متفرّقات من تاريخنا
المعلومات الواردة أدناه اخترتها لدى مراجعتي بعض أعداد من جريدة «صدى النهضة» عام 1946، أنقلها لما فيها من فائدة لتاريخ حزبنا.
طرطوس
«احتفل الحزب السوري القومي الاجتماعي بعيد ميلاد الزعيم سعاده احتفالاً رائعاً اشتركت فيه المدينة بتقديم التهانئ الحارة. فأشعلت النيران على السطوح وفي الأماكن البارزة في المدينة وفي الضواحي، وانطلقت الأسهم النارية الملوّنة في الجو ابتهاجاً بهذه الذكرى المباركة. مساء العيد أقامت منفذية الحزب في طرطوس حفلة حضرها ما ينيف على مئتي صديق للحركة كما حضرها ممثل عن الحكومة المحلية وتكلّم فيها كل من الأعضاء السادة: شبلي ضيعة، عبد الله صالح، خير الله ضيعة والمنفذ العام الأستاذ الياس جرجي قنيزح الأمين. عميد الداخلية ، ومن الاصدقاء كل من السيّدين خليل فايق عرنوق وابراهيم منصور.
وفي يوم العيد استقبل حضرة المنفذ المهنئين في مكتب الحزب بين الساعة الثامنة والحادية عشرة حين انتقل الأعضاء إلى منتزه خارج المدينة حيث تناولوا طعام الغداء كجتمعين».
«صدى النهضة» العدد 20 الخميس 7 آذار 1946
عن العدد الصادر بتاريخ: السبت 4 أيار 1946
«لبّى المسؤولون في منفذية حمص العامة للحزب السوري القومي الاجتماعي دعوة القوميين في بلدة صدد، فكان استقبال فخم يدلّ على ما يكنّه الأهل من احترام وتقدير لحاملي لواء النهضة القومية، وذلك عند أبواب البلدة، وعلى رأسهم الشيخ عبد الرزاق عطا الله وبعد أن استعرض حضرة المنفذ العام السيد محمد شمنق فرق القوميين ومعه ناموس المنفذية السيد ابراهيم عبد المولى وناظر المالية السيد بدري الاخرس والمدير السيد مطيع الأخرس وممثل الثقافة السيد الياس طعمة، ذهب الجميع إلى دار حضرة المدير السيد موسى مقصود حيث ارتاح الجميع. وقد ارتجل مفوض الإذاعة كلمة تناسب المقام بيّن فيها فضل المبادئ القومية في تحقيق الوحدة، كما أن مذيع المديرية السيد عبد المسيح دروج فاض في شرح الروحية القومية والتعلّق في مثلها العليا، فرد على المتكلمين السيد الياس طعمة باسم المنفذية ولكن الحاضرين أبوا إلا أن يسمعوا كلمة المنفذ العام فلبى رغبتهم».
«صدى النهضة» العدد 83 ، الجمعة 21 حزيران 1946
اجتماع لمنفذية الساحل في الشويفات:
«عقدت منفذية الساحل الجنوبي للحزب السوري القومي الاجتماعي اجتماعاً عاماً في النادي القومي بالشويفات مساء الثلاثاء 18 حزيران 1946 وقد اشترك مركز الحزب بأشخاص رئيس المجلس الأعلى نعمة ثابت، عميد الداخلية جورج عبد المسيح، عميد الإذاعة فايز صايغ.
بعد أن افتتح محمد أمين أبو حسن 1 منفذ عام الساحل الجنوبي الاجتماع رسمياً وقف فؤاد كرم وألقى كلمة بِاسم المنفذية ثم تكلّم الرئيس ثابت وتلاه العميد جورج عبد المسيح ثم أنشد الرفيق عفيف صعب 2 أنشودة من نظم الرفيق خطار أبو ابراهيم 3 وألقى الرفيق رضا طعّان صعب 4 قصيدة عن الجلاء وأخيراً تكلم الاستاذ صايغ.
بعد اختتام الاجتماع دعا عميد الداخلية المسؤولين من مديرين وأعضاء هيئات مديريات إلى اجتماع إداري خاص بينما انصرف باقي الرفقاء».
