«الدولة الإسلامية»: تقاتل الإسلام قبل الإنسان

رانيا مشوِّح

ارتبط هذا التنظيم بالإسلام منذ ظهوره بدءاً من اسمه الدولة الإسلامية في الشام والعراق إلى ترديد ذكر اسم الله عز وجلّ لشرعنة أعماله الإجرامية من قتل وذبح وتقطيع وتنكيل إلى راية لا اله إلا الله… محمد رسول الله إلى التفسير الملتوي لآيات القرآن الكريم ولويه لعنق الحديث لتجيره لخدمة أغراضه الشنيعة إلى إيهامه الناس بأنهم دعاة لنشر الإسلام الذي هو أبعد ما يكون بحاجة لأمثاله لحمل رسالته السامية وبالنظر بموضوعية نجد أنه ساهم إيما إسهام في انحسار رسالة الدين الإسلامي ولصق هوية الإرهاب بالمسلمين وتأجيج الحرب على الإسلام والمسلمين في بقاع الأرض ونشر الكراهية للرموز الدينية الإسلامية بدءاً بالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى الخلفاء إلى الصحابة ولكل شخص مسلم في العالم ولربما رأينا في الفترة الأخيرة انتشاراً لأفكار إلحادية وابتعاد الناس عن الدين الذي يزعم هؤلاء الواهمون أنهم يساهمون في انتشاره، لكن هل ينتشر الدين بالقتل والذبح؟!! قال تعالى أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين يونس، 99 . وهل الرعب والخوف الذي يبثه مجرد الحديث عن هذا التنظيم هو من يساهم بنشر رسالة الإسلام المعتدل المحب قال عز وجلّ: ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك آل عمران، 159 . فرسالة من يحمل هؤلاء بالضبط!

علماء الدين وداعش

أجمع علماء الدين الإسلامي أن الإسلام بريء من ممارسات التنظيم الآثم فأكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر أن الإسلام يرفض ما تقوم به الميلشيات المسلحة التي تنسب أعمال القتل والتدمير للإسلام والإسلام منها بريء. كما دان الإمام الأكبر الأعمال الإجرامية ضد المواطنين على اختلاف دياناتهم ومعتقداتهم مشدداً على وجوب نشر قيم التسامح التي دعت إليها الأديان السماوية وضرورة التعايش السلمي بين بني الإنسان.

في حين يرى الدكتور محمود مهنا محمود عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف: إن تنظيم داعش في العراق وسورية لا يمثل أهل السنّة حيث أن مذهب أهل السنّة لا يجيز الاعتداء على الحرمات ولا على الآمنين ولا على المسلمين فهو يؤمن بحرمة سفك الدماء. وأشار إلى أن تنظيم داعش أدخل أهل السنّة مدخلاً غير كريم وأساء إلى الإسلام بصورة بالغة وأظهره بأنه دين لعب ولهو وقتل لكن المسلم لا يقاتل مسلماً ولا غير مسلم إلا إذا بدأه بالقتال والحرب.

وأضاف مهنا: إن العالم اليوم يصف الإسلام بأنه دين اعتداءات، مؤكداً أن هذه النظرة غربية متمثلة في أميركا وفرنسا وألمانيا علاوة على دولة قطر لإشاعة الفوضى في العالم العربي، واعتبر مهنا أن الإسلام لا يريد منا الخلافة في عصر اتسم بسفك الدماء.

كما اعتبر الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف الأمين العام لهيئة كبار العلماء في الأزهر-: لقد أعلنا في الأزهر مراراً رفضنا وإدانتنا للجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش من قتل للأبرياء وتهجير قسري للمسيحيين ومن قتل واضطهاد للطائفة الإيزيدية حيث يجهل هؤلاء الحمقى مساحة الحرية الدينية التي كفلها الإسلام لكل المخالفين في العمل لدرجة إتاحة الحرية لمن يمارسون كفراً بواحاً ما داموا لا يتعرضون لعقيدتنا ولا يرتكبون جرائم ضدنا تطبيقاً لقول الحق سبحانه: فمن شاء منكم فليؤمن ومن شاء فليكفر الكهف، 29 ، فالكفر يتحمل وزره صاحبه وهو الذي سيحاسب عليه أمام الله عز وجلّ.

وأكد شومان أن خروج داعش على ما قررته الشريعة الإسلامية في حماية لأرواح الناس وعقائدهم وممتلكاتهم فليس من حق أحد أن يعاقب الناس على أمور عقائدية ولا أن يحاكمهم وفق هواه والقتل الذي استباحه أعضاء هذا التنظيم والذي شاهدنا جزءاً منه عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي هو جريمة قتل عمد يجب القصاص من مرتكبها. وأضاف لا يمكن أبداً أن يصمت الأزهر على قتل الأبرياء على يد داعش وغيرها من الفصائل والجماعات التي تمارس العنف والقتل والتخريب كما لا يمكن أن يغض الأزهر الطرف عما تقوم به ميليشيات هذه الجماعة الإرهابية من انتهاك للأعراض وقصف للمساجد واضطهاد وتهجير للمسيحيين وبعض الطوائف الأخرى.

تعاليم الدولة الإسلامية تناقض تعاليم الإسلام

إن إطلاعاً سريعاً على تعاليم الإسلام والتعاليم التي ينسبها تنظيم داعش للإسلام يدل على أنه ليس هناك أية علاقة بين وحشية الدولة الإسلامية والرسالة الأساسية للإسلام، فمثلاً أحكام الحرب في الإسلام تدل في شكل قاطع أن فكرة الإسلام الأساسية هي قدسية حياة الإنسان والتي تحولت مع السنين إلى هدف رئيسي لقواعد الحرب في الإسلام إن قطع الرؤوس وإيذاء الأقليات مثل الإيزيديين والمسيحيين كما تفعل داعش يناقض ليس فقط تعاليم الإسلام في الحرب التي تنص على حرمة التعرض بالأذى لحياة الإنسان كحكم شرعي، بل يناقض أيضاً الرسالة الأساسية للإسلام استناداً لقوله تعالى: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين الأنبياء، 107 وبالتالي رسالة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هي جلب الرحمة لكل البشرية واستناداً لقوله تعالى: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن النحل، 125 ، وهذه هي رسالة الإسلام السلمية ومن هنا فإن أفعال هذا التنظيم تناقض في شكل تام روح الإسلام وتعاليمه.

من الواضح أن التنظيم الذي يطلق على نفسه اسم الدولة الإسلامية يعاني من فقدان كامل للإسلام والشرعية ولقد رأينا اتفاق علماء الدين من كل الطوائف اعتبار هذا التنظيم كافراً وأن الإسلام براء منه ونحن بحاجة لاتفاق مماثل من الساسة للقضاء على هذا التنظيم، لكن هل سيكون مستقبل هذا التنظيم كمستقبل التيارات التي ظهرت واختفت خلال التاريخ الإسلامي مثل الأزارقة، الغرابية، الميمونية، المفوضة وغيرهم الكثير؟!.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى