«داعش» الأميركية… وقادتها: إلى أين من هنا؟

دراسة من إعداد د. رفعت سيد أحمد

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً. الَذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً. أُوْلَئِكَ الَذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ ولِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وزْنا ، ذلك هو المصير المؤكد لداعش التى مثلت نموذجاً لاغتيال الإسلام، والأوطان معاً، وهو عينه المصير المؤكد للتحالف الدولى الذى يحاربها بعد أن صنعها على عينه.

فالآن… وأميركا بتحالفها العربي والدولي، تقاتل «داعش» عبر الضربات الجوية لطائراتها، مع بعض التحركات الخجولة على الأرض لأجهزة الاستخبارات والعشائر وللجيش فى العراق، مشتركة مع قوات البشمركة الكردية، يطرح سؤالاً مهماً: هل يا ترى تريد واشنطن القضاء نهائياً على تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»؟ قطعاً وكما أثبتنا عبر صفحات ووثائق كتابنا هذا عن التنظيم لا تريد واشنطن ذلك وإن كانت بالقطع تقدر عليه، وذلك لأنها تريد إعادة توظيف «داعش» كفزاعة سياسية وأمنية لابتزاز دول الخليج، ولإسقاط الدولة السورية وإحداث فراغ استراتيجي فى العراق يحول مستقبلاً دون أي تهديد حقيقي لـ»إسرائيل» ولمصالح واشنطن فى هذه المنطقة القلقة من عالمنا المعاصر.

إن واشنطن، التى صنعت هذا الوحش لإرهاب الآخرين ولتفكيك العراق، واستخدمته فى سورية كجماعة وظيفية لإنهاك الدولة الحاضنة للمقاومة العربية وإرباك دورها الإقليمى، لن تقضي على «داعش» وإن ادعى أوباما وباقي أركان إدارته ذلك، إنها فقط تريد تقليم أظافره كتنظيم خرج عن حدود دوره ووظيفته الأميركية فى المنطقة.

إن هذا يعنى ببساطة، مزيداً من التفكك والتشظى لدول المنطقة، وحضوراً أميركياً وغربياً جديداً، بعد الخروج المذل من العراق بعد الاحتلال حضوراً متعللاً بمكافحة الإرهاب، وستشهد المنطقة، استخداماً أميركياً و»إسرائيلياً» بالطبع لفزاعة بقايا داعش والقاعدة والنصرة وأخواتهم فى ابتزاز دول المنطقة النفطية، وابتزاز تلك التي حاولت الخروج من المؤامرة الأميركية المسماة بـ الربيع العربي تنشد الاستقلال الوطنى مصر بعد 30 يونيو مثالاً ، سوف تسعى واشنطن بحلفها الاستعماري الجديد، إعادة استخدام فزاعة داعش وشقيقاتها من تنظيمات الإرهاب الذى صنعته بأيديها، لتحقق فى بلاد النفط وبلاد الاستقلال الوطني ما عجزت عن تحقيقه فى السنوات الماضية، فهل ستعي تلك الدول أبعاد هذه المؤامرة؟ أم ستنزلق أقدامها أكثر فى وحلها، غباءً أو عناداً، أسئلة في رحم المستقبل.

وفى خاتمة هذه الدراسة نتوقف عند بعض القضايا المهمة التى أثارها وجود تنظيم داعش فى بلادنا العربية، وتلك الحرب المعلنة عليه ولنسجل ذلك فى النقاط التالية:

أولاً: إن المتابع لنشأة وتطور تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام «داعش»، سوف يتوقف ملياً، كما توقفنا في ثنايا هذه الدراسة المطولة، عند المستوى الفقهي، والثقافي لقادة هذا التنظيم، وتلك السطحية التى يتميزون بها في الفهم والمعرفة، والتي يغطونها بمزيد من التشدد والعنف اللفظي والجسدي إننا على سبيل المثال نتوقف أمام هؤلاء القادة التالية أسماءهم لنكتشف أننا إزاء جهله بالدين، وبالسياسة معاً، جهلة يقودون آلافاً من الشباب المغرر بهم، بأوهام دينية لا حظ لها من الواقع، أو يراد للواقع أن يجبر على تمثَّلها، ولعل قضية نبيلة مثل قضية الثورة أو قضية الخلافة في الإسلام خير مثال على الخدعة الكبرى التي أراد قادة تلك التنظيمات المتشددة وفي قلبها تنظيم «داعش» بسطحيتهم، وفهمهم الضيق للدين ولفقه الواقع، أن يزرعوها فى عقول هذا الشباب ليتحولوا تدريجياً إلى مشروع انتحار يسمونه خطأ بـ مشروع استشهاد .

لنتأمل قادة داعش التالية أسماؤهم ومستوى تعليمهم وجذورهم الإرهابية ومحدودية ثقافتهم الإسلامية وكراهيتهم الشديدة للديمقراطية وللحريات، لنعلم، إلى أين يقود هؤلاء الجهلة، شعوبهم:

1 ـ أبو مصعب الزرقاوي المؤسس الأول للتنظيم :

اسمه أحمد فاضل نزال الخلايلة، أردني من الزرقاء. لا يتحدث أصحابه عن الفترة التي سبقت وصوله لأفغانستان في 1989 على رغم أهميتها الكبيرة في التكوين النفسي لهذا الشاب الذي ولد في عائلة من عشرة أبناء في 1966. توفي والده وهو في سن المراهقة فترك الدراسة لينضم لعصابة أشقياء وكان أول حكم قضائي عليه بتهمة حيازة المخدرات والاعتداء الجنسي وعمره 19 سنة.

في عام 1989، سافر الزرقاوي إلى أفغانستان للانضمام إلى ما يعرف اليوم بالأفغان العرب ضد الغزو السوفياتي، ولكن السوفيات كانوا يغادرون بالفعل في الوقت الذي وصل إليه. وهناك التقى بأبي محمد المقدسي الذي شكل بالنسبة له أول معلم سلفي جهادي. رجع بعدها إلى الأردن، واعتقل عام 1993 بعد العثور على أسلحة ومتفجرات في منزله. أمضى ست سنوات في سجن أردني مع أبي محمد المقدسي بعد الحكم عليهما بالسجن خمسة عشر عاماً في قضية «بيعة الإمام» انتهت بعفو ملكي. بعد إطلاق سراحه من السجن وفي عام 1999 عاد لأفغانستان وأقام معسكراً للتدريب برضا القاعدة ليعود للمنطقة في عام 2000. من المفيد الإشارة إلى أن الزرقاوي قد تزوج من ثلاث نساء إحداهن في سن الرابعة عشرة من العمر.

وقد سمع به العالم للمرة الأولى على لسان كولن باول وزير الخارجية الأميركي الذي تحدث عن تحالف بين القاعدة التي أوفدت الزرقاوي للعراق وصدام حسين.

في عام 2004 قام أبو مصعب الزرقاوي بذبح أحد الرهائن الأميركيين في العراق، ويدعى يوجين أرمسترونغ، وذلك بجز عنقه بسكين في فيديو مصور قامت جماعة «التوحيد والجهاد» بنشره على الإنترنت لتبدأ سنّة جزُّ وقطع الرؤوس عند هذه المجموعة.

أسس ما سمي بتنظيم «التوحيد والجهاد» وظل يتزعمه حتى مقتله في يونيو 2006 كان الزرقاوي يعلن مسؤوليته عبر رسائل صوتية ومسجلة بالصورة عن عدة هجمات في العراق بينها تفجيرات انتحارية، وإعدام رهائن. ويسجل محاضرات صوتية لأتباعه. وإذا ما تركنا ما قاله في فريضة الجهاد جانبا نجد أساس وفقاً للدراسة المتميزة للدكتور هيثم مناع عن داعش ما عنده يعتمد موقفا تكفيريا من الشيعة يمكن متابعته في عدة محاضرات ومواقف أبرزها «حقيقة الرافضة رفض الله». كذلك كان يتحدث بحقد عن الديمقراطية ويعتبرها سبيل المجرمين كما يتضح من مداخلته ولتستبين سبيل المجرمين: الديمقراطية .بايع تنظيمه أسامة بن لادن في 2004 وصار اسم التنظيم إلى «قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين».

2ـ أبو عمر البغدادي:

هو حامد داوود محمد خليل الزاوي من مواليد قرية الزاوية التابعة لمدينة حديثة في ولاية الأنبار عام 1964، ولد وعاش حياته في ولاية الأنبار. تخرج من كلية الشرطة في بغداد وكانت بداية عمله ضابطاً في الشرطة العراقية، وكان معروفاً في حديثة بتزمته الديني وبدأ ذلك يزداد بعد حرب الخليج الثانية في بداية تسعينات القرن الماضي.

في 30 كانون الأول 2007 دعا أسامة بن لادن إلى مبايعة أبو عمر البغدادي أميراً على «دولة العراق الإسلامية» وكانت معظم التشكيلات السلفية الجهادية في العراق قد بايعته. وفي يوم الاثنين 19/4/2010 أعلنت قوات الاحتلال الأميركية مقتل أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المصري نائبه في منطقة الثرثار، بعد مواجهات مسلحة لساعات عدة.

لخص أبو عمر البغدادي طبيعة وأهداف تنظيمه في رسالة صوتية منشورة في كتاب السلفية والإخوان وحقوق الإنسان ص 217 وما بعدها وقد كان موقفه من عموم الشيعة وغير أهل السنة تكفيرياً وعنيفاً وكذلك موقفه من الديمقراطية والحريات التي كان يرفضها تماماً.

3ـ أبو حمزة المهاجر:

يلقب أيضاً بـ أبو أيوب المصري : هو عبد المنعم عز الدين علي البدوي ولد في 1968 – 2010 ولد في مصر بمحافظة سوهاج، انضم للجماعة الجهادية التي أسسها أيمن الظواهري عام 1982 وعمل كمساعد شخصي للظواهري. تنقل بين أفغانستان حيث تخصص بصناعة المتفجرات واليمن حيث عمل بالتعليم باسم مستعار.

تزوج من يمنية في 1998 وقد دخل العراق مع أسرته عبر عام 2002 وقد شارك في بناء تنظيم القاعدة في العراق بعد احتلال بغداد والتحق بالزرقاوي. وقتل في 19/4/2010.

4ـ أبو بكر البغدادي:

وهو القائد الحالي لتنظيم «داعش» وطالب مبايعته كخليفة للمسلمين، واسمه الحقيقي: إبراهيم بن عواد بن إبراهيم البدري السامرائي، ولد في الجلام من أعمال السامراء العراقية عام 1971. ينحدر من عائلة تأخذ بالمنهج السلفي في فهم العقيدة الإسلامية، من عشيرة البوبدري العراقية، هو خريج الجامعة الإسلامية في بغداد سبق التعريف به ولكن ثمة إجماع على أنه متوسط الثقافة الإسلامية وأنه أخذ منهجاً تكفيرياً ولا يزال، ضد خصومه من الجماعات والقوى الأخرى. وشرعن للقتل والذبح لكل المخالفين له في الرأي والموقف، واعتبر موقفه هو موقف الإسلام ذاته!