العدد 170 تاريخ السبت 26/10/1946
«نشرت اللجنة الاقتصادية الزراعية التابعة لمنفذية اللاذقية العامة في الحزب السوري القومي الاجتماعي بياناً إلى المزارعين، تضمّن التعليمات الغنية الحديثة لحراثة الأرض وزراعة الحنطة وتحضير البذار والترقيد وطريقة البذر والتشتيل ومكافحة الأعشاب المضرّة والأمراض. وقد اختبرتها بنفسها وشهدت نجاحها الكبير، فقد أثبتت التجربة أنه باتباع هذه الطريقة ينتج الكيلو الواحد من الحنطة 500 كيلو تقريباً».
وعن الجزء الرابع من سلسلة «مع أنطون سعاده» للأمين جبران جريج، اخترنا المعلومات التالية:
تعلّم السواقة
«كان الرفيق زكي نظام الدين 5 قد وضع سيارته الخصوصية تحت تصرف الزعيم لتسهيل تنقلاته التي كانت تشكو الكثير نتيجة نقص الاعتمادات المطلوبة فكان لهذا العمل وقع حسن في نفس الزعيم الذي صمّم على الأثر ان تكون له معرفة في قيادة السيارات.
ولذلك طلب منّي أن أؤمن له أحد الرفقاء الماهرين في هذا الشأن، فوقع اختياره على الرفيق بشير الهنا الذي تهيب الموقف بادئ ذي بدء، لكنه أذعن مسروراً للقيام بهذه المهمة.
أخذ الأمر عدّة جلسات امتدت إلى أكثر من شهر، أمضى الرفيق بشير الهنا هذه المدة مع الزعيم ما زاد تعلّقه به، وذلك ـ كما قال لي ـ لأسباب عدّة أهمها تصرّف الزعيم تجاه عضو من أعضاء الحزب، هذا التصرّف الذي وضع الزعيم نفسه موضع المتعلّم تجاه المعلم فيسأل ويستفهم ويتلقى الدرس كأيّ طالب، ما بدّد من نفس الرفيق بشير أي تهيب. بالعكس شجّعه، ما أعطى نتائج باهرة في حسن التعليم والتلقين.
هذا هو الزعيم وهو يتعلم كيفية قيادة السيارات، كان هذا الشأن موضوع أخذ وردّ بيني وبينه إذ إني لم أكن أستسيغ رؤية الزعيم يقود سيارة بنفسه بخاصة للناحية الأمنية لكنه أفحمني بقوله: «على كل حال يجب على الزعيم أن يكون ملمّاً بكل شيء، سواء إن قاد سيارة بنفسه أو لم يقدها».
وكان ذلك مرتبطاً بأوقات الفراغ التي جهد سعاده كي يؤمنها».
بالنصر
«صادف مجيئه إلى بيتي في إحدى الأمسيات وكانت ابنة شقيقي تحيي مع بعض صديقاتها سهرة موسيقية خاصة تنبعث من اسطوانات تعمل على آلة بيك ـ آب.
كنّ في هرج ومرج والبعض منهنّ يرقص. عند دخول الزعيم أوقفن الموسيقى والرقص احتراماً، لكن الزعيم، بالمقابل، توجّه إلى البيك ـ آب وأدار الإبرة فانطلقت الأنغام مجدداً، وتوجّه إلى ابنة شقيقي يراقصها ويراقص سواها. غمر الفتيات جو من الانشراح والمرح وعادت السهرة إلى بهجتها وقد زالت من نفوسهنّ رهبة الموقف الذي كاد يعطّل عليهن السهرة.
دخلنا إلى غرفة الطعام وأطلعني على الغاية من مجيئه ثمّ انصرفنا معاً لزيارة الدكتورة العالمة الذرّية سلوى نصّار، للبحث في بعض الأمور العلمية والشؤون الاجتماعية التي كان يعالجها ويريد الوقوف على رأيها.
«إن الرفيقة الدكتورة سلوى نصّار من العالمات بكل معنى الكلمة»، قال لي وعند إبداء دهشتي وسروري للخبر أجاب: «نعم، بسرّية تامة».
عند خروجه من البيت، رافقتنا والدتي إلى الباب الخارجي وهي تشدّد على بقائه فرأى مجاملتها وقال لها: «إن شاء الله، فرحة جبران». فأجابته: «إن شاء الله، فرحة النصر، تلك فرحتنا الكبيرة». علّق على جوابها: «إن شاء الله، إن شاء الله بالنصر. ولكن فرحة النصر لا تمنع الفرحة بالرفيق جبران». ومنذ ذلك الحين درجت عبارة «بالنصر».
