ويعبرون
من هنا مرّ الخيال
من هنا فاح العبير
من هنا مرّ الرجال
من هنا كان النفير
مرّوا جبالاً
مثقلين بالعهود
مرّوا كالريش
خفافاً من نفحة الإيمان
من هنا مرّوا بكل الحماسة
من هنا عبروا
إلى دار القداسة
إلى ميدان لا يجرؤ ولوج
خطاه المجيدة
إلا من كانت قلوبهم في صدورهم
صخوراً من عقيدة
تتفجر من مساماتها ينابيع
الرجولة ولا يملك صك برائتها
إلا خفقة الطفولة!
من هنا مرّت البندقية
وأبتسم المدفع شوقاً
الى تلقيمة الحرية
من هنا مرّ الرصاص
هادئاً ينتظر بصبر
نفاذ الصبر
وشرارة اشتعال
تخمد نيرانها براكين الظلم والظلام
تتغذّى ألسنة لهيبها
من آهات الأمهات
ومن جثامين الأحلام
التي دفنت في عيون الأبرياء
من جذور الشجر الذي اقتلعه
الحقد الدفين
من مثواه الأول والأخير
لكن الجذور تنبت بالكفوف
كالرماح
من صمت التراب الذي سمّموا تاريخ الخير
الأزلي في ذراته العصية على الرياح
من بوح السماء
التي انتهكوا عرضها في وضح النهار!
وأجهزوا على نجومها في آخر الليل
عندما ظنوا أنه قد توارى إلى غير ظهور
عنها قمر الجنوب!
لكنه باقٍ ما بقي الجنوب
وشذاه يعبق بالهبوب
كيف للضياء أن يعتنق مذهب الظلام؟
ويكفر بالسناء وأنوار الدروب؟
من هنا عبروا ويعبرون
من عيتا الشعب
وبنت جبيل
أقماراً تضيء الليل بالبارود
ويشرقون شموساً
تحرس حدود بوابة فاطمة
تحرق نهارات المختبيئن خلف الفولاذ.
فاطمة مهاجر