ترامب في فلسطين المحتلة: هل من جديد؟
حميدي العبدالله
غالبية رؤساء الولايات المتحدة زاروا الكيان الصهيوني منذ نشوء هذا الكيان، ولا سيما بعد عام 1970. وجميع رؤساء الولايات المتحدة ولا سيما بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر تباروا في تقديم الدعم للكيان الصهيوني، ويمكن القول من دون أيّ مبالغة أنّ اقتصاد الكيان الصهيوني وقدراته العسكرية بنيت بالدرجة الأولى بالمساعدات الاقتصادية والعسكرية التي قدمتها الولايات المتحدة. بهذا المعنى فإنّ القول إنّ «إسرائيل» هي ربيبة الولايات المتحدة لم يكن فيه أيّ تحامل، بل هو توصيف سياسي لطبيعة العلاقة التي تربط تل أبيب بواشنطن.
لكن لا شك أنّ زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تختلف في بعض التفاصيل، أولاً، عن زيارات الرؤساء الأميركيين الذين زاروا «إسرائيل» على الأقلّ في التوقيت، إذ لم يسجل أنّ أيّ رئيس أميركي زار الكيان الصهيوني ولم يمض على دخوله إلى البيت الأبيض أكثر من خمسة أشهر، وبكلّ تأكيد لذلك دلالات، من أبرز هذه الدلالات درجة ارتباط هذا الرئيس وولاؤه للكيان الصهيوني الذي يميّزه عن ارتباط أسلافه بأنه أكثر اندفاعاً منهم في تقديم فروض الطاعة لقادة تل أبيب. وثانياً، لأنّ هذا أول رئيس أميركي تحط طائرته في القدس المحتلة وليس في تل أبيب، وهذا حدث لم يكن مصادفة، بل جرى التخطيط له عن سابق تصميم وإصرار. فالرئيس ترامب الذي استجاب لبعض مطالب الجماعات اليهودية التي طلبت إليه التريّث في نقل السفارة الأميركية إلى القدس لكي لا يحرج القيادة الفلسطينية، بل وحتى قادة عرب في هذا التوقيت بالذات، ولكي لا يساهم بتأجيج الانتفاضة، جمّد سعيه لنقل السفارة إلى القدس، ولكن في المقابل عوّض قيادة كيان العدو عن ذلك بأن تحط طائرته في القدس وليس في مطار بن غوريون في تل أبيب، أضف إلى ذلك أنّ ترامب وفي سياق إصراره على التميّز عن أسلافه في تقديم الدعم غير المحدود للكيان الصهيوني، تعمّد أن تكون القدس محطته الثانية بعد الرياض جالباً معه الهدايا لقادة العدو وفي مقدّمة هذه الهدايا الحملة العدائية ضدّ إيران وقوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية، وهو ما تمخضت عنه مداولات قمم الرياض.