لجنة المشاريع
«بناء على اقتراح من الرفيق فاضل آنتيبا 6 شكّل الزعيم لجنة برئاسته سمّاها «لجنة المشاريع»، مهمتها تأمين موارد مالية لخزينة الحزب بواسطة مشاريع مدروسة يشترك فيها الأعضاء.
إنما ظلّت هذه اللجنة تعمل لمدة طويلة وتبحث في مختلف المشاريع الواردة. لست هنا في صدد سردها أو التكلم عنها إنما الذي أريد لفت النظر موقف الزعيم من أحدها.
هذا المشروع وارد من منفذية شاطئ الذهب غانا اليوم التي كانت من أهم المناطق المغذية لمركز الحزب بالمال.
لم أعد أذكر نوع المشروع تماماً إنما أذكر أنه كان حول شراء بناية أو تشييد عمارة، بمبلغ ضخم، وأنه يوجد كل الاستعداد لتوفيره على شرط واحد بسيط. هذا الشرط هو أن يسجل الزعيم المشروع باسمه، فهو الضمانة الوحيدة له.
مال أعضاء اللجنة ورئيسها للأخذ بهذا الشرط وراحوا يعرضون مواقفهم على الزعيم حتى ينتقل إلى حيز التنفيذ، فما كان أشد دهشتهم عندما قابلهم الزعيم بالرفض لأسباب مبدئية:
أن الحزب كحزب بنظامه ومؤسساته، هو الضمانة، أولاً وأخيراً، فلا ضمانة شخصية خارج الضمانة الحزبية. هذا من جهة ولكن من جهة أخرى، لا يجوز إشراك زعامة الحزب بأمور مالية من هذا النوع فالزعيم عرضة للطوارئ فتتعرّض هذه الأموال للضياع أو للتأثر بهذه الطوارئ التي تكون هي بالفعل المسؤولة الوحيدة عن هذا الوضع الناتج عنها.
في هذه الحالة تصبح سمعة زعامة الحزب معرّضة لأن تلوكها الألسن من قوميين اجتماعيين أو مواطنين، وهذا ما لا يجوز ابداً فالزعيم يجب ان يبقى بعيداً عن ضمانات أو مسؤوليات من هذا النوع».
حلقات إذاعية
«من برنامج العمل الإذاعي في منفذية بيروت إقامة حلقات إذاعية في منازل أشخاص أصدقاء للحزب يحضرها عدد من المواطنين البارزين المثقفين في المنطقة للالتقاء بالزعيم الذي كان يتولى إدارتها ويشرح فيها الدعوة إلى المبادئ القومية الاجتماعية.
أذكر أن الحفلة الاولى أقيمت في منطقة عائشة بكّار في منزل السيد محمد الكردي «أبو شريف» حضرها ما يربو على الأربعين شخصاً، أذكر منهم الاساتذة: زكي مزبودي 7 ، منير اللاذقي ويوسف سوبرة.
قامت على إثرها قيامة الاوساط السياسية المحلية التي كانت تعتبر المنطقة مغلقة على الأفكار التقدمية، محتكرة للزعماء التقليديين. إن هذه الحلقة الإذاعية حرّكت النفوس القابلة للنهوض وأطلقتها في تيار مصارع على صعيد موازٍ للصعيد القومي الاجتماعي.
«من الحلقات الناجحة التي ما أزال أذكر الضجة التي أحدثتها هي تلك الحلقة التي تمّت بمسعى من الرفيق مختار نصولي في منطقة البسطا، في منزل للبحصلي والتي ضمّت عدداً قدّر بالعشرات من النخبة التي كانت على حدّ قول الداعي إلى الحفلة: «تفتش عن مخرج من القفص الذي كان يسجنها. قفص التقاليد الموروثة. من طائفية أو عائلية».
كذلك قامت قيامة الأوساط المحلية التقليدية وعلى رأسها رياض الصلح الذي اعتبر نجاح هذه الحلقة بحضور زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي، خصمه للأبد، هجوماً صاعقاً عليه في عقر داره فأخذ يتصل بالأفراد الذين حضروا الحلقة لكي ينتزع ـ على حدّ قوله ـ «السموم التي جرعوها من كلمات أنطون المعسولة».
«بدأ الصراع في هذه المنطقة حامي الوطيس واستعملت فيه كل أساليب الرجعية من إثارة طائفية لجهة مذهب الزعيم أو تحريك للعائلية الاجتماعية، فمن يكون الزعيم نسبياً إذا قورن بنسب هؤلاء الحاضرين، ولكن التيار كان قد انطلق يقوده الفريق المتحرر من الطائفية والعائلية وكان لتدخل رياض الصلح الفائدة العكسية عليه إذ عزّزت نظريات الزعيم وأقواله.
ولعل أبرز ردّ على هذه الردود الرجعية تصريح «بابا رشاد» لأولئك العاتبين عليه لدعوته الزعيم لزيارة مدرسته: «أنا مواطن حرّ، لي كل الحرّية أن أدعو من أشاء إلى مدرستي، ولي الشرف كل الشرف، أن يكون أنطون سعاده قبِل تشريف مؤسّستي بزيارة». وفي سجلّ المدرسة ما تزال عبارة الزعيم بخطّ يده تقول: «إن ربحتم معركة الأحداث ربحتم معركة المصير القومي».
«وكذلك في إحدى هذه الحلقات، تقدّم من الزعيم الشاب شفيق جدايل 8 طالباً منه أن يكتب له عبارة في دفتره المخصّص لأقوال الشخصيات فكتب له الزعيم العبارة المشهورة: «المجتمع معرفة والمعرفة قوة»، وكذلك تقدّم منه الرفيق الدكتور سامي عيتاني طالباً منه الأمر نفسه فكتب له عبارة أخرى هي مفقودة لسوء الحظ .
من الحلقات الناجحة تلك التي عُقدت في منزل الرفيق شاوي 9 في الأشرفية وكان من أبرز حضورها المحاميان اللامعان الناشئان فؤاد بطرس وعبد الباسط غندور.
وكذلك من الحلقات الهامة تلك التي جرت في محلة «الجميزة» في منزل آل الشامي والتي ضمّت عدداً كبيراً من الشباب النخبة أيضاً. هذا الشباب التائق إلى الإفلات من قيود قوة الاستمرار الرتيبة، من حزبية إميل إدّه إلى حزبية بشارة الخوري، بينهما الفلانج الكتائب .
وهكذا انطلق التيار الجديد في هذه المنطقة ليلتقي مع التيارات الأخرى المنطلقة من مناطق أخرى فما كانت تسمع في مدينة بيروت إلا سيرة الحزب وسيرة الزعيم وبخاصة عن فلسطين واليهود والكيان اللبناني «نطاق ضمان للفكر الحرّ» ما أثار حفيظة الفلانج وهي التي تحسب الجميزة معقلها الخاص وهذا هجوم أيضاً في عقر دارها.
هوامش:
1 محمد أمين أبو حسن: مُنح رتبة الأمانة. غادر إلى فنزويلا وفيها تولّى مسؤولية منفذ عام. كنت قد كتبت عنه نبذة غنية، مراجعة قسم «من تاريخنا» على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info.
2 عفيف صعب: تولّى في فنزويلا مسؤوليات محلية، أسّس مدرسة وإذاعة في مدينة كابيماس، عاد إلى الوطن، وفيه وافته المنيّة، ووري في الثرى. مراجعة الموقع المذكور آنفاً.
3 خطار أبو ابراهيم: شاعر من بشامون، مُنح رتبة الأمانة، كنت قد كتبت عنه نبذة غنية، للاطّلاع على النبذة المعمّمة عنه مراجعة الموقع المذكور آنفاً.
4 رضا طعان صعب: شاعر. أصدر ديوان «صلاة الخرطوش». كان مغترباً في فنزويلا، شقيق الأمين نجيب طعان صعب والرفيق الشاعر سعيد طعان صعب. للاطّلاع على النبذة المعمّمة عنه الدخول إلى الموقع المذكور آنفاً.
5 زكي نظام الدين: مراجعة النبذة المعمّمة عنه في قسم «من تاريخنا» على الموقع المذكور آنفاً.
6 فاضل آنتيبا: كان أستاذاً في الجامعة الاميركية. اقترن من الرفيقة فايزة معلوف، التي كانت أولى السيدات اللواتي تولّين مسؤولية منفذ عام منفذية السيدات.
7 زكي مزبودي: أصبح نائباً عن بيروت.
8 شفيق جدايل: كان مذيعاً بارزاً ومشهوراً في الاذاعة اللبنانية.
9 منزل الرفيقين اسكندر وفؤاد شاوي.