5ـ أبو عبد الرحمن البيلاوي:

اسمه الحقيقي عدنان اسماعيل نجم يلقب أيضاً بأبي أسامة البيلاوي وأبو البراء، من مواليد 1973 في محافظة الأنبار. خريج الكلية العسكرية الدورة 77 انضم لصفوف الحرس الجمهوري وتدرج لرتبة رتبة مقدم. كان الساعد الأيمن لأبي مصعب الزرقاوي قتل الزرقاوي في غارة أميركية في 7 حزيران عام 2006 خلال سنوات ثلاث وتركزت مهماته على تحديد المواعيد الخاصة بالأخير، كما كان مقرباً من كبار قادة

التنظيم في محافظة الأنبار. أعد الانتحاري الذي نفذ عملية الطارمية التي استهدفت وزارة العدل، أشرف على عمليات الهجوم على التجمعات الانتخابية، استهداف الجوامع والكنائس والحسينيات وأربعينيات الحسين، التخطيط لاقتحام سجن صلاح الدين الإصلاحي وجامعة الإمام الصادق، اقتحام سجن الطوبجي والتاجي وأبو غريب. رئيس المجلس العسكري وعضو مجلس الشورى.

6ـ العقيد حجي بكر:

يقول عنه د. هيثم مناع فى دراسته عن «داعش» اليد اليمنى لأبي بكر البغدادي حتى مطلع 2014 واسمه الحقيقي سمير عبد حمد العبيدي الدليمي وعرف بأسماء حركية كثيرة مثل أبو بلال المشهداني وحجي بكر. ولد في الخالدية الأنبار في مطلع الستينات، وترعرع ونشأ فيها حتى أكمل الدراسة الإعدادية. التحق بالكلية العسكرية وتخرج ضابطاً وتدرّج بالرتب حتى وصل لمرتبة عقيد قبيل الاحتلال الأميركي. يؤكد لنا أحد مؤسسي جماعة التوحيد والجهاد مبايعته لأبي مصعب الزرقاوي مع عدد من الضباط السابقين. حافظ على علاقة جيدة بالجيش الإسلامي في العراق وكان يساعدهم بخبرته العسكرية. اعتقل في سجن بوكا. كلّف مبكراً بمتابعة إنتاج السلاح الكيماوي وتطوير الأسلحة في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق. تسلم مسؤولية المجلس العسكري للتنظيم وتسلم عام 2012 وزارة التصنيع العسكري للتنظيم. كذلك تولى إدارة العمليات العسكرية وإدارة المعسكرات في الشام. قتل في سورية في شهر كانون الثاني 2014 في مواجهات بين جبهتي النصرة والإسلامية مع داعش في مدينة الأتارب شمال حلب.

جمع حجي بكر بين التخطيط العسكري والوجود الميداني. وقد شكلت خسارته ضربة مهمة للتنظيم.

7ـ أبو أيمن العراقي:

أبو أيمن العراقي أو أبو مهند السويداوي، أهم مسؤول لـ»داعش» في سورية اليوم، من منتسبي الجيش في عهد الرئيس السابق صدام حسين، إذ كان ضابطاً برتبة مقدم، عضو أول مجلس عسكري لداعش والمكون من شخصين. كانت كنيته في العراق أبو مهند السويداوي، من مواليد 1965. كان والي الأنبار وتولى إدارة قاطع الكره الشمالي، وأعلن وفاته مرات عدة، ولكنه سرعان ما يظهر ثانية وهو يقتل المسيحيين أو المسلمين المخالفين له.

8ـ أبو علي الأنباري:

من أهم قيادات التنظيم. اسمه علاء قَرداش التركماني، ولد في تلعفر من أسرة تركمانية، استخدم ألقاباً عدة، منها أبو جاسم العراقي وأبو عمر قرداش وأبو علي الأنباري. كان مدرساً لمادة الفيزياء، وفي الوقت نفسه ناشطاً بعثيّاً ومسؤول فرقة حزبية أيام النظام السابق ومسؤولاً شرعياً في التنظيم، وهو موجود في مدينة الرقة، يقوم بإعطاء دروس دين في جامع الإمام النووي بين صلاة المغرب والعشاء.

9ـ أبو محمد العدناني:

اسمه الحقيقى هو طه صبحي فلاحة، من قرية بنش في رديف إدلب، ومن مواليد عام 1977. تأثر بالسلفية الجهادية مبكراً ويقول الداعشيون بأنه بايع الزرقاوي قبل احتلال العراق مع 35 شخصاً للقتال في سورية، إلا أنه التحق بالعراق بعد دخول قوات التحالف والتحق بالزرقاوي هناك. تشير سيرته المنشورة من جماعته إلى انحصار ثقافته وقراءاته بالكتب الإسلامية القديمة أو الجهادية. وقلما يذكر كتباً تنويرية أو إصلاحية قرأها. له مواقف تكفيرية مبكرة، وهو صاحب أحد فتوى تؤيد قتل الجماعات المتشددة فى مصر لضباط الشرطة والجيش كما جرى يوم 20/9/2014.

10ـ عمر الشيشاني طرخان باترشفيلي :

وهنا نأتي إلى الدور الأجنبي في أحداث سورية والعراق وهو دور يصنفه القانون الدولي باسم دور المرتزقة ، أما عمر الشيشاني هذا فقد وُلد عام 1986 في قرية بيركياني في وادي بنكيسي في جورجيا، خدم في الجيش الجورجي الخدمة الإلزامية بين 2006-2007. عام 2008 تعاقد مع الجيش لينضم لكتيبة الرماة. شارك في المعارك مع الجيش الجورجي ضد روسيا في 2008، أصيب بمرض السل عام 2010 وسرح من الخدمة. في أيلول 2010 سجن بتهمة شراء أسلحة وحكم بالسجن ثلاث سنوات وأطلق سراحه لتدهور حالته الصحية. قاد مجموعات صغيرة تجمعت وتوحدت في كتائب المهاجرين. ولعب دوراً مهماً في ضم قطاعات من المهاجرين من القوقاز وغيرها لتنظيم داعش الذي كلفه بقيادة المنطقة الشمالية.

أما أبرز رموزهم وقياداتهم في سورية فنذكر منهم:

1ـ أبو لقمان

يسمونه بأمير الدولة الإسلامية في الرقة، السوري علي الحمود أبو لقمان ، يوصف بأنه رجل التنظيم الأول في سورية بعد أمير الجماعة وقائدها أبو بكر البغدادي.علي الحمود الشواخ من مواليد عام 1973 وهو من عشيرة العجيل فخذ الكبيسات ، وينحدر من قرية السحل الواقعة غرب مدينة الرقة. تخرج الحمود من جامعة حلب عام 1999 حائز شهادة في الحقوق، وعمل بمهنة التدريس ثلاث سنوات بريف الرقة، ولم يخط بأي دراسة أو ثقافة إسلامية معتبرة.

وقد تسلم إمارة الرقة بعد السيطرة عليها، قبل أن يصبح الرجل الأول للتنظيم في المنطقة أعلن مقتله في07/01/2014 من خصومه . وهو المسؤول عن كل عمليات الإعدام التي أجريت في الرقة، وأهمها إعدام أبو سعد الحضرمي أمير جبهة النصرة في الرقة.

2ـ خلف الذياب الحلوس

اسمه داخل التنظيم «أبو مصعب الحلوس»، اسمه بين أبناء قريته وعمومته «أبو ذياب» مواليد قرية كنيطرة إحدى قرى بلدة سلوك. وهو سبب قدوم التنظيم إلى الرقة، وهو أول من بايع التنظيم آنذاك، حيث استقبلهم في منزله. تمت المبايعة لأبو عبد الله سابقاً، أبو لقمان حالياً، حيث كان مقرراً أن يكون الأمير، لكن قدوم أبو لقمان أضاع عليه فرصة الإمارة، هو إلى الآن ناقم على أبو لقمان لأنه حدّ من صلاحياته وعيّن أمراء عليه، يقف وراء تحديد الكثير من الأسماء الواجب اغتيالها وتصفيتها، حاول الانشقاق عن الدولة خلعه من إمارة تل أبيض وإنشاء أنصار الشريعة، إلا أن أبو لقمان أرسل له تهديداً بالقتل، فعدل عن قراره.

3ـ أبو عمر الملاكم

عراقي الجنسية، هرب من سجن تسفيرات في تكريت-العراق، دخل الأراضي السورية بطلب من البغدادي ليكون المراقب الأول على الجبهة آنذاك، علماً أنه طلب منه البقاء في العراق في الشهر 12 من عام 2012، بعدها ذهب إلى إدلب وحلب وتنقل بينهما، يفتقد لأحد قدميه ويستعمل قدماً اصطناعية، محكوم عليه بالإعدام في تونس، اختصاصه تفجير عن بعد من خلال الأجهزة الإلكترونية والتحكم عن بعد.

4ـ محمود الخضر

اسمه داخل التنظيم «أبو ناصر الأمني»، أحد أهم ثلاثة اشتهروا بالقتل والدموية في الرقة مع أبي لقمان وأبو محمد الجزراوي، عمره قرابة الثلاثين، غير معروف إلا من أشخاص معدودين من الدولة، يعمل من خلال «أبو حمزه رياضيات» ومن خلف الكواليس، ولديه كل الوثائق حول الاغتيالات والمعلومات الأمنية، وتصب عنده كل الخيوط دائماً، يلبس قناع وعلى القناع قناع آخر شفاف كي لا يعرف من عيونه، دائم الحرص على عدم التكلم لكي لا يعرف من صوته ويرتدي قفازات لكي لا يعرف من لون بشرته.

5ـ أبو عبد الرحمن الأمني

سوري يدعى «علي السهو»، طالب هندسة زراعية من دير الزور، وهو من قرية الجايف التابعة لمدينة الرقة. وقد أعلنت المعارضة السورية المسلحة مقتله في 30/04/2014 في المواجهات بين فصائل الجيش الحر المعارضة وجبهة النصرة مع داعش.

6ـ أبو علي الشرعي

فواز محمد الحسن العلي، من أبناء ناحية الكرامة في ريف الرقة الشرقي، سجن سنوات عدة بصيدنايا خلال تسعينات القرن الماضي، ثم خرج بعدها ليعمل في المملكة العربية السعودية ليعود إلى سورية عاملاً عادياً. لم يعرف له أي نشاط عسكري أو مدني في الحراك الشعبي قبل أن يبرز بعد إعلان تنظيم داعش وانشقاقه عن «جبهة النصرة»، وذلك بعد سيطرة مجموعات إسلامية عدة على مدينة الرقة. إضافة إلى غموضه وغرابة تسميته قاضياً شرعياً عرف أبو علي بدمويته الشديدة، ويشتهر ابنه بحمله سيفاً لأبيه يقوم به بتنفيذ أحكام الإعدام، كما يعرف أبو علي بتعصّبه الشديد لعشيرته.

هؤلاء هم قادة ومنظرو وشيوخ تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، وهذا هو مستوى إدراكهم وتعلمهم الديني، وتلك هي بلدانهم التى أتوا منها وبعضها بلاد غير عربية الشيشان والصين وأفغانستان وبريطانيا وغيرها، وتلك هي ثقافتهم الإسلامية الضحلة والتي تتميز، إما بالابتعاد الكامل من أي ثقافة إسلامية معتبرة، أو الارتكان إلى العشائرية، والجذور العسكرية في حزب البعث مع ميل واضح لاستخدام القوة في فرض الوجود، إننا أمام حالة بؤس معرفي وإنساني فريد، تغطت بعنف دموي لا يشبع. هذا هو «داعش» والذي لا يختلف عن مثيلاته في تنظيمات العنف الديني في بلادنا العربية، وهؤلاء هم قادتها ولنتأمل مؤهلاتهم ومسيرة حياتهم، وتحولاتهم السياسية ولن نقول الفكرية لأنها غير موجودة أصلاً لنحكم على المصير البائس الذي يدفعون أنفسهم وتنظيمهم ودولتهم إليه.

ثانياً: من المؤكد كما أشرنا أن معامل الاستخبارات الأميركية والغربية، درست جيداً سيرة هذا التنظيم الذي صنعته، وسيرة قادته وأمرائه الدمويين، تماماً مثلما درست سيرة تنظيم القاعدة ووظيفته منذ الثمانينات في تحقيق أهداف أميركا في العالم، ونحسب أن هذا التنظيم سيؤدي الوظائف ذاتها لواشنطن في المنطقة والعالم ولكن بأشكال ووسائل مختلفة تتناسب مع وسائل الاتصال الحديثة والتطورات السياسية الجديدة.

ولكن…

ليس كل ما يتمناه الأميركيون يحققونه، إذ إن صناعة التوحش على حد وصف الدكتور هيثم مناع في دراسته المتميزة عن هذا التنظيم لا يقف عند حد معين، ولا سقف له، وسينقلب السحر على الساحر حتماً، ونضيف إلى ذلك أن ما تظنه واشنطن سيحدث بعد تقليم أظافر تنظيم داعش وأخواته من التنظيمات الأخرى في سورية والعراق، من إعادة استعمار وهيمنة وتقسيم قد يربكه، ويخلط أوراقه مفاجأة استراتيجية جديدة في المنطقة من قبيل حدوث حرب إقليمية جديدة مع «إسرائيل»، ربما تبدأها «إسرائيل» ذاتها، وتكون هذه المرة مع سورية أو إيران التي اقتربت من امتلاك قنبلتها النووية – وتلك ساعة الصفر بالنسبة لـ»إسرائيل»- أو معركة جديدة مع حزب الله .

إن الأوراق الإقليمية حينها ستختلط بشدة ما يصعب على واشنطن إمكان تنظيمها وهندستها في معامل الاستخبارات وإعادة توظيفها وفقاً لمصالحها.

وقد تنتصر سورية على الإرهاب وتستعيد تماسكها ودولتها ودورها الأمر الذي سيربك الكثيرين في المنطقة والعالم، وقد تحدث تحولات درامية في بعض دول النفط، أو على حدودها وما يجري في اليمن من الحوثيين مهم وخطير ويحتاج إلى تأمل جديد .

هذه التحولات، قد تربك الحسابات الأميركية الجديدة، وتصبح الحرب على داعش بلا قيمة حقيقية وسط إقليم واسع ملئ بالثروة النفطية وبالمذاهب والعقائد المتنافرة، الجاهزة للانفجار في وجه واشنطن.

ما نريد أن نقوله اختتاماً: أن المستقبل، بعد «داعش» مفتوح على احتمالات عدة، ستتقلص فيها «داعش» نفوذاً ودوراً هذا أمر مؤكد ولكن لن تنتصر فيه واشنطن بالضربة القاضية، وستدفع ثمن حماقاتها هي وحلفاؤها، في منطقة تتحرك فيها الأحداث كما الرمال، ساحبة الجميع إلى قاع يغلي بالمتغيرات والنوازل. إن قدر هذه المنطقة، ألا تستقر لسنوات طوال، قدرها أن «داعش» حين تتقلص أو حتى تموت، أن تنتج الأرض «دواعش» آخرين ضالين ومضلين ولكن في المقابل هي قادرة على صنع حركات إسلامية ووطنية مقاومة، واضحة بوصلتها تعرف بفطرتها وتجربتها الطويلة وإسلامها الصحيح، خنادق الأعداء، في فلسطين، وحولها. وفي ذلك ما يقلق واشنطن وتابعيها لعقود مقبلة، والله أعلم.

E mail: yafafr hotmail. com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى