بشكل جزئي. أي أنه من البداية يعتبر مصير نقل السفارة مثل مصير باقي الوعود.

عند وصول الحاشية الكبيرة إلى البلاد، يجدر أن تكون الإعلام بانتظارها، والصلاة من اجل نجاح الزيارة. وهذا الامر بسيط جداً.

بداية المفاوضات… والسفارة تنتظر

كتبت صحيفة «هاآرتس» العبريّة:

لشيلدون أدلسون بطن مليئة على الرئيس الأميركي دونالد ترامب. فلا يكفي أنه تبرّع بنصيب كبير لحملته الانتخابية، لا بل استثمر نحو خمسة ملايين دولار في احتفال تتويجه، يتبيّن الآن أنّ ترامب تجرّأ على إشاحة الوجه وطرح شروط سياسية جديدة قبل أن ينقل السفارة الأميركية من «تل أبيب» إلى القدس.

هذه لم تكن الصفقة التي أعدها إدلسون، والصفقات يجب احترامها، كما يعتقد. يجدر الانتباه فقط إلى أنه في هذه الصفقة، ليس لـ«مواطني إسرائيل» أو حكومتها ظاهراً أي مكانة وكأن الامر لا يتعلق بـ«عاصمة إسرائيل» أو بعمل من شأنه، إذا ما تم، أن يخرّب على المسيرة السلمية. «القدس الموحّدة» تصبح دفعة واحدة بضاعة في الخلاف بين اثنين من الرأسماليين.

لقد نقل الخلاف في مسألة السفارة إلى القدس، حيث أشعل السياسيان بنيامين نتنياهو ونفتالي بينيت خلافاً آخر بينهما. يبدو في هذه المرة أن نتنياهو، رغم الاقتباسات التي حرّرها مكتبه وهدفها دحض إمكانية أن يكون هو الذي بادر إلى التأجيل، أبدى ضبطاً للنفس في مسألة البناء في المستوطنات، لا بل أقنع خصمه بينيت في تخفيض مستوى النبرة. يفهم رئيس الوزراء أن نقل السفارة في الوقت الذي تسعى فيه «إسرائيل» إلى أن تبدو كمُحبّة للسلام، ليس خطوة فهيمة. يبدو أنه يؤيد بالذات موقف ترامب أنه ينبغي الفحص هل يجدي هذا النقل المسيرة السلمية أم من شأنه أن يخرّب عليها.

ولكن في قذالته ينفخ بينيت، الذي يخشى اساساً امكانية ان يكون ترامب ليس ذاك الرئيس الذي «تحدّث غير مرة في امتداح الاستيطان في كل ارجاء بلاد إسرائيل وكذا عن نقل السفارة إلى القدس»، بل «منذ انتخب وحتى الآن طرأ تغيير في روح الامور، بينما لا تتضح على الاطلاق مصادر التغيير». وها هو، من أجل إرضاء الرمز اليميني ـ القومي المتطرف، سارع نتنياهو لأن يعلن أنّ نقل السفارة سيُجدي السلام.

هل هذا حقاً خلاف علنيّ بين الإدارة الأميركية وحكومة «إسرائيل»، أم فقط مسابقة انزال أيدي في كشك الحارة؟ يمكن التخمين أنّ الرئيس ترامب تعلّم حتى الآن فصلاً في السياسة «الإسرائيلية» المحلية، والخلاف الذي اثار العناوين الرئيسة سيتبدّد في مهده. ولكن لا يزال من السابق لأوانه الرهان على ذلك، فهذه أمور تتعلق بترامب.

من حيث مضمون الامر، فإن نقل السفارة الأميركية إلى القدس ليس صفقة عقارية، هذا إعلان سياسي شديد الاهمية سيعتبر خطوة أحادية الجانب حتى قبل أن تتبلور التسويات لبدء المفاوضات بين «إسرائيل» والفلسطينيين. موقف محمود عباس المعارض معروف لترامب، مثلما هي غير خفية مواقف زعماء الدول العربية الذين التقاهم ترامب.

يمكن لنقل السفارة ان يكون حلوى لـ«إسرائيل» مع نهاية المفاوضات، او كجزء من شروطها، ربما إلى جانب سفارة أميركية للدولة الفلسطينية، وهو بالتأكيد لا يمكنه ان يكون موضوعاً للمفاوضات بين إدلسون وترامب